أسرار بناء فرق عمل عالية الأداء

يشير مفهوم "فريق العمل عالي الأداء" إلى مجموعة من الأفراد الذين يركزون على الهدف ويتمتعون بخبرة متخصصة ومهارات تكميلية، ويتعاونون ويبتكرون ويحققون نتائج متفوقة باستمرار. تسعى المجموعة بلا كلل إلى التميُّز في الأداء من خلال الأهداف المشتركة، والقيادة الفعَّالة، والتعاون والتواصل المفتوح، والتوقعات بأدوار واضحة، والاتفاق على قواعد راسخة للفريق، فضلاً عن حل النزاعات مبكراً، والشعور القوي بالمساءلة والثقة بين أعضائها.



شاهد المقال بالفيديو:

لنفترض أنَّنا قررنا بأنَّ العمل الجماعي أفضل من العمل الفردي للمشروع الذي نحتاج إلى إنجازه، وتطلَّب ذلك إنشاء فريق فعَّال للقيام بذلك؛ فمن الضروري هنا فهم ما يعنيه لنا فريق عمل فعَّال. في هذه الحالة، سنطلق على الفريق مسمى "فعَّال" بناءً على القياس الموضوعي لإنتاجية الفريق، الذي يتضمن تقييم القائد ورضى الأعضاء، والأهم من ذلك النتائج، سواءً كانت قصيرة أم بعيدة المدى.

لقياس موضوعي للفريق الفعَّال، سنلقي نظرة على أربعة مجالات مختلفة ونأخذها واحدة تلو الأخرى:

الفريق الفعال

  1. السياق المناسب.
  2. بنية الفريق.
  3. تنظيم عمل الفريق.
  4. تصميم بيئة العمل.

1. السياق المناسب للفريق (Context):

إذا كنت ستنشئ فريقاً فعَّالاً، فأنت بحاجة ابتداءً إلى التفكير في السياق؛ أي كل الأشياء التي تحيط بالفريق التي ليست في الواقع فريقك. من حيث السياق، فإنَّ الأشياء التي تبدو أكثر أهمية بالنسبة إلى بناء الفريق الفعَّال هي:

  • الموارد الكافية والدعم.
  • القيادة والهيكل التنظيمي.
  • مناخ الثقة.
  • أنظمة تقييم الأداء والمكافآت.

1. 1. الموارد الكافية والدعم:

من بين كل هذه العناصر، يبدو أنَّ الموارد الكافية هي العنصر الأكثر تأثيراً في قدرة الفريق على القيام بعمله؛ إذ يعوق نقص الموارد قدرة الفريق على أداء عمله؛ لذلك من الضروري أن تدعم المؤسسات فريقها بالقدر المناسب من التمويل والأدوات اللازمة للقيام بالمهام. وقد خلصت مجموعة من الباحثين، بعد النظر في العديد من العوامل التي يُحتمَل أن تكون مرتبطة بأداء الفريق، إلى أنَّه: "ربما تكون إحدى أهم خصائص مجموعة العمل الفعَّالة هي الدعم الذي تتلقاه المجموعة من المنظمة". هذا الدعم، سواءً كان من الإدارة المباشرة أم المنظمة، يُحدِّد فعلاً ما إذا كان الفريق سينجح في تحقيق أهدافه أم لا.

1. 2. القيادة والبنية التنظيمية للفريق:

يجب أن يتفق أعضاء الفريق دائماً على العمل الذي يتعين القيام به، ومن يقوم به؛ لذا فإنَّ القيادة والبنية التنظيمية جزءان هامان من السياق. يجب أن يساهم أعضاء الفريق جميعاً على قدم المساواة في الإنجاز وأن يتقاسموا عبء العمل، ويجب عليهم تحديد الجداول الزمنية والمواعيد النهائية والمهارات التي يجب تطويرها من أجل تحقيق المهام. إضافة إلى تحديد كيفية الصراعات في الفريق، وكيف ستتخذ المجموعة القرارات. يتطلب الأمر الاتفاق على تفاصيل العمل وكيفية توافقها معاً لدمج المهارات الفردية في الفريق وهيكله.

يُعَدُّ وقود القائد محبذاً دائماً في الفِرق؛ غير أنَّه ليس شرطاً. وإذا فعلوا ذلك، فيجب أن يكون القادة حريصين على عدم إعاقة تقدم الفريق، أو تحميل الفريق عبء تحقيق أشياء تفوق قدراتهم.

1. 3. مناخ الثقة:

إذا كان هذا القائد جزءاً من الفريق، فيجب على الفريق إظهار الثقة بذلك القائد؛ هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يجب أن يثق الأعضاء بعضهم ببعض أيضاً؛ فلن يضيع وقت الفريق في مراقبة أداء بعضهم بعضاً إذا كانت الثقة موجودة؛ بل سيكونون أكثر رغبة في أخذ المبادرة وتحمُّل المخاطرة.

1. 4. سياسات تقييم الأداء والمكافآت:

كيف تجعل أعضاء الفريق مسؤولين عن النتائج بشكل فردي وجماعي؟

يجب أن يكون لدى الفريق نظام ثابت لكيفية تقييم أدائه ومكافأته؛ إذ تعمل أنظمة تقييم الأداء والمكافآت على إبقاء أعضاء الفريق مسؤولين بشكل فردي ومتبادل. لا تتوافق تقييمات الأداء الفردي وأنظمة المكافآت مع الفِرق عالية الأداء؛ لذلك تحتاج هذه الأنظمة إلى التركيز على تقدُّم الفريق أكثر من التركيز على المساهمة الفردية.

لذا، يجب تصميم نظام التقييم والمكافأة ليعكس أداء الفريق؛ إذ إنَّ تقييمات الأداء الفردي، والأجور الثابتة، والحوافز الفردية وما شابه ذلك، لا تتفق مع تطوير فِرق عالية الأداء؛ لذلك، بالإضافة إلى تقييم الموظفين ومكافأتهم على مساهماتهم الفردية، يجب النظر في التقييمات القائمة على المجموعة، ومشاركة الأرباح والمكاسب، وحوافز المجموعات الصغرى، وتعديلات النظام الأخرى التي من شأنها تعزيز جهد الفريق والالتزام.

إقرأ أيضاً: 4 قواعد لتوفير المرونة في العمل دون فقدان المساءلة

2. بنية الفريق (Composition):

الآن، بعد أن تعرفنا إلى الجو المحيط بالفريق والسياق الذي يعمل فيه، نحتاج إلى إلقاء نظرة على الأعضاء الذين يشكلون الفريق بالفعل، والتحدث عنهم من حيث أدوارهم وتنوعهم وحجم الفريق؛ إذ يجب على القائد مراعاة الآتي:

  • قدرات أعضاء الفريق.
  • شخصيات أعضاء الفريق.
  • الأدوار والمسؤوليات.
  • تنوع أعضاء الفريق.
  • حجم الفريق.
  • مرونة الفريق.

2. 1. قدرات أعضاء الفريق:

في حين أنَّنا قد تحدثنا سابقاً كيف أنَّ مجموع الفريق أكبر من أجزائه (يرجى الرجوع إلى مقالنا "لماذا فريق العمل مهم؟ أدلة وشواهد علمية")، فإنَّ تقييم قدرات أعضاء الفريق سيساعد القائد على تحديد ما يمكن أن ينجزه الفريق. ولكي ينجح الفريق، يجب أن تكون لديهم ثلاث مهارات مختلفة فيما بينهم:

  1. الخبرة الفنية.
  2. مهارات حل المشكلات.
  3. مهارات اتخاذ القرار.

مهارات الفريق

يُعَدُّ التوازن الجيد بين المهارات الثلاث أمراً حتمياً؛ إذ إنَّ طغيان عنصر واحد على الآخر سيقلل من أداء الفريق. ومن المفيد أيضاً أن يتمتع أعضاء الفريق بمهارات جيدة في التعامل مع الآخرين.

2. 2. شخصيات أعضاء الفريق:

إنَّ للشخصية تأثيراً كبيراً في سلوك الموظف الفردي، ويمكن أن يمتد هذا أيضاً إلى سلوك الفريق. تميل العديد من الدراسات إلى الأبعاد الشخصية الخمسة الرئيسة على وجه التحديد:

  1. الانفتاح مقابل التحفظ.
  2. الاجتهاد مقابل التلقائية.
  3. الانبساطية مقابل الانطواء.
  4. الاتفاق مقابل الخصومة.
  5. المزاجية مقابل الاستقرار العاطفي.

عندما يتعلق الأمر بشخصيات أعضاء الفريق، تؤدي الفِرق أداءً جيداً إذا كان مستوى السمات الخمس المذكورة آنفاً "أعلى من المتوسط". ومن المثير للاهتمام، أنَّ الدراسات أظهرت أنَّه من الأهمية بمكان أن يُحقِّق الأفراد ذوو الميول الإيجابية تجاه السمات المذكورة مستوىً "أعلى من المتوسط". على سبيل المثال، إنَّ وجود فرد واحد في الفريق يتمتع بالانفتاح مثلاً مقابل شخص يميل إلى التحفظ بشكل كبير قد يؤثر سلباً في أداء الفريق، في حين أنَّ وجود شخصين منفتحين بمستوى "أعلى من المتوسط" ​​سيعززان أداء الفريق.

2. 3. أدوار الفريق:

يجب اختيار أعضاء الفريق مع مراعاة ملء جميع الأدوار التي يجب تخصيصها؛ إذ إنَّ هناك نحو تسعة أدوار مختلفة مطلوبة في الفريق وفقاً لنظرية "بلبن"، وبينما يمكن للأعضاء ملء أكثر من واحد من هذه الأدوار، يجب مطابقة الأعضاء مع متطلبات دور الفريق.

أحد أشهر الأنظمة لتصنيف أدوار الفريق والتعرف إليها هو نظام ابتكره الدكتور "ميريديث بلبن" (Belbin Meredith)؛ إذ ابتكر هذا النظام عن طريق ملاحظة ومتابعة الدراسات التي عملها على مئات من الفِرق الصغرى في أثناء قيامها بمشاريع سهلة. وكنتيجة أساسية لبحثه، يقول الدكتور "بلبن": "إنَّ كل فرد في الفريق يتصرف بطريقة يمكن تصنيفها من ضمن 9 تصنيفات مختلفة". وبالإضافة إلى ذلك، وجد الدكتور أنَّ الموازنة بين تصنيفات الأدوار المختلفة لمختلف الأعضاء ستكون مؤثرة في نجاح أو فشل أداء الفريق.

في الجدول التالي توضيح للأدوار التسعة التابعة لتصنيف "بلبن"، بالإضافة إلى الخصائص التابعة لكل دور، وأيضاً نقاط الضعف التي من المحتمل أن توجد في الأشخاص الذين يقومون بهذا الدور:

توضيح للأدوار التسعة التابعة لتصنيف بلبن

إذاً، اكتشف الدكتور "ميريديث بلبن" أنَّ الناس يقومون بتسعة أدوار رئيسة قسمها إلى 3 فئات:

  • الفئة الأولى "المفكرون": وتضم هذه الفئة دور "المفكر" أو "الزارع" (plant)؛ وهو ذاك الذي يمتاز بخياله الواسع، وبالإبداع، وبمهارة توليد الأفكار؛ لذا تكون مقدرته على حل المشكلات المستعصية أكبر. وتضم هذه الفئة أيضاً "المراقب" (المُقيِّم)؛ وهو الرزين الذي يفكر بطريقة عقلانية واستراتيجية، ويحسن وزن الخيارات المطروحة أمامه لانتقاء الأفضل. والدور الثالث في هذه الفئة "الأخصائيون" الذين يعملون عادة بمفردهم ولديهم دأب عالٍ ويقدمون المعلومة الفنية الدقيقة لفريق العمل، مثل المحلل المالي.
  • الفئة الثانية "الاجتماعيون": ومن الأدوار التي تنضوي تحتها "العضو العامل"؛ وهو من يتحلى بالدبلوماسية في التعامل مع الآخرين، ويحسن الاستماع لهم، ويسعى إلى التنسيق مع زملائه بدلاً من الصدام. وهناك أيضاً "الباحثون عن المصادر"؛ وهم المتحمسون الذين يبنون علاقات ويبحثون عن الفرص المناسبة ولديهم مقدرة جيدة على التواصل. والدور الأخير هو "المنسق"، وهو شخص ناضج وواثق ويكتشف المواهب ويوضح الأهداف المرسومة ويحسن التفويض الفعَّال.
  • الفئة الثالثة والأخيرة "المنفذون": ومنها دور "المُشكِّل" المفعم بالحيوية الذي يحب التحدي ويعمل تحت الضغط ولديه الدافعية والشجاعة اللازمة لتخطِّي العوائق. وهناك "المُنفِّذ"؛ أي العملي الذي يمكن الوثوق به، وهو كفء ويحول الأفكار إلى خطوات عملية وينظم ما يتطلب إنجازه. والدور الأخير هو "المُنجِز"؛ أي من يعمل بضمير لإنهاء العمل المكلف به الفريق، ولديه شعور عالٍ بالمسؤولية والحاجة الملحة في البحث عن الأخطاء وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وهو يُعَدُّ من الأشخاص الشغوفين بإنجاز أعمالهم. يحتاج القادة إلى فهم نقاط القوة التي يحققها كل عضو في الفريق، ووضع هذه القوة في الحسبان عند اختيار أعضاءٍ للفريق.

2. 4. تنوع الفريق:

يؤدي تنوع الفريق أيضاً دوراً حاسماً في مدى إنتاجية الفريق ونجاحه. بالطبع، يجب أن يكون هناك تنوع في المهارات، ولكن إذا كان الفريق يضم أيضاً أعضاءً من مختلف الأعمار والتعليم والخلفية الوظيفية والخبرة، إضافة إلى التنوع في الفريق من ناحية الجنس (ذكور وإناث)، فإنَّ هذا يبشر بالخير. ومع ذلك، ضع في حسبانك أنَّ وجود فريق يضم أفراداً من ثقافات مختلفة في فريق واحد، لا يعني في كثير من الأحيان نجاحاً فورياً؛ لأنَّ أعضاء الفريق لديهم منحنى تعليمي أطول لفهم كيفية العمل مع بعضهم بعضاً.

2. 5. حجم الفريق:

أخيراً، يُحدِث حجم الفريق فرقاً في نجاح الفريق؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ الفريق يجب ألَّا يتكون من أكثر من عشرة أشخاص، وعلى النحو الأمثل، لا يزيد عدد أعضاء الفريق الضروريين للقيام بالعمل. عندما يكون لدى الفِرق أعضاء أكثر ممَّا يحتاجون إليه، فإنَّ التماسك والمساءلة المتبادلة يتأثران، ويمكن أن يتسلل التساهل الاجتماعي. لا يوجد حجمٌ نهائيٌّ معيَّن للفريق الصغير المثالي، ولكن ضع في حسبانك اتباع قاعدة البيتزا الثانية التي وضعها الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" "جيف بيزوس": "بغضِّ النظر عن حجم شركتك، يجب ألَّا تكون فِرق العمل أكبر ممَّا يمكن لقرصين من البيتزا أن تطعمهما".

بعيداً عن هذه الأشياء، يحتاج القادة إلى التفكير فيما إذا كان الأعضاء يريدون بالفعل أن يكونوا ضمن فريق؛ إذ إنَّ هناك العديد من الأفراد الذين يفضلون العمل الفردي بدلاً من المشاركة في فريق، وليس من المحتمل أن يقدم هؤلاء الموظفون أيَّ قيمة حقيقية في حالة وجودهم ضمن فريق عمل.

علاوةً على ذلك، يمكن للقائد النظر في مرونة الفرد، أو قدرته كعضو في الفريق على إكمال أكثر من نوع واحد من المهام؛ إذ إنَّ هؤلاء الأفراد، إذا كانوا على استعداد للمشاركة في الفريق، يُعَدُّون ذوي قيمة كبرى بالفعل.

من الضروري الانتباه إلى أنَّه عندما يُطلَب من الأشخاص الذين يفضلون العمل بمفردهم العمل ضمن فريق، فهناك تهديد مباشر لمعنويات الفريق ورضى الأعضاء الفرديين. يشير هذا إلى أنَّه عند اختيار أعضاء الفريق، يجب مراعاة التفضيلات الفردية بالإضافة إلى القدرات والشخصيات والمهارات. في المقابل، من المحتمل أيضاً أن تتكون الفِرق عالية الأداء من أشخاص يفضلون العمل كجزء من مجموعة.

2. 6. مرونة أعضاء الفريق:

إنَّ الفِرق المُشكَّلة من أفراد مرنين، تتكون من أعضاء يمكنهم إكمال مهام بعضهم بعضاً، وهذه إضافة واضحة إلى الفريق؛ لأنَّها تحسِّن تحسيناً كبيراً قدرته على التكيف، وتجعله أقل اعتماداً على عضو واحد فقط؛ لذا فإنَّ اختيار أعضاء يقدرون المرونة ويمثلونها، ثم تدريبهم ليتمكنوا من أداء وظائف بعضهم بعضاً، من شأنه أن يؤدي إلى أداء فريق أعلى مع مرور الوقت.

إقرأ أيضاً: تعزيز الإبداع والابتكار في فريق عملك

3. تنظيم عمل الفريق (Process):

أخيراً، لبناء فريق فعَّال، يجب علينا النظر في تنظيم عمل الفريق؛ ويُقصَد بذلك النظر إلى الطريقة التي يعمل بها الفريق، وما تتضمنه من أشياء مثل:

  • هدف مشترك.
  • أهداف محددة وذكية.
  • فاعلية الفريق.
  • إدارة الصراعات والاختلافات.
  • تقنين الجوانب الاجتماعية.

3. 1. هدف مشترك:

يوفر وجود هدف مشترك التوجيه، ويدفع التزام أعضاء الفريق؛ لذا تبذل الفِرق المُقدَّر لها أن تكون ناجحة الكثير من الجهد لتحديد هدفها المشترك -تحديده ومناقشته والاتفاق عليه- حتى يتمكنوا من استعماله كمبدأ توجيهي لهم. ووفقاً لذلك، يجب أن يدعم أيُّ نشاط يقوم به الفريق الهدف المشترك الذي تم الاتفاق عليه.

3. 2. أهداف محددة وذكية:

يجب على الفريق ترجمة هدفهم المشترك إلى أهداف أصغر وأكثر ذكاءً، أهداف محددة قابلة للتحقيق وقابلة للقياس (SMART Objectives) ؛ إذ تساعد هذه الأهداف الفريق على التركيز في النتائج التي يعملون على تحقيقها. وتماماً كما هو الحال مع الأهداف الفردية، يجب أن تكون أهداف الفريق صعبة، ولكنَّها قابلة للتحقيق حتى تكون محفزة وتتطلب بذل جهود إضافية.

3. 3. فاعلية الفريق:

يجب أن تشعر الفِرق وكأنَّها تنجز شيئاً ما، وفي معظم الأوقات، يجب أن تؤمن حقاً بأنَّها ستحقق النتائج. يسمى هذا المفهوم فاعلية الفريق؛ إذ إنَّ النجاح يولد النجاح، والفِرق التي كانت ناجحة في الماضي ترغب في المزيد من النجاح نفسه لمشاريعها المستقبلية. يمكن للإدارة أن تساعد في فاعلية الفريق من خلال تشكيل الفريق لتحقيق نجاحات صغرى على طول الطريق إلى أهدافهم الأكبر، وتوفير التدريب لضمان أنَّ أعضاء الفريق يُنمُّون مهاراتهم باستمرار. هذا الوقود من الإنجازات الصغرى يجب ألَّا يتوقف، وهو ما يلهب مشاعر الفريق ويدفعه إلى المزيد من العمل والبذل.

3. 4. إدارة الصراعات والاختلافات:

وفقاً لكتاب (ممارسات قوية لفرق عمل قوية) يمكننا تقسيم الصراعات في الفريق إلى ثلاثة مستويات:

أنواع الصراع

المسببات

الخصائص السلوكية

صراع وجداني / عاطفي

ينتج عن مشاعر معيَّنة أو عدم ثبات في العلاقات الشخصية.

الغضب والتباعد والانسحاب والنفور والقلق والرغبة في الانتقام والثأر.

صراع تنفيذي

ينتج عن الاختلاف في منهجية العمل، والتمسك بالطرائق التقليدية في العمل.

التمسك بأداء العمليات بطريقة تقليدية، والخوف من التغيير والمجازفة.

صراع مهام

ينتج عن ماهية المهام المطلوب إنجازها، وتفاوت نسبة الوعي والإدراك بين أعضاء الفريق.

التفكير في أفضل الطرائق والاستراتيجيات التي تسير بالعمل إلى الأمام (مناقشات تتناول الحقائق ومدى إدراكنا لها).

يمكن أن يكون الصراع صحياً للفِرق عندما يكون تنفيذياً أو حول المهام، وخاصةً إذا تمَّت المناقشات في جو صحي. بينما يكون مضراً للفريق عندما يكون قائماً على العواطف والعلاقات الشخصية وتضارب علاقات أعضاء الفريق الذين لا يتفقون، ويُظهِرون عدم التوافق علناً. وهذا الصراع غالباً ما يكون على حساب نجاح الفريق.

3. 5. تقنين الجوانب الاجتماعية:

أخيراً، يقلل الفريق الناجح من الجوانب الاجتماعية ويحاول إدارتها بحيث لا تطغى على إنتاجية الفريق. يتفهم أعضاء الفريق آثار غلبة الجوانب الاجتماعية، ويحمِّلون أنفسهم مسؤولية المحافظة على مستوى معيَّن من الإنتاجية. تجعل الفِرق الناجحة الأعضاء مسؤولين بشكل فردي ومتبادل عن أهداف الفريق، ويكون أعضاء هذه الفِرق واضحين بشأن تلك التوقعات من حيث الحفاظ على الإنتاجية وتحقيق أهداف الفريق.

من الشائع أن يتمكن بعض الأفراد من الاختباء داخل مجموعة، وتغليب الجوانب الاجتماعية على حساب إنتاجية الفريق؛ إذ إنَّ مساهماته الفردية الضئيلة تكاد تندثر في خضم جهود الفريق، ومن ثمَّ لا يمكن تحديدها. تعمل الفِرق الفعَّالة على تقويض هذا الاتجاه من خلال تحميل نفسها المسؤولية على المستوى الفردي والجماعي.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تمكن الفرق المرنة من العمل بذكاء وإحراز الإنجازات

4. تصميم بيئة العمل (Work Design):

تحتاج الفِرق الفعَّالة إلى العمل معاً وتحمُّل المسؤولية الجماعية لإكمال المهام الهامة؛ فيجب أن يكونوا أكثر من مجرد فريق بالاسم وحسب. وعلى الرغم من أهمية العوامل السابقة، إلا أنَّ تصميم بيئة العمل هو من يقود الإنتاجية ويحقق الكفاءة والفاعلية.

تتضمن فئة تصميم العمل المتغيرات الآتية:

  • الحرية والاستقلالية.
  • استثمار المهارات والمواهب.
  • القدرة على إنجاز المهام.
  • تحديد الأولويات.

تُشير الأدلة إلى أنَّ هذه الخصائص تعزز دافع الأعضاء وتزيد من فاعليتهم.

4. 1. الحرية والاستقلالية:

ونقصد بها أن تكون للأعضاء حرية تنفيذ المهام بالطريقة التي يرونها مناسبةً لهم، ومتوافقةً مع مهاراتهم وخبراتهم، مع مراعاة ثقافة المؤسسة التي ينتمون إليها، وبالتفاهم مع أعضاء الفريق. وكذلك أن تكون للفريق الحرية في تنفيذ المهام بشكل يناسب ظروفهم وإمكاناتهم بحيث لا يؤثر سلباً في المؤسسة. إجمالاً، تحديد المهام المطلوبة من الفريق مع ترك الحرية لاختيار الوسيلة المناسبة.

4. 2. استثمار المهارات والمواهب:

كم هو جميل أن يتشكل الفريق من أعضاء مختلفين في مواهبهم وقدراتهم وحتى خلفياتهم الثقافية والفكرية والتعليمية. هذه المواهب تكمل بعضها بعضاً وتضفي رونقاً خاصاً على الفريق من حيث التنوع والإثراء. تذكَّر أيُّها القائد، نحن البشر مختلفون في مشاربنا وتوجهاتنا، ولكن يمكن أن يكون الاختلاف هو سر النجاح.

4. 3. القدرة على إنجاز المهام:

لا يمكن للفريق أن يحقق أهدافه إن لم تكن المهام والمسؤوليات واضحة؛ إذ إنَّها خطوة أولى في الطريق الصحيح. ويضاف إلى ذلك، قدرة أعضاء الفريق على الإنجاز وتنفيذ المهام بفاعلية، فهي خطوة أخرى في الطريق الصحيح. نحن نتطلع في الفِرق عالية الأداء إلى الدقة والجودة؛ ذلك لأنَّ الفريق العادي قد يُنجِز، لكنَّ ما نطمح إليه هو الإنجاز غير العادي، الذي يتردد صداه في أروقة المؤسسة ويرتقي بسمعتها.

4. 4. تحديد الأولويات:

عندما تتراكم الأولويات والمهام، يدرك الفريق أولويات العمل لديه؛ فليست كل المهام متماثلة وتلقى الاهتمام نفسه. فقد تكون لدى القيادة العليا أجندتها، وتتطلع إلى أنَّ الفريق لديه الوعي الكافي لإعطاء الأهمية للمهام الأكثر إلحاحاً (العاجلة والهامة)، التي يجب أن تتصدر المهام وتُنجَز في الوقت المحدد. إنَّ هذا الوعي يقود إلى فريق يستطيع تغليب مصلحة العام على الخاص، ويضعه في قلب النضج والأداء العالي.

أخيراً أيُّها القائد، في فِرق العمل عالية الأداء، المعاملة الحسنة تسير جنباً إلى جنب مع المساءلة.

تُعَدُّ معاملة أعضاء الفريق باحترام جزءاً من طريق ذي اتجاهين للمساعدة في تعزيز العمل الجماعي؛ ففي الوقت الذي يجب أن يسود الاحترام في الفريق، يحتاج القادة أيضاً إلى مساءلة كل فرد في الفريق عن عمله ودوره. في الواقع، إنَّها وصفة نجاح سهلة ومباشرة، يمكن للقادة تقديمها إلى موظفيهم: "سأعاملك جيداً، لكنَّنا أيضاً سنكون واضحين بشأن العمل الذي يُتوقَّع أن تُساهم فيه".

في العديد من الشركات العالمية، تتم مناقشة ثقافة المساءلة بشكل صريح. يؤكد "ستيف ستاوت" (Steve Stoute) الرئيس التنفيذي لشركة (Translation LLC): "إنَّني أُحمِّل الأشخاص المسؤولية عن كل ما يخرج من أفواههم؛ لا تقل إنَّك ستفعل شيئاً ما ولا تفعله؛ لأنَّه في شركة بهذا الحجم، يكون الجميع مسؤولين بشكل مباشر عن الشخص المجاور لهم".

المراجع: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة