أهمية علم النفس الإيجابي وكيفية الاستفادة منه

لقد أصبح التحلِّي بالمرونة وتعزيزها هامَّاً للغاية في ظل جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)؛ لذا يركز مجال علم النفس الإيجابي على تعزيز السلامة والعواطف الإيجابية؛ وذلك لتعزيز المرونة والحفاظ على الصحة النفسية في خضم المواقف الصعبة.



تتضمَّن بعض أبحاث "يوشيتاكي تاكباياشي" (Yoshitake Takebayashi)، الحاصل على الدكتوراه والأستاذ المساعد في "جامعة فوكوشيما الطبية" (Fukushima Medical University)، علم النفس الإيجابي، وبناء نماذج للتنبؤ بالأفكار الانتحارية، وتقييم فاعلية وتأثير العلاج المعرفي، والحد من تبلُّد المشاعر من خلال العلاج النفسي، وفي مقابلة أجراها معه الدكتور النفسي "جيمي آتون" (Jamie Aten)، أجاب "تاكباياشي" عن بعض الأسئلة المتعلقة بالأمر، إليك ما قاله:

مفهوم علم النفس الإيجابي:

علم النفس الإيجابي هو مجال بحثي يدرس السلامة والأنشطة الفعَّالة المتعلقة بتعزيزها؛ وتنقسم السلامة إلى السلامة الذاتية والسلامة النفسية في علم النفس الإيجابي؛ حيث تتعلَّق السلامة الذاتية بالرضا عن الحياة والعواطف الإيجابية، بينما يتكون النوع الثاني من ستة عوامل نفسية.

يمكن تصنيف العواطف الإيجابية من وجهة النظر التطورية على أنَّها الشعور بالفخر، والرغبة الجنسية، والحب، والرضا، والذهول، والترفيه، والارتباط، والامتنان، والمتعة.

السلامة النفسية هي وظيفة نفسية إيجابية؛ تتألف من ستة عناصر متكاملة، وهي: الغرض من الحياة، والتطوُّر الشخصي، والتحكُّم البيئي، والاستقلالية، وقبول الذات، والعلاقة الإيجابية مع الآخرين، بناءً على الأبحاث التي أُجريَت على آلية عمل العافية، طُوِّرت العديد من الإجراءات السريرية، مثل العلاج بالتأثير الإيجابي الذي يركز على تنشيط أنظمة التأثير الإيجابي، أو علاج السلامة الذي يتمحور حول تحسين السلامة النفسية.

عرِّفنا على بعض الطرائق التي قد يساعدنا بها فهم علم النفس الإيجابي على العيش عيشاً أكثر مرونة في أثناء جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)؟

وفقاً لنتائج البحث في علم النفس الإيجابي، قد تبيَّن أنَّ التركيز على تجارب السلامة - مثل العواطف الإيجابية - أمر هام في خضم المواقف الصعبة للحفاظ على الصحة النفسية، ففي ظل المواقف الصعبة، يميل الناس إلى التركيز على المعلومات السلبية، ولكن في الواقع، يختبر الكثير منا شيئاً من السلامة، من المثير للدهشة، أنَّ 14% إلى 19% من المصابين بالاكتئاب أو اضطرابات القلق؛ قد أفادوا أنَّهم شعروا بمستويات عالية جداً من الصحة النفسية في أثناء مرضهم، ولكن في خضم المواقف الصعبة، تكون التجارب الإيجابية عابرة وتتلاشى بسرعة؛ لذا ينبغي علينا التحلِّي بالعواطف الإيجابية في المواقف الصعبة؛ إذ تبيَّن أنَّ المستويات العالية من الاستمتاع، تعزز العافية الذاتية والنفسية.

كما وجدت الأبحاث التي أُجريَت على طلاب الجامعات في استبيان استقصائي مع أحد زملائي أنَّ التنظيم العاطفي والتحلِّي بالعواطف الإيجابية في أثناء الحالات العاطفية السلبية - أي التهدئة الذاتية - يحدُّ من أعراض الاكتئاب، إضافة إلى ذلك، قد يؤدي التحلِّي بالعواطف الإيجابية إلى تطوير السلامة النفسية.

إقرأ أيضاً: 6 أفكار تساعدك على الاستمتاع بحياتك

ما هي بعض الطرائق التي تساعد الناس على تطوير المرونة في ظل هذه الجائحة؟

كما تشير العديد من المبادئ التوجيهية؛ تتمثَّل الخطوة الأولى في الحدِّ من مشاهدة الأخبار السلبية أو المتعلقة بالجائحة لتجنُّب التعرُّض المفرط للمعلومات حول "كوفيد-19" (COVID-19)، ومن المفيد أيضاً تخصيص وقت محدَّد مسبقاً لتقلق فيه بشأن الجائحة؛ وهذا ما يُسمَّى بتجربة تأجيل القلق، وقد تبيَّن أنَّها فعَّالة في علاج الاضطرابات النفسية مثل القلق العام؛ حيث يصعب السيطرة على القلق، ومن خلال القيام بذلك، يمكنك تقليل احتمالية القلق في أوقات أخرى من اليوم، وبعد ممارسة استراتيجيات التأقلم هذه، سيساعدك التركيز على السلامة على تعزيز المرونة.

وثمَّة ثلاثة أشياء أوصي بها لتستطيع تركيز حياتك على تجربة السلامة؛ الأول وضع جدول يومي للنشاطات والتجارب التي تجعلك تشعر السلامة في جدولك الزمني، والثاني تحديد الأفكار السلبية التي تقوِّض تجربة السلامة وإعادة تقييم الموقف بموضوعية؛ إذ تبيَّن أنَّ هذه التقنية فعَّالة في تحسين السلامة، والثالث ممارسة اليقظة الذهنية، وهي مهارة معرفية تبعدك عن الأفكار السلبية ويمكن اكتسابها من خلال تدريب التأمل؛ إذ لوحظ أنَّ إبعاد نفسك عن الأفكار السلبية، يسهِّل تعزيز السلامة النفسية.

إقرأ أيضاً: 4 أسباب تجعل المرونة مهارة شديدة الأهمية

هل هناك أيُّ نصيحة تساعدنا على توظيف ما تعلمناه لدعم أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة الذي يعاني من مواقف صعبة في الحياة؟

اهتمَّ بالتجارب الإيجابية؛ من أجل الحفاظ على الصحة الذهنية، ولكن يجب توخِّي الحذر عند تشجيع المقربين على القيام بذلك؛  وذلك لأنَّه إذا كان شخص قريب يعاني من موقف صعب، سيكون الإصغاء إليه والتعاطف مع محنته قبل تقديم أية نصيحة هو الشيء الأهم، بعد ذلك، حاوره حواراً داعماً، وشجِّعه على زيارة اختصاصي الصحة النفسية إذا اقتضى الأمر، كما يجب ألا تنصح الشخص الذي يعاني من محنة بأن يكف عن التفكير بسلبية وأن يحاول أن يكون إيجابياً، والأهم من ذلك، أن تحافظ على سلامتك النفسية عندما تدعم الآخرين، وإلَّا سيكون من الصعب دعم من حولك بفاعلية.

بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ التفاعل الاجتماعي أمراً هاماً للغاية، لدرجة أنَّ السعادة قد تُقاس وفقاً له؛ ولكن في ظل هذه الجائحة، أصبحت التفاعلات المباشرة محدودة للغاية بسبب التباعد الاجتماعي، ومع ذلك، قد تستطيع الحفاظ على التفاعل الاجتماعي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وألعاب الفيديو، وغير ذلك من الوسائل.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لمساعدة عائلة تمرّ في أزمة

ما الذي تعمل عليه حالياً وترغب في مشاركتنا إياه؟

لقد شاركت في العديد من الدراسات حول فاعلية العلاج السلوكي المعرفي في اليابان، وحالياً، أَختبر فاعلية علاج العافية للمرضى الذين يعانون من الآثار طويلة الأمد للاكتئاب والقلق في اليابان، استناداً إلى دليل علاج السلامة.

في البداية، كنا نخطط لدراسة فاعلية العلاج وجهاً لوجه فقط، ولكن في ظل انتشار جائحة كورونا (COVID-19)، نعمل الآن على تهيئة بيئة لتوفير العلاج عن بُعد نظراً لظروف الجائحة؛ إذ تأخَّر انتشار العلاج العضوي والنفسي عن بُعد في اليابان مقارنةً بالولايات المتحدة، كما لا توجد مبادئ توجيهية رسمية تساعد في ظل الجائحة؛ لذا كان فريقنا من بين أول من ترجم أدلة ممارسة علم النفس عن بُعد التي نشرتها جمعية علم النفس الأمريكية (APA) والجمعية البريطانية للإرشاد والعلاج النفسي (BACP) ونشرها على الويب، وكان هذا التعاون السريع بين الخبراء الدوليين أحد النتائج الإيجابية التي ظهرت في أثناء الجائحة.

المصدر




مقالات مرتبطة