إدماج الموظفين وتجربة الموظفين الجدد

لقد كانت المؤسسات حول العالم تستثمر لمدة عقودٍ في إدماج الموظفين، ومع ذلك لم تتحسَّن المؤشرات؛ كما أنَّه لم يسبق أن كان استثمار أرباب العمل أعلى ممَّا هو عليه الآن، ومع ذلك، ما تزال النتائج منخفضةً، فما هو السبب؟



نحن نشهد الآن ظهور تجارب الموظفين، لكنَّنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من خلال التطور في الإنتاج طوال عقود عدة.

الأدوات:

منذ عقودٍ مضت كانت علاقتنا مع أرباب عملنا واضحةً ومباشرةً جداً؛ فكانت لديهم وظائف يحتاجوننا فيها، ونحن لدينا الفواتير لندفعها، وأشياء نريد شراءها، ومهارات معيَّنة استطعنا تقديمها؛ لذا حاولنا الحصول على الوظائف الشاغرة.

لقد عنت هذه العلاقة الجذرية أيضاً أنَّ العمل أساسه الأدوات دوماً؛ كالموارد الأساسية والأدوات الضرورية التي يمكن لربِّ العمل تأمينها لموظفيه لإنجاز عملهم، وهي إجمالاً في يومنا هذا، حاسوبٌ وطاولة مكتب وخزانة وهاتف؛ وفي الماضي، لربما كانت الأساسيات طاولة مكتب وقلم حبرٍ ومفكِّرة، أو مطرقةً ومسامير فحسب، هكذا كانت طبيعتها؛ لا وجبات من متعهدي الطعام أو برنامج عمل مرن.

الإنتاجية:

اكتُشِفَت مرحلة الإنتاجية بعد مرحلة الأدوات، وفيها قام أشخاصٌ مثل "فريدريك وينسلو تايلور" (Frederick Winslow Taylor) و"هنري فايول" (Henri Fayol) بابتكار طرائق ومنهجيات لتحسين طريقة عمل الموظفين؛ إذ استعمل المديرون حرفياً الساعات التوقيتية لتحديد الزمن الذي يحتاج إليه الموظفون لإنجاز مهمَّةٍ ما؛ وذلك لخصم بضع ثوانٍ هنا أو هناك.

لقد كان ذلك مشابهاً لمحاولة جعل عدَّاءٍ أو سبَّاحٍ يحسِّن زمن دورته، وقد صُمِّم كل هذا لتطوير الإنتاجية والمردود مع التشديد على العمليات المكرَّرة، كما في خطِّ التجميع الشهير للمصانع.

شاهد: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

الإدماج:

وبعدها جاء الإدماج، وهو مفهومٌ جديدٌ جذرياً؛ إذ رأينا عالم الأعمال بالإجماع يقول: "مهلاً، ربما ينبغي لنا إيلاء مزيد من الانتباه للموظفين وما يهتمون لأجله ويقدِّرونه، بدلاً من محاولة استخلاص المزيد منهم فحسب"؛ وهكذا، وُلِدَت حقبة الإدماج أو التنوير.

وكان هذا في الواقع منهجاً ثورياً فعلاً، نقل بعض التركيز بعيداً عن كيفية استفادة المؤسسة والحصول على قيمة أكبر من الموظفين إلى ما يمكنها فعله لنفعهم وفهم كيفية وأسباب عملهم؛ فكلَّما ازداد اندماج الموظف، كان ذلك أفضل، وهنا تماماً، توقفنا وما زلنا لمدة عقدين أو ثلاثة عقودٍ مضت.

لقد أُجريت جميع أنواع الدراسات التي أظهرت أنَّ الموظفين المتفاعلين أكثر إنتاجيةً، ويقضون وقتاً أطول في الشركة، وهم عموماً أكثر صحةً وسعادة، لكن لسوء الحظ، أصبح إدماج الموظفين داخل معظم المؤسسات حول العالم في يومنا هذا، أشبه بحقنة أدرينالين قصيرة الأمد، ليتحول بعدها إلى مشكلةٍ طويلة الأمد؛ وذلك لأنَّه يقدِّم تعزيزاً مؤقتاً للرضا ثم يهبط؛ إذ أصبح الإدماج عبارةً عن فكرة لإجبار الموظفين على ممارسات مكان العمل البالية، مع إعطائهم ميزاتٍ تلهيهم عن حقيقة حياتهم المهنية.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لمعالجة التحيز في مكان العمل

تجربة الموظفين:

إن أصبح الإدماج الوظيفي حقنة أدرينالين قصيرة الأمد، فإنَّ تجربة الموظفين هي تغيير صميم ممارسات مكان العمل؛ إذ إنَّ التجربة التي يمكن لمؤسستك تصميمها، هي المواءمة بين حاجات وتوقُّعات ورغبات الموظفين من جهة، وقدرة المؤسسة على تنفيذها من جهة أخرى.

لكنَّ الخبر السَّار، هو أنَّ تجربة كل موظف في أي مؤسسةٍ حول العالم تتألف من: الثقافة التنظيمية (مشاعرك) والتقنيات (الأدوات التي تستعملها لإنجاز عملك) والحيِّز المادي (المساحة الفعلية التي تعمل بها)؛ لذا للحصول على تجربة رائعة للموظفين، ينبغي للمؤسسات الاستثمار والقيام بعملٍ ممتاز في البيئات الثلاث جميعها.

إقرأ أيضاً: كيف تخلق بيئة عمل مثالية؟

لقد جرى تحليل 252 مؤسسة حول العالم، وأُنشِئ مؤشر تجربة الموظف لكلٍّ منها؛ إذ سُجِّلت وصُنِّفت المؤسسات الأعلى فيه، فكانت 6% منها فقط تُعَدُّ مؤسسات استثنائية، وهي تلك التي: "صُمِّمت أو أُعيد تصميمها لتعرف موظفيها بصدقٍ، وبرعت في فنِّ وعلم توفير مكان عملٍ يرغب الناس فيه ولا يُضطرون إلى القدوم إليه؛ إذ تحقِّق المؤسسات الاستثنائية ذلك عن طريق إنشاء سببٍ للوجود، والتركيز على البيئات المادية والتقنية والثقافية".

المصدر




مقالات مرتبطة