إضاءات عن الشَّركات النَّاشئة

كل الشَّركات والمشاريع تبدأ من خلال مُبادَرات؛ منها ما يُكتَب لها النَّجاح، وأخرى لا تُوفَّق لذلك، ونَودُّ هنا الحديث عن بعض الجوانب التي تُميِز الشَّركات النَّاشئة بالتَّحديد، وذلك من الجانب الإيجابي والسَّلبي؛ فمن الهام للمستثمر أن تكون الصُّورة واضحةً لديه؛ حتى يتجنَّب عنصر المفاجأة لاحقاً.



توجد مصادر مُتعَدِّدَة تحدثتُ عن ذلك، ومنها ما تحدَّث عنه المُحاضِر غازي المهايني، يلخصها لنا الكاتب زياد ريس في كتابه "تجربتي لحياة أفضل" وتتمثل فيما يأتي:

الفرق بين الشَّركات النَّاشئة والشَّركات التقليديَّة:

1. الفكرة:

إذا كان المشروع مثل فتح مشغل خياطة، أو مصنع أغذية، أو أي صناعة تقليديَّة أخرى، أو ما شابه؛ فهذه شركات تقليديَّة، أما إذا كانت الشَّركة قائمةً على أساس إبداعي لحل مشكلة مُعيَّنة، أو تقديم فكرة وحلول إبداعيَّة، أو تعطي حلولاً جديدة؛ مثل تطبيقات التَّوصيل للمطاعم، أو خدمات التاكسي فتُسمَّى مثل هذه الشَّركات شركة ناشئة.

2. قابليَّة النمو:

إذا كانت الطَّاقة الإنتاجيَّة مُحدَّدة وغير قابلة للتَّوسُّع الجغرافي أو الإنتاجي؛ فهذا مشروع تقليدي، أما إذا كان المشروع قادراً على تلبية مُتطلَّبات الزبائن؛ مثل طلبات التاكسي، وتوصيل المطاعم فتكون شركة أو مشروعاً ناشئاً.

3. قابليَّة التَّوسُّع والنُّمُو:

في حال كان المشروع غير قابل للنَّسخ والتَّفعيل في جغرافيا أخرى وأسواق وشرائح مُتعَدِّدَة، وإضافة مُنْتَجات جديدة فيعدُّ مشروعاً تقليديَّاً، أما في حال قابليَّة ذلك فيكون مشروعاً ناشئاً.

4. تحقيق الأرباح:

إذا كان المشروع يهدف إلى تحقيق أرباح من السنة الأولى لعمله مثل المطعم وغيره؛ فهذا مشروع تقليدي، أما إذا كانت الرؤية هي توسيع المشروع وزيادة نُمُوه وزيادة العملاء بصرف النَّظر عن تحقيق الأرباح النَّاتجة عن التشغيل؛ فهذا يُعدُّ مشروعاً ناشئاً.

5. التمويل:

التمويل في المشاريع التَّقليديَّة قد يكون شخصيَّاً أو عائليَّاً، أو من خلال قروض بنكيَّة، أما المشروع الناشئ فيكون تمويله في البداية شخصيَّاً أو عائليَّاً، ولكن لاحقاً يعتمد على تمويل المستثمرين على مراحل.

6. نسبة الفشل:

المشروع التقليدي نسبة فشله تكون قرابة 60%، بينما نسبة الفشل في المشاريع النَّاشئة تفوق 90%، وفي تقديرات أخرى قد لا تتجاوز نسبة النَّجاح 1-2%.

7. التكنولوجيا والإنترنت:

تعتمد المشاريع النَّاشئة بشكلٍ أساسي على استخدام التكنولوجيا والإنترنت، في حين في المشاريع التَّقليديَّة يبقى استخدام التكنولوجيا والإنترنت فيها محدوداً.

كيف تعمل الشَّركات النَّاشئة؟ وما هي أبرز مراحلها؟

1. وجود فكرة جديدة إبداعيَّة لحل مشكلة قائمة:

أو لتقديم خدمة مُتميَّزة جديدة تعتمد على استخدام التكنولوجيا والإنترنت؛ إذ يتمُّ في هذه المرحلة معرفة قابليَّة تطبيق وقبول الفكرة الجديدة بالسُّوق، وما هي إمكانيَّة إيجاد عملاء يدفعون مقابل حصولهم على هذا المُنْتَج أو الخدمة.

2. إطلاق المشروع بشكلٍ عملي ومُبسَّط:

بمُجرَّد توفُّر الحد الأدنى من شروط قابليَّة تطبيق المُنْتَج يتم إطلاق المشروع بشكلٍ عملي ومُبسَّط، وليكون حقل تجربة وتطبيق للفكرة على الواقع، وهنا قد لا يكون مكتملاً بكامل مُنتَجاته أو تطبيقاته، ولكنَّ الهدف من هذه المرحلة هو معرفة احتياجات العملاء ورغباتهم من خلال التَّطبيق الأَوَّلي للوصول إلى المُنْتَج النهائي المطلوب في السُّوق.

بعد معرفة التَّعديلات المطلوبة للمُنْتَج، والتَّعرُّف إلى جميع الإضافات والتَّطويرات اللَّازمة؛ ليتمَّ طَرْح المشروع في شكله النهائي، وهنا يكون للمشروع عملاء من شرائح مختلفة؛ إضافةً إلى معرفة التَّحدِّيات الجديدة للمشروع خلال رحلة النُّمُو والتَّوسُّع.

3. مرحلة النُّمو والتَّوسُّع:

تتبلور هذه المرحلة في نَقْل المُنْتَج إلى أسواق جغرافيَّة جديدة، وكذلك شرائح عملاء أخرى مختلفة، مع اكتمال الخبرات ومعرفة تَحدِّيات المشروع.

4. المرحلة الأخيرة هي النُّضج والاستقرار:

بهذه المرحلة تكون الشَّركة ومُنْتَجَاتها أصحبت معروفة ومُنتَشرة، وتُحقِّق أرباحاً وانتشاراً ونُمُواً مستمراً، وفي هذه المرحلة تتحوَّل الشَّركة من شركة ناشئة إلى شركة تقليديَّة تُحقِّق أرباحاً تشغيليَّة بشكلٍ مُنْتَظِم.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء تقضي على الشركات الناشئة

من أين تأتي الشَّركات النَّاشئة بالتمويل؟

بداية التمويل لمعظم هذه الشَّركات يكون ذاتيَّاً أو مِن مستثمر يؤمن بالفكرة على أمل الحصول على أرباح رأس ماليَّة كبيرة لاحقاً، ومِن ثَمَّ تحتاج إلى تشكيل مَحافِظ استثماريَّة للمرحلة الأُولى والثَّانية والثَّالثة إلى أن يكتمل المشروع، ويُغطِّي مصاريفه ذاتيَّاً، ويأخذ بالتَّطوُّر والاستقرار المالي.

من أهمِّ العَقَبات أو التَّحدِّيات لهذه الشَّركات هو قُدرتها على تأمين المحفظة التمويليَّة للاستمرار إلى أن تقف بنفسها، وهنا لا بُدَّ من التَّنبيه إلى خطورة الاستثمار بهذه الشَّركات النَّاشئة دون دراسة كافية، لكنْ في المقابل بِقَدْرِ المُخاطَرة ثمة عائد كبير في حال النَّجاح.

إقرأ أيضاً: 10 تحديات يجب أن تتغلب عليها أي شركة ناشئة

ما هي أهم العَقبات والتَّحدِّيات التي تواجه الشَّركات النَّاشئة؟

توجد مجموعة تَحدِّيات تُواجه الشَّركات بالعموم؛ سواء كانت تقليديَّة أم ناشئة، وتوجد أيضاً بعض التَّحدِّيات التي تخصُّ الشَّركات النَّاشئة تحديداً.

1. المُنافَسة:

إنَّ المُنافَسة في الخدمات التي تعتمد على عالم الإنترنت مرتفعة جداً؛ وذلك لسهولة اتساع رقعة المستهدفين وسهولة الوصول لهم.

2. التَّوقُّعات غير الواقعيَّة:

كل الشَّركات تُبْنَى على توقُّعات في بداية انطلاقتها لأرقام البيع والتكاليف، وباقي المصاريف التَّابعة للتَّشغيل، ولكن كون المُنْتَج أو الخدمة جديدة في أغلب الشَّركات النَّاشئة؛ لذا فإنَّ التَّوقُّعات تَبْقَى في تقديرات احتمالية ضمن هامش كبير ويخضع للمفاجأة هبوطاً أو ارتفاعاً لما خُطِّط له.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع التوقعات غير الواقعية؟

4. الاستحواذ:

إنَّ الشَّركات النَّاشئة تتعرَّض كثيراً لفُرَص الاستحواذ والدَّمْج؛ وذلك يكون سبباً للنَّجاح من جهة وقد يكون تحدِّياً لجهات أخرى في السُّوق، ويوجد أيضاً تحدٍّ آخر، وهو التوافق والانسجام بين الشركاء الجدد مع بعضهم بعضاً.

4. قبول المُنْتَج بالسُّوق والحفاظ على جودته:

مع اتِّساع رُقْعَة السُّوق والعملاء لا بُدَّ من الحفاظ على نفس الجُوْدَة للمُنْتَج أو الخدمة المُقدَّمَة أو تطويره والارتقاء به، وهذا يحتاج إلى مجهود مُضاعَف من الإدارة بكلِّ أقسامها، مثل الإدارة الماليَّة لتأمين التَّدفُّق النقدي، وتحقيق الانضباط المالي المطلوب.

أخيراً فإنَّ حَجْم الشَّركات النَّاشئة التي تظهر سنوياً بالملايين، وفُرَص النَّجاح منها يبقى قليلاً جداً، ولكن يحمل خاصيَّة التَّوسُّع غير المحدود في حال النَّجاح.

إقرأ أيضاً: 10 تحديات يجب أن تتغلب عليها أي شركة ناشئة

في الختام:

يمكن لنا أن نقول: على الرغم من أنَّ الشركات الناشئة والعمل على إطلاقها يعدُّ مغامرة، إلا أنَّها تجربة تستحق أن يقوم المرء بتجربتها على أن يكون قد أخذ بالأسباب كلها التي تجعل تلك الشركات الناشئة مشروعاً ناجحاً.




مقالات مرتبطة