عند مواجهة المشكلات، ينظر القادة الحقيقيون إلى أنفسهم، ويركِّزون على قدراتهم وأوجه القصور لديهم؛ إذ يوجد دائماً مجالات للتحسين، وعندما تسأل نفسك كيف يمكنك تمكين وإلهام فريقك بأسلوب أفضل، ستكتشف كيفية تحسين مهاراتك القيادية، وذلك لأنَّ تحمُّل المسؤولية هو أساس القيادة العظيمة.
المهارات القيادية:
يركِّز التعريف الواسع للقيادة على القدرة على إلهام الأشخاص الآخرين وتنظيمهم لتحقيق هدف مشترك، وعادةً يكون ذلك وَفقاً لجدول زمني، فمهارات القيادة هامَّة في أي شركة، لأنَّها تُسهِّل تشكيل فرق قوية قادرة على إنجاز المهام بكفاءة، وهذا تعريف شامل.
قد تختلف مجموعة مهاراتك القيادية عن مجموعة مهارات زميلك، فقد يكون لديك مهارات "ناعمة"، مثل الصبر والتعاطف والإصغاء، في حين لدى زميلك مهارة المجازفة واتخاذ القرار؛ لذا إنَّ تطوير مهارات قيادية تتماشى مع تلك القدرات هو الطريق لزيادة فاعليتك في العمل.
أهمية تطوير المهارات القيادية:
يُعَدُّ تطوير مهارات القيادة من أقوى الخطوات التي يمكنك القيام بها لتغيير حياتك، ولا تقتصر فوائد مهارات القيادة على حياتك المهنية فحسب، بل يمكنها أيضاً تحسين علاقاتك الشخصية، وهذا لأنَّك عندما تتعلَّم كيفية تحسين مهارات القيادة، ستتعلَّم أيضاً مزيداً عن كيفية التواصل وبناء العلاقات مع الآخرين، وهو ما يُسمَّى الذكاء العاطفي، وسواء كنت تتفاوض بشأن صفقة مبيعات كبيرة، أم تتفاوض مع زوجتك، فمن الضروري التأثير في الآخرين.
إذ سيسمح لك تطوير مهاراتك القيادية أيضاً بالنمو بوصفك شخصاً، لأنَّها عملية تُمكِّنك من استثمار مواهبك الطبيعية لإلهام الآخرين؛ إذ ستصبح أكثر وعياً بنقاط قوتك وضعفك، وهذا يساعدك على التحكم بعواطفك والتركيز جيداً.
مجالات التحسين للقادة:
توجد خطوتان لإيجاد نقاط القوة والضعف في قيادتك كي تتمكَّن من تطوير مهاراتك القيادية، وهما:
1. تحديد أسلوبك في القيادة:
يسمح لك فهم أسلوبك في القيادة بتطوير المهارات القيادية التي تتوافق مع طبيعتك، هل نهج قيادتك هو نهج ديمقراطي، أم مستبد، أم حالم، أم قائم على الكوتشينغ والترابط مع الآخرين، أم على تنظيم وتيرة العمل؟ عند معرفة نهجك ستتمكَّن جيداً من تعلُّم كيفية تحسين مهاراتك القيادية.
فمن الجيد البدء من هذه النقطة، لأنَّ أسلوب قيادتك فيه نقاط قوة ونقاط ضعف، على سبيل المثال، إذا كان أسلوب قيادتك ديمقراطياً، فقد تواجه مشكلة في التعامل مع الأزمات، في حين يمكن أن يفتقر القادة الحالمون إلى القدرة على وضع خطة ومتابعتها، لكن بدلاً من قبول هذه السِمات على أنَّها ثابتة، طوِّر عقلية النمو والتزم بالعمل على تحسينها.
2. تقييم نفسك بصدق:
عندما تعرف ما هي نقاط ضعفك ستعرف كيف يمكن أن تبدأ في معالجتها، لكن لتحديد نقاط ضعفك، يجب أن تكون صادقاً في تقييمك الذاتي، وقد تجد من المفيد سؤال الآخرين الذين يمكنك الوثوق بهم للحصول على آرائهم عن مهاراتك القيادية.
تشمل مجالات التحسين للقادة ما يأتي:
- تعزيز التعاطف: يجب أن تكون متعاطفاً مع احتياجات الآخرين ومشاعرهم لا أن تركِّز على نفسك فحسب، وذلك لأنَّ إعطاء الأولوية للآخرين أمر ضروري لبناء الألفة وحثِّهم على اتباعك.
- تحسين مهارات التواصل: إنَّ تحديد التوقعات والحدود والأهداف وتقديم توجيهات واضحة ومشاركة المعلومات مع الموظفين كلها جزء من إنشاء وقيادة فرق فعَّالة.
- اتخاذ قرارات صعبة: تُحدِّد لحظات قراراتك مصيرك؛ لذا يجب أن تكون واثقاً من قدرتك على اتخاذ قرارات صعبة دون مواجهة الشك الذاتي.
- التخلص من الإدارة التفصيلية: يُعَدُّ عدم القدرة على توكيل المهام اليومية والإدارة التفصيلية أحد أكثر المجالات التي يحتاج القادة إلى تحسينها.
- تقديم تغذية راجعة بنَّاءة: من المغري في معظم أساليب القيادة التركيز على الإيجابيات فقط، لكنَّ تجاهل المشكلات مع فريقك لن يؤدي إلى النجاح.
شاهد بالفديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد
كيفية تحسين مهارات القيادة:
إليك 8 خطوات ستساعدك على أن تصبح قائداً أكثر فاعلية:
1. وضع خطة:
ستكون على استعدادٍ لاتخاذ إجراءات كبيرة عند امتلاك فكرة واضحة عن نقاط القوة والضعف في قيادتك، وذلك من خلال وضع خطة تتماشى مع أسلوبك في القيادة، على سبيل المثال، إذا حدَّدت قلة الثقة بالنفس على أنَّها إحدى نقاط ضعفك، فاتَّخذ خطوات لتعزيزها، وإذا حدَّدت سوء التواصل على أنَّه نقطة ضعفك، فابدأ في تطبيق تقنيات التواصل الفعَّالة، ومن خلال الممارسة ستبدأ في تطبيق المهارات القيادية لتسهيل النجاح في أي مسعى.
2. الشغف:
لا أحد يرغب في طلب المشورة من شخص لا يهتمُّ بالموضوع اهتماماً يوازي اهتمامنا به أو يفوقه؛ إذ يعني الشغف بذل الجهد وعدم الاستسلام أبداً، فمن دونه نتوقف عن الابتكار وندخل حالة من الركود، وعندما تُبدي حماسةً وشغفاً حقيقيين للنتيجة النهائية، سيستمر موظفوك في العمل لتحقيق أهدافهم.
إذ يستجيب الموظفون للقادة الذين يتوقون إلى مساعدتهم على التعلُّم والنمو؛ لذا أظهِر شغفك بكل ما تفعله، بما في ذلك جهودك في تطوير مهاراتك القيادية، لأنَّ موظفيك سيلاحظون ذلك، وهذا سيُلهمهم لتحسين مهاراتهم القيادية.
3. التصرف بوصفك قدوةً للآخرين:
الهدف الأساسي من المهارات القيادية هو إلهام الآخرين للعمل؛ إذ يحترم الناس الشخص الذي تتطابق أقواله مع أفعاله، وتدعم الأبحاث ذلك؛ وذلك لأنَّ السِمة الأساسية لدى القادة العظماء هي القدرة على أن يكونوا قدوة يُحتذى بها.
من أقوى الأمثلة على المهارات القيادية أن تُظهِر لمن حولك ما تريد منهم أن يفعلوه بالضبط، فلا تتردد في هذا، فأقوى رسالة يمكنك إرسالها إلى فريقك هي تجسيد السلوكات التي ترغب في رؤيتها، وسيفكِّر فريقك حينها أنَّه إذا كان في إمكانك أنت التصرُّف هكذا فيمكنهم هم أيضاً.
4. عدم تجاهل نقاط قوتك:
يركِّز تطوير مهارات القيادة غالباً على نقاط الضعف، لكن لا تنسَ أنَّه يمكنك تطوير نقاط قوتك أيضاً، ففي حين يرشدك فهم نقاط ضعفك إلى المجالات التي تعرف أنَّه يمكنك تحسينها، فإنَّ المعرفة الجيدة بمواهبك وقدراتك تُمكِّنك من تطبيقها في العمل الآن.
فكِّر إن كان ثمة مجالات تشعر فيها بالقوة ويمكنك استخدام نقاط القوة تلك بطريقة جديدة، على سبيل المثال، إذا كنت متحدِّثاً ممتازاً يمكنك تقديم عروض عن الموضوعات الصعبة، أو الانضمام إلى مجموعة تؤدي نشاطات التحدث أمام الجمهور لتحسين مهاراتك أكثر، وتذكر أنَّ مجالات تحسين مهاراتك القيادية لا حصر لها وتشمل نقاط قوتك.
5. وضع أهداف محددة ثمَّ تنفيذها:
أروع القادة لا يصنعون النجاح من العدم، فلن تحقِّق رؤيتك أبداً إذا لم تخطِّط لكيفية فعل ذلك، فعندما تُطوِّر مهارات القيادة، استثمر الوقت في توضيح أهدافك، ورسم الخطة، ووضع معايير هادفة لتقييم تقدُّمك.
بعد تحقيق هدف معيَّن، صوِّب نظرك نحو هدف آخر، فالسعي المستمر إلى تحقيق الهدف التالي سيمنحك أنت وموظفيك إحساساً بالمعنى والفخر، ومع تقدمك في أهدافك، فإنَّ المهارات القيادية التي جسدتها ستثبت إصرارك على تحقيق رؤية شركتك.
6. الاعتراف بالفشل ثمَّ المضي قدماً:
أفضل القادة يرتكبون أخطاء؛ لذا عندما تلاحظ خطأً ما، اعترف به واتخذ الإجراءات اللازمة لتصحيحه، تقبَّل إخفاقاتك، وناقشها مع نفسك ومع فريقك، وتعلَّم منها، واسأل نفسك وفريقك كيف يمكنك تجنُّب ارتكاب هذا الخطأ في المستقبل.
إذ يرسل التعلُّم من إخفاقاتك رسالةً قويةً لمن حولك، لأنَّهم سيفهمون أنَّك ستقود جيداً حتى عندما ترتكب خطأ، وأولئك الذين يتساءلون عن كيفية تحسين مهاراتهم القيادية يجب أن يتعلَّموا تقدير النجاحات والفشل.
7. إلهام الآخرين:
إذا كنت تشكو من كل التفاصيل الصغيرة، وتفكِّر دائماً في أسوأ ما قد يحدث، فلن تتمكَّن من إلهام الآخرين؛ إذ يتطلَّب الإلهام التحلِّي بالإيمان، فإذا قلت لموظف: "لا، هذا لن ينجح"، أو "لمَ تكلِّف نفسك عناء المحاولة أصلاً؟"، فأنت تخبره بأنَّك لا تؤمن بفكرته، أو حتى في العمل نفسه، والموظف الذي يشعر أنَّك لا تثق به لن يقدِّم أداءً جيداً، ممَّا قد يحبط المعنويات لدى جميع الموظفين.
لذا بدلاً من ذلك، آمن بالآخرين وبما يستطيعون فعله، وألهمهم للعمل بجدية أكبر ولتحقيق المزيد؛ لأنَّ تطوير المهارات القيادية في جميع أنحاء شركتك من خلال نشر الطاقة الإيجابية حتى عندما لا تسير الأمور وفقاً للخطة، هو سرُّ النمو المُستدام.
شاهد بالفديو: 6 طرق للحفاظ على الحماس وإثارة إلهام الآخرين في العمل
8. العثور على هدفك الأسمى:
عند تطوير مهارات القيادة، من الضروري أن تعرف سبب تخصيص الوقت والجهد لتحقيق الهدف الذي اخترته، فيجب أن تعرف ما الذي يحفِّزك، وقد تكون استجابتك الفورية مباشرة هي أنَّك تعمل للحصول على راتب أكبر بعد تأدية عملك جيداً أو المكانة الاجتماعية المرتبطة بمنصب أعلى.
لكن فكِّر أولاً لماذا تريد هذا الراتب الأكبر؟ ربما لتشعر عائلتك بمزيد من الأمان، أو ربما ترغب في القيادة لأنَّك تشعر أنَّه يمكنك مساعدة الآخرين من خلال تطوير المنتجات والخدمات التي يحتاجون إليها، أو لأنَّك تعتقد أنَّه يمكنك إحداث تغيير إيجابي في مجال عملك، فهذه كلها أهداف أسمى، ومن خلال تحديد أهدافك، يمكنك أن تعمل جيداً بصفتك قائداً واثقاً وقادراً على تمكين الآخرين.
في الختام:
عندما تصقل مهاراتك القيادية، سواء كان ذلك على الصعيد المهني أم الشخصي، ستعزِّز الجهود التي تبذلها لتحقيق أهدافك، وسيرى من حولك العمل الجاد الذي تبذله وشغفك، ممَّا يحفزهم على العمل على تطوير مهاراتهم القيادة أيضاً.
شاهد بالفيديو: 8 خطوات لتطوير مهاراتك القيادية
أضف تعليقاً