لا يصل المعنى المقصود من الكلام إلى المتلقي عند الإفراط في استخدام هذه الكلمات، وقد يفقد تركيزه وانتباهه ويتوقف عن الإصغاء إلى الحديث، فلا بأس باستخدام كلمات الحشو بشكل عابر في المحادثات اليومية، ولكنَّ المتحدث الطليق والمقنع يتجنب الإفراط في استخدامها في حواراته وخطاباته.
تعريف كلمات الحشو:
هي الكلمات التي يلجأ معظم الأفراد خلال محادثاتهم مع الآخرين إلى استخدامها، مثل: "إذاً"، "همم"، "حسناً"، "نعم"، "أقصد"، "أعني" وهلم جراَ.
لا تضيف هذه الكلمات معنى أو فكرة جديدة إلى الحديث، لكنَّها لا تُستخدَم عبثاً، فهي تمنح الفرد بعض الوقت للتفكير في الكلام الذي سيطرحه بعدها، ويعرف الطرف المقابل بهذه الطريقة أنَّك لم تنهِ كلامك بعد، ويمنحك الوقت الذي تحتاج إليه لتكمل حديثك، تساعد هذه الكلمات من ناحية أخرى على تجنب الصمت المفاجئ والمحرج خلال المحادثات.
هذه الكلمات مقبولة إلى حدٍّ ما في المحادثات الاعتيادية، لكنَّها مرفوضة كلياً عند التحدث أمام العامة، فيعتقد الجمهور أنَّ المتحدث نسي الأفكار التي يريد أن يطرحها عندما يستخدم كلمات الحشو في خطابه، وهو ما يؤثر في مستوى انتباههم واندماجهم معه.
الحد من استخدام كلمات الحشو:
ثمة مجموعة من التقنيات والطرائق التي تساعد على الحد من استخدام كلمات الحشو اللفظية في الخطابات والعروض التقديمية الرسمية والمحادثات اليومية الاعتيادية، ويجب التنويه إلى أنَّ هذه الكلمات لا تشكل عائقاً أو مشكلة في حياة الفرد عند استخدامها بشكل عابر في المحادثات والحوارات والخطابات، بل تبرز المشكلة فقط عند الإفراط في استخدامها دون أن تضيف أي معنى إلى الكلام.
فيما يأتي:
7 طرائق للحد من استخدام كلمات الحشو وزيادة الطلاقة والثقة بالنفس في أثناء الحديث:
1. التمهل في الحديث:
يعاني معظم المتحدثين المبتدئين من بعض الأعراض الجسدية والنفسية بسبب رهاب التحدث أمام العامة، فيؤدي شعور القلق إلى زيادة سرعة التحدث والمبالغة في استخدام كلمات الحشو.
يميل معظم الأفراد بشكل تلقائي للتحدث بسرعة عند الشعور بالخوف، أو القلق، أو التوتر، ويعجز الفرد في مثل هذه الظروف عن التحكم في سرعة كلامه، فيمكنك أن تنتبه لكلمات الحشو وتتجنب استخدامها بسهولة عندما تطرح أفكارك على مهل دون أن تستعجل في حديثك خلال اجتماعات العمل، والمحادثات اليومية مع الأصدقاء والمعارف، وعند التحدث في الفعاليات والمؤتمرات.
يساعد هذا التمهل على تعزيز قدرة المتحدث على إدراك أفكاره، وطرح محاور النقاش أو العرض التقديمي بأريحية وسلاسة وترابط منطقي.
2. التوقف عن الكلام:
تقتضي هذه الطريقة أن تعتاد على التوقف خلال الحديث بدل أن تلجأ لكلمات الحشو، يتقن نخبة المتحدثين حول العالم استخدام تقنية التوقف لصالحهم خلال المؤتمرات والفعاليات.
لا يشعر هؤلاء المتحدثون بالضيق أو الانزعاج من الصمت، بل يستخدم المتحدث المحترف الصمت لترك انطباع أو موقف معيَّن لدى الجمهور وعند الانتقال لمحور جديد، فتراه يتنفس بعمق مبرزاً شعوره بالراحة والثقة بالنفس وابتسامته تعلو وجهه قبل أن يستأنف كلامه مجدداً.
يمكن أن يبدو الخطاب ضعيفاً وغير مترابط منطقياً عند حذف جميع كلمات الحشو واستبدالها بالصمت، لا سيما إذا كنت معتاداً على الإفراط في استخدامها.
لهذا السبب يُنصَح بالتدريب على الإلقاء لعدة مرات والتركيز على كلمات الحشو في أثناء ذلك لكي تلاحظ مدى اعتمادك عليها في محادثاتك؛ فحاول أن تستبدل كل واحدة من هذه الكلمات بلحظة صمت في أثناء التدريب على الإلقاء، ويبرز هذا الصمت مدى ثقتك بنفسك وبراعتك في التحدث أمام العامة كما أنَّه يساعد على الحفاظ على تركيز الجمهور واندماجهم مع المحتوى الذي تقدمه.
شاهد بالفديو: 6 نصائح للتحدث بثقة أكبر أمام الجمهور
3. تصوير نفسك في أثناء التدريب:
تساعد هذه الطريقة على إدراك مدى اعتمادك على كلمات الحشو في محادثاتك، وهي تتطلب منك أن تصور نفسك في أثناء التدريب وتشاهد مقاطع الفيديو لتقييم أدائك وإحصاء عدد كلمات الحشو المستخدمة.
يجب أن تتدرب على إلقاء الخطابات 3-5 مرات على الأقل وتصور نفسك، وتراجع التسجيل بعد كل محاولة لإحصاء عدد كلمات الحشو المستخدمة، وحاول أن تنتبه للغة جسدك أيضاً لكي تترك انطباعاً حسناً ويكون حضورك طاغياً على المنصة.
عليك أن تحصي عدد كلمات الحشو في كل مرة وتحاول مجدداً، ويمكنك أن تتدرب على الارتجال في أوقات فراغك عن طريق اختيار موضوع عشوائي والتحدث عنه لمدة دقيقة واحدة على الأقل دون أن تستخدم كلمات حشو.
4. التدريب على الإلقاء أمام الآخرين:
تقتضي الطريقة المثالية لإدراك كلمات الحشو وتحسين مهارات التحدث أمام العامة أن تتدرب أمام جمهور موثوق في أثناء الاستعداد لإلقاء خطاب أو عرض تقديمي في فعالية أو حدث ما، تساعد هذه الطريقة على الاعتياد على التحدث أمام الجمهور، كما أنَّها تتيح لك إمكانية الحصول على تغذية راجعة بنَّاءة وموضوعية عن مدى استخدامك لكلمات الحشو واعتمادك عليها في خطاباتك.
يمكنك أن تلقي العرض التقديمي أو الخطاب أمام أصدقائك، أو زملائك، أو أفراد عائلتك، وتطلب منهم تنبيهك عندما تستخدم كلمات الحشو، فتساعدك ملاحظات هذا الجمهور الموثوق على تحسين خطاباتك، فقد ينصحك أصدقاؤك بالحفاظ على استرخائك وتخفيف حدة توترك، أو زيادة عدد مرات التوقف في أثناء الإلقاء، أو التحدث بثقة أكبر، أو التطرق إلى المحاور الأساسية بتفصيل أكبر على سبيل المثال.
5. تنمية مهارات الإدراك:
يُفترَض أن تساعدك الطرائق والتمرينات الواردة في المقال على إدراك الأنماط التي تتبعها في حواراتك وخطاباتك، ولا يجب أن تتسرع في هذه المرحلة في إصدار الأحكام على نفسك ومحاولة تحسين الوضع مباشرةً، بل يكفي أن تبدأ بالانتباه لكلمات الحشو التي تفرط في استخدامها بالعادة وتحدد السياقات والموضوعات التي ترد فيها.
تقتضي الخطوة الأولى للتوقف عن استخدام كلمات الحشو في المحادثات والخطابات أن تحدد الكلمات التي تفرط في ذكرها وتلاحظ الأنماط والسياقات التي ترد فيها.
تساعد هذه الطريقة على زيادة قدرة الفرد على إدراك أنماط استخدام كلمات الحشو، وهذا الإدراك ضروري؛ لأنَّه يتيح للفرد إمكانية الانتباه لنمط كلامه وتجنب استخدام كلمات الحشو، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة تركيزه في أثناء الإلقاء والحد من استخدام هذه الكلمات ما أمكن، وتزداد مهارات الوعي والإدراك مع التدريب والممارسة.
يمكنك أن تتدرب على ملاحظة أنماط كلام الآخرين وتستفيد من هذا التمرين في الانتباه لحواراتك وتحديد كلمات الحشو التي تستخدمها في المحادثات الاعتيادية، وقبل الإجابة عن الأسئلة، وفي مطلع حديثك خلال اجتماعات العمل.
6. زيادة المخزون اللغوي:
يميل بعض الأشخاص لاستخدام كلمات الحشو عندما يكونون غير واثقين بخطابهم أو بسبب عجزهم عن إيجاد الكلمات المناسبة في أثناء الطرح؛ لهذا السبب يُنصَح بزيادة المخزون اللغوي عن طريق الاطلاع على المفردات الجديدة، فتساعد هذه الطريقة على تحسين مهارات التواصل اللفظي والكتابي، وزيادة الثقة بالنفس، وتقليل استخدام كلمات الحشو.
حاول أن تحفظ وتكتب وتتعلم كلمات جديدة بصورة منتظمة؛ لكي تزيد من مخزونك اللغوي وحصيلة المفردات الخاصة بمجال التحدث أمام العامة، ويجب أن تبحث عن معاني الكلمات التي لا تفهمها في المعاجم، وتخصص ما يكفي من الوقت لحفظها وترسيخها في ذاكرتك، يمكنك أن تبحث بعد ذلك عن السياق المناسب لاستخدامها والموضوعات التي ترد فيها لكي تستفيد منها في حواراتك المقبلة.
7. الممارسة:
تساعدك الممارسة على اكتساب الثقة بالنفس التي تحتاج إليها للحد من استخدام كلمات الحشو وتحسين أسلوب العرض والإلقاء والتقديم، وزيادة قدرتك على التعبير عن أفكارك والمعنى المراد منها بوضوح وترابط منطقي دون أن تضطر لاستخدام كلمات الحشو.
تستغرق الممارسة بعض الوقت في البداية لكنَّها تساعد على تخفيف شعور التوتر الذي يدفعك لاستخدام كلمات الحشو في خطاباتك، أي باختصار، تساعد الممارسة على زيادة شعور الراحة والثقة بالنفس والحد من استخدام كلمات الحشو في أثناء الإلقاء والتقديم.
يزداد تركيز المتحدث وقدرته على التعبير عن أفكاره ومشاركتها مع الآخرين بوضوح وترابط منطقي مع التدريب والممارسة والاستعداد لكافة عمليات وأشكال التواصل.
يجب عليك أن تتدرب على تطبيق الطرائق المذكورة آنفاً لكي تعتاد عليها وتنجح في الحد من استخدام كلمات الحشو وتزداد ثقتك بنفسك في أثناء التحدث أمام العامة.
استخدام كلمات الحشو في المحادثات والحوارات من العادات السيئة والشائعة بين كثير من الأفراد، ويمكنك أن تتخلص من هذه العادة عن طريق اكتساب عادات جديدة صحية تساعدك على تنمية مهارات التحدث والقيادة وتضمن لك مستقبلاً واعداً، يمكنك أن تختار العادات التي تناسبك وتعمل على ترسيخها في حياتك عبر الممارسة.
في الختام:
قدم المقال مجموعة من الطرائق التي تساعد على تقليل الاعتماد على كلمات الحشو في المحادثات الاعتيادية والرسمية والخطابات، فالممارسة والتحضير ضروريان لتعزيز قدرتك على نقل أفكارك ومشاركة وجهات نظرك بحماسة وشغف، ويساعد التخطيط والتحضير على زيادة ثقتك بنفسك عندما تتحدث أمام جمهور كبير من الناس.
أضف تعليقاً