8 استراتيجيات لتحويل الشك بالنفس إلى نجاح مبهر

إذا كنت تخاف الفشل، وتقلق لأنَّك لا تمتلك مؤهلات النجاح، وتمتنع عن طرح أفكارك وآرائك خوفاً من أنَّها لن تعجب الآخرين، وتقلق في المواقف غير المألوفة بالنسبة إليك، فإنَّك لست وحيداً.



إذ يواجه معظمنا هذه المصاعب، حتى أولئك الذين حققوا نجاحاً باهراً، فإنَّ الأشخاص الذين يبدون واثقين بنفسهم جداً غالباً ما يعانون في داخلهم من كثير من الشك بالنفس، فإنَّهم ليسوا واثقين بأنفسهم لأنَّهم وُلدوا كذلك، بل لأنَّهم تعلموا أن يتقبَّلوا مشاعر الشك هذه، فهم لا يقلقون كثيراً إذا ظهروا بمظهرٍ سيئ أمام الآخرين، بل يقلقون بشأن فقدان فرصة المساهمة، ولا يهتمون كثيراً بتعرضهم للانتقاد، بل يهتمون أكثر عندما لا يحصلون على التغذية الراجعة التي يحتاجون إليها لمتابعة التقدم.

إنَّهم ناجحون ليس لأنَّهم غير مضطرين إلى التعامل مع مشاعر الشك، بل لأنَّهم اختاروا العمل على الرَّغم من الشعور بهذه المشاعر، فهم يتحلَّون بالشجاعة الكافية للتخلِّي عن حذرهم، ويسمحون للآخرين برؤيتهم بشفافية، ويقبلون ما لا يعرفونه، ويعترفون بأخطائهم، والأهم من ذلك، يعرفون تماماً أنَّهم ليسوا مثاليين، وأنَّهم في حاجةٍ دائمة إلى التطور.

إنَّ الشك بالنفس ضروريٌّ أحياناً لنمونا وتعلمنا، لأنَّه يجعلنا فضوليين، لكن إذا لم تتعامل معه بأسلوب صحيح، قد يؤدي إلى:

قبل أن تتعرَّف إلى الاستراتيجيات التي تُحوِّل مشاعر الشك إلى إجراءات بنَّاءة، يجب أن تفهم ما الذي يسبِّب هذه المشاعر في المقام الأول.

أسباب الشك بالنفس:

1. القيام بشيء جديد وصعب:

من الطبيعي والصحي الشعور بالشك عندما توسِّع أفقك وتعمل خارج حدود راحتك، فقد تشعر أنَّك محتال وتقلق من أن يعتقد الآخرون ذلك، هذه المشاعر مزعجة جداً، لكنَّها تلهمك لتُشكِّك في اختياراتك ومعرفتك وأساليبك حتى تجد حلولاً أفضل.

2. النظرة السلبية تجاه الذات:

إذا قيل لك في الماضي إنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية، أو إنَّك لا تستطيع تحقيق شيء ما، فإنَّ هذه المعتقدات تُقيدك، ويمكن أن تتحوَّل في عقلك إلى حقيقة بأسلوب غير واعٍ، وعندها سوف تظنُّ أنَّ التحديات والنكسات هي دليل على عدم كفاءتك، أو أنَّك ببساطة لا تملك المؤهلات اللازمة لتحقيق شيء ما.

عندما تظنُّ أنَّك غير كفء أو لا تستحق النجاح، فإنَّك تختلق حاجزاً نفسياً يمنعك عن السعي نحو أحلامك.

3. العقلية الثابتة:

إنَّ صاحب العقلية الثابتة يقدِّر الموهبة أكثر من الجهد والعزم والمثابرة، ويظنُّ أنَّه بصرف النظر عن مقدار الجهد الذي يبذله، لا يمكنه أبداً بناء المهارات المطلوبة للوصول إلى الأهداف.

ذلك سوف يجعلك تستسلم دون أن تبذل جهداً كافياً، فبدلاً من بناء مهارات جديدة، سوف تقنع بما لديك من مهارات، وبدلاً من تجربة استراتيجيات جديدة، سوف تفترض أنَّها لن تنجح؛ إذ إنَّ هذا الاعتقاد بأنَّك لا تستطيع تحقيق النجاح يحدُّ من إمكاناتك.

بمجرد تحديد سبب مشاعر الشك هذه، اقبل بكل صدقٍ أنَّ لا عيب في هذه المشاعر، فعليك أن تكون شخصاً يوجِّه هذه المشاعر لدفعك إلى الأمام، بدلاً من السماح لها بجرِّك إلى الفشل.

إقرأ أيضاً: عقلية الشك ميّزة أم مرض!

8 استراتيجيات لتحويل الشك بالنفس إلى نجاح مبهر:

1. التخلص من الصفات التي تقيد بها نفسك:

ما هي الصفات التي تصف بها نفسك؟ ذكي أم غير ذكي؟ خجول أم صريح؟ انطوائي أم منفتح؟ سيئ في التحدث أمام الجمهور وفي حل المشكلات؟ دوِّنها جميعاً في قائمة.

إنَّ التخلص من هذه الصفات هو الخطوة الأولى لتحدي معتقداتك، والتي هي من صنع عقلك ويمكنك تغييرها، فبدلاً من اتخاذ إجراءات معينة لأنَّها تناسب صفاتك ورفض إجراءاتٍ أخرى لأنَّها لا تناسبها، فإنَّ التخلُّص من هذه الصفات سيسمح لك باستكشاف الفرص التي بدت سابقاً مستحيلة.

2. تجنب الحديث الذاتي السلبي:

تؤدي اللغة التي تستخدمها عند الحديث مع نفسك دوراً هامَّاً في تجارب حياتك، والعواطف التي تشعر بها، وتؤثر حتى في طريقة تصرفك.

كما كتب المؤلف "رايان هوليداي" (Ryan Holiday) ذات مرة: "سوف تواجه عقبات كثيرة في الحياة، عادلة وغير عادلة، وستكتشف مراراً وتكراراً أنَّ هذه العقبات ليست الشيء الأهم، بل كيفية رؤيتنا لها وتفاعلنا معها وحفاظنا على رباطة جأشنا هو الهام، وسوف تتعلَّم أنَّ رد الفعل هذا يحدِّد مدى نجاحنا في التغلب عليها أو ربما الازدهار بسببها".

راقب مشاعرك بعناية، وكلما شعرت أنَّ عواطفك السلبية بدأت بالظهور، أعِد صياغتها بصورة أكثر إيجابية.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحفيز النفس وتشجيعها على اتّخاذ خطوات جريئة

3. التعاطف مع نفسك:

قد يكون السعي المستمر إلى الحصول على قبول وإعجاب الآخرين أمراً ضاراً؛ لذلك يجب أن تتعاطف مع نفسك بدلاً من محاولة الحفاظ على ثقتك بنفسك مرتفعةً دائماً.

إنَّ التعاطف مع النفس هو القدرة على التعامل مع أخطائك وإخفاقاتك بلطف وتفهمها، بدلاً من الحكم على نفسك بقسوة أو التصرف بطريقة دفاعية بهدف الحفاظ على غرورك فقط؛ إذ إنَّها تتطلَّب الشعور بنفس الدفء والتعاطف والتقدير تجاه نفسك كما تشعر تجاه شخص آخر عندما يمر بظروف صعبة والاعتراف بأنَّ الحياة في بعض الأحيان صعبةٌ وغير مثالية، ففي النهاية، كلُّ إنسانٍ معرضٌ للخطأ.

تصف البروفيسورة "كريستين نيف" (kristin neff)، الرائدة في مجال أبحاث التعاطف مع النفس، ذلك بقولها: "بدلاً من الحكم على نفسك وانتقادها بلا رحمة بسبب أوجه الضعف أو التقصير، فإنَّ التعاطف مع النفس يعني التعامل بلطف وتفهُّم الاستجابة للإخفاقات الشخصية، ففي نهاية الأمر، ليس من المفترض أن تكون إنساناً مثالياً".

4. اتخاذ خطواتٍ صغيرة:

تدرَّب على اتخاذ خطوات صغيرة سعياً نحو أهدافك، بدلاً من قفزة عملاقة واحدة نحوها، فإنَّ التغييرات الصغيرة المستمرة تمنع الخوف الذي يتولَّد في عقلك ويدفعه لرفض التغيير، قد تبدو هذه الخطوات الصغيرة تافهةً في البداية، لكن عندما تواظب عليها لفترات طويلة من الزمن، فإنَّها تتحوَّل إلى عادات، فما كان مرهقاً يوماً ما يصبح عندها بسيطاً.

سرعان ما يصبح السلوك الجديد جزءاً من كيانك ومن شخصيتك، فلن تحتاج بعدها إلى بذل جهد في التفكير بهذه الطريقة، وهكذا تدريجياً سوف تفكِّر وتتصرَّف وسوف تصبح عادةً لديك.

5. تبنِّي التفكير طويل الأمد:

إنَّ الشكَّ بنفسك قد يجعلك تلجأ إلى طرائق مختصرة، وتبحث عن سبيل يرضيك فوراً دون التفكير في عواقب قرارك في المستقبل، فعند اتخاذ قرارات هامَّة، كن على استعداد لتحمُّل القليل من الألم حالياً لتحقيق الكثير من المكاسب في المستقبل، وذلك من خلال التفكير طويل الأمد، فكِّر في كيفية تأثير قراراتك الحالية في نتائجك المستقبلية.

6. ضبط نفسك:

قال الفيلسوف الصيني "لاو تزو" (Lao Tzu): "إنَّ ضبط الآخرين يتطلب بعض القوة، أمَّا ضبط النفس فهو القوة الحقيقية"؛ لذا توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، وابدأ في التنافس مع نفسك، لا تهدر وقتك وطاقتك في التباكي على عيوبك، بل في الممارسات والعادات التي ستجعلك إنساناً أفضل قليلاً كل يوم.

تعلَّم استراتيجيات مفيدةً من الآخرين وطبِّقها على نفسك، وحدِّد أخطاءك، وتحدَّ نفسك حتى تصبح شخصاً أفضل، وكرِّر ذلك باستمرار، فلا شيء يمكن أن يقف في طريقك عندما تركِّز على ضبط نفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تحول أخطاءك إلى فرص ثمينة للنجاح؟

7. اختيار أصدقائك بعناية:

يقول المؤلف ورجل الأعمال "جيم رون" (Jim Rohn): "إنَّ الإنسان هو متوسط الأشخاص الخمسة الذين يقضي معظم الوقت معهم".

دماغنا مرن جداً، وكل تجربة تؤثر في الروابط العصبية في دماغنا، وعندما يتحفز نفس المسار العصبي عدة مرات، يصبح أقوى، فهل يُحفز الأشخاص من حولك المسار الصحيح؟ وهل هم مشجِّعون أم محبطون؟ وهل يتحلَّون بالشجاعة أم يستسلمون للشك؟

كن واعياً في اختيارك؛ لأنَّك ستصبح مشابهاً للناس الذين تقضي الوقت معهم، ويمكن أن يكون للأشخاص المقربين منك تأثير كبير في طريقة تفكيرك وتصرفك.

شاهد بالفديو: 7 أنواع من الأصدقاء ابتعد عنهم تماماً

8. تكوين هويتك:

الاستراتيجية الأهم هي العمل على بناء هويتك، فحدِّد الشخص التي تريد أن تصبح عليه، بدلاً من التقيد بهويتك الحالية، وبمجرد تحديد تلك الهوية، تصرَّف وفقاً لها، وعندما تشك في نفسك، ذكِّر نفسك بتلك الهوية، واسأل ما الذي عليك فعله في مثل هذا الموقف.

كتب المؤلف "ستيفن بريسفيلد" (Steven Pressfield): "عدونا هو دماغنا الثرثار، والذي إذا منحناه أقل فرصة، سوف يبدأ في اختلاق الأعذار والتبريرات وملايين الأسباب التي تبرِّر عدم قدرتنا وعدم حاجتنا إلى القيام بما علينا القيام به"، فبدلاً من السماح لعقلك بتحديد قدراتك وإمكاناتك، زوِّده بالأهداف التي تناسب هويتك.

في الختام:

إنَّ الشك بالنفس هو تجربة تخصُّ كل إنسان على وجه الأرض، ولكنَّ الفرق بين أولئك الذين يحلمون كثيراً ويستسلمون بعد فترة وجيزة، وأولئك الذين يحققون تلك الأحلام، هو استجابتهم لهذا الشك، وإنَّ تعلُّم كيفية التعامل مع مشاعر عدم الثقة بالنفس يمكن أن يحوِّل القلق إلى رغبة في القيام بعمل أفضل والسعي إلى تحقيق المزيد.




مقالات مرتبطة