أسباب التعرُّق الزائد تحت الإبط

يُعَدُّ جسم الإنسان ذا بنيةٍ معقَّدة؛ إذ تعمل الخلايا المكوِّنة لأجزائه معاً للقيام بوظائف من شأنها الحفاظ على نظام الجسم ضمن نطاق التوازن، فقد كرَّمنا الله عز وجل وأحسن خلقه بأن جعل لكلِّ جزء من الجسم دوره في أداء وظيفة معينة، وقد توصَّل العلماء والأطباء إلى أجهزة متنوعة في الجسم تعمل معاً في آنٍ واحد، وعند إصابة أحد هذه الأجهزة تعمل الأعضاء الأخرى لتقوية جهاز المناعة الدفاعي.



ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف إلى واحدة من وظائف الجسم، وهي ظاهرة التعرُّق التي تعمل على طرح مجموعة من المواد والسموم الزائدة في الجسم؛ إذ يعاني معظم الأشخاص من رطوبة اليدين، والتعرُّق الشديد تحت الإبطين لأسباب متعددة، قد تكون طبيعية وقد تكون غير طبيعية؛ لذا سوف نحدِّد هنا أسباب التعرُّق، وطرائق علاجه، وإذا كان التعرُّق مَرَضياً، وسنقدم بعض النصائح التي تفيد في التعامل مع هذه الوظيفة الحيوية.

ما هو التعرُّق؟

التعرُّق من الوظائف الحيوية الفزيولوجية الطبيعية في الجسم، له أهمية كبيرة في تسيير وظائف الجسم نحو التوازن، فنجد أنَّ لهذه العملية الحيوية مهمة معروفة في تنظيم درجة حرارة الجسم، من خلال الغدد العرقية الموزعة في الجسم؛ إذ تفرز محلول مكون من ملح الطعام، وكلوريد الصوديوم، ومركب يدعى البولينا، فكل منَّا يستطيع أن يلاحظ أنَّ جسمه يفقد العرق من عدة أماكن بعد إفراز الغدد له، من تحت الإبطين، والقدمين، واليدين، والوجه، وتمتد أماكن طرح العرق إلى كافة أنحاء الجسم حسب الجهود التي يبذلها الفرد.

الإفرازات التي تحدث في جسم الإنسان بعضها غير مرئي يمكن طرحه على صورة بخار الماء، وبعضها الآخر مرئي وهو الذي يمكن ملاحظته عبر الجلد، ويمكن أن يكون له تأثير واضح في الحالة الاجتماعية، وقد يسبِّب الإحراج في كثير من المواقف، وقد يعوق الفرد من القيام ببعض الأعمال، أو حتى يمنعه من ارتداء بعض أنواع الملابس.

أسباب التعرُّق الزائد تحت الإبط:

هل حصل وتعرضت لمواقف محرجة ناتجة عن فرط التعرُّق الزائد تحت الإبط؟ لقد وجد الأطباء أسباب كثيرة قد تؤدي إلى فرط التعرُّق تحت الإبط لدرجة تسبِّب الإحراج وشعوراً مزعجاً لبعض الأشخاص، ولقد تزايدت الدراسات لمعرفة الأسباب الكامنة وراء هذه العملية الحيوية، وتم التأكيد على أنَّها مرتبطة بنوع التعرُّق الذي يحدث، فقد يكون سببه حالة طبيعية، وربما حالة مرضية، ومن بين أهم تلك الأسباب:

1. أسباب فرط التعرُّق الأولي:

تنشط هنا الغدد العرقية بوصفها نتيجةً طبيعيةً مرتبطةً بارتفاع درجة حرارة الجسم، أو الشعور بالتوتر العاطفي، أو تغيُّر في هرمونات الجسم، ورجَّح بعض الأطباء أنَّ السبب قد يكون وراثياً.

2. أسباب فرط التعرُّق الثانوي:

يرتبط التعرُّق بحالة مرضية موجودة في جسم الإنسان، ومن أهم الحالات:

مرض السكري:

يسبِّب مرض السكري زيادة في إفراز غدد التعرُّق، وقد صُنِّف التعرُّق لدى مصابي السكري ضمن التعرُّق المفرط، والتعرُّق التذوقي، والتعرُّق الليلي، وتختلف أساليب العلاج باختلاف السبب، وعادة ما يكون دوائياً، أو من خلال إجراء جراحة لاستئصال الغدة العرقية، أو تغيرات في نمط الحياة.

شاهد بالفيديو: 8 معلومات طبية عن مرض السكري

فرط نشاط الغدة العرقية:

تنشط الغدد العرقية بازدياد النشاط الجسدي للإنسان، كالقيام بالتمرينات الرياضية، أو العمل المجهد، فقد يكون الإنسان يمتهن بعض المهن التي تحتاج إلى جهد كبير، ومن ثمَّ يزداد تعرُّقه، وبالنسبة إلى المرأة يزداد التعرُّق خلال فترة انقطاع الطمث؛ إذ يعدُّ أحد الأسباب الرئيسة لنشاط الغدة العرقية ليلاً، كما قد تنشط الغدد العرقية فجأة في الحالات الدفاعية للجسم، وفي الأغلب تكون كل تلك الأنواع من التعرُّق عند الإبطين.

مرض النقرس:

من أهم الأعراض الجانبية لمرض النقرس التعرُّق الشديد الذي يُطرح عبر الجلد، وبالأخص منطقة الإبطين، واليدين، والقدمين، والناتج عن زيادة بعض المواد المُحرِّضة على نشاط الغدد العرقية.

البدانة أو السمنة:

نتيجة تراكم الشحوم والدهون في جسم الإنسان ترتفع درجة حرارته، فهنا يحتاج الجسم إلى تعديل هذه الحرارة، فيلجأ إلى الغدد العرقية التي يزداد نشاطها، فتفرز الغدد العرقية العرق اللازم لتبريده، ويتَّضح ذلك تحت الإبطين ومناطق أخرى من الجسم.

سرطان الغدد اللمفاوية:

هو مرض يُحدث تورُّماً غير مؤلم في العقد اللمفية في العنق، أو الإبطين، أو المنطقة الأريبة، مُسبِّباً الحمى والتعرُّق الليلي وضيق التنفس، وتتمركز منطقة التعرُّق مكان تورم العقد في العنق أو الإبطين.

القلق:

أكَّد الأطباء أنَّنا عندما نشعر بالقلق والتوتر، تبدأ الغدد العرقية الأكبر حجماً الموجودة في منطقة الإبط، بإفراز العرق؛ لذا عُدَّ القلق أحد أسباب التعرُّق الزائد تحت الإبط.

إقرأ أيضاً: 10 عادات صباحية لتخفيف القلق والتوتر

الفشل الرئوي:

يحدث هنا التهاب رئوي يسبِّب نوعاً من ارتفاع الحرارة، مع التعرُّق الشديد، والسعال، فالرئة غير قادرة على إدارة وظيفتها.

تعاطي الكحول أو المخدرات ومضادات الاكتئاب:

يؤدي ذلك إلى تقلُّب الصحة العامة، وتحفيز نوبات التعرُّق الشديد.

إضافة إلى الأسباب السابقة ثمَّة أسباب أخرى، مثل: مرض الشلل الرعاشي، وأمراض القلب، والحمل، وبعض أنواع العدوى.

هل لزيادة التعرُّق تأثير في شخصية الفرد وظهوره في المجتمع؟

ثمَّة تأثير كبير، فقد يضطر الشخص نتيجة تجمُّع العرق تحت الإبط إلى تغيير ملابسه أكثر من مرة، وقد يكون في مكان عام ولا يتسنَّى له القيام بذلك فوراً، ومن المحتمل أن يكون التعرُّق سبباً في حدوث الحكة وبعض أنواع الالتهابات، إضافة إلى ظهور رائحة للجسم ناتجة عن الاختلاط بين البكتريا وجزئيات العرق، والأكثر إحراجاً هو تغيُّر لون المنطقة شديدة التعرُّق، أو ظهور التشققات فيها.

طرائق للتعامل مع مشكلة التعرُّق الزائد تحت الإبط؟

1. الاستحمام والمحافظة على النظافة الشخصية:

يجب الاستحمام يومياً إن كنت من الأفراد الذين يعانون من فرط التعرُّق، كما يجب السماح للجسم بالبرودة بعد الاستحمام وقبل ارتداء الملابس، أمَّا بالنسبة إلى أوقات الاستحمام المناسبة، فيرى الخبراء أنَّ أفضل أوقات الاستحمام هو عند الاستيقاظ من النوم في الصباح.

2. استخدام مضاد التعرُّق أو مانع للتعرق:

من فوائد مانع التعرُّق أنَّه يقضي على البكتريا التي تختلط مع العرق مسببة الرائحة الكريهة، كما يساعد على التخفيف من إفرازات العرق تحت الإبط، لكن يجب الحذر من الإسراف في استخدام مزيلات التعرُّق؛ إذ يرى الخبراء أنَّها سبب مباشر في الإصابة بسرطان الثدي، وربما تعزِّز من تطور مرض ألزهايمر.

3. التقليل من تناول الأطعمة التي قد تكون سبباً في التعرُّق:

مثل الثوم، والبصل، والأطعمة المصنَّعة، إضافة إلى الامتناع عن شرب الكحول والمخدرات.

4. الماء:

الإكثار من شرب الماء، والإكثار من المواد الغذائية التي تحتوي على الفواكه والخضار، ويجب التقليل من السكريات، والتوابل الحارة، والأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، فالماء يساعد الجسم على الاحتفاظ ببرودته، وهذه البرودة تقلِّل من إفرازات الغدد العرقية.

5. التدخين:

يزيد التدخين من درجة حرارة الجسم، ومن ثمَّ زيادة عمل الغدد العرقية؛ لذلك يجب الإقلاع عن التدخين.

من الحلول الممكنة لتجنب مشكلة الإحراج وتخفيف التعرُّق ارتداء الملابس الفضفاضة، والحرص على تغيير الملابس الداخلية، وارتداء الملابس القطنية.

إقرأ أيضاً: 5 أعراض مؤقتة يُعاني منها الإنسان عندما يُقلع عن التدخين

6. حلق شعر الإبط:

إزالة الشعر تقلِّل من رائحة الجسم الكريهة، كما تتيح إزالته امتصاص الجلد للمنظفات والصابون جيداً، فشعر الإبط يحبس رائحة الجسم ورطوبته بداخله، وهذا يؤدي إلى ظهور الرائحة الكريهة والتي تسبب الحرج للفرد، لا سيما عند وجوده في المناطق العامة والمزدحمة.

7. الابتعاد عن وضع العطور ذي الروائح القوية:

تتراجع فاعلية مزيل التعرُّق خلال ساعات النهار بسبب حرارة الجسم؛ لذا إنَّ اختيار الروائح العطرية القوية، قد تتفاعل مع العرق، وتسبِّب رائحة كريهة.

8. ممارسة التمرينات الرياضية:

ممارسة الرياضة بانتظام تجعل الجسم في حالة من الانتظام والتوازن، ومن ذلك انتظام في إفراز العرق.

شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

9. البوتوكس:

من اكتشافات العصر الحديث في علاج مشكلة التعرُّق الزائد تحت الإبط هو حقن البوتوكس؛ إذ يمثِّل حلاً ممتازاً، وهو أكثر الحلول فاعلية في حل مشكلة التعرُّق الزائد تحت الإبطين.

10. زيارة الطبيب الخاص:

إذا جرَّبت الحلول السابقة، ولم تحصل على النتيجة التي تريد، يجب عليك مراجعة طبيبك الخاص لمعرفة الأسباب وراء هذا التعرُّق، وتلقِّي العلاج الطبي الصحيح.

في الختام:

لقد أثبت الأطباء على الرَّغم من السلبيات الكثيرة التي ترافق خروج العرق من الجسم أنَّ له فوائد عديدة، فهو صحي إن كان تعرقاً طبيعياً؛ إذ يسهم في: التخلص من السموم والمعادن الثقيلة المتراكمة في الجسم، ويقوي مناعة جسم الإنسان، وينقِّي البشرة، ويقلِّل من أعراض الاكتئاب، وغير ذلك من الفوائد، لكن على الرغم من هذه الفوائد، فهو أمر غير مُحبَّذ في المجتمع، وقد يكون مدعاة للاشمئزاز عند فئة من البشر؛ لذلك يمكن للفرد اللجوء إلى إحدى الطرائق السابقة في علاج التعرُّق، كما يجب ألا ننسى ضرورة مراجعة الطبيب الخاص عندما لا تُجدي تلك العلاجات مع الفرد.




مقالات مرتبطة