اضطرابات الكلام لدى الأطفال مظاهرها وأساليب علاجها

يواجه بعض الأطفال صعوبات في النطق أثناء محاولتهم التعبير عن أنفسهم مما قد يسبب لهم مشاكل نفسية عديدة ناجمة عن ضعف ثقتهم بأنفسهم، وذلك لعدم مقدرتهم على مجاراة أقرانهم، ولما قد يتعرضوا له من سخرية بعض هؤلاء الأقران بهم ولكي لا يترتب على هذا العيب نتائج غير سارة، كتسربهم من المدرسة، أو جنوحهم نحو العدوان، فإن الأسرة والمدرسة تحرصان على التعامل مع هذه القضية بوعي، فما أهم أسباب ومظاهر هذه المشكلة ؟ وكيف يمكن التصدي لها وعلاجها؟



مفهوم اضطرابات الكلام:

اضطرابات الكلام حالة من العجز عن مجاراة الآخرين في التعبير عن النفس، بسبب تلف في الدماغ يترتب عليه أعراض نفسية، أو خلل في أعضاء جهاز النطق، مما ينجم عنه عدم القدرة على التعبير السليم.

مظاهر اضطرابات الكلام:

تستطيع الأم أو المربية أن تلاحظ الأعراض الآتية لدى الطفل الذي يعاني من اضطرابات في الكلام:

  • تأخر القدرة على الكلام.
  • ضعف القابلية للتعبير بالكلام.
  • قلة عدد المفردات التي يعرفها.
  • عدم القدرة على فهم معاني المفردات.
  • ثقل اللسان أثناء محاولة الكلام.
  • ظهور بعض اضطرابات النطق مثل: التأتأة والثأثأة وغير ذلك.
  • أعراض نفسية مثل: الخوف، القلق، الخجل، الانطواء على النفس والعصبية، والنزعة العدوانية.
  • سوء التكيف أثناء الدراسة واللعب.
  • حركات لا إرادية مثل: إخراج اللسان، ارتعاش الرموش.

شاهد بالفيديو: كيف تشجّع طفلك على النطق؟

العوامل والأسباب:

يصعب تحديد السبب المباشر للاضطرابات الكلامية، لكن بوجه عام فإن هذه المشكلة يمكن ردّها إلى عيوب جسمية أو نفسية مثل الإعاقة السمعية وخلل التركيب الفموي (تركيب الفم)، الشق الحلقي الشلل المخي، التخلف العقلي، فقدان الثقة بالنفس، الشعور بالخوف، المستوى الاجتماعي والاقتصادي، التعلم الخطأ في المرحلة الأساسية، نوعية الكلام المسموع الذي يتعلم منه الطفل الكلام كالوالدين والأخوة، ضعف الاستثارة، وقلة وسائل التعزيز أثناء تعلم الكلام.

وقد أجمع العلماء على أن اضطرابات الكلام ترجع إلى عوامل تكوينية وبيئية، إضافة إلى عوامل الاتصال، وهناك إشارات وأدلة على أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في نشوئها، وقد يتوارثها الأبناء عن الآباء. وتتعدد هذه الأسباب وتتنوع ويمكن إدراج أهمها تحت العناوين الآتية:

إقرأ أيضاً: 9 طرق لتسريع وتحسين المهارات اللغوية عند طفلك

أسباب حيوية مثل:

  1. إصابة مركز الكلام المسئول عن اللغة في المخ بتلف، أو التهاب يؤدي إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي مما يترتب عليه حدوث ضعف في أداءالأعصاب المتحكمة في الكلام.
  2. إصابة أحد الأعضاءالمكونة لجهاز الكلام بكسر أو تشوه مثل الشق الحنكي أو الحلقي.
  3. خلل في التغذية السمعية الراجعة وغير ذلك.
  4. خلل في توقيت حركة أجهز النطق أثناء التلفظ بالكلمة.

أسباب نفسية مثل:

  1. الخلل العقلي.
  2. ضغوط نفسية يتعرض لها الطفل.
  3. الخوف، القلق، الصدمة النفسية، الحرمان العاطفي، ضعف الثقة بالنفس، العواطف المكبوتة.
  4. عدم الثقة في النفس أثناء التعرض لمواقف صعبة، أو لتكرار الفشل.

أسباب تتعلق بالبيئة:

  1. ضغوط بيئية نتيجة للتفكك أو التسلط الأسري، أو القسوة والتسلط في البيت.
  2. التدليل الزائد، وشدة اهتمام الوالدين بالطفل ، وإشعاره بقلقهما عليه.
  3. المشاحنات الزوجية والصراعات بين أفراد الأسرة.
  4. التوكل، سوء التكيف في المدرسة، تعدد اللجهات.
  5. محاباة الطفل وتفضيله على إخوانه.
  6. الافتقار إلى العطف والحنان.
  7. الفشل الدراسي وعدم التمكن من اللغة وقلة المفردات.
  8. تضارب الأساليب التربوية التي تمارس أثناء تعلم الطفل.
  9. ضحالة معلومات المصاب حول موضوع الحديث الذي يدور حوله النقاش.

وأشار هلهان Halhan 1981 إلى معظم مظاهر وأنماط اضطرابات اللغة التي يعاني منها الأطفال، وأكثرها شيوعاً:

الحذف Omission:

ويتمثل في عدم مقدرة الطفل على نطق جميع حروف الكلمة وإنما يسقط منها حرفاً أو أكثر.

الإبدال Substitution:

ويتمثل في عدم مقدرة الطفل على التلفظ بجميع حروف الكلمة كما هي، وإنما يبدل حرفاً يستعصي عليه نطقه بحرف آخر أكثر سهولة لديه مثل: خبيبي بدل حبيبي.

الإضافة Addition:

ويتمثل في إضافة الطفل حرفاً آخر لحروف الكلمة الأساسية.

التحريف أو التشويه Distortion:

وتتمثل في أن تكون الإضافة أو الإبدال أو الحذف مخلاً بمعنى الكلمة.

التأتأة Stammer:

وتتمثل في عدم مقدرة الطفل على نطق الكلمة بطريقة سوية عادية، فتسمعه يكرر الحرف الأول عدة مرات قبل أن يتمكن من النطق بالكلمة مثل: ت ت ت تلعب.

اللجلجة Clutting:

هي عدم قدرة المتكلم على توظيف اللغة للتعبير عن أفكاره بصورة فصيحة، وتتمثل في خروج الكلمات من فم الطفل مضطربة، وتبرز بوضوح عندما يتحدث المصاب إلى أشخاص يهاب منهم، وهي من أكثر عيوب الكلام انتشاراً بين الناس وغالباً ما ترد إلى عوامل نفسية، ومن أبرز مظاهرها: القلق والتوتر وعدم الشعور بالطمأنينة منذ الطفولة المبكرة، لكن في كثير من الحالات فإن المصاب يستطيع أن يتحدث دون لجلجة إذا شعر بالطمأنينة وتوثقت صلته بنفسه.

العيّ Inarticulateness:

وهو عجز المتحدث عن الكلام بسبب توتر حاد في العضلات الصوتية، ويرجع غالباً إلى أسباب نفسية، وأحياناً يكون ناتجاً عن أعراض جسدية مثل: اضطرابات الجهاز التنفسي، وجود لحمية بالأنف، وتضخم اللوزتين.

التلعثم Stutter:

هو عدم قدرة المصاب عن التعبير عن نفسه؛ بسبب ما يشعر به من خجل ورهبة من المخاطب، وهو يؤثر سلباً على تحصيل الطفل في غرفة الدرس، فلا يشارك في التفاعل الصفي لشعوره بالعجز ولخوفه من سخرية زملائه منه.

اضطرابات الكلام

خطوات علاج اضطرابات الكلام:

  1. التأكد من عدم إصابة المريض بأسباب عضوية ومعالجتها إن وجدت؟
  2. تخليص المصاب من الضغوط النفسية والانفعالات الحادة التي قد يتعرض لها، ووضعه في بيئة مريحة.
  3. تنمية ثقته بنفسه ووضع حد لما يشعر به من خوف أو خجل وتعزيز النجاحات التي يحققها.
  4. تفهم الوالدين والمعلمين لحالة الطفل لأسباب الصعوبات التي يعاني منها الطفل ومحاولة تخليصه منها.
  5. تقدير حالة المصاب وعدم السخرية منه.
  6. تغيير البيئة المدرسة إذا كانت الحالة تستدعي ذلك.
  7. تدريب المصاب على الاسترخاء أثناء الكلام.
  8. تدريب الطفل على التحدث من خلال التسجيل الصوتي.
  9. البحث عن الأسباب النفسية وتخليص المصاب منها.

وتتفاوت الأساليب العلاجية لاضطرابات الكلام حسب عمر المصاب، لكن لم يثبت حتى الآن الشفاء التام منها، ويقتصر أثر العلاج على وقف تطور الحالة المرضية، كما أن اليافعين يستطيعون التدرب على مهارات الإخفاء.

تعزيز ثقة المصاب بنفسه بحيث يعمل على تنظيم التنفس قبل النطق وتخفيف سرعة الكلام. والتحدث ببطء وهدوء دون توتر أو قلق. وكما يتطلب علاج عيوب النطق التحلي بالكثير من الصبر والمثابرة ورغبة المريض في الشفاء أو التحسن، ويسير العلاج وفق الخطوات الآتية:

  • رفع الروح المعنوية لدى المصاب وبث الأمل والتفاؤل في نفسه.
  • تعزيز قناعاته وثقته بنفسه.
  • إقناع المصاب بأهمية القدرة التعبيرية لدى الفرد.
  • علاج التشوهات الخلقية في أجهزة النطق في حال وجودها في اللسان أو الفك أو الحلق، وسائر أجهزة الجسم.
  • علاج مظاهر الضعف العقلي.
  • توعية الوالدين بضرورة تحاشي المشاحنات والخلافات وأساليب القمع والتدليل الزائد وإظهار الاهتمام والقلق المبالغ فيه تجاه الطفل، وعدم إجبار الطفل الأعسر على الكتابة باليد اليمنى. اجتناب كثرة الانتقادات والتوجيهات، تدريبه على التعبير عن نفسه بهدوء وتركيز وتعزيز آرائه.
  • تدريب المصاب على الكلام السليم تدريجياً ابتداءً بالسهل وانتهاءً بالصعب من الألفاظ.
  • إجراء تدريبات رياضية لتقوية الفكين وأجهزة التنفس بإشراف اختصاصيين.

وأما الأعراض النفسية فيمكن التغلب عليها بـ:

  • تعزيز ثقة الطفل بنفسه.
  • عدم التوقف عند عيب النطق الذي يواجهه الطفل وتجاهل معاناته.
  • إعطاء الطفل فرصة كاملة للتعبير عن نفسه، وتشجيعه، وعدم توجيه أي نقد إليه، وإنما تعزيز محاولته للتعبير عن نفسه.
  • معالجة أجهزة النطق العليلة مثل: الزائدة اللحمية في الأنف، انشقاق الشفة، عيوب الأسنان واللسان.
إقرأ أيضاً: أهم النصائح لعلاج التأخر اللغوي لدى الأطفال

كذلك يمكن أن تساعد الممارسات الآتية على تحسين أثر الإجراءات العلاجية:

  • مخاطبة الطفل بألفاظ سهلة ومفهومة.
  • التحدث معه حول أشياء يعرفها وبأسلوب محبب إليه فيه إثارة وتشويق.
  • تدريب الطفل على الكلام، وتنمية قاموسه اللغوي باستمرار.
  • توفير الرعاية الصحية له باستمرار، وعرضه على أصحاب الاختصاص بوقت مبكر إذا لوحظ لديه أعراض اضطرابات.
  • إشباع حاجات الطفل النفسية إلى الحب والحنان.
  • توعية الوالدين والمعلمين بأساليب رعاية هؤلاء الأطفال.
  • اجتناب كثرة التوجيهات والانتقادات.
  • عدم إجراء مقارنات بين قدرات الطفل المصاب وقدرات الأطفال الذين يتحدثون بطريقة أفضل منه.
  • تنظيم ندوات ولقاء لتوعية الوالدين والمعلمين بأساليب التعامل مع الأطفال المصابين.
  • تنبيه الأم العاملة إلى ضرورة تعويض الطفل عما ينقصه من رعاية أثناء غيابها.
  • اجتناب ازدواجية اللغة أثناء فترة الطفولة المبكرة.
  • عدم إجبار الطفل الأعسر على الكتابة بيده اليمنى؛ لأن هذه المسألة تتعلق بتركيبة الدماغ.
  • اجتناب التحدث بألفاظ مشوهة أمام الطفل لأنه سريع التقليد.
  • توفير عيادة الاختصاص لمتابعة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات لغوية.
  • النظر بعين العطف لهذه الفئة من الأطفال ومساعدتهم وعدم السخرية منهم.
  • تنظيم برامج تأهيل للمعلمين يتدربون بها على أهمية الاكتشاف المبكر لأعراض اضطرابات الكلام وأساليب التعامل معها.

فإذا استطاعت المؤسسة التربوية وضع استراتيجية منظمة ومتكاملة للتعامل مع أصحاب هذه المشكلة، تتمثل في ملاحظة قدراتهم التعبيرية، وتشخيص الأعراض المرضية، ومن ثم التصدي لها بكافة الأساليب العلاجية المتاحة، فإنها تكون بذلك قد قدمت للمجتمع خدمة جليلة وذلك بتخليص شريحة منه مما قد يعتريها من ضغوط نفسية يمكن أن يترتب عليها أثار غير حميدة.




مقالات مرتبطة