6 نصائح لممارسة التأمل المركّز

إن كنتَ تشعر خلال معظم فترات اليوم بالتوتر أو بعبء يُثقل كاهلك ولا يمكِنك التخلص منه، فقد يكون التأمل المركَّز هو الحل. سنستعرض في هذا المقال ماهيَّة التأمل المركَّز، والفرق بينه وبين باقي أساليب التأمل، وكيفية إجراء هذا التمرين والبدء به دون مماطلة، كما سنسلط الضوء على فوائد ممارسة التأمل المركَّز لصحتك العامة.



ما هو التأمل المركَّز؟

التأمل هو ممارسة تُعزِّز الوعي الذاتي من خلال التنفس والاهتمام بالتواصل بين الذهن والجسم والروح، أما التأمل المركَّز المعروف أيضاً باسم: "التأمل التركيزي" هو ممارسة التأمل والتركيز على هدف واحد، حيث يمكِن لهذا الهدف أن يكون شيئاً عملياً وملموساً مِثل: رسومات أو لهب النار لتخليص ذهنك من الأمور التي تُشتِّته وتسلبه التركيز، أو قد يكون هدفاً مجرداً مثل: ترديد العبارات التحفيزية.

يصبح كلُّ ما تركِّز عليه محور تأملك، ويمكِنك التركيز على أيِّ شيء تختاره، فهي ببساطة خيارات تمنحك طرائق للاستفادة من التأمل، فعلى سبيل المثال: يختار ممارسو التأمل النظر إلى لهيب الشموع لتفسير أشكال الأخيلة الناتجة عن ضوئها، بينما يختار آخرون عبارات التحفيز ليستمدوا منها القوة.

كيف يختلف هذا التأمل عن أنواع التأمل الأخرى؟

تتداخل أساليب وممارسات التأمل جميعها وتستند إلى بعضها بعضاً، ولها الأساس نفسه: وهو منح ممارسي التأمل النظرة الثاقبة والاستبطان.

التأمل المُركَّز على وجه التحديد هو التركيز على شيء واحد طوال فترة الممارسة، ويختلف أسلوب التأمُّل هذا عن الأساليب الأخرى؛ لأنَّه يعطي الممارس شيئاً ملموساً للقيام به وهو التركيز، فهو أشبه بإعطاء أمرٍ لذهنك ليفعله مثل: استمِع إلى هذا الصوت، وكرِّر هذه الكلمات، وشاهِد هذا اللهب، وما إلى ذلك، وهذا بعض ما يجعل أسلوب التأمل هذا تقنيةً عظيمة للمبتدئين.

إحدى أكبر الصعوبات في أي تمرين تأمل أن تنجرف أذهاننا بعيداً وتتقاذفنا الأفكار العشوائية، أمَّا في التأمل المركَّز فإنَّنا نملي على الذهن ما يفعله كيلا نفقد السيطرة عليه، فهذا النوع من التأمل مفيد للمبتدئين وللممارسين الذين يُفضِّلون تنظيم تأملاتهم وتوجيهها.

فوائد التأمل المركَّز:

في هذا النمط من التأمل، ما تفعله حقاً هو تدريب ذهنك نظراً لكونه يتأثر بشدة في ممارسة التأمل المخصَّصة والمركَّزة.

أجرى العلماء دراسات لا حصر لها حول التأمل المركَّز، ووجدوا زيادةً في حجم المادة الرمادية في أدمغة ممارسي التأمل النشيطين، وبذلك يعوضون التدهور المعرفي الذي يصاحب الشيخوخة، وهكذا نستنتج أنَّ ممارسة التأمل المركَّز لا تساعدك فقط على تعلُّم كيفية التركيز بصورة أفضل على مهام معيَّنة؛ بل وتُحسِّن أيضاً وظائف مماثلة مثل الذاكرة.

كما يساعد التأمُّل المُوجَّه في الحد من أعراض الاكتئاب والقلق التي يعاني منها مجتمعنا في الوقت الحاضر، ومِن خلال تركيز انتباهك على شيء ما، فأنت تُعزِّز بصورة أساسية قدرتك على مراقبة أفكارك وأحاسيسك بموضوعية، مما يبعدك عن الحديث السلبي مع النفس، والذي يكون غالباً أرضاً خصبةً للاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى.

شاهد بالفديو: 7 فوائد للمشي التأملي

كيفية ممارسة التأمل المركَّز:

فيما يلي ست نصائح لمساعدتك على ممارسة التأمل المركَّز، وقد تتغير هذه النصائح وتتطور حسب وقت فراغك واهتمامك، لكنَّها ستكون ذات فائدة عظيمة عند ممارسة التأمل بانتظام.

1. اجلس على كرسي مريح:

الراحة هي العنصر الأساسي في تمرينات التأمل جميعها، حيث يتجاوب الجسد مع ممارسة التأمل من خلال إعلامك ما إن كنتَ تشعر بالراحة، أو الدعم، أو التوتر، أو الألم، ويمكِن ملاحظة هذا الأمر أكثر في الممارسين الذين يعانون من الارتخاء وضعف العمود الفقري الضروري لممارسة التأمل.

القاعدة البسيطة في الجلوس في وضعية التأمل هي التأكد من أن يكون الورك أعلى من ركبتيك، لهذا السبب قد يكون اختيار الجلوس على كرسي بدلاً من الجلوس على الأرض قراراً صائباً، كما يمكِنك الجلوس على وسادة، وفي نهاية المطاف، اجلس كيفما تريد طالما أنَّك مرتاح وتحس بالدعم في أثناء فترة التأمل.

2. اختر موضوع التركيز الخاص بك:

تختلف جلسات التأمل لاختلاف المواقف اليومية التي يمر بها كلُّ شخص فينا؛ لذلك، فإنَّ اختيار الهدف يتعلق تعلُّقاً كبيراً بمعرفة ما تحتاجه في هذا الوقت، وليس اتِّباع مجرد تعليمات أو قواعد.

إذا ساورَتك الشكوك، وواجهتَ صعوبةً في إيجاد هدف للتركيز عليه، فاجعل أنفاسك هي الهدف، وتابِع خروجها ودخولها، ثمَّ أحصِ شهقاتك وزفراتك، وبمجرد أن تصل إلى رقم 10، ابدأ من جديد، فهذه واحدة من أبسط الطرائق لتشغل ذهنك من خلال تكليفه بمهمة وتدريبه أيضاً، وبمرور الوقت ومع الممارسة، سيركز ذهنك بسهولة على شيء ما دون بذل الكثير من الجهد.

إقرأ أيضاً: علامَ تدل الأحاسيس التي تظهر في أثناء ممارسة التأمل؟

3. اضبط الوقت:

إذا كان لديك روتين مُنظَّم وترغب في الالتزام بجدولك الزمني، فاضبط المؤقت لفترة وجيزة تتضمن المدة التي تريد فيها لجلسة التأمل أن تستمر، وهذه أيضاً فرصتك لاستبعاد الاعتقاد الخاطئ أنَّ التأمل يجب أن يكون لفترة زمنية محدَّدة.

إذا كان لديك مُتَّسعٌ من الوقت، تستطيع أيضاً الإصغاء إلى جسدك والخروج من التأمل عندما تشعر أنَّ من المناسب أن تفعل ذلك، فغالباً ما تكون هذه ممارسة جميلة للإصغاء والمتابعة.

4. أرخِ جسمك وركِّز على التأمل:

تتشنج أجسامنا غالباً عندما نركز على شيء ما، ولاحِظ في المرة القادمة التي تُركِّز فيها على شيء ما كيف يتشنج فكك وينكمش كتفاك قريباً من أذنيك.

ضع ذلك في اعتبارك عندما تندمج في التأمل، وراقِب جسدك بين الحين والآخر، ودع كتفيك ينخفضان إلى ما دون مستوى الظهر وأرخِ أيَّ تشنُّج حاصل في فكك ووجهك. أخيراً، أرخِ جبينك وأرِح عينيك، ثمَّ عُد إلى التأمل ولاحِظ كيف يتغير عندما ترخي جسمك.

5. ارجع إلى أنفاسك والهدف الذي كنتَ تركز عليه عندما يتشتت انتباهك:

لاحِظ أنَّنا استخدمنا "عندما" وليس "إذا" لأنَّك بالتأكيد سوف تنجرُّ خلف الأفكار العشوائية بعيداً عن الهدف الذي تركز الانتباه عليه، فلا يمكِنك الحد من التشتيت في التأمل؛ لذا فهذه فرصتك للتدرب على إبعاد نفسك عن الشعور بالذنب أو عدم القدرة على المواصلة.

بمرور الوقت ومع الممارسة، ستجد أنَّه من السهل الإبقاء على الغرض الذي تُركِّز عليه، أما الآن فانتبِه عندما يتشتت انتباهك، وتوقَّف لبرهة وخذ شهيقاً وزفيراً عميقين، وراقِب جسمك واسترخِ، وبمجرد أن تصبح جاهزاً مرة أخرى، عُد إلى الهدف الذي تركز عليه؛ فالتأمل هو مجرد حلقة مستمرة من الشرود والعودة إلى الواقع.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: كيف تتأمل يومياً وتجعل من يقظة عقلك عادة يومية

6. دوِّن تجاربك:

عندما تنتهي من ممارسة التأمل، هناك تمرين فعال آخر تستطيع ممارسته وهو تدوين الأحاسيس التي انتابتك، فقد تكون أفكار وتجليات راودَتكَ في أثناء جلستك وترغب في تدوينها.

كما يمكِنك الكتابة عن أيَّة صعوبات واجهتَها، فهذه دروس رائعة ستستمر في الظهور؛ لذا من الجيد الاحتفاظ بدفتر يوميات لمعرفة كيف تتطور وتتقدم بمرور الوقت. أخيراً، يمكِنك الكتابة عن أيِّ شيء يخطر ببالك، طالما أنَّك تختار أهدافك الخاصة للتأمل، ويمكِنك بهذه الطريقة معرفة ما ترتبط به وتشعر بالراحة لوجوده.

الخلاصة:

إذا كانت ممارسة التأمل تجعلك تشعر بالضياع والافتقار للدعم، فجرِّب التأمل المركَّز وسوف يُنظِّم وقت التأمل ويُقدِّم الإرشاد والدعم بمساعدة هدفٍ تعيره اهتمامك.

سيساعد تكريس نفسك لهذا النمط من التأمل على تحسين ذاكرتك، وتقليل التوتر والقلق، وتعزيز الوظيفة المعرفية بصورة أفضل، على الرغم من أنَّ أيَّ نمط من التأمل هو وسيلة قوية للعناية بصحتك النفسية، ولكن يمنح التأمل المركَّز ذهنك هدفاً ملموساً ينمِّيه ويزيده قوة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة