أسس الزواج الناجح

إنَّ مفهوم الزواج والتوعية فيما يتعلق به هو أمر هام للغاية وخصوصاً في بلدان العالم الثالث؛ والتي يشكل فيها الزواج سنَّة من سنن الحياة يمر بها كل شاب وكل فتاة؛ أي إنَّ المجتمع برمته سيدخل في منظومة الزواج، ومن ثم يجب على الجميع التوعية فيما يتعلق بهذا الموضوع وعدِّه أولوية مهمة من أولويات الحياة.



ما هو السبب الأساسي الكامن وراء فشل منظومة الزواج؟

لا شكَّ في أنَّ الطلاق هو أمر موجود في المجتمع، وحالة فشل الزواج قد تكون في بعض الحالات أمراً لا مفر منه؛ إذ يصل الطرفان إلى قناعة تامة أنَّ عليهما البحث من جديد عن شريك جديد يستطيعان عيش حياة آمنة ومستقرة تحقق لهما النماء والتطور نحو الأفضل.

يؤكِّد خبراء علم النفس أنَّ السبب الحقيقي الكامن وراء فشل الكثير من حالات الزواج هو عدم وجود وعي وإدراك كامل عن ماهية الزواج وحقيقة الأعباء والمسؤوليات التي تترتب عليه، ونقص في فهم الطرفين للغاية والهدف من وراء هذا الزواج.

ما هي الأسس الصحيحة التي يقوم عليها اختيار الشريك المناسب للزواج؟

يقضي الكثيرون من الشباب وقتاً طويلاً من حياتهم وهم في حالة تردد في اختيار شريكة حياتهم، فقد يرى فتاة جميلة ولكنَّه في نفس الوقت لا يكون متشجعاً تجاه بعض الطباع أو الخصال الموجودة لديها، ومن بعدها قد يرى فتاة أخرى لديها الأفكار والتصرفات والمبادئ التي يحبها ولكنَّها على المقلب الآخر لا تحمل الجمال الذي يلبي تطلعاته.

من هنا قد يكون مفيداً أن نستعرض أهم النقاط الصحيحة التي يمكن وضعها في الحسبان عند اختيار شريك أو شريكة الحياة:

1. المستوى الثقافي:

قد يكون اختلاف المستوى العلمي والثقافي بين الزوجين هو أحد أهم أسباب الانفصال؛ وذلك لأنَّ مستوى الوعي والثقافة هو ما يحدد الطريقة التي ننظر من خلالها إلى أنفسنا وإلى الأشياء من حولنا وإلى جميع مفاهيم الحياة من زواج وحب وعائلة وغيرها؛ إذ وجد الباحثون أنَّ هذا الاختلاف يعني شرخاً كبيراً بين الطرفين قد لا يقدر الحب على ردمه؛ وهذا لا يعني بالطبع أنَّ خيارنا يجب أن يقتصر على مَن يشبهنا شبهاً كاملاً، لكن على الأقل يجب أن نتفق مع شريك حياتنا على الأساسيات؛ لذا ينصح خبراء علم النفس أن يكون شريك الحياة من مستوى ثقافي مماثل أو مشابه.

2. المستوى الاجتماعي والاقتصادي:

قد تبرز هذه القضية في مجتمعات الشرق الأوسط بشكل أكثر وضوحاً؛ إذ إنَّ بعض الرجال لا يفضلون أن تكون الزوجة من عائلة غنية مقارنة بعائلته المتواضعة، أو في حال كانت الزوجة ثرية جداً فإنَّ ذلك قد يجعل الزوج يشعر بقلة الثقة بالنفس؛ إذ إنَّ هذه الأمور قد تبدو سطحية ولكنَّها تضرب الرجل الشرقي في أعماقه، ومع ذلك لا يمكن الحكم على الزواج بالفشل من هذه الناحية فقط، لكن يُنصح بأن يكون شريك الحياة من بيئة مشابهة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية في حال كانت البيئة متشبثة بالأعراف والتقاليد والموروثات.

شاهد بالفديو: 7 أشياء أتمنى لو أنَّني عرفتُها قبل الزواج

3. جمال الروح:

قد يبدو هذا المصطلح ذا طابع ميتافيزيقي أو بعيد كل البعد عن واقعية الحياة الزوجية، ولكنَّ الكثيرين من خبراء علم النفس يَعُدُّونَه المفتاح الأساسي لنجاح الزواج؛ إذ إنَّ الشكل الخارجي والقوام والمميزات الجسدية هي كلها أمور قابلة للتغيير بشكل كبير جداً، فالجمال الخارجي متغيِّر لا يمكن بناء الزواج عليه؛ إذ لا يمكن أن نبني ثابتاً على متغير، غير أنَّ جمال الروح هو ما يبقى لدى الإنسان مهما تغيَّر الزمن ومهما زادت أعباء الحياة.

4. الراحة النفسية:

علينا اختيار الشريك الذي نشعر معه بالراحة النفسية؛ إذ نشعر بأنَّنا غير مجبرين على تبرير تصرفاتنا، أو إخفاء عيوبنا أو التظاهر بالكمال؛ بل يجب أن نختار الإنسان الذي يحتوي عيوبنا ونواقصنا بكل رحابة صدر ويتقبلها؛ لا بل يحبها ويُشعرنا بأنَّها ميزة فينا.

إقرأ أيضاً: أسس اختيار شريك الحياة

ما هو أكثر ما يمكن أن يجعل الزواج ناجحاً؟

إنَّ أكثر ما يمكن أن يجعل الزواج ناجحاً هو قدرة كل طرف على فهم ذاته أولاً بكل ما تحويه من مشاعر وعواطف وهواجس ومخاوف وأفكار، والقدرة على تفسيرها من أجل التحكم بها، ومن بعدها محاولة فهم مشاعر وعواطف وحاجات الطرف الآخر، ومن ثم إيجاد نقاط التقاء وجسور تصل بين هذه الحاجات وقنوات عبور بين هذه العواطف التي يجب أن تعيش دورتها الطبيعية بين الرجل والمرأة.

أهم النصائح التي تحافظ على استقرار الزواج:

1. عبِّر عن الحب فالتعبير عن الحب أهم من الحب نفسه:

إنَّ الحب لا يعتمد فقط على ما هو موجود داخل النفس من مشاعر وعواطف وكيمياء ورغبات وهرمونات؛ إذ إنَّ هذه الأمور لا يمكن أن يراها الشريك؛ بل إنَّه يرى التعبير عن هذه المشاعر والعواطف والرغبات؛ وهذا ما يهم في الزواج؛ أي الاستمرار في إظهار المحبة والمودة طوال الوقت.

2. ابتعد عن النقد الزائد:

يجب على كل من الزوجين تجنُّب الإفراط في النقد حتى ولو كان هذا النقد ينظر إلى الناحية الإيجابية من الحياة، حتى أنَّ توجيه النصائح المتكرر إلى الشريك قد يعطي مفعولاً سلبياً في العلاقة الزوجية؛ إذ قد يشعر الطرف الآخر بأنَّه أقل قيمة وأقل معرفة؛ وهذا يولِّد في ذاته انزعاجاً يتراكم مع مرور الزمن، حتى ينظر إلى النصيحة بصفتها إساءة؛ لذا من الأفضل أن يُقلَّل من النقد والنصائح.

3. تجنَّب التعميم وقت حدوث المشكلات:

إنَّ ظاهرة التعميم نراها في حياتنا اليومية وعلى الكثير من المستويات، فهي موجودة في المجتمع والمدرسة والجامعة ومؤسسات الدولة، وهي أيضاً موجودة في منظومة الزواج؛ إذ يعمل التعميم على مفاقمة أيَّة مشكلة مهما كانت بسيطة، فقد ينسى الزوج أحياناً شراء بعض الحاجيات التي طلبتها زوجته على سبيل المثال، فتواجهه بإصدار أحكام سلبية عليه وتعميم نسيان هذا الشيء على شخصيته وسلوكه؛ وذلك من خلال القول: "أنت مهمل دائماً، إنَّك لم تهتم يوماً بما أقوله، وعلى ما يبدو أنَّني آخر ما تهتم به".

4. ابتعد عن لهجة الاتهام:

يجب على الزوجين الابتعاد عن التوصيفات ضمن إطار الزواج، كالقول: "أنت مهمل، أنتَ كسول، أنتِ لا تهتمين بنفسك، أنتِ غير جديرة بإدارة المنزل"، وهذه التوصيفات تزيد من حدَّة التوتر، وتُعَدُّ بمنزلة هجوم مباشر وعميق على الطرف الآخر؛ لذلك فإنَّ رد الفعل سيكون دفاعياً بحتاً ويغلب عليه الغضب والانفعال؛ لذا ينصح خبراء علم النفس باستبدال كلمة "أنت" بكلمة "أنا"؛ على سبيل المثال: "أنا أشعر بأنَّكَ لا تهتم بي كثيراً"، "أنا أشعر بأنَّكِ لا تديرين المنزل كما يجب"؛ إذ إنَّ استبدال الاتِّهام بالشعور والإحساس يخفف من حدة التوتر في أثناء الكلام.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لإحياء مشاعر الحب بين المتزوجين

5. أجِّل الخلاف فقد يكون التأجيل هو الحل:

الخلاف بين الزوجين

لا بدَّ لأي زوجين أن يمرا بخلافات أو شجارات، وقد تسيطر العواطف والمشاعر والانفعالات على المشكلات، ومن ثم قد يتعذَّر على الطرفين التوصُّل إلى حل يرضي الجميع؛ لذا قد يكون من الأفضل أن يؤجِّل الزوجان حل الخلاف إلى وقت آخر؛ وذلك لأنَّ حالة الفوران والغضب ليست مناسبة أبداً لحل الخلافات؛ لذا قد يكون من الأنسب تأجيل المناقشة إلى وقت لاحق تكون فيه العواطف قد هدأت واستكانت.

6. افهَم احتياجات الطرف الآخر:

لا بدَّ أن يجلس كل زوجين مع بعضهما ويناقشا احتياجاتهما ومتطلباتهما، وما هي الأشياء التي يحبون أن يفعلها الطرف الآخر، عوضاً عن انتظار الشريك ليفعل كل شيء نريده من تلقاء نفسه، ومن المفيد جداً أن تقرأ الأنثى عمَّا يريده الرجل، ويقرأ الرجل عمَّا تريده المرأة؛ فذلك يخفف الحرج في أن يطلب الشريك ما يريد، إضافةً إلى الاختلاف الكبير بين احتياجات الرجل والمرأة؛ فالرجل يحب الجنس بنسبة أعلى ويحب كذلك أن يكون محطَّ إعجاب دائم ومديح مستمر من قبل زوجته، فيما تحتاج المرأة بشكل أكبر إلى الاهتمام والتعبير عن الحب، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والكلام الرومانسي الدافئ.

دور العلاقة الحميمية في الحفاظ على منظومة الزواج:

تدخل العلاقة الحميمية في صلب العلاقة الزوجية؛ فإمَّا أن تكون ملاذاً آمناً للزوجين من مشكلات وأعباء الحياة وفرصة ليعطي كل واحد فرصة جديدة كي يغفر الآخر عيوبه وأخطاءه، أو تكون مفاقمة لكل المشكلات والأخطاء والعثرات.

فيظن معظم الأزواج أنَّ الجنس الجيد يتعلق بأمور تنحصر في تلك الدقائق المعدودة في غرفة النوم وما يجري ضمنها، وهذا ما يعارضه الكثيرون من الباحثين في علم النفس، والذين يؤكدون أنَّ الجنس الجيد يبدأ بكلمة "صباح الخير"، وبإعداد الفطور سوياً في الصباح، أو بفنجان القهوة الذي يأتي به أحد الشريكين إلى غرفة النوم.

باختصار يمكن القول إنَّ العلاقة الحميمية هي محصلة ونتيجة لكل الإيماءات اللطيفة وتعابير المودة عبر اليوم كله، وهي بالتأكيد حصيلة تفاهم وتناغم فكري وأخلاقي وعاطفي عمره سنوات، وكل هذا يجتمع اجتماعاً مركزاً في العلاقة الحميمية.

إقرأ أيضاً: مؤسسة الزواج وتحصين اللبنة الأولى من المجتمع

في الختام:

في نهاية هذا المقال نود أن ننوِّه إلى أنَّ الزواج ليس لعبة أو صفقة أو مرحلة لا مفر منها؛ بل هو مؤسسة يُفتَرض أن ننشِئها على أسس صحيحة وسليمة ومدروسة، وهذا يتطلب نشر الوعي الكامل بخصوص حقيقة الزوج وحجم المسؤوليات والأعباء التي تترتب عليه.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة