أهمية ترديد رسائل التذكير الإيجابية كل صباح

كانت "مونيكا" (Monica) إحدى عميلات الكوتشينغ هذا الصباح؛ وهي ضحية لحادث سيارة مدمِّر تعافت منه مؤخراً؛ إذ تبتسم ابتسامةً عريضة في اللحظة التي بدأت فيها جلسة كوتشينغ عبر برنامج فيس تايم (FaceTime) عندما سألتها عن السر وراء معنوياتها العالية اليوم، وأجابت بأنَّها أصبحت ترى الأمور من منظور مختلف، وأدركت كم أنَّها محظوظة بالبقاء على قيد الحياة؛ إذ اعتقدت مونيكا أنَّ الإصابات التي تعرَّضت إليها في ذلك الحادث العام الماضي كادت تُنهي حياتها، ولكنَّها أدركت الآن أنَّها رسمت لها بداية جديدة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كيرنوف" (Marc Chernoff)، ويشرح من خلاله أهمية ترديد رسائل التذكير الإيجابية كل صباح.

بصرف النظر عن كل التفاصيل، قرَّرت مونيكا أن تبدأ حياةً جديدة بتغيير طريقة تفكيرها أولاً، واحتاجت إلى أشهر عدَّة من التدريب حتى تعافت، ولكنَّها تخلَّت وبكامل وعيها عن كل الشكوك في رأسها المتعلقة بظروفها، ومضت قدماً بكل رضى وعزيمة، وبدايتها الجديدة لا علاقة لها ببداية العام الجديد الأخيرة؛ وإنَّما بطريقة تفكير جديدة كلياً.

الحق يُقال؛ إنَّ اليوم هو فرصة تُمنَح لنا جميعاً لنبدأ من جديد، وألَّا ندعَ الأفكار والمعتقدات الخاطئة تنال من أفضل خصالنا بينما تمضي حياتنا قدماً، ويمكننا تدريب عقولنا على اغتنام اللحظة الحالية حتى عندما تكون ظروفنا بعيدة كل البعد عن المثالية، فالتدريب هو كل ما يتطلبه الأمر.

العقل مثله مثل أيَّة عضلة في جسم الإنسان؛ إذ يحتاج إلى تدريب لاكتساب القوة، تدريب يومي لينمو ويتطور تدريجياً مع مرور الوقت، وإذا لم تحفِّز عقلك بكثير من الطرائق الإيجابية البسيطة على مدار الوقت، ستنهار في الأيام المرهقة للغاية، والتي لا يمكن تفاديها؛ فما هي أبسط طريقة للبدء بتقوية العقل؟

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تُسهّل عليك تبنّي الإيجابية كأسلوب حياة

رسائل التذكير الإيجابية في الصباح:

فترة الصباح بالغة الأهمية، فهي تُمثِّل انطلاقة اليوم؛ ولهذا السبب يجب أن نراعي الطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا عند استيقاظنا، فأول شيء نقوله لأنفسنا في الصباح يرسم صورة نهارنا بالكامل، وتُعَدُّ رسائل التذكير الإيجابية الصباحية واحدة من أبسط وأقوى أدوات النمو العقلي.

يتعلق الأمر كله بالسماح للأفكار الصحيحة أن تسيطر على تفكيرنا في بداية كل يوم؛ إذ تكون متاحة بسهولة في الأيام الصعبة عندما نكون في أمس الحاجة إليها، بالنسبة إلى مونيكا فذلك كان معناه الجلوس بهدوء مع نفسها كل صباح بعد الإفطار، وإمعان النظر في الأمور التي تحتاج إلى تذكرها بالضبط.

كانت تقرأ الاقتباسات والتي يسميها بعض الناس عبارات تشجيع أو صلوات أو معتقدات، وأياً كانت تسميتها فإنَّ رسائل التذكير الصباحية الإيجابية هذه تُبقي مونيكا على المسار الصحيح؛ وذلك من خلال الاحتفاظ بالأفكار ووجهات النظر المطمئنة والمثمرة حاضرة في ذهنها، حتى وهي تكافح للتغلب على إصابتها.

تعلَّمتُ مونيكا في النهاية أنَّ السلام لا يعني أن تكون في مكان خالٍ من الفوضى أو المتاعب أو من أي واقع أليم تتعامل معه؛ بل أن تكون في خضمِّ كل هذه الأمور وتحافظ على تركيزك العقلي والعاطفي.

ابتداءً من اليوم أقدم هذا التحدي لكل واحد منا؛ وهو أن نسير على خطى مونيكا خلال الفترة المتبقية من العام، ونختار واحدة من رسائل التذكير هذه كل صباح، ونجلس بهدوء لبضع دقائق ونحن نكررها لأنفسنا بصمت، وسنلاحظ كيف سيؤدي القيام بهذا تدريجياً إلى تغيير الطريقة التي نفكر بها عندما نعايش تحولات الحياة وتقلباتها ونجد أنفسنا أمام مفترق طرق.

إقرأ أيضاً: أهمية رسائل التذكير وكيفية استخدامها بنجاح

تحدَّ نفسك لتقبُّل كل تجربة:

في كثير من الأحيان ينتابنا الحنين لمجموعة صغيرة جداً مختارة من تجارب الحياة؛ مثل لحظات المرح والمواقف السعيدة والأمور التي تجعلنا نشعر بالراحة، ومع ذلك غالباً ما يكون الواقع بكلِّيَّته مختلفاً كل الاختلاف، وتمنحنا الحياة مجموعة واسعة من التجارب التي تثير فينا مشاعر تتفاوت بين الحزن والندم والكبرياء والغضب والحب والوحدة والسعادة والإثارة وغيرها، وكلها مشاعر تُعَدُّ جزءاً من كونك إنساناً حياً يتنفس.

لذلك يمكننا التمرد على ظلم الحياة "الظلم الناجم عن الاضطرار إلى التعامل مع فقدان الأحبة، والعيش في ظل جائحة، والشعور بالوحدة والضيق والإحباط" أو يمكننا تقبُّل كل تجربة تمنحنا إياها الحياة؛ ومن ذلك لحظات النجاح والفشل واللحظات السعيدة والمؤلمة وما بينهما، فالحياة ليست سعيدة وهانئة على مدار الساعة وطوال الأسبوع؛ بل هي حياة شاملة كاملة المواصفات وحقيقية.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

في الختام:

إنَّ تقبُّل تجارب الحياة بكلِّيتها، يعني تقبُّل كل لحظة تقبُّلاً كاملاً والانفتاح والتفاعل مع الواقع، والتعامل بلطف مع أنفسنا عندما نمر بأوقات صعبة، والامتنان بصدقٍ لكل ما لدينا بصرف النظر عما تؤول إليه الأمور.

ذلك يعني قبول الحياة كما هي وقبول أنفسنا على ما نحن عليه، وألَّا نتوقع الأفضل في كل مرة؛ بل نتقبل كل ما يحدث بدلاً من ذلك ونستفيد من التجربة على أفضل وجه؛ وهذا ليس بالأمر السهل بالطبع ولكنَّه يستحق بذل الجهد.

المصدر




مقالات مرتبطة