أهمية الاستثمار السياحي للاقتصاد

يُعَدُّ الاستثمار السياحي أو الاستثمار في السياحة أحد أهم ركائز اقتصاديات الدول الكبرى؛ إذ يُساهم في دعم وتنمية الاقتصاد عموماً، ومن هنا برزت أهمية الاستثمار في هذا القطاع؛ لذا سنتحدث عنه حديثاً تفصيلياً أكثر في هذه السطور القادمة.



1. ما هو الاستثمار السياحي؟

توجد عدة تعاريف للاستثمار السياحي، ومن أبرزها:

  • هو توظيف الأموال بهدف إنشاء رأس مال مادي ورأس مال بشري، في مجال تطوير قطاع السياحة؛ كبناء الفنادق والمنتجعات السياحية، وتحسين الخدمات السياحية، وتدريب وتحسين مستوى العمال التابعين لقطاع السياحة.
  • هو ذلك النشاط الذي ينتج عنه قيمة مضافة في مجال السياحة، وقد يكون استثماراً مباشراً كإقامة الفنادق والمدن السياحية، أو غير مباشر كبناء المطارات وإنشاء الطرق والجسور.
  • يُعَدُّ الاستثمار السياحي أحد أهم أنواع الاستثمار، ويختلف الاستثمار السياحي عن غيره من الاستثمارات كونه يهتم بتنمية رأس المال المادي والبشري، بهدف تحسين طاقة البلد السياحية.
  • حسب تعريف المنظمة العالمية للسياحة هو "التنمية الاستثمارية للسياحة والتي تُلبي احتياجات السياح، والمواقع المضيفة، إلى جانب حماية وتوفير الفرص للمستقبل".

يوجد محوران للاستثمار السياحي هما:

1. الاستثمار في التجهيزات والتسهيلات السياحية؛ أي الخدمات السياحية، مثل:

خدمات الإقامة والإطعام والمرافق الترفيهية، وخدمات النقل والمواصلات، وخدمات الاتصالات.

2. الاستثمار في مواقع الجذب السياحي وموارده، مثل:

مواقع التراث الطبيعي، ومواقع التراث الثقافي.

2. سمات الاستثمار السياحي:

من أبرز سمات الاستثمار السياحي:

  1. يتطلب الاستثمار السياحي تمويلاً ضخماً، لإعداد دراسات الجدوى، وإنشاء الأبنية والعقارات السياحية الضخمة، وشراء الأثاث والديكورات عالية التكاليف، وشراء الأراضي السياحية ذات الأسعار العالية.
  2. من سمات الاستثمار السياحي أنَّه يحتاج إلى مدة زمنية طويلة نسبياً حتى يُؤتي ثماره، نظراً لحاجته إلى مراحل كثيرة، بدءاً من دراسات الجدوى، والبحث عن مصادر تمويلية، إلى البدء بالتنفيذ، والدعاية والإعلان.
  3. يتأثر الاستثمار السياحي بالموسمية؛ بمعنى أنَّ الطلب عليه ينشط في مواسم معينة، كالفنادق البحرية التي يزداد الطلب عليها في الصيف، وتُحقق إيرادات فيه أعلى من باقي الفصول، بينما تُحقق المنتجعات الشتوية كأماكن التزلج مثلاً إيرادات أكثر في فصل الشتاء.
  4. عنصر العمالة هو العنصر الرئيس في الاستثمار السياحي؛ إذ يعتمد نجاح الخدمة السياحة على مُقدِّم هذه الخدمة.

3. العوامل المؤثرة في الاستثمار السياحي:

يتأثر الاستثمار السياحي بالعوامل الآتية:

  • عوامل مناخية: يتأثر الاستثمار السياحي بعوامل الطقس والمناخ؛ إذ يؤثر ارتفاع/ انخفاض درجات الحرارة في بعض البلدان في إقبال السائحين إليها.
  • عوامل سياسية: تُعَدُّ العوامل السياسية من أكثر العوامل تأثيراً في الاستثمار السياحي؛ إذ تؤثر درجة الأمان واستقرار الأوضاع في الدولة في رغبة وحماسة السياح لزيارتها أو الإحجام عنها، وفي رغبة المستثمرين في إنشاء الأماكن السياحية من عدمها.
  • عوامل اقتصادية: يتأثر الاستثمار السياحي بمدى قوة اقتصاد الدولة من تخلفه؛ إذ يزدهر الاستثمار السياحي حُكماً في البلدان ذات الاقتصاد المتقدم، ويتراجع في البلدان ذات الاقتصاد المتخلف.
  • عوامل حكومية: يتأثر الاستثمار السياحي بمقدار دعم الحكومة له، من خلال تقديم التسهيلات المالية من قروض، وأسعار فائدة منخفضة، ومنح التراخيص والإجراءات القانونية السهلة.
  • عوامل اجتماعية: يتأثر الاستثمار السياحي بالعوامل الاجتماعية؛ إذ تدعم البيئة المنفتحة الاستثمار السياحي، على عكس البيئات المنغلقة التي لا تدعم السياحة أو استقبال السائحين الغرباء.
  • توفر المعلومة: يتأثر الاستثمار السياحي بمقدار توفر المعلومة؛ إذ يحتاج المستثمر إلى توافر معلومات وأرقام دقيقة عن المشروع أو الاستثمار الذي ينوي القيام به، وكلما حصل على معلومات أكثر، اتخذ قراره الاستثماري بسرعة وبلا تردد.
  • تكلفة الفرصة البديلة: هي خسارة العوائد أو الأرباح التي كان من الممكن تحقيقها في فرص بديلة؛ لذا فكلما كانت عوائد الاستثمار السياحي أكبر من تكلفة الفرصة البديلة، زاد التوجه إلى الاستثمار السياحي.

شاهد بالفديو: أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد وطرق مواجهتها

4. مجالات الاستثمار السياحي:

توجد العديد من المجالات التي يمكن استثمارها سياحياً، وهي:

  1. المواقع الدينية: تُشكِّل المواقع الدينية أحد فرص الاستثمار السياحي، كونها مواقع لها قدسية ومكانة هامة لدى زوارها؛ لذا يجب الاهتمام بها، وتسليط الضوء عليها، وإنشاء الأماكن السياحية فيها من فنادق ومطاعم.
  2. المصايف والمشاتي: تُعَدُّ المصايف والمشاتي من أهم فرص الاستثمار السياحي، كون المصايف أماكن تجذب السياح في الصيف، والمشاتي جاذبة لهم في الشتاء.
  3. الأماكن الأثرية: الأماكن الأثرية من أكثر الأماكن الجاذبة للسياح خاصة الأجانب منهم، ومن ثمَّ فهي فرصة استثمارية هامة؛ إذ يجب تسليط الضوء عليها، والعمل على حمايتها، وتسهيل الوصول إليها.
  4. أماكن ثقافية: يهتم الكثير من الأشخاص بزيارة الأماكن الثقافية في البلدان، للتعرف إلى ثقافتها وعاداتها وتقاليدها؛ لذا إنَّ بناء المكتبات والمسارح، والمتاحف، ودور السينما هو أحد مجالات الاستثمار السياحي.
  5. اللهو والترفيه: يمكن الاستثمار السياحي في مجال اللهو والترفيه، كإنشاء المطاعم والمقاهي والحدائق، وصالات الرياضة والألعاب والمسابح، بالإضافة إلى فعاليات السيرك والمعارض والمهرجانات.
  6. الرياضة: يمكن الاستثمار السياحي في مجال الرياضة؛ كاستضافة كأس العالم لكرة القدم، أو دورات الألعاب الأولمبية.
  7. الإيواء السياحي: يتضمن مجال الإيواء السياحي إقامة الفنادق والمجمعات والمدن والقرى السياحية.
  8. سياحة الأعمال: يُقصَد بسياحة الأعمال؛ السياحة والرحلات التي تُقام بغرض حضور المؤتمرات والمعارض والاجتماعات؛ لذا يمكن الاستثمار السياحي في سياحة الأعمال من خلال تطوير مراكز وقاعات المؤتمرات والمعارض، وتحضير البيئة التنظيمية لها.
  9. سياحة علاجية: يُشكِّل المجال الصحي أحد فرص الاستثمار السياحي، من خلال تطوير المنظومة الصحية في الدولة، وإنشاء المراكز المتخصصة بعلاج الحالات النادرة، أو منتجعات العلاج النفسي، بالإضافة إلى الاهتمام بأماكن المياه المعدنية أو الكبريتية أو الرمال الحارة، التي يزورها الوافدون للتداوي والاستشفاء.
  10. سياحة تعليمية: يمكن الاستثمار في السياحة التعليمية التي يكون الغرض منها الحصول على شهادة تعليمية من مؤسسة معينة، أو حضور ورشات عمل، ودورات تدريبية، واكتساب الخبرات.
إقرأ أيضاً: تعرف على أشهر المعالم الإسلاميّة في العالم

5. أهمية الاستثمار السياحي في الاقتصاد:

تأتي أهمية الاستثمار في مجال السياحية للأسباب الآتية:

  • تخفيض البطالة: يساعد الاستثمار السياحي على تخفيض معدلات البطالة، كونه يعطي العديد من فرص العمل، في المجالات الإدارية والفنية والمالية والتسويقية، بالإضافة إلى أعمال الصيانة والتنظيف والنقل، ووظيفة الدليل السياحي.
  • مصدر للدخل القومي: يُشكِّل الاستثمار السياحي أحد أهم مصادر الدخل القومي للبلد، من خلال الأموال المتأتية من السائحين والوافدين، والتي تُشكِّل جزءاً هاماً من ميزانية الدولة؛ إذ يقوم السائح بالكثير من الأعمال التي تدر المال، ومن هذه النشاطات: التنقل واستخدام وسائل النقل، والإقامة في الفنادق، ودخول المنتزهات والمطاعم وشراء احتياجاتهم.
  • دعم ميزان المدفوعات: تدعم إيرادات الاستثمار السياحي ميزان المدفوعات للدولة، وتسد العجز في ميزانها التجاري.
  • مصدر للعملات الأجنبية: يُوفِّر الاستثمار السياحي العملات الأجنبية للدولة، من خلال الوافدين الأجانب الذين يقومون بتصريف عملاتهم الأجنبية مقابل الحصول على عملة البلد المحلي.
  • دعم الصناعات المحلية: يدعم الاستثمار السياحي الصناعة المحلية والحرف اليدوية في الدولة، من خلال إقبال الوافدين والسياح على شراء منتجاتها.
  • تنمية شاملة: يحقق الاستثمار السياحي تنمية شاملة للدولة، من خلال التطور العمراني وإقامة المشاريع الجديدة، وتطوير البنية التحتية، وتنمية اجتماعية لسكانها من خلال تبادل الثقافات والخبرات بينهم وبين الشعوب الوافدة إليهم.
  • رفع مستوى المعيشة: يرفع الاستثمار السياحي المستوى المعيشي لسكان الدولة المستضيفة، من خلال مدها بالتدفقات النقدية التي تُساهم في تحريك الاقتصاد وإنعاشه.
إقرأ أيضاً: مفهوم النمو الاقتصادي وإيجابياته وسلبياته

6. طرائق تشجيع الاستثمار السياحي:

نخلة دبي

يمكن تشجيع ودعم الاستثمار السياحي والذي تبرز الحاجة إليه في الدول النامية خاصة، من خلال ما يأتي:

  1. أن تدعم الحكومة الاستثمار السياحي في الدولة، من خلال الاهتمام بقطاع السياحة، وتخصيصه بأموال من الموازنة العامة للدولة، لتنميته وتنشيطه.
  2. مساعدة المستثمر على الحصول على الأراضي العائدة ملكيتها إلى الدولة، والملائمة للاستثمار السياحي، من خلال تأجيرها أو بيعها له بأسعار مقبولة.
  3. تحديد حد أدنى مُعفى من الضريبة من إيرادات المشاريع الاستثمارية السياحية.
  4. توفير التمويل للمستثمرين؛ من خلال منحهم قروضاً طويلة الأمد، وبفوائد مشجعة.
  5. تقديم التسهيلات والمزايا التي تُشجِّع المستثمر المحلي، وتجذب المستثمر الأجنبي، مثل منحهم إعفاءات ضريبية، والحرية في تحويل أرباحهم إلى الخارج.
  6. الاهتمام بالمقومات الطبيعية والأثرية في البلد، وعدم إهمالها، من بحار وغابات وبحيرات ومواقع أثرية، والحرص على استثمارها سياحياً.
  7. توعية المواطن إلى أهمية التوجه إلى الاستثمار السياحي، وحُسن التعامل مع السياح والوافدين، والترحيب بهم وتشجيعهم على تكرار الزيارة، وتجنُّب استغلالهم في البيع، والمحافظة على نظافة الأماكن السياحية وحمايتها من التخريب والدمار.
  8. تأمين حماية السياح والوافدين من أي هجوم أو سرقة أو اعتداء، وعدم إشعارهم بأي خوف أو خطر.
  9. تُعَدُّ البنية التحتية من طرائق وجسور ومطارات وشبكات كهرباء وماء واتصالات، من أهم عناصر جذب المستثمر والسائح؛ لذا من الضروري الاهتمام بالبنية التحتية وتطويرها.
  10. الحرص على إقامة المهرجانات والاحتفالات التي تجذب السياح وتدعوهم إلى الاستثمار.
  11. الاهتمام بإنشاء الجامعات والمعاهد السياحية، التي تُخرج كوادر مؤهلة للعمل في الاستثمار السياحي.
  12. تحسين الخدمات السياحية المقدَّمة للسائح، والمرافق العامة بحيث تكون في أفضل المستويات؛ وهذا يحقق رضاه.
  13. الاهتمام بالجانب الترويجي للسياحة، وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية في البلد، والنشاطات السياحية فيها.
إقرأ أيضاً: الدخل القومي: مفهومه، وأهميته، وطرق قياسه

في الختام، الاستثمار السياحي بوابة لتطور الدول:

تعتمد العديد من الدول حول العالم على السياحة بوصفها مصدراً رئيساً لدخلها وميزانياتها، ومن أشهرها: فرنسا، وإيطاليا، وتركيا، وإسبانيا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ودول عربية مثل مصر، ولبنان؛ لذا لا بد من التركيز على أهمية الاستثمار السياحي خاصة في الدول النامية، وضرورة توجيه الجهود إليه، لتنشيطه وازدهاره؛ وذلك كونه جزءاً لا يتجزأ من الاستثمار الكلي للدولة، ويُنشِّط باقي القطاعات من صناعة وتجارة، بالإضافة إلى كونه أحد أهم مصادر الدخل القومي للاقتصاد، ومصدراً للعملات الأجنبية، وإنشاء فرص العمل للأفراد.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة