6 نصائح فعالة لإحراز مزيد من الإنجازات باتباع مبدأ التقليل

قد نشعر غريزياً بأنَّنا نريد فعل كل شيء بعد العودة إلى الحياة الطبيعية بعد قضاء مدَّة طويلة في العزل الصحي، فنندفع إلى المشاركة في جميع الأنشطة، وإعادة التواصل مع الأصدقاء والزملاء، والعودة إلى السعي وراء اهتماماتنا، ولكنَّ هذه السرعة في التحوُّل ليست فكرة جيدة؛ فهي تشبه تناول الكثير من الطعام بعد الجوع الشديد لفترة طويلة؛ أي أنَّنا نجازف بإرهاق أنظمتنا وتقليل سعادتنا وإحساسنا بالرضا؛ لذا يُعدُّ وضع قيودٍ تنظِّم حماستنا وأنشطتنا هو النهج الأفضل، فالقليل يمنحنا الكثير أحياناً، على سبيل المثال: كلما قلَّت الأنشطة، امتدَّ وقت التفكير، وكلما قلَّت الأغراض؛ اتَّسعت مساحات منازلنا، كما يساعد وجود عدد أقل من الأصدقاء على بناء علاقات أعمق.



الرغبة في المزيد:

من الطبيعي أن ترغب في فعل الكثير من الأمور؛ فوفقاً لبحث أُجرِيَ في "جامعة فيرجينيا" (University of Virginia)، تميل أدمغتنا إلى اتباع نهج "الإضافات"، على سبيل المثال: نحن نسعى إلى حل المشكلات بإضافة عنصر آخر إلى الحل، ونريد تحسين الوصفة بإضافة التوابل، كما تعلَّمنا أنَّه بالنسبةِ إلى الإبداع، فإنَّ الكمية أفضل من الجودة؛ وذلك لأنَّ الفكرة الحمقاء تؤدي عادةً إلى نتيجة رائعة.

ولكن يوضِّح العلم أنَّ ثقافة "الأكثر هو الأفضل" تأتي بنتائج عكسية، وقد تحدُّ من سعادتنا وقدرتنا على الإنجاز؛ إذ خلصت الدراسات في "جامعة بايلور" (Baylor University) إلى أنَّه كلما كان الناس أكثر مادية، أصبحوا أقل سعادة ورضا، كما وجدت الأبحاث في جامعة "نورث وسترن" (Northwestern University) أنَّه عندما كان الناس أكثر تركيزاً على الثروة واكتساب المزيد من الممتلكات، كانوا أكثر اكتئاباً وقلقاً، وكانت علاقاتهم أقل إيجابية.

لقد واجهت الثقافة الشعبية هذه النزعة من خلال قول إنَّ الأقل هو الأفضل، ممَّا جعل الحركة التقليلية (minimalism) في ذروتها، ومن المثير للاهتمام، أنَّ أول مَن ذكر فكرة أنَّ القليل يمنحنا الكثير هو "روبرت براوننج" (Robert Browning) في قصيدة نشرها عام 1855، ومن ثمَّ لا تُعدُّ فكرة التقليل جديدة على الإطلاق، ولكن لا يجعل هذا الأمر سهلاً بالضرورة.

كيف يمكنك إذاً أن تحقِّق المزيد من السعادة والإنجاز والرضا من خلال مهارة التقليل بدلاً من الإضافة؛ إليك ست نصائح تساعدك على ذلك:

1. أعِد التفكير في اهتماماتك:

تُعدُّ شخصيتك واهتماماتك أهم ما يجب مراعاته عند اتِّباع الحركة التقليلية؛ لذا ارسم ثلاث دوائر، وضَع إحداها داخل الأخرى، في الدائرة الداخلية، دوِّن الأشياء التي تراها أساسية والقيم أو الأنشطة التي دونها لن تظهر بشخصيتك الحقيقية، مثل قيم الأسرة والوقت الذي تقضيه في توصيل أطفالك إلى المدرسة، أو الصحة أو اليوجا التي تمارسها، وفي الدائرة الثانية، ضَع الأشياء الهامَّة ولكنَّها ليست جوهرية، وفي الدائرة الثالثة، ضع الأشياء التي تستمتع بها ولكنَّها ليست هامَّة بالنسبةِ إليك، ثمَّ استخدم هذا التقسيم كدليل لما قد تزيله من قائمة أنشطتك بمرور الوقت، وحاول تقليل الأشياء غير الجوهرية وليس العكس.

2. أنشئ قائمة أولويات:

عند اتخاذ القرارات، تكون قائمة الأولويات المجرَّبة والحقيقية فعَّالة دائماً؛ لذا ضَع قائمة بأهم الأمور بالنسبةِ إليك، من حيث قيَمك والإجراءات التي تدعم تلك القيم، وبعد ذلك، أدرِج الأشياء التي تقضي فيها وقتاً يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً، وبعد الانتهاء من القائمة، اشطب الأجزاء الأقل أهمية، وركِّز على الأشياء الهامَّة حتى تتمكَّن من العمل عليها بكامل طاقتك؛ وذلك لأنَّك عندما تقبل كل شيء، سواء مشروع جديد في العمل أم فرصة جديدة أم دعوة من الأصدقاء أم نشاط ممتع، لن تستطيع تركيز طاقتك على الأمور الهامَّة حقاً؛ اشطب بعض الأشياء من قائمتك للعمل على الأمور الأكثر أهمية.

3. فكِّر في مدى تأثيرك:

نحن جميعاً نريد أن نكون مؤثرين؛ فكل شخص يرغب في أن يكون والداً عظيماً أو صديقاً رائعاً أو عضواً مميزاً في فريق، ولكن إذا كان تركيزك مشتتاً للغاية، وتضطر إلى تنفيذ الكثير من المهام، فيمكنك تحسين الطريقة التي يمكنك بها أداء كل دور من خلال إنشاء خريطة لمكان تأثيرك، مع تحديد نقاط تأثيرك فيها.

على سبيل المثال: يمكنك إحداث تأثير من خلال مساعدة جارك، أو مساعدة زميل لك غريب عن البلد، أو مساعدة أحد أقاربك الذي يعيش في مكان بعيد، ثمَّ فكِّر في جميع المناطق التي تؤثر فيها، وقيِّم أيَّهم أكثر أهمية، وفي أيِّهم يمكن أن تقضي وقتاً أقل، وحاول أن تحدِّد خياراتٍ يكون لها تأثير أكبر في أماكن أقل.

4. اهتم بالعلاقات:

تُعدُّ العلاقات شريان الحياة لمجتمعاتنا وصحتنا العقلية، ولكن لا يمكنك أن تكون متاحاً للجميع؛ لذا يجب أن تنظِّم هذا الأمر من خلال كتابة أسماء الأشخاص أو المجموعات التي تؤثر فيها، واهتم بكلٍّ من العلاقات المقرَّبة؛ أي الأشخاص الذين تراهم وتتفاعل معهم باستمرار، والعلاقات الأقل قرباً؛ أي الأشخاص الذين تتفاعل معهم تفاعلاً أقل، وحدِّد الأشخاص الذين يجب الحفاظ على علاقات قوية معهم، وبعد ذلك، اسمح لنفسك بتقليل الطاقة التي تستثمرها في العلاقات التي قد تكون أقل أهمية.

إقرأ أيضاً: 4 خطوات لتحسين العلاقات

5. أنشئ مخططاً زمنياً:

يجب أن تفكِّر في مدى تأثير اختياراتك على الأمد القصير والمتوسط ​​والطويل، لقد وجد الباحثون في جامعة كونيكتكت (University of Connecticut) أنَّ الناس الذين يتَّخذون قراراتهم بناءً على متطلَّبات قصيرة الأمد تلبي حاجتهم وتشعرهم بالإشباع كانوا أكثر عرضة لاتخاذ قرارات اندفاعية سريعة، على عكس أولئك الذين يفكرون في النتائج طويلة الأمد ويتَّخذون القرارات والخيارات التي من شأنها أن تجعلهم سعيدين بمرور الوقت.

ومن ثمَّ يتعيَّن عليك وضع جدول زمني للأنشطة التي تفيدك أنت والآخرين على الأمد القريب والبعيد، وأن تحدِّد الأنشطة التي ستستمر في العمل عليها في كل مجال من هذه المجالات، على سبيل المثال: تريد الذهاب إلى سوق الخضروات لشراء طعام صحي للأسبوع (تأثير قصير الأمد)، أو يجب عليك الدراسة لامتحان نصف السنة (تأثير متوسط الأمد)، أو تريد التخطيط للحفاظ على أنشطة التواصل التي تساهم في نجاح حياتك المهنية على الأمد الطويل.

6. تحكَّم بعقليَّتك:

نحن بطبيعتنا نمقت الفراغ؛ لذا من الصعب اتِّباع حركة التقليل أو التبسيط، ولكن يجب أن تتجاوز ميولك إلى الإضافة والزيادة بذكاء، خاصةً فيما يتعلق بتغييرات نمط الحياة.

يمكنك أيضاً محاولة وضع عمليات التقليل التي تريدها في مصطلحات توحي بالإضافة، على سبيل المثال: إذا كنت ترغب في تقليل عدد الكربوهيدرات غير الصحية التي تتناولها، قُل لنفسك بدلاً من ذلك إنَّك تريد ملء طبقك بالفاكهة، أو إذا كنت ترغب في التوقُّف عن تناول الطعام خلال ساعات معينة (الصيام المتقطِّع)، فقُل لنفسك إنَّك تريد التركيز على البدء بشرب الكثير من الماء خلال تلك الساعات، وإذا كنت ترغب في الحد من نمط التفكير السلبي، فاقترح على نفسك أن تبدأ بالتفكير في شيء إيجابي بدلاً من ذلك.

وبالمثل، إذا كنت تحل مشكلات في العمل وكنت في مرحلة العصف الذهني، فحاول التفكير في جميع الحلول الممكنة التي تكسر النمط الحالي، فالفكرة هي التقليل من خلال خداع العقل بالإضافة أو الملء حتى لا يقاوم.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلم التخلي عمَّا لا يمكنك التحكم به؟

في الختام:

ليس من الضروري أن تطبِّق جميع هذه النصائح؛ فحدِّد تلك التي تتناسب معك وفكِّر في كيفية تطبيقها للتقليل من أجل الربح، ولا تنسَ أنَّ القليل يمنحك الكثير، والآن، استمتع بالعودة إلى العالم وبالحرية، ولكن لا تغمر نفسك بالكثير من الأنشطة كي تكون أكثر سعادة ورضا.

المصدر




مقالات مرتبطة