تختلف الطريقة التي نستهلك بواسطتها طاقتنا، ونستعيد من خلالها حيويتنا بناءً على كوننا انطوائيين أو اجتماعيين، وذلك لنأخذ العلاقات الاجتماعية على سبيل المثال، ففي حين لا يضطر الأشخاص الاجتماعيون لبذل أي جهد في أثناء وجودهم مع الآخرين، فنجد أنَّ الأشخاص الانطوائيين يبذلون كثيراً من الجهد حتى ينجحوا في علاقاتهم في أثناء وجودهم في البيئات المزدحمة بالناس.
من المعلوم أنَّ وجود الأشخاص الانطوائيين في بيئات اجتماعية يؤدي إلى شعورهم بالإرهاق، وفي حال عدم اتخاذ إجراءات الرعاية الذاتية المناسبة، فقد يصبح الاحتراق الوظيفي الذي يصاب به الأشخاص الانطوائيين مشكلةً خطيرةً.
نتحدث في هذا المقال عن الاحتراق الوظيفي الذي يُصاب به الشخص الانطوائي نتيجة الإفراط في التفاعلات الاجتماعية، وليس عن الاحتراق الوظيفي الناجم عن الإفراط في العمل، وجدير بالملاحظة أنَّ بعض الأعمال تتطلب بطبيعتها كثيراً من التفاعلات الاجتماعية، ومع ذلك فإنَّ الاحتراق الوظيفي الذي يُصاب به الشخص الانطوائي في هذه الحالة ليس بسبب مسؤوليات العمل؛ بل بسبب التفاعلات الاجتماعية مع الآخرين.
ما هو احتراق الشخص الانطوائي وظيفياً؟
إذا كنت شخصاً انطوائياً، فمن المرجَّح أنَّك اختبرت حالة الإرهاق الجسدي والنفسي التي تشعر بها بعد أن تقضي وقتاً طويلاً في التعامل مع الأشخاص الآخرين.
تخيَّل الآتي في حال لم تكن على دراية بهذه التجربة:
تصل إلى منزلك بعد قضاء يومك في ورشة عمل مع أشخاص بالكاد تعرفهم، وتشعر بالإرهاق والتعب الشديدَين على الرغم من أنَّك لم تقم بأي نشاط جسدي مرهق، إضافة إلى شعورك بالصداع الشديد، وناهيك عن الشعور بالضيق؛ لذلك كل ما ترغب به هو ارتداء ملابس مريحة، والاستلقاء على السرير، والاستمتاع في بعض الهدوء والسكينة، ولكن ما يحصل هو أنَّك لا تستطيع أن تسترخي، وهنا تسوء الأمور، فتنخفض قدرتك في التركيز كثيراً، وتجد صعوبة في اتخاذ أبسط القرارات، وتتمنى لو أنَّك تُترك وحدك لبعض الوقت.
نتحدث عن ذلك النوع من الأيام التي تشعر فيها بفرط التحفيز لدرجة أنَّك ترغب بأن تعيش وحدك بعيداً عن الجميع؛ وهذا هو احتراق الشخص الانطوائي وظيفياً.
الحقيقة أنَّ الانطوائي لا يكره الآخرين، ولا يرغب بأن يعيش طيلة حياته في عزلة، ولا يعاني من عدم القدرة على بناء العلاقات مع الآخرين؛ بل يستثمر كثيراً من وقته في تقوية علاقته بالأشخاص الذين يحبهم ويهتم لأمرهم، وكل ما هناك هو أنَّ الانطوائي يحتاج إلى قضاء الوقت وحده حتى يستعيد طاقته، ويفهم ما يشعر به حتى يصبح مستعداً مجدداً للتواصل مع الآخرين، وإلا فإنَّه معرَّض لخطر الاحتراق الوظيفي.
التوتر وتأثيره في دماغ الشخص الانطوائي:
يُعدُّ كل من الانطوائية والانفتاح على العلاقات الاجتماعية سمة وراثية ومستقرة نسبياً ومسؤولة عن تحديد الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا، فإذا لم تكن متأكداً مما إذا كنت شخصاً انطوائياً أو اجتماعياً، فيمكنك أن تجري اختبارات مجانية عبر الإنترنت لتحديد السمة العامة لشخصيتك، ففي حين يحتاج الأشخاص الاجتماعيون إلى التفاعل الاجتماعي مع الآخرين بشكل مستمر للتعويض عن نقص التحفيز في القشرة المخية، يحتاج الانطوائيون إلى الانعزال بين فترة وأخرى لتجنُّب الإفراط في التحفيز، وهذا هو الفرق الأساسي بين الانطوائيين، والاجتماعيين.
على الرغم من عدم معرفة أحد على وجه اليقين سبب تطوُّر الدماغ البشري بطريقة أدت إلى وجود نوعين من البشر (انطوائيون، واجتماعيون)، إلا أنَّ العلم قد توصل إلى فهم جيد جداً للعلاقة بين سماتنا الشخصية وسلوكاتنا اليومية.
وجدت إحدى الدراسات على سبيل المثال، أنَّه بعد أن يقضي الشخص الاجتماعي جداً 77 ساعة متواصلة دون نوم، فإنَّ أداءه للمهام التي تتطلب التركيز واليقظة يصبح ضعيفاً جداً، في حين وجدت دراسات أخرى أنَّ سماتنا الشخصية تؤثِّر في مستويات هرمون الكورتيزول لدينا (وهو الهرمون المسؤول عن استجابة الكر والفر)؛ وهذا يؤثِّر بالتالي في قدرتنا على إدارة شعورنا بالتوتر.
يعتقد الباحثون أنَّه من المرجَّح أن يؤدي وضع الأشخاص الانطوائيين في بيئات عمل مناسبة لطبيعة الأشخاص الاجتماعيين سريعاً إلى الاحتراق الوظيفي، بمعنى أنَّك إذا كنت شخصاً انطوائياً، وتعمل في بيئة عمل تتطلب منك التفاعل الاجتماعي المتواصل مع الآخرين، فمن المحتمل أن تتعرض للاحتراق الوظيفي أكثر بكثير من الشخص الاجتماعي، ولا نعني بذلك أنَّك يجب أن تتجنب هذا النوع من الوظائف مهما كلَّفك الأمر؛ بل يعني ذلك فقط أنَّك يجب أن تولي اهتماماً أكبر للرعاية الذاتية حتى لا يؤدي التوتر الناجم عن الحياة اليومية والتفاعل مع الآخرين إلى إرهاقك.
شاهد بالفديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد
أهم العلامات التي تدل على احتراق الشخص الانطوائي وظيفياً:
يُعدُّ الاحتراق الوظيفي في جوهره حالة من الإرهاق الجسدي والنفسي التي تختبرها بعد التعامل مع كثير من مسؤوليات العمل، والتفاعل الاجتماعي المتواصل تقريباً.
تصبح هذه المشكلة خطيرة عندما نتحدث عن بيئات عمل سريعة الوتيرة، فيمكن أن تؤثِّر في أدائك، وعلاقاتك، وصحتك بشكل عام، وقد يكون الاحتراق الوظيفي الذي يُصاب به الشخص الانطوائي ناتجاً عن قضاء كثير من الوقت في العلاقات الاجتماعية، وعدم توفِّر الوقت الكافي لاستعادة الطاقة، وعادةً ما يحصل هذا مع الانطوائيين الذي يعملون أو يدرسون في بيئات يضطرون فيها للتفاعل مع الآخرين وتبادل الأحاديث لوقت طويل، لكن يمكن أن يحدث أحياناً بعد حضور مناسبة عائلية تستغرق وقتاً طويلاً، أو بعد الذهاب في رحلة طويلة مع الأصدقاء.
لكي نؤكِّد على فكرة قدَّمناها سابقاً، فإنَّ الحل لا يكمن بتجنُّب العلاقات الاجتماعية أو النشاطات الجماعية، وإنَّما بتخصيص الوقت للانعزال دون أن نشعر - بصفتنا انطوائيين - بالخجل من رغبتنا بالعزلة، والآن لنتحدث عن أبرز العلامات التي تدل على احتمالية إصابة الشخص الانطوائي في الاحتراق الوظيفي.
إليك فيما يأتي 7 علامات تُنبئ بإصابة الشخص الانطوائي في الاحتراق الوظيفي:
1. الشعور بالإرهاق الشديد لدرجة أنَّك لا تستطيع النوم:
إحدى أبرز العلامات التي تدل على إصابة الشخص الانطوائي بالاحتراق الوظيفي هي الإرهاق، وغالباً ما نعتقد أنَّ الإرهاق يظهر بصورة آلام وأوجاع في الجسد، ولكن الواقع مخالف لذلك، فشعور التعب الذي تختبره بصفتك شخصاً انطوائياً عند الإصابة بالاحتراق الوظيفي يتركَّز على الجانب النفسي والعاطفي، وما يحدث هو أنَّ الإفراط في التواصل والحديث وتبادل الأفكار مع الآخرين أدى إلى إرهاق عقلك؛ لذلك كل ما ترغب به عند حدوث ذلك هو الجلوس في مكان هادئ خالٍ تماماً من أي ضجيج والاستمتاع في بعض الهدوء والسكينة.
2. شعورك بالانزعاج لأتفه الأسباب:
هل جرَّبت سابقاً أن تتصل أو تراسل شخصاً انطوائياً خلال الفترة التي يحاول فيها استعادة طاقته؟
لن تحصل غالباً على إجابة منه؛ بل قد ينزعج إذا ألححت بالطلب، وعندما يشعر الشخص الانطوائي بالإرهاق الشديد، فمن الممكن أن يشعر بالانزعاج من أبسط الطلبات، ويشبه الأمر كأس الماء الممتلئ الذي يطفح عند إضافة بضع قطرات من الماء، وما يجب أن نفهمه هو أنَّ الانطوائيين ليسوا أشخاصاً يسهُل استفزازهم أو عصبيين أو عدائيين بطبيعتهم، وعندما تظهر منهم هذه السلوكات، فغالباً ما يكون السبب هو شعورهم بالإرهاق الشديد، وحاجتهم إلى بعض الوقت من أجل فهم مشاعرهم، وتنظيم عواطفهم.
3. صعوبة في اتخاذ أبسط القرارات:
عندما تكون في حالة من فرط التحفيز، فإنَّك تشعر بصعوبة باتخاذ أبسط القرارات مثل، الطعام الذي ستتناوله أو الملابس التي سترتديها، وإضافةً إلى ذلك فإنَّ احتمالية اتخاذ قرارات سيئة أو متهورة ترتفع إلى حد ما، ولكن نؤكِّد مجدداً أنَّ السبب هو طبيعة دماغ الشخص الانطوائي مفرط التحفيز، والذي لا يمكن أن يؤدي وظيفته بالشكل الأمثل ما لم تمنحه بعض الوقت للاستراحة، واستعادة التوازن، وإليك إذاً هذه النصيحة البسيطة إذا كنت انطوائياً: لا تتخذ قرارات هامة عندما تكون في حالة الاحتراق الوظيفي.
4. تشوُّش الفكر:
إذا كنت انطوائياً وتقضي اليوم بأكمله في التواصل مع الآخرين، فمن المُحتمل أن تُصاب بالإنهاك النفسي والعاطفي، وتشعر بأنَّك مشوش التفكير، وقد تشعر بصعوبة في اتخاذ القرارات، ولا تستطيع التركيز على أي شيء أكثر من بضع دقائق، كما تتشتت في أثناء المحادثات.
تشوش الفكر الذي تختبره عندما تحترق وظيفياً ما هو إلا الطريقة التي يخبرك بها دماغك بأنَّه استنفد كل ما لديه من طاقة، وإذا لم تأخذ استراحة من الأجواء الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين؛ ستصاب بمزيد من الضيق والتشتت.
5. سهولة تشتت الذهن:
ليس مستغرباً أنَّه من المستحيل تقريباً أن تحافظ على تركيزك عندما يكون دماغك في حالة من إفراط التحفيز، ويكون مشتتاً بين عدة موضوعات، وعندما تواجه بصفتك شخصاً انطوائياً حالة الاحتراق الوظيفي، فمن المُحتمل أن يؤدي شيء بسيط مثل صوت إشعارات الهاتف إلى تشتيت تركيزك عما تفعله، وحتى لو كنت تقرأ أو تشاهد فيلماً تحبه، فستلاحظ أنَّك تميل إلى التشتت أو فقدان التركيز بمجرد سماع أي صوت، وقد تساعدك في هذه الحالة قيلولة قصيرة على استعادة طاقتك وتوازنك مجدداً، وستساعدك كثير من الفيديوهات على موقع "يوتيوب" (Youtube) على تعلُّم تقنيات تمكِّنك من التركيز على الأشياء الهامة.
6. الشعور بالقلق:
صدِّق أو لا تصدِّق، إنَّ الاحتراق الوظيفي قد يؤدي لدى الشخص الانطوائي إلى الشعور بالقلق، وبصرف النظر عن استنزافك على الصعيد العاطفي، فإنَّك تشعر أيضاً بالقلق والاضطراب دون سبب واضح، وحتى عندما تحاول الاسترخاء، فإنَّك تجد أنَّ عقلك يفكِّر في أسوأ الاحتمالات وأكثرها خطورة، وربما يتجلى ذلك بالتفكير المستمر اللاإرادي في شيء ما قلته في وقت مبكِّر من ذلك اليوم، أو ربما تشعر بالقلق من عدم امتلاكك للطاقة الكافية للعمل على مشروع من المُفترض أن تُنجزه غداً، وأفضل طريقة لتجاوز هذه اللحظات من القلق التي لا يُعرف لها سبب واضح هي التركيز على اللحظة الحالية.
7. الصداع الشديد:
مع علمنا بأنَّ ثمة علاقة وثيقة بين العقل والجسم، فمن الطبيعي أن تترافق حالة الاحتراق الوظيفي لدى الشخص الانطوائي بعدد متنوع من الأعراض الجسمانية، وأحد أكثر هذه الأعراض شيوعاً هو الصداع والصداع النصفي، وهذه أيضاً إحدى الطرائق التي يحاول بواسطتها عقلك أن يخبرك بأنَّه بذل كل طاقته، ويحتاج إلى استراحة في أسرع وقت ممكن، لذا حاول بدلاً من تناول مسكنات الألم، أن تتناول كوباً من البابونج الدافئ، أو خصِّص بضع دقائق للتأمل، ومن ثم ضع هاتفك بعيداً، وأطفئ التلفاز، وامنح نفسك بعض الوقت للهدوء، والشعور بالسلام الداخلي؛ إذ ستساعدك هذه الطريقة على التخفيف من الصداع والألم الناجمَين عن إفراط التحفيز النفسي والعاطفي.
4 نصائح تساعد الانطوائيين على تجنُّب الاحتراق الوظيفي:
ما دمتَ شخصاً يغلُب عليه طابَع الانطوائية، فلا مفرَّ من اختبار الشعور بالإرهاق الناتج عن العلاقات الاجتماعية من وقت لآخر، وإضافةً إلى ذلك، فإنَّك تعيش، على الأرجح، ومثل حال الكثيرين، في مجتمع تسوده ثقافة العلاقات الاجتماعية، ويكون فيه تفاعل الناس مع بعضهم جزءاً من الحياة اليومية، ولأنَّه كما ذكرنا لا يمكن أن يكون الحل بعزل نفسك كلياً عن المُجتمع؛ فإنَّ الحل الأمثل هو أن تستثمر في عادات وطرائق رعاية الذات التي تجنِّبك الإفراط في التحفيز، وتساعدك على الحفاظ على توازنك الوجداني.
إليك فيما يأتي 4 نصائح تساعد الانطوائيين على تجنُّب الاحتراق الوظيفي:
1. قم بإدارة مستويات الطاقة لديك:
أهم شيء يجب القيام به لتجنُّب احتراق الشخص الانطوائي وظيفياً، هو تتبُّع مستويات الطاقة لديه، ففي حين تكون مستويات الطاقة عند بعضهم في أعلى مستوياتها خلال فترة الصباح، يشعر بعضهم الآخر بحيوية أكبر في فترة ما بعد الظهيرة؛ إذ تسمح لك معرفة كيفية تغيُّر مستوى طاقتك النفسية والجسدية على مدار اليوم بالتخطيط بعناية لنشاطاتك وتفاعلاتك الاجتماعية.
مثلاً إذا كنت ممن يحبُّون فترة الصباح، فحاول أن تجدول الاجتماعات الهامة في فترة ما قبل الظهيرة، ودع المهام الأخرى لباقي اليوم، وتستطيع بهذه الطريقة أن تتجنب الاحتراق الوظيفي الناتج عن القيام بكثير من التفاعلات الاجتماعية خلال الوقت الذي تنخفض فيه طاقتك النفسية والجسدية (فترة ما بعد الظهيرة).
2. ارفض دعوات الآخرين للخروج، والحديث عندما تشعر بأنَّك غير قادر على الاستمتاع معهم:
لا يجب وبخاصة بالنسبة إلى الشخص الانطوائي أن يكون إرضاء الناس على حساب صحتك وسلامتك العاطفية والنفسية، بمعنى أنَّك إذا كنت توافق على جميع الدعوات وذلك حتى عندما تفتقر للطاقة اللازمة للاستمتاع بحديث مع شخص آخر، فمن المرجَّح أن تختبر بصفتك شخصاً انطوائياً الاحتراق الوظيفي.
على الرغم من أنَّه من الضروري أن تولي أهميةً لاحتياجات الآخرين، وتوافق على ما يُطلب منك من وقت لآخر، لكن يجب أن تحرص على ألا تتجاهل احتياجات صحتك النفسية من خلال قبول كل دعوة تتلقاها، ولا بأس بأن ترفض بلباقة عندما يطلب منك مجموعة من أصدقائك الخروج معهم لقضاء الوقت في مكان ما، ولا بأس بأن تمتنع عن الرد على اتصالات الآخرين عندما تشعر بأنَّك غير قادر على الإصغاء بعناية لما سيقوله، أو غير قادر على الاستمتاع معه بالمحادثة.
3. اقضِ بعض الوقت وحدك:
أبسط وأسهل طريقة تساعد الأشخاص الانطوائيين على الاسترخاء واستعادة طاقتهم هي بالانعزال إلى بعض الوقت، وسواء كنت تفضِّل الجلوس وحدك وقراءة كتاب، أم مشاهدة فيلم ما، أم أخذ قيلولة، فإنَّ قضاء الوقت وحدك يساعدك على استعادة توازنك النفسي والعاطفي، ولكن توجد عدة فوائد أخرى يمكن أن تجنيها من خلال قضاء الوقت وحدك بطريقة هادفة، ومن ذلك مثلاً أنَّك قد تكتشف أشياء عن نفسك لم تكن تلاحظها في السابق، ففي الواقع ينصح بعض الخبراء جميع الأشخاص بمن فيهم الاجتماعيون؛ بأن يقضوا بعض الوقت وحدهم.
4. تجنَّب المبالغة في توضيح طبيعتك وتبريرها للآخرين:
لن يفهم الجميع السبب الذي يدفعك لرفض الخروج وقضاء الوقت مع الآخرين بعد العمل، ويظن بعض الأشخاص أنَّ فكرة "الإرهاق الذي يُصاب به الانطوائيون" بمنزلة عذر لا أكثر؛ لذلك يجب أن تفهم سلفاً أنَّ بعضهم سيعد رفضك للخروج أو قضاء الوقت قضية تتعلق بشخصه، وليس بسبب طبيعتك الانطوائية، وكلما حاولت تبرير نفسك أكثر، شعرتَ بمزيد من الإحراج والضيق.
إذا كان الطرف الآخر لا يريد أو لا يستطيع أن يستوعب أنَّ الإفراط في التفاعلات الاجتماعية يسبب لك الإرهاق، فلا جدوى من محاولة إقناعه بأية طريقة.
إليك هذه النصيحة الذهبية: لا توضِّح للآخرين طبيعتك، ولا تعتذر أبداً للآخرين بسبب سمات معيَّنة في شخصيتك؛ أي لا تشعر بالإحراج من شخصيتك، فالانطوائية ليست عيباً، بل سمة في الشخصية.
شاهد بالفديو: 5 خطوات لمواجهة الاحتراق الوظيفي
في الختام:
تتراوح درجات الانطوائية بين من يستطيع قضاء اليوم بأكمله وحده دون أن يشعر بالحاجة إلى الاختلاط بالآخرين، وبين من يحتاج إلى قليل من التفاعلات الاجتماعية، وبين من يملك في نفس الوقت سمات الشخصيتين (الانطوائية، والاجتماعية)، ولكن لا يجب في أي حال من الأحوال أن نعد أنَّ الشخص الاجتماعي معادياً للمجتمع، أو شخصاً لا يحب الآخرين.
تقبَّل نفسك وحاول أن تولي مزيداً من الاهتمام للرعاية الذاتية، وستجد أنَّ الانطوائية سمة مفيدة في كثير من الجوانب؛ بل قد تتمكن ربما من استثمارها في تحقيق كثير من الإنجازات.
أضف تعليقاً