9 عادات يومية يمارسها الأشخاص الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السن
1. ممارسة النشاطات الإبداعية
إحدى أكثر الصفات المميزة لأولئك الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ هي ممارسة النشاطات الإبداعية، وهي ليست حكراً على من يُعدُّون تقليدياً مبدعين؛ بل عادة يمكن لأي شخص أن ينميها، فلا يقتصر الإبداع على رسم لوحات فنية رائعة أو تأليف سيمفونيات فحسب؛ بل يتعلق أيضاً بإيجاد حلول فريدة للتحديات اليومية، واتخاذ قرارات غير مألوفة، أو حتى إعمال الخيال.
انظرْ إلى الألغاز اليومية في الصحف لتجد أنَّها ليست للتسلية، وإنَّما هي في الواقع تمرين إبداعي، وتدفعنا هذه الألغاز إلى التفكير خارج المألوف، وربط نقاط تبدو غير مرتبطة، والخروج بحل منطقي، ويحافظ التفكير الإبداعي على نباهتنا وقدرتنا على التكيف، ويساعدنا على مواجهة تحديات جديدة وتعلُّم أشياء جديدة، وهي أمور ضرورية للحفاظ على قوتنا العقلية، وتذكَّر، لا يعني الإبداع أن تكون الأفضل؛ بل أن تستعمل عقلك بطرائق جديدة ومحفِّزة بانتظام من خلال حل المشكلات أو النشاطات الفنية أو حتى مجرد التخيُّل.
2. ممارسة اليقظة الذهنية
العادة الرئيسة الأخرى التي تدعم الحيوية العقلية هي اليقظة الذهنية، وتعني اليقظة الذهنية أن نكون حاضرين ومندمجين اندماجاً كاملاً مع كل ما نقوم به في اللحظة الحالية، دون إطلاق الأحكام أو التشتيت، ويتعلق الأمر بتدريب عقولنا على التركيز في التجربة الحالية، بدلاً من الاستغراق في الماضي أو القلق بشأن المستقبل، ويعدُّ هذا التدريب العقلي أداة قوية لصحة الدماغ.
أظهرت الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يمارسون اليقظة الذهنية لديهم زيادة في المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة والشعور بالذات وتنظيم العاطفة، إضافةً إلى ذلك، تجعلنا اليقظة الذهنية أكثر وعياً بذواتنا، وهذا يمكِّننا من اكتشاف ومواجهة المعتقدات المُقيِّدة التي تعوقنا، فهي تمهِّد الطريق للنمو الشخصي والمرونة الضروريين للحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ.
من مناقب اليقظة الذهنية إمكانية ممارستها في أي وقت وفي أي مكان، سواء كنت تغسل الأطباق، أم تتمشى، أم تجلس في اجتماع، يمكنك تنمية اليقظة الذهنية ببساطة عن طريق التركيز في اللحظة الحالية.
إذاً، تعني اليقظة الذهنية قبول التجربة الحالية سواء كانت ممتعة أم غير سارة كما هي، دون التشبُّث بها أو رفضها.
3. إعطاء الأولوية للنمو الشخصي
الأشخاص الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ هم عادة أولئك الذين يعطون الأولوية للنمو الشخصي، إنَّهم يعلمون أنَّ التطوير الشخصي لا يحدث تلقائياً، إنَّه اختيار واعٍ يتطلب جهداً واهتماماً متواصلَين، فلا يعني النمو الشخصي السعي إلى الكمال أو إصلاح الذات؛ بل يعني بدء مسيرة اكتشاف الذات وإدراك نقاط قوتنا وضعفنا ومعتقداتنا وقيمنا.
يتعلق الأمر بتحدي الأنماط القديمة والحد من المعتقدات المُقيدة، والانفتاح على آفاق جديدة وفرص متنوعة، وغالباً ما يأتي النمو الشخصي مصحوباً بالتحديات وشعور بعدم الراحة، لكنَّ هذه العناصر ضرورية في العملية، فهي فرص للتعلم والتكيف والتطور.
4. تعزيز العلاقات الحقيقية
لا يتعلق الحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ بالعادات الفردية والممارسات الشخصية فحسب؛ بل يتعلق أيضاً بعلاقاتنا ومعاملاتنا مع الآخرين، فالعلاقات الحقيقية جزء أساسي من صحتنا العقلية والعاطفية، فهي توفِّر لنا الدعم العاطفي وتحثُّنا على النمو، وتمنحنا فرصاً لممارسة التعاطف والرحمة والتعاون، وتجلب الفرح والمعنى والشعور بالانتماء إلى حياتنا.
لا يتعلق الأمر بوجود عدد لا يحصى من الأصدقاء أو أن نكون محاطين بالناس باستمرار؛ بل يتعلق الأمر بتعزيز الروابط العميقة القائمة على الصدق والاحترام المتبادل، ففي مجتمع يعطي الأولوية في كثير من الأحيان للاستقلالية على الاعتماد المتبادل، قد يكون إدراك قيمة العلاقات الحقيقية أمراً صعباً، ومع ذلك، بصرف النظر عن مدى اعتمادنا على أنفسنا، فإنَّنا كائنات اجتماعية بطبيعتنا، ونزدهر بالتواصل والاختلاط مع بعضنا بعضاً.
إذاً، لنحرص على تنمية العلاقات الحقيقية مع تقدمنا في السنِّ، مع العائلة، أو الأصدقاء، أو الشركاء، أو الزملاء، أو حتى مع أنفسنا، فهذه الروابط تثري حياتنا بطرائق لا تعد ولا تحصى وتحافظ على نباهتنا.
5. الاستفادة من العقبات
الحياة مليئة بالتحديات والعقبات، فلا ينظر أولئك الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ إلى العقبات بوصفها أعباء أو عراقيل؛ بل بوصفها فرصاً للنمو والتعلم والتفكير الإبداعي، وهذا التحول في المنظور ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب العزيمة والشجاعة وقدراً كبيراً من التعاطف مع الذات، ومع ذلك أولئك الذين يتمكنون من رؤية الصعوبات التي يواجهونها بهذه الطريقة غالباً ما يجدون أنَّهم قادرون على مواجهة تقلبات الحياة بسهولة ورشاقة أكبر.
تدفعنا العقبات خارج مناطق الراحة، وتجبرنا على التفكير تفكيراً مختلفاً، وتمنحنا الفرصة لنصبح أكثر قدرة على التكيف والابتكار، وإنَّها تكشف لنا نقاط قوتنا وقدراتنا، ما يساعدنا على فهم أنفسنا فهماً أفضل، ويتعلق الأمر بإدراك أنَّ كل تحدٍّ يفجِّر الطاقات الإبداعية داخلنا، وبينما نواجه هذه التحديات، نصبح أقدر على عيش الحياة التي نرغب فيها.
شاهد بالفيديو: نصائح صحية لكبار السن
6. فهم الشؤون المالية
للوهلة الأولى، قد يتساءل المرء عن علاقة المال بالحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ، ولكنَّ العلاقة بينهما أعمق ممَّا قد يبدو، فلا يتعلق فهم الشؤون المالية بالأمن المالي أو جمع الثروة فحسب؛ بل يتعلق أيضاً بمواءمة قراراتنا المالية مع قيمنا العميقة واستخدام المال بوصفه أداة للتغيير الإيجابي، ويفهم أولئك الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ هذا الأمر، ويدركون أنَّ المال ليس مجرد وسيلة لتحقيق غاية؛ بل هو امتداد لقيَمِهم وخياراتهم الشخصية.
إنَّهم لا يتَّخذون قراراتهم المالية بناء على المكاسب الشخصية فحسب؛ بل يأخذون في الحسبان أيضاً تأثيرها الواسع في مجتمعهم والعالم، وإضافةً إلى ذلك، فإنَّهم يدركون أنَّ الازدهار الحقيقي لا يتعلق بمقدار المال الذي يملكونه فحسب؛ بل بكيفية كسبه وفيما ينفقونه أيضاً، وإنَّهم ينظرون إلى المال بوصفه أداة للنمو الشخصي، وإحداث تغيير إيجابي، والمساهمة في عالم أكثر عدلاً واستدامة.
يعزِّز هذا النهج في التعامل مع المال الشعور بالهدف والإبداع والمشاركة الأخلاقية في الاقتصاد، فهو يساعدنا على اتخاذ القرارات المالية بمزيد من الوضوح والثقة، وهذا يسهم في تعزيز نباهتنا.
7. التعلم المستمر
التعلم المستمر ضروري للحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ، فالعالم مخزون هائل من المعرفة والحكمة، وأولئك الذين يحافظون على نباهتهم هم الذين يحافظون على تعطُّشهم للتعلم المستمر، فلا يقتصر التعلم المستمر على النشاطات الأكاديمية أو التطوير المهني فحسب؛ بل يتطلب الفضول لفهم مزيد من الأمور عن أنفسنا والآخرين والعالم من حولنا.
يسعى المتعلمون مدى الحياة إلى توسيع آفاقهم باستمرار عن طريق قراءة الكتب، أو ممارسة هوايات جديدة، أو حضور ورشات العمل، أو مجرد المشاركة في محادثات محفِّزة، وإنَّهم يدركون أنَّ النمو والتعلم لا يقتصران على الصفوف الدراسية أو فترات محددة في حياتنا؛ بل هما عمليتان مستمرتان تثريان حياتنا.
8. ممارسة الرعاية الذاتية
إنَّ رعاية صحتنا الجسدية هي أمر هام جداً للحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ، فممارسة التمرينات الرياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي متوازن، والنوم الكافي، كلُّها مكونات أساسية لتعزيز صحتنا العامة، ولكنَّ الرعاية الذاتية لا تقتصر على الحفاظ على الصحة البدنية فحسب؛ بل تشمل أيضاً العناية بصحتنا العاطفية والعقلية عن طريق التأمل، أو قضاء الوقت في الطبيعة، أو ممارسة الهوايات التي تجلب لنا السعادة، أو وضع حدود صحية في علاقاتنا، واعلَمْ أنَّ الرعاية الذاتية ليست أنانية، وإنَّما هي استثمار في أنفسنا يعزز صحتنا الجسدية ويدعم قدراتنا العقلية والعاطفية.
9. ممارسة الامتنان
أخيراً، إحدى أقوى عادات الأشخاص الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ هي تنمية مشاعر الامتنان، فالامتنان ممارسة قوية تُحسِّن صحتنا العقلية إلى حدٍّ بعيد، إنَّه يحوِّل تركيزنا ممَّا هو خاطئ في حياتنا إلى ما هو صحيح، ومن عقلية النقص والندرة إلى عقلية الوفرة والرضى.
تعزِّز ممارسة الامتنان بانتظام حالتنا النفسية، وتقلل من التوتر، وتعزز النظرة الإيجابية إلى الحياة، فهو يساعدنا على تقدير أفراح الحياة البسيطة، ويعمِّق علاقاتنا، وينقل تركيزنا إلى اللحظة الحالية، ويعبِّر الأشخاص الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ عن الامتنان يومياً تجاه الأشياء الكبيرة والصغيرة في حياتهم، وإنَّهم يعرفون أنَّ الامتنان لا يقتصر على الشعور بالرضى فحسب؛ بل يشمل أيضاً تقدير قيمة كل لحظة في الحياة.
في الختام
الدماغ البشري عضو مذهل قادر على التكيف مع التغييرات، ويتأثر تأثيراً كبيراً في العادات التي نتبناها على مدار حياتنا، خاصة مع التقدم في السنِّ، ويستفيد الأشخاص الذين يحافظون على نباهتهم مع تقدمهم في السنِّ من عاداتهم اليومية استفادة كبيرة، وتعدُّ العادات المذكورة آنفاً أدوات قوية تحافظ على نشاط الدماغ وقدرته على التكيف، وتؤكِّد هذه العادات العلاقة المعقدة بين اختياراتنا الحياتية وصحتنا العقلية، وتذكَِّرنا أنَّ الحفاظ على نباهتنا مع تقدمنا في السنِّ، يعتمد على اختياراتنا اليومية أكثر من الحظ الوراثي.
أضف تعليقاً