1. تعزيز عقلية النمو:
قبل أن تعرف الفروق الدقيقة للتحفيز الذاتي، أنت تحتاج إلى أساسٍ متينٍ تبني عليه زخمك المستقبلي؛ إذ توجد عدة نصائح وحيل ونظريات، لكن إذا لم تستمتع بعملية التعلُّم والتحسُّن في السعي إلى تحقيق أهدافك، فلن تتمكَّن من التعامل مع المتطلَّبات اليومية اللازمة لتحسين أهدافك وتحقيقها فعلياً، لهذا أنت تحتاج إلى تعزيز عقلية النمو التي تساعدك على التركيز على التقدُّم المستمر مع مرور الوقت وتمنعك من الشعور بالإحباط.
فكِّر أنَّك ستواجه الفشل دائماً في أثناء السعي إلى تحقيق النجاح؛ إذ إنَّ السبب الذي يجعل الناس يحتاجون إلى التحفيز هو أنَّهم غالباً ما يواجهون المصاعب ويحتاجون إلى المساعدة لتحقيق التقدُّم والزخم عندما تبعدهم تلك المصاعب عن المسار الصحيح؛ وهنا تبرز أهمية عقلية النمو.
فعقلية النمو هي مصطلح شائع يصف الشخص الذي يركِّز على التعلُّم والنمو الشخصي، والذي يعي حتمية مواجهة الفشل، وأنَّ كل فشل هو فرصة أخرى للنمو والتحسين على طريق النجاح، كما يوضِّح أنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ مهاراتهم وقدراتهم مرنة ويمكن أن تتحسَّن مع مرور الوقت، يكونون أكثر استعداداً لمواجهة المصاعب من الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ مهاراتهم وقدراتهم ثابتة أو محدودة.
يبدأ تحفيز نفسك بامتلاك حالة ذهنية مناسبة، فالأشخاص الذين يتعاملون مع كل فشل على أنَّه نهاية العالم لا يحققون أبداً حافزاً مستمراً، أمَّا الأشخاص الذين يتعاملون مع الفشل على أنَّه تجربة تعليمية، ويركِّزون على التحسُّن في السعي إلى تحقيق أهدافهم كل يوم، فلديهم فرصة أفضل بكثير للنهوض عندما يواجهون الفشل، لأنَّ ذلك الفشل هو جزء من العملية.
فإذا كنت تواجه صعوبة في تعزيز عقلية النمو، فحاول التركيز على العملية؛ إذ يوجد هدف نهائي، ولكنَّ المتعة الحقيقية يجب أن تأتي من الرضى اليومي عن التحسُّن والتعثُّر كلما اقتربت من تحقيق أهدافك الهامة، على سبيل المثال إذا كنت ترغب في كتابة رواية، فركِّز على الإنجازات اليومية.
2. البدء مع وضع الهدف النهائي نصب عينيك:
بمجرد أن يكون لديك أساس متين وتُظهِر باستمرار خصائص عقلية النمو، فإنَّ الخطوة التالية لتحفيز نفسك هي ألَّا تنسى هدفك النهائي، فلا بُدَّ أنَّك مهتم بالتحفيز لأنَّك ترغب في امتلاك الحافز لتحقيق هدف محدَّد، ومع ذلك مع مرور الوقت، يصبح من السهل أن تنسى هدفك النهائي وتفقد الحافز، وذلك لأنَّ المهام اليومية تصبح متعبةً وغير محتملة.
لذا، لمواجهة هذه المعضلة، عليك تحديد هدف طويل الأمد؛ إذ يعمل هذا الهدف بصفته دليلاً يُرشدك للبقاء على المسار الصحيح، ويساعدك على تفادي الشعور بالملل، بسبب الإجراءات اليومية التي تتخذها لتحقيق التحسُّن التدريجي نحو هدفك الأكبر، ويجب أن يكون هدفك محدداً بما فيه الكفاية ليكون قابلاً للتنفيذ، ومتغيِّراً بدرجة كافية بحيث يسمح لك بتعديله بعد اكتشاف الإجراءات التي تُسهم في نجاحك والإجراءات التي لا يُعول عليها.
على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في البدء بعمل تجاري فمن الممكن أن يكون هدفك الحصول على ما يعادل 100 ألف دولار، فإذا كنت مهتماً بأن تصبح ممثلاً، فقد يكون هدفك لعب دور البطولة في أحد الأفلام؛ إذ تمنحك تلك الأهداف القدرة على تحديد وجهتك للتحرك نحوها، ولكنَّها ليست ثابتة لدرجة أنَّها لا تتيح لك تعديلها في حال فشلت في إحدى المراحل قبل تحقيقها.
بعد ذلك، إذا تعثَّرت في إجراء مكالمات المبيعات اليومية أو الاستثمار في دروس التمثيل، فلن تفقد الحافز لأنَّك تمتلك دليلاً يساعدك على الاستمرار، وأضف إلى ذلك عقلية النمو وكل إخفاقاتك التي ستصبح خبرات تعليمية بينما تحرز تقدماً نحو هدفك.
3. تقسيم الهدف إلى أهداف صغيرة:
الآن بعد أن حدَّدت هدفاً كبيراً يُبقيك على المسار الصحيح للحفاظ على الحافز والزخم في المستقبل، أنت تحتاج إلى تقسيم هدفك طويل الأمد إلى أهداف صغيرة؛ إذ يمكن التحكُّم بهذه الأهداف الصغيرة أكثر عند مقارنتها مع هدفك الكبير، ولكنَّها تعتمد على بعضها بعضاً لمساعدتك على الاقتراب عملياً من تحقيق رغبتك النهائية.
أحد الأسباب الرئيسة لذلك، أنَّه على الرَّغم من أنَّ هدفك الكبير يعمل بوصفه دليلاً لك، ويساعدك على البقاء على المسار الصحيح، إلا أنَّه هدف كبير بما يكفي ليدفعك للشعور بالإحباط، فتخيَّل لو كان هدفك هو إخراج فيلم، ففي حين تشعر بالطموح والتحفيز بصورة طبيعية في البداية، إلا أنَّ محاولة القيام بذلك في الواقع يمكن أن تكون مهمةً شاقةً، لهذا قد يبدو من المستحيل أن تصبح مخرج أفلام روائية، لأنَّه سرعان ما تصبح مهمة القيام بذلك أمراً مثبطاً ومحبطاً.
مع ذلك، إذا قسَّمت هدفك الكبير إلى سلسلة من الأهداف التي يمكن تحقيقها أكثر، فيمكنك إنشاء أهداف تساعدك على التقدُّم، والبقاء متحمِّساً، وعلى المسار الصحيح لتحقيق هدفك طويل الأمد، على سبيل المثال إذا كنت ترغب في إخراج فيلم، فابدأ بصورة عكسية انطلاقاً من هدفك الكبير، فلكي تصبح مخرجاً أنت تحتاج إلى وكيل، وللعثور على وكيل قد تحتاج إلى الظهور في مسابقة للأفلام القصيرة، وللمشاركة في المسابقة يجب عليك البحث عن قصة أو كتابتها لتصويرها كفيلم.
لذلك، قد تبدو سلسلة أهدافك كما يأتي:
- هدفك الكبير: إخراج فيلم.
- الهدف 4: التوقيع مع وكيل.
- الهدف 3: الاشتراك في مسابقة للأفلام القصيرة.
- الهدف 2: إخراج فيلم قصير مدته 5 دقائق.
- الهدف 1: البحث عن قصة قصيرة أو كتابتها.
ضع أهدافاً تبدأ من النهاية وتتجه نحو البداية، لكن اعمل على تنفيذها من البداية إلى النهاية، بحيث يوصلك كل هدف إلى الهدف الذي يليه، ويساعدك على تحقيق هدفك النهائي من خلال أهداف أكثر قابلية للإدارة والفهم.
على سبيل المثال، يمكنك تحديد هدف كبير، وهو بيع سيناريو في مجالات معيَّنة من الحياة، مثل: الأعمال، والصحة، والكتابة، بعد ذلك ضع أهدافاً سنوية تساعدك على تحقيق هدفك الكبير، ثمَّ حدِّد ما تحتاج إلى فعله على مدار العام لتحقيق هدفك السنوي مع حلول يوم 31 من شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام، فبهذه الطريقة سيكون لديك هدف كبير يُرشدك، وهدف سنوي مرتبط به لتحقيقه، وأهداف شهرية للوصول إلى ما تريده.
شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية مثبتة علميًا في تحديد الأهداف
4. فهم السبب:
لقد عزَّزت الآن عقلية النمو، وحدَّدت هدفك الكبير، ووضعت سلسلة من الأهداف التي ستساعدك على الوصول إلى هدفك الكبير، ففي حين يعدُّ هذا أساساً جيداً لتحفيز نفسك، إلا أنَّه غير كافٍ لتجنُّب تثبيط عزيمتك وحافزك تماماً، لذا للحفاظ على الحافز والسير في الاتجاه الصحيح، من الهام أن تفهم دائماً السبب وراء رغبتك في تحقيق الأمر الذي تحاول تحفيز نفسك لتحقيقه؟
فإذا لم يكن لديك سبب واضح وراسخ وراء أفعالك ونواياك، فلن تتمكَّن أبداً من الحفاظ على أيِّ حافز كبير، ففي كثير من الأحيان، عندما يفقد الناس مسار أهدافهم أو يخرجون عن المسار، فذلك لأنَّهم لم يرغبوا في تحقيق أهدافهم على أيِّ حال، إذ عادةً ما يبقى أولئك الذين لديهم رغبةً شديدةً في تحقيق أمر ما متحمِّسين، وذلك لأنَّهم يسعون وراء أمر أكبر منهم، إذ إنَّ زخمهم له سبب واضح ومحفِّز للاستمرار.
على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في بدء مشروعك الخاص، فقد يكون سبب "أن تصبح ثرياً" سبباً أقل تحفيزاً من "إنشاء شركة صديقة للبيئة تساعد البيئة"، وقد تكون الرغبة في التمثيل في فيلم "لتصبح مشهوراً" سبباً أقل أهمية من "إنشاء منصة لإحداث تغيير في المجتمع"، فإذا كنت تريد تحفيز نفسك، فامنح هدفك الكبير والأهداف المرتبطة به سبباً واضحاً يحفِّزك على السعي إلى تحقيقه.
5. الحصول على شريك مساءلة:
إنَّ التركيز على عقلية النمو وتحديد الهدف الكبير وسلسلة من الأهداف المرتبطة به هي المبادئ الأساسية للتحفيز الذاتي؛ إذ يصبح عقلك مصدراً للتفكير الإيجابي، ويعمل هدفك الكبير بوصفه دليلاً لك، وتقسِّم أهدافك رغباتك إلى أجزاء أكثر قابلية للإدارة، وتفهم بوضوح السبب وراء الأمر بأكمله، ففي هذه المرحلة أصبح الطريق مُمهَّداً أمامك، وقد حان الوقت الآن للتحرُّك ومنع الزخم الناتج من التوقف.
للمساعدة على هذا الأمر، ابحث عن شريك المساءلة الذي يحاول تحقيق أهداف مماثلة، أو شخص يمكنه مساعدتك على الحفاظ على سعيك وراء هدفك الكبير، على سبيل المثال، إذا كنت تريد الركض في ماراثون، فابحث عن شخص يرغب في القيام بنفس الأمر للتدريب والركض معك، فإذا فاتك يوماً من الجري، فسيدفعك لتحمُّل المسؤولية، وإذا كنت ترغب في بدء عمل تجاري، حدِّد موعداً لاحتساء فنجان من القهوة أسبوعياً مع زميل رائد أعمال طموح للحديث عن مستجدات الأعمال.
فإذا لم تتمكَّن من العثور على شخص يفكر مثلك، فابحث عن شخص يمكنه مساعدتك على الحفاظ على صدقك من خلال إجبارك على إعطائه معلومات مستمرة بشأن تقدُّمك، فقد يرغب أحد أفراد الأسرة في تلقي مكالمة أسبوعية للتأكُّد من سعيك؛ وذلك من خلال معرفة التقدُّم الذي تحرزه في كل مكالمة.
6. الاحتفاء بالمكاسب الصغيرة:
في حين أنَّك تحاول أن تبقى متحمِّساً في السعي وراء هدفك الكبير، ستواجهك أوقات تجد فيها أنَّ المهمة كبيرة جداً والعقبات لا يمكن التغلُّب عليها، وللتخلُّص من هذا الإحباط وتحفيز نفسك، احرص على الاحتفاء بالمكاسب الصغيرة على طول طريقك نحو النجاح؛ أي الاحتفاء بتحقيق أهدافك ربع السنوية والسنوية، وبالعملية اليومية للتحسُّن.
احتفِ بذهابك إلى صالة الألعاب الرياضية اليوم، ولأنَّك استيقظت باكراً للعمل على خطة عملك هذا الأسبوع، فقد يبدو تحقيق هذه المهام الصغيرة أمراً يسيراً، لكنَّها ضرورية لاقترابك من رغباتك النهائية، لهذا احرص على الاحتفاء بها؛ إذ سيساعدك الاحتفاء بهذه الأنواع من الإجراءات والالتزامات اليومية على البقاء متحمِّساً، بدلاً من انتظار الحصول على مكافأة بعد سنوات عدة للاحتفاء بها.
7. التركيز على التعلم:
عندما تركِّز على الاحتفاء بالمكاسب الصغيرة، ركِّز أيضاً على التعلُّم على طول الطريق؛ إذ يعرف الأشخاص الذين لديهم عقلية النمو أنَّ التحسُّن هو جزء ضروري من العملية، وقد تواجهك بعض العقبات أو تتخذ طريقاً خاطئاً في حياتك.
ففي هذه الحالات، يوجد عادةً درس من الفشل سيساعدك على تحقيق النجاح لاحقاً، فبدلاً من التهرُّب من إخفاقاتك والسماح لنفسك بالإحباط، حلِّل تلك الإخفاقات، واستخدمها بصفتها خبرات تعليمية محفزة تساعدك على النمو والتحسُّن، وعلى النقيض من ذلك، حتى نجاحاتك يمكن أن تمنحك خبرة تساعدك على تحقيق نجاحات في المستقبل، لهذا من الهام التركيز على المكاسب اليومية والمعرفة التي تمنحك معلومات مفيدة يمكن أن تساعدك على الحفاظ على تركيزك وتحفيزك على الأمد الطويل.
8. عدم فقدان التركيز على الهدف النهائي:
في النهاية، عندما تحاول تحفيز نفسك، لا تغفل عن الهدف النهائي، فمن السهل أن تصبح الحياة شاقةً، وفي حين يعدُّ التركيز على الأمور اليومية أمراً مفيداً، فإنَّه لا يمكننا القيام بذلك على حساب الصورة الأكبر؛ لذا تذكَّر أنَّنا بدأنا هذه المناقشة عن التحفيز الذاتي مع التركيز على الهدف النهائي والسبب الكامن وراء هذا الهدف.
يوجد سبب وراء رغبتك في تحفيز نفسك على اتخاذ إجراء ما؛ إذ يأتي الحافز المستمر من تحديد سبب قوي وعدم تجاهله أبداً، فعندما يكون الوقت مبكراً في الصباح ولا ترغب في النهوض من السرير للجري قليلاً قبل الذهاب للعمل، فكل ما عليك فعله هو تذكُّر غايتك، وهذا يجعل النهوض من السرير أسهل بكثير.
شاهد بالفديو: 5 أمور هامَّة ترشدك للوصول إلى هدفك
أسئلة وأجوبة:
1. كيف تحفِّز نفسك في العمل؟
يأتي الدافع عادةً من محفِّز داخلي أو خارجي، فعندما تحتاج إلى تحفيز نفسك في العمل، فمن المُمكن أن تفعل ذلك من خلال التعويض، مثل الحصول على راتب أعلى، أو تحفيز نفسك داخلياً بالاستمتاع بالعمل نفسه من خلال مساعدة الآخرين على سبيل المثال.
2. كيف تحفِّز نفسك على التمرين؟
إنَّ تحفيز نفسك على التمرين يحدث من خلال محفِّزات داخلية أو خارجية أيضاً، والتي تترجم إلى أهداف، على سبيل المثال إذا كنت تريد إنقاص وزنك، يمكنك تحديد هدف محدَّد لفقدان وزن معيَّن وتتبُّع تقدُّمك أسبوعياً، أو يمكنك التخطيط لقضاء إجازة على الشاطئ بعد 90 يوماً لتشجِّع نفسك على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية باستمرار.
3. كيف تحفِّز نفسك على التنظيف؟
احرص على مواءمة حافزك الداخلي والخارجي مع مهمة التنظيف المتكررة، فربما تكون شخصاً يحب المنزل النظيف ولديك الحافز الذاتي للحفاظ عليه مرتباً، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فحاول إقامة حفل عشاء أو شيء مشابه، وهذا سيجبرك على تنظيف المنزل قبل وصول ضيوفك.
في الختام:
في حين يبدو التحفيز الذاتي أمراً صعباً، إلَّا أنَّه يوجد أسلوب منهجي يجب اتباعه؛ لذا استخدم الخطوات السابقة بوصفها دليلاً لتحفيز نفسك، ومع مرور الوقت دوِّن ما هي الأمور التي نجحت معك والتي لم تنجح، وحسِّن تلك الخطوات لتناسب احتياجاتك الشخصية ونوع شخصيتك.
أضف تعليقاً