تُعرِّف الحكومات التنوع أنَّه مجال مؤلف من نقاط التشابه والاختلاف التي يجلبها كل فرد معه إلى مكان العمل، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الأصل القومي، واللغة، والعِرق، واللون، والإعاقة، والجنس، والعمر، والدين، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والحالة السياسية، والبنية الأسرية، وفي كثير من الأحيان، نرى ذلك مترافقاً مع تعيين امرأة واحدة أو فئة واحدة من الأقليات في مجلس الإدارة،
فهل يعبِّر ذلك حقاً عن الذروة التي يمكن أن يصل إليها التنوع في بنية الشركة؟ وماذا بشأن باقي القوى العاملة؟ وهل التنوع في الحقيقة هو مجرد مسألة توزيع حصص؟
يُثري التنوع الحقيقي الشركة، لكنَّه يجب أن يُؤخَذ على محمل الجد، وأن يُعزَّز من أكبر مكتب في الشركة إلى أصغر مكتب فيها إذا كانت هناك نيَّة حقيقية لبلوغه، وبعد كل ما سبق، إلى أي مدىً تتسم شركتك بالتنوع؟ وماذا لو اقتصر التنوع على المستويات الدنيا من الشركة فقط، بينما كانت الإدارة العليا تشبه إلى حد كبير نوادي الرجال في القرن التاسع عشر باستثناء ارتداء الملابس الفلكلورية؟ سنبيِّن في هذا المقال طرائق يمكن للشركات اتباعها لتحقيق التنوع وتأسيس شركة أكثر نجاحاً:
1. يحتاج فتح باب التوظيف إلى عقول منفتحة:
من المؤسف أنَّ تعريف الحكومات للتنوع - والذي هو رائع حقاً - غالباً ما يقتصر على توظيف قلة من ممثلي أطياف المجتمع كنوع من الإثبات الشكلي على وجود التنوع، وهو ليس بمستوى التنوع الذي نرغب في تطويره، ولكن لإنشاء فريق متنوع حقاً دون الاقتصار على توظيف عدد معيَّن من الأقليات والنساء، يجب أن تتمتع بعقل منفتح وأن تكون مستعداً لرؤية التنوع من زوايا أكثر تعقيداً.
على سبيل المثال: الأفراد الذين ينتمون إلى دول الشرق ينظرون إلى الفرص على نحوٍ مختلف عمن نشأ في منزل أمريكي مريح من الطبقة العليا أو المتوسطة، أو في منزل ثري حيث يتربى الأفراد على عقلية المديرين التنفيذيين، فعند تشكيل فريق، من الجيد الحفاظ على وجود الأشخاص الذين أُعِدُّوا ليشغلوا مراكز على مستوى الإدارة التنفيذية، ولكن من الضروري كذلك تعيين أشخاص ينتمون إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة، ويعكسون أنماط حياة وقِيم وثقافات متباينة، الأمر الذي من شأنه إغناء بنية الشركة.
من أجل أن تعمل هذه الفِرق المتنوعة عملاً جيداً وتتمكن من توظيف إمكاناتها كاملةً، تحتاج القيادة إلى تبنِّي عقل متفتح يمكنها من خلاله إيجاد حلول جيدة عند نشوب نزاعات نتيجة تضارب الأفكار؛ إذ يجب أن يكون الناس على استعداد لتبنِّي أفكار جديدة أو التوصل إلى حلول مشتركة بناءً على مساهمات القوى العاملة المتنوعة لديهم.
2. أخذ الفئات العمرية كافةً بالحسبان:
يُعَدُّ العمر جانباً هاماً من جوانب تنوع الشركة، وهو ما نتجاهله أحياناً عندما نركز فقط على عاملَي التجربة والخبرة، فإنَّ هناك قيمة حقيقية في جلب الموظفين الشباب كي يعملوا جنباً إلى جنب مع الأعضاء الأكبر سناً، وربما ليس على مستوى مجلس الإدارة؛ حيث إنَّ الخبرة أمر لا يمكن التغاضي عنه عند ذلك المستوى، ولكن بالتأكيد في المجالات الأخرى الهامة في الشركة.
لنأخذ التسويق على سبيل المثال، في الوقت الحالي نعلم أنَّ أفراد الجيل إكس هم من كبار المستثمرين، إلا أنَّه يمكننا أن نلاحظ بسهولة أنَّ جيل الألفية والجيل زد - مَن هم في سن المراهقة أو أوائل العشرينيات - يتقدمون في المراتب التي يشغلونها، فهل نفكر بالطريقة الأفضل للترويج لهؤلاء العملاء والزبائن؟ نحن بحاجة إلى موظفين شباب لنلج عالم أصحاب التأثير على موقع "تيك توك" ونحدد التوجهات السائدة حالياً ومستقبلاً على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذلك نحتاج إلى تمثيلهم الذي هو على درجة عالية من الأهمية بالنسبة إلى مستقبل الشركة ونجاحها الحالي ووسيلة لتوظيف التنوع.
3. عدم تجاهل الخلفية والتربية:
عند التوظيف، تركز العديد من الشركات على طرح مجموعة من الأسئلة ولا تتعمق في معرفة النواحي الشخصية، إلا أنَّه في الواقع، قد يكون التعامل مع الأمور الشخصية أمراً صعباً وغير لائق بالنسبة إلى بعض مواقف مقابلات العمل، ومع ذلك، عند مقابلتنا مرشحاً على مستوىً رفيع من الأخلاق، فقد يكون مناسباً لتحقيق التنوع.
يمكن لأي شخص يتمتع بآراء دينية مختلفة أو لشخص نشأ ضمن ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافة باقي أعضاء الفريق، أن يضيف فيضاً من المساهمات إلى القسم الذي يعمل به، ببساطة، ترشدنا مبادئ التنوع إلى الامتناع عن التمييز بين الناس، الأمر الذي من شأنه أن يدفعنا إلى البحث عن المواهب الكامنة في أماكن جديدة وحديثة، لإنشاء فريق يعكس التباين الحقيقي بين الناس.
4. التركيز على الأساس (مجلس الإدارة):
سبق وأن تحدَّثنا عن مجلس الإدارة وكيف أنَّ العديد من الشركات تستمر في تحقيق التنوع في الحصص بالحد الأدنى له، وإنَّ مجلس الإدارة هو أساس الشركة، الذي من خلاله يمكن التركيز على التنوع والشمول؛ ذلك لأنَّ من شأنه تحديد أسلوب عمل الشركة، كما يبيِّن للقوى العاملة بأنَّ لديهم مجلساً يمثلهم ويعكس قِيم تنوُّع الشركة، فعندما يتسم مجلس الإدارة بالتنوع، يكون من السهل على بقية أقسام الشركة أن تحذو حذوه غالباً ولا سيَّما في ظل جو يتخلله التنوع الذي لا بُدَّ من انتقاله من قسم لآخر.
شاهد بالفيديو: كيف تصبح مديراً ناجحاً؟
5. المقابلات وتقييم الشخصيات:
أخيراً أود الإشارة إلى ضرورة الانتباه إلى الشخصية عند إجراء المقابلات، بالتأكيد يختلف كل شخص عن الآخر، ولكنَّ هناك شخصيات قادرة على التطور في ظل بيئة يسودها التنوع، وهناك شخصيات قد لا تكون مناسبةً تماماً لمناخ العمل أو طبيعته.
لا بأس بذلك، إلا أنَّ تعيين موظفين جدد وضمَّهم إلى الشركة يكلِّف الكثير من المال، فبعد قيامك بهذا الاستثمار ستأمل أن يستمروا في العمل والتطور معك.
إنَّه لمن الرائع أن تقابل أشخاصاً منفتحين يتبنون قِيم التنوع والشمول ويتوقون إلى العمل في شركتك ليس فقط بغية الحصول على راتب في نهاية كل شهر، ولكي يحققوا التطور في بيئة العمل لا بُدَّ من كونهم متحمسين لما هو أكثر من الراتب والمسمى الوظيفي؛ حيث يمكن أن تجلب الشخصيات المختلفة مزيجاً مثيراً للمناقشات؛ لذلك عند تشكيل الفِرق، غالباً ما تُجرى المقابلات مع أخذ الشخصية بالحسبان، فهل في إمكان هذا الشخص أن يكون قائداً؟ وهل هذا الشخص متعاون بالفطرة؟ لا نريد فريقاً كاملاً من المنفتحين فقط أو الانطوائيين فقط؛ بل نريد مزيجاً من شأنه تحقيق توازن رائع يتولد عنه نتائج ديناميكية حقاً.
من الضروري أن يعرف القادة أنَّ التنوع هدف لا بُدَّ أن تسعى الشركات كافةً إلى تحقيقه، ليس فقط عند المراجعة السنوية لسياسة الشركة؛ بل من خلال العناية المستمرة به، وإلا سيصيب فريق عملك الحالي حالةً من الركود، ومن الممكن لهذه الخطوات أن تساعدك على رعاية مجلس الإدارة والقوى العاملة المختلفة، إلا أنَّ من الضروري ممارستها ممارسةً روتينيةً، فعندما تطبق ذلك ستجد أنَّ التنوع ليس مجرد كلمات تتبجح بها على موقع شركتك الإلكتروني، إنَّما هو قيمة تعيش في هويتها وفيما تفعله يومياً.
أضف تعليقاً