7 طرق للتحدث أمام الناس

تخيل أنَّك تقف خلف الستارة، وعلى وشك أن تصعد خشبة المسرح لمواجهة الناس الذين يخفيهم الظلام عنك، وعندما تتحرك نحو بقعة الضوء، تشعر بالثِّقل في جسدك مع كل خطوة تخطوها، لا تقلق، فأنت لست الشخص الوحيد الذي يعاني من رهاب الكلام، والمعروف أيضاً باسم قلق الكلام أو الخوف من التحدُّث أمام حشود كبيرة.



وقد يحدث القلق أحياناً قبل وقت طويل من وقوفك على خشبة المسرح؛ حيث تستجيب آلية دفاع جسمك؛ وذلك عن طريق إفراز جزء من الدماغ لهرمون الأدرينالين في دمك؛ وهو المادة الكيميائية نفسها التي يُفرزها الجسم عندما يطاردك حيوان مفترس؛ لذا نُقدِّم لك فيما يلي 7 طرائق لمساعدتك على التغلُّب على مخاوفك من التحدث أمام الجمهور:

1. تهيئة نفسك عقلياً وجسدياً:

وفقاً للخبيرين، نحن مجبولون على إظهار القلق وملاحظته في الآخرين، فإذا كان جسدك وعقلك قلقين، فسوف يلاحظ جمهورك ذلك أيضاً، ومن الهام أن تستعدَّ قبل العروض الكبيرة حتى تصل إلى المسرح واثقاً من نفسك وهادئاً وجاهزاً، "عالمك الخارجي هو انعكاس لعالمك الداخلي، وما تشعر به في داخلك سيظهر إلى العلن" المؤلِّف بوب بروكتور (Bob Proctor).

تساعد ممارسة القليل من الرياضة قبل العرض التقديمي على تنشيط الدورة الدموية وإرسال الأوكسجين إلى الدماغ، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تساعد التمرينات على تهدئة العقل والأعصاب؛ لذا نُقدِّم لك فيما يلي بعض الطرائق المفيدة لتهدئة دقات قلبك المتسارعة عندما تشعر بتشنجات واضطرابات في معدتك:

1. 1. الإحماء:

إذا كنت متوتراً، فمن المرجَّح أن يشعر جسمك بالشعور نفسه؛ حيث يتوتر جسدك، وتنقبض عضلاتك أو يتصبب عرقك، وعندها سيلاحظ الجمهور أنَّك متوتر، إذا لاحظتَ أنَّ هذا هو بالضبط ما يحدث لك قبل دقائق من إلقاء أي خطاب، فمارس بعض تمرينات التمدد لإرخاء جسمك.

ومن الأفضل أن تبدأ تمرينات الإحماء قبل كل خطاب؛ وذلك لأنَّها تساعد على تعزيز وظائف الجسم بأكمله، وليس ذلك فحسب؛ وإنَّما تزيد من كفاءة العضلات، وتُحسِّن من وقت الاستجابة ومن تحركاتك، فيما يلي بعض التمرينات التي تساعد على إرخاء جسدك قبل موعد العرض:

  • حركات دائرية للرقبة والكتف: يساعد ذلك على تخفيف توتر عضلات الجزء العلوي من الجسم والضغط؛ حيث تركز تلك الحركات على تدوير الرأس والكتفين، ممَّا يؤدي إلى إرخاء العضلات؛ حيث يمكن أن يجعلنا التوتر والقلق نشعر بأنَّنا متصلبون في هذه المنطقة، ممَّا قد يجعلك تشعر بالغضب، لا سيما عند الوقوف.
  • تمدد الذراعين: غالباً ما نستخدم هذا الجزء من عضلاتنا في أثناء إلقاء خطاب أو عرض تقديمي من خلال إيماءات وحركات اليد، ويمكن أن يُقلِّل تمدُّد هذه العضلات من إجهاد الذراعين، ويساعدك على الاسترخاء، ويُحسَِّن من لغة جسدك.
  • تحريك الخصر: وذلك من خلال وضع يديك على وركيك وتحريك خصرك في حركة دائرية، تُركِّز في هذا التمرين على إرخاء منطقة البطن وأسفل الظهر وهو أمر ضروري؛ وذلك لأنَّهما قد يسببان عدم الراحة والألم، ممَّا يزيد من شعور الخوف الذي تواجهه.

1. 2. الحفاظ على مستويات كافية من الماء في جسدك:

هل شعرت يوماً بالعطش قبل ثوانٍ من الكلام، ثم صعدت خشبة المسرح وبَدا صوتك خشناً أمام الجمهور؟ يحدث هذا الأمر؛ وذلك لأنَّ الأدرينالين يتسبب في جفاف فمك نتيجة رهاب المسرح.

ولمنع حدوث ذلك، من الضروري أن نحافظ على مستويات كافية من الماء في جسمنا قبل إلقاء الخطاب، فرشفة من الماء ستكون كافية، ومع ذلك، اشرب باعتدال حتى لا تحتاج إلى الذهاب إلى الحمام باستمرار، وحاول تجنُّب المشروبات السكرية والكافيين؛ وذلك لأنَّها مُدرَّة للبول، ممَّا يعني أنَّك ستشعر بالعطش، وسيؤدي ذلك أيضاً إلى زيادة قلقك، ممَّا يمنعك من التحدث بسلاسة.

1. 3. التأمُّل:

يُعرَف التأمُّل بأنَّه أداة فعَّالة لتهدئة العقل؛ حيث يوصي الصحفي دان هاريس (Dan Harris) من شبكة إيه بي سي (ABC)، والمُقدِّم المُشارِك في برنامج نايت لاين (Nightline) وبرنامج غود مورنينغ أمريكا ويك إند (Good Morning America Weekend)، ومؤلِّف كتاب "10% سعادة أكثر" (10٪ Happier)، بأنَّ التأمُّل يمكن أن يساعد الأفراد على الشعور بالهدوء والسرعة بصورة ملحوظة.

ويُعَدُّ التأمُّل بمنزلة تمرين لعقلك، ويمنحك القوة والتركيز للتخلُّص من الأمور السلبية والمُشتِّتات بكلمات التشجيع والثقة والقوة، وتأمُّل اليقظة الذهنية تحديداً هو طريقة شائعة لتهدئة نفسك قبل الصعود إلى مسرح كبير؛ حيث تتضمن هذه الممارسة الجلوس بصورة مُريحة، والتركيز على تنفسك، ثم لفت انتباه عقلك إلى ما هو موجود الآن، دون التفكير في مخاوف الماضي أو المستقبل، والتي تشمل غالباً التعثُّر في الكلام على خشبة المسرح.

2. التركيز على هدفك:

يوجد أمر مشترك بين الأشخاص الذين يخافون من التحدُّث أمام الجمهور؛ وهو التركيز كثيراً على أنفسهم واحتمال الفشل، فقد تتساءل في سرِّك قائلاً: "هل أبدو مُضحِكاً؟ ماذا لو لم أتذكر ماذا سأقول؟ هل أبدو غبياً؟ هل سيصغي إليَّ الناس؟ هل يهتم أي شخص بما أتحدث عنه؟" بدلاً من التفكير بهذه الطريقة، حوِّل انتباهك إلى هدفك الحقيقي الوحيد، وقدِّم شيئاً مفيداً لجمهورك.

قرِّر حجم التقدُّم الذي تريد أن يحققه جمهورك بعد العرض التقديمي، ولاحِظ حركاتهم وتعبيراتهم لتعديل خطابك؛ حيث تضمن أنَّهم يقضون وقتاً ممتعاً قبل مغادرة المكان، إذا كان الموضوع الذي تتحدث عنه غير مفيد، فحوِّل ذلك إلى ما هو مفيد، يُعَدُّ هذا أيضاً مفتاحاً لبناء الثقة في أثناء العرض التقديمي الخاص بك؛ حيث يمكن أن يلاحظ الجمهور بوضوح أنَّك تهتم بهم.

شاهد بالفديو: 6 نصائح للتحدث بثقة أكبر أمام الجمهور

6 نصائح للتحدث بثقة أكبر أمام الجمهور
6 نصائح للتحدث بثقة أكبر أمام الجمهور

3. تحويل السلبية إلى إيجابية:

يوجد جانبان يتصارعان باستمرار في داخلنا، أحدهما مليء بالقوة والشجاعة، والآخر مليء بالشك وعدم الثقة، فقد تتساءل: "ماذا لو أخطأت في هذا الخطاب؟ ماذا لو لم أكن ظريفاً بما فيه الكفاية؟ ماذا لو نسيت ماذا سأقول؟".

لا عجب أنَّ معظمنا لا يشعر بالارتياح عند تقديم عرض تقديمي، وكل ما نفعله هو أنَّنا نحبط قبل أن نحصل على فرصة لإثبات أنفسنا، ويُعرَفُ هذا أيضاً باسم النبوءة ذاتية التحقق؛ وهو اعتقاد يتحقق؛ وذلك لأنَّنا نتصرف كما لو كان الأمر كذلك بالفعل، فإذا كنت تعتقد أنَّك شخص غير كفء، فسيصبح هذا الأمر واقعاً في النهاية.

يؤكِّد الكوتشز التحفيزيون أنَّ العبارات الإيجابية وعبارات الثناء، تُعزِّز الثقة فيك في اللحظات الهامة جداً؛ لذا أخبِر نفسك: "سألقِ هذا الخطاب ويمكنني أن أقدمه تقديماً جيداً"، استفد من تدفُّق الأدرينالين لديك لتشجيع النتائج الإيجابية بدلاً من التفكير في الأمور السلبية.

4. فهم المحتوى الخاص بك:

تساعد معرفة المحتوى الخاص بك على تقليل شعورك بالقلق؛ وذلك لأنَّه لا يوجد أمر تقلق بشأنه، ولكي تتمكن من معرفة ذلك، يجب أن تتدرَّب مرات عدَّة قبل إلقاء خطابك الفعلي، ومع ذلك، ليس عليك حفظ النص حرفياً، فقد ينتهي بك الأمر إلى عدم القدرة على التصرُّف إذا نسيت شيئاً ما، وقد تخاطر أيضاً بالظهور بصورة غير طبيعية وأقل وداً.

يرتكب معظم الأشخاص خطأ القراءة من الشرائح أو حفظ النص بحرفيته دون فهم المحتوى، وهي طريقة تسبب التوتر، ولتجنُّب ذلك يقول المؤلف بوب بروكتور (Bob Proctor): "لن تجعلك كثرة القراءة أو الحفظ ناجحاً في الحياة؛ وإنَّما الفهم وتطبيق ما تفهمه هو ما يهم".

يُسهِّل فهم خطوات إلقاء خطابك والمحتوى عليك صياغة الأفكار والمفاهيم بكلماتك الخاصة؛ حيث يمكنك بعد ذلك شرحها بوضوح للآخرين، يُعَدُّ تصميم الشرائح الخاصة بك لتضمين مدخلات نصية أمراً سهلاً لضمان تذكُّر معلوماتك بسرعة عندما تنساها.

وتتمثل إحدى طرائق الفهم في حفظ المفاهيم أو الأفكار الشاملة في عرضك التقديمي؛ حيث يساعدك ذلك على التحدُّث بصورة طبيعية أكثر والتألُّق، فيشبه الأمر تقريباً اصطحاب جمهورك إلى رحلة تزور فيها بعض المعالم الرئيسة.

إقرأ أيضاً: المدرب الناجح أثناء التدريب

5. المواظبة على التمرين:

لا يمتلك معظمنا مهارة فطرية للتحدُّث أمام الجمهور، ونادراً ما يتحدَّث الأشخاص أمام جمهور كبير ويُقدِّمون عرضاً دون أخطاء ودون أي بحث أو إعداد، في الواقع، يجعل بعض كبار مقدمي العروض الأمر يبدو سهلاً خلال وقت العرض؛ وذلك لأنَّهم يمضون ساعات كثيرة خلف الكواليس في الممارسة.

حتى المتحدثين العظماء مثل الراحل جون كينيدي (John F. Kennedy) كانوا يقضون شهوراً في إعداد خطاباتهم، يتطلَّب التحدث أمام الجمهور - مثلها مثل أي مهارة أخرى - ممارسة، سواء كان ذلك من خلال التدريب على الخطاب مرات عدة أمام المرآة أم تدوين الملاحظات، وكما يُقال: "تؤدي الممارسة إلى الإتقان".

6. المصداقية:

لا مشكلة في الشعور بالتوتر قبل الصعود للتحدُّث أمام الجمهور؛ حيث يخشى معظم الناس التحدث أمام العامة؛ وذلك لأنَّهم يخافون أن يَحكُم عليهم الآخرون إذا ما أظهروا ضعفهم، ومع ذلك، يمكن أن يساعدك ذلك أحياناً على الظهور بمظهر أكثر مصداقية وقابلية للتواصل كمتحدِّث.

توقَّف عن محاولة التصرُّف أو التحدُّث مثل شخص آخر، وستجد أنَّ الأمرَ يستحقُّ المخاطرة، وستصبح أكثر صدقاً ومرونةً وعفوية؛ ممَّا يسهل عليك التعامل مع المواقف غير المتوقعة، سواء كنت تتلقى أسئلةً صعبةً من الجمهور أم تواجه صعوبةً تقنيةً غير متوقعة.

من السهل معرفة أسلوبك الصادق في التحدث، وكل ما عليك فعله هو اختيار موضوع أو قضية تثير شغفك ومناقشتها كما تفعل عادةً مع عائلة أو صديق مقرَّب، فالأمر أشبه بإجراء محادثة مع شخص ما في إطار شخصي مباشر، وإحدى الطرائق الرائعة للقيام بذلك على خشبة المسرح هي اختيار شخص عشوائي من الجمهور، والتحدُّث إلى شخص واحد في كل مرة في أثناء حديثك؛ حيث ستجد أنَّه من السهل محاولة التواصل مع شخص واحد في كل مرة.

مع ذلك، قد يستغرق الشعور بالراحة الكافية لتكون على طبيعتك أمام الآخرين بعض الوقت وبعض الخبرة، اعتماداً على شعورك بالراحة عندما تكون على طبيعتك أمام الآخرين، وعندما تتحلى بالمصداقية، لن يكون الخوف من المسرح مخيفاً كما كنت تعتقد في البداية، والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما (Barack Obama) هو خير مثال عن المتحدثين الشغوفين.

إقرأ أيضاً: 12 قاعدة ذهبيّة للخطاب الناجح

7. تقييم خطابك:

إذا كنت قد أجريتَ خطاباً أمام الجمهور وكانت تجربة غير ناجحة أثَّرت فيك نفسياً، فحاول عَدَّها درساً تعلمته لتحسين نفسك كمتحدِّث:

7. 1. عدم لوم نفسك بعد العرض:

نحن نقسو على أنفسنا، ومن الجيد أن نفعل ذلك، ولكن عندما ننتهي من إلقاء خطاب أو عرض تقديمي، يجب أن نمنح أنفسنا بعض التقدير والمديح، لقد تمكنتَ من إنهاء كل ما كان عليك فعله ولم تستسلم، ولم تدع مخاوفك وعدم ثقتك بنفسك يسيطران عليك؛ لذلك اعتز بعملك وثق بنفسك.

7. 2. تحسين خطاباتك القادمة:

كما ذكرنا آنفاً، تؤدي الممارسة إلى الإتقان، إذا كنت ترغب في تحسين مهاراتك في التحدث أمام الجمهور، فحاول أن تطلب من شخص ما تصويرك في أثناء إلقاء خطاب أو عرض تقديمي، وبعد ذلك، شاهِد ولاحِظ ما الذي يمكن فعله لتحسين نفسك في المرة القادمة.

إليك بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها على نفسك بعد كل خطاب:

  • كيف كان أدائي؟
  • هل هناك مجالات للتحسين؟
  • هل بدا عليَّ التوتُّر؟
  • هل تعثرت في كلامي؟ ولماذا حدث ذلك؟
  • هل كنت أقول "اممم" كثيراً؟
  • كيف كان انسياب الخطاب؟

اكتب كل ما لاحظته واستمر في التدريب والتحسين، ومع مرور الوقت، ستتمكن من إدارة مخاوفك من التحدُّث أمام الجمهور بصورة أفضل، وستظهر بمظهر أكثر ثقةً عندما يهمك الأمر.

المصدر




مقالات مرتبطة