7 نصائح لاختيار معارك الحياة التي تستحق أن تُخاض (الجزء الأول)

"اختر معاركك بحكمة، فلا تُقاس الحياة بعدد المرات التي وقفت فيها للقتال، وليس الفوز في المعارك هو ما يجعلك سعيداً؛ وإنَّما عدد المرات التي ابتعدت فيها عنها واخترت النظر في اتجاه أفضل، فالحياة أقصر من أن تضيعها في القتال؛ لذا قاتل من أجل الأمور الأكثر أهميةً، وتجاوز الباقي" - الكاتبة سي جويبل سي (C. JoyBell C).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في معاملة المعارك التي تواجهها في الحياة.

إنَّ اختيار معاركك يعني أن تختار المشكلات والجدالات والمواجهات التي تخوضها بعناية؛ فبدلاً من إقحام نفسك في كل مشكلة فإنَّك توفر وقتك فقط للأمور الهامة، وهذا يعني خوض أهم المعارك والتخلي عن الباقي.

لماذا من الهام اختيار معاركك؟

  1. ليس كل شيء هام؛ فبعض الأمور ببساطة لا تهم على الأمد الطويل، إذا فكرت فيما يهم بعد 5 أو 10 أو حتى 20 عاماً من الآن فمن الواضح أنَّ العديد من الأمور التي نقلق بشأنها صغيرة وتافهة، ويجب علينا بدلاً من ذلك التركيز على الأمور الهامة الكبيرة.
  2. كل معركة تستغرق وقتاً، كل مشكلة تحيط نفسك بها تستغرق وقتاً وتتطلب طاقة، وحتى لو حُلَّت المشكلة لمصلحتك ربما كان من الأفضل قضاء وقتك في أمر آخر، فالنصر ليس كل ما يهم في بعض الأحيان؛ وإنَّما الاستفادة المثلى من وقتك.
  3. وقتنا جميعاً محدود على الأرض، في النهاية إنَّ سبب أهمية أي شيء هو أنَّ لدينا وقتاً محدوداً على الأرض؛ فعندما تنظر إلى حياتك ماذا تريد أن ترى؟ وهل ترغب في رؤية حياة كنتَ قلقاً فيها بشأن كل شيء صغير والجدال مع كل شخص مرَّ في طريقك؟ أم حياة ذات معنى تعيشها بصورة جيدة، فتقضي وقتك فقط في الأمور الهامة، مثل الأشخاص الذين تحبهم والأشياء التي تساعد الناس؟

الهدف من اختيار معاركك هو أن تكون مدركاً لطريقة قضاء وقتك، وتحديد ما يهمك وما هي أهدافك ومن هم الأشخاص الأكثر أهميةً بالنسبة إليك، فإنَّ خوض كل معركة يعني عدم وجود وقت لهذه الأمور الهامة، ومن خلال اختيارك للمعركة التي تريد خوضها تكون قد فزت بالفعل بلعبة الحياة الكبيرة.

7 نصائح لاختيار معاركك والفوز بها:

غالباً ما يعني اختيار معاركك معرفة متى تقاتل من أجل أمر ما ومتى تتراجع عنه، نقدِّم لك في هذا الجزء من المقال 3 نصائح لاختيار المعارك التي ستخوضها والفوز بها:

شاهد بالفيديو: 6 حقائق قاسيّة ولكنّها واقعيّة عن الحياة

1. قيِّم المشكلة:

صدِّق أو لا تُصدِّق معظم الأمور التي تشغلنا يومياً هي أمور صغيرة ليس لها تأثير في الأمد الطويل، ويشمل ذلك الأشخاص السامين والأشخاص الذين يحاولون إحباطك؛ فعندما تواجه مشكلةً يجب أن تسأل نفسك:

  1. هل هذه المشكلة هامة حقاً؟
  2. هل يجب عليَّ معالجتها؟
  3. هل يمكنني قضاء وقتي بصورة أفضل في أمر آخر؟

ذات مرة تحدَّث عني صديق (أو شخص ظننتُ أنَّه صديق) بسوء أمام أحد معارفي في العمل، لقد كان شخصاً من المحتمل أن أتعاون معه، وكان تحدُّث هذا الصديق عني بهذه الطريقة أمام هذا الشخص أمراً مهيناً للغاية.

بعد التفكير في الأمر قررت المضي قدماً؛ فقد أدركت أنَّ لدي كثير من الأمور التي يجب أن أقلق بشأنها في الحياة، ولم يكن الأمر يستحق أن أُضيِّع طاقتي على شخص كان يسبب لي القلق والألم طوال فترة صداقتنا.

بالمثل فقد صادفت ما يكفي من الأشخاص الغريبين في العمل؛ على سبيل المثال قابلتُ ذات مرة رجل أعمال ناجحاً للغاية ظل يتباهى بنفسه ويهينني في محادثتنا التي استمرت ساعتين، لقد أهان الطريقة التي أرتدي بها ملابسي واستهزأ بعملي بصفتي "كوتشاً"، ورفض قيمة عمل الكوتشينغ، وكلها ملاحظات لا مبرر لها على الإطلاق، بالنظر إلى أنَّ جميع لقاءاتي معه كانت متشابهة فقد ظننتُ أنَّه من غير المجدي مواجهته؛ لأنَّ تعليقاته كانت ناتجة عن عقدة نقص، وبدلاً من ذلك قررت عدم معاملته؛ لمنع المزيد من مثل هذه الحادثات.

إذا كنت تواجه خلافاً فضع في حسبانك أنَّ لديك 24 ساعةً فقط كل يوم، ويمكن أن تكون ساعات قليلة فقط منها مُجدية لك؛ لذا حدِّد الطريقة التي تريد بها قضاء وقتك، وحدد فيما إذا كنت تشعر بالغضب من شخص لا يستحق وقتك في الأساس، هل تشعر بالغضب من الأمور التافهة التي لن تكون هامة بعد سنوات قليلة من الآن؟ أم تفضل قضاء وقتك في الأمور التي ستجعلك تتطور وتنمو؟ الأول سيجعلك تشعر بمزيد من السلبية تجاه نفسك، أمَّا الخيار الثاني فيجعل حياتك أفضل.

إقرأ أيضاً: تعزيز مهارة النجاة والبقاء على قيد الحياة

2. حلِّل تكاليف إقحام نفسك في المشكلة والفوائد من ذلك:

في عالم الاستثمار يُعَدُّ تحليل التكاليف والفوائد منهجاً منظماً لتقدير نقاط القوة والضعف في الاستثمار التجاري، بحيث يمكنك تحديد ما إذا كان هذا الاستثمار مناسباً أم لا.

عند مواجهة معركة وشيكة يساعدك إجراء تحليل التكاليف والفوائد على تحديد ما إذا كانت المعركة تستحق القتال، فاسأل نفسك:

  1. هل التكاليف تفوق الفوائد؟ إذا كانت الإجابة "نعم" فمن الأفضل عموماً التخلي عنها والمضي قدماً.
  2. ما هي احتمالات النجاح؟ إذا كانت احتمالات النجاح منخفضة جداً فقد يكون من الأفضل المضي قدماً أيضاً.

قبل بضع سنوات وقَّعت عقداً مع شركة لإنتاج منتج، فقد تركتُ جميع مشاريعي وخصصت نصف عام للعمل على ذلك، ونجحت في تسليم المنتج وتلقيت مراجعات جيدة من العملاء، ومع ذلك على الرغم من أنَّه كان من المفترض أن تسوِّق هذه الشركة للمنتج، لكنَّهم توقفوا تدريجياً عن دعمه دون إبلاغي، وعندما تابعت هذا الأمر وعدوني بالتصرف ولكن لم يفعلوا أي شيء على الإطلاق.

لقد تنازلتُ في بنود العقد عن حقوقي في البيع، وبالنظر إلى أنَّه كان من المفترض أن يسوِّقوا للمنتج؛ لكنَّهم تراجعوا عن ذلك، فقد أدى ذلك إلى خسارتي؛ لأنَّني استثمرت وقتي كله في إنشاء منتج عالي الجودة لا يمكنني حتى بيعه بنفسي.

لقد كنت غاضبةً جداً في البداية، خصوصاً عندما توقفت الشركة عن التواصل معي خلال محاولاتي اللاحقة، ثمَّ قررت عدم متابعة الأمر، والسبب هو أنَّه على الرَّغم من أنَّ الشركة مخطئة بصورة واضحة لكن لم يكن هناك كثير لأكسبه من متابعة هذا الأمر:

أولاً: توقفت الشركة عن التواصل معي؛ ممَّا يعني أنَّ أي محاولات أخرى لمتابعة الأمر ستكون صعبةً.

ثانياً: لم أرغب في تدمير ما تبقى من العلاقة الطيبة التي كانت بيننا.

ثالثاً: حتى لو تغير الوضع لمصلحتي وأعادت الشركة دعم التسويق، فسيؤدي ذلك إلى زيادة أرباحي بنسبة 5% على الأكثر، بالنسبة إليَّ كان من الأسهل تحقيق هذا الهدف من خلال إطلاق منتج جديد بدلاً من محاولة إجبار هذه الشركة على الرد.

هل هذا يعني أنَّنا يجب أن نتجنَّب المعارك كلها إذا كانت فرص النجاح ضئيلة أو معدومة؟ لا أبداً؛ ففي بعض الأحيان يجب اختيار معركة تدافع فيها عن قضية؛ على سبيل المثال في حالة التحرش في مكان العمل أو الإهمال الطبي أو التنمر، يجب عليك إبراز المشكلة وإعلام الآخرين بها، لقد أبلغت شخصياً عن متنمرين في المدارس من قبل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التحرش في مكان العمل، لا يجب أن تكون مكاسب المشاركة في المعركة مالية؛ إذ يمكن أن تكون أخلاقية، مثل حماية حقوقنا أو منع تكرار المشكلة مرةً أخرى، تختلف كل حالة عن الأخرى؛ لذا يجب الموازنة بين التكاليف والفوائد قبل اتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به.

شاهد بالفيديو: أجمل العبارات والاقتباسات عن الحياة

3. أَرْضِ جميع الأطراف:

إذا قررت اختيار معركة اعمل على وضع يكون مربحاً للجميع يخرج منه الكل منتصراً، على الرَّغم من أنَّنا نستخدم كلمة "معركة" كناية عن المشكلات والجدالات هنا، لكنَّنا ننصحك بالتفكير في "خصمك" بوصفه حليفك أو صديقك، والسبب بسيط؛ لأنَّك عندما تركز تفكيرك على التغلب على الآخرين، فإنَّك تؤكد إصابتك بعقدة نقص، من خلال التفكير بأنَّه يجب أن يكون ثمة دائماً رابح وخاسر حيث يوجد نقص في الفرص للجميع.

في حين أنَّ هذه العقلية قد تبدو طبيعية في عالم اليوم شديد التنافسية، لكنَّ التفكير بهذه الطريقة لن يؤدي إلا إلى تقييدك، فتوجد فرص غير محدودة في العالم، والأمر عائد لنا في العثور على هذه الفرص أو إنشاؤها، فيجب أن يأتي هذا أولاً من عقلية الوفرة، وليس من عقلية الندرة، ومن ناحية أخرى عندما تركز على تحقيق الفوز للجميع فإنَّك تجذب الفرص والوفرة، كما أنَّك تشارك الآخرين الإيجابية والحب.

المعركة ليست ضد خصمك؛ وإنَّما لإنهاء الخلاف، فإذا كنت محبطاً من مديرك في العمل فتحدَّث معه وابحث عن طريقة تناسب احتياجاتك، وإذا كنت غاضباً من شريكك فلا تحاول أن تجعل الأمور صعبة باستخدام الأساليب العدوانية السلبية؛ إنَّما تحدَّث إليه وحدِّد سبب خلافاتكما، فيمكن لكلٍّ منكما تحقيق أهدافكما معاً، وإذا كنت غاضباً من صديقك؛ لكنَّك تريد الحفاظ على صداقتك، معه فتحدَّث معه واجعله يعرف معاناتك من علاقة الصداقة هذه.

ركِّز تفكيرك على إرضاء الطرفين عند نشوب خلاف مع أي شخص، واسأل نفسك: "ما هو السيناريو الذي سيكون فيه الجميع سعداء؟ وما هو السيناريو الذي سيفوز فيه الجميع؟" ثم اعمل على تحقيق هذه النتيجة.

إقرأ أيضاً: 7 عادات فعالة لتتوقف عن إرضاء الآخرين

في الختام:

الهدف من اختيار معاركك هو أن تكون مدركاً لطريقة قضاء وقتك، وتحديد ما يهمك وما هي أهدافك ومن هم الأشخاص الأكثر أهميةً بالنسبة إليك، فإنَّ خوض كل معركة يعني عدم وجود وقت لهذه الأمور الهامة، ومن خلال اختيارك للمعركة التي تريد خوضها تكون قد فزت بالفعل بلعبة الحياة.




مقالات مرتبطة