6 سلوكات تميِّز القادة المبتكرين

السِمة الأساسية المطلوبة لدى الشخص الذي يريد أن يبتكر، هي الاستعداد للتغيير. جميعنا نتبع سلوكاً مُعيَّناً لتأدية المهام، مع أنَّه قد يوجد طريقة أسرع وأفضل للقيام بذلك؛ إذ يتطلَّب التغيير طاقة وانضباطاً واستعداداً للقيام بشيء لم نفعله في السابق. والأشخاص المبتكرون هم الأشخاص الذين لا يقنعون بالأداء الجيد فحسب؛ بل الذين يطمحون للأداء الأميز.



إنَّه لأمر يدعو للاستغراب أنَّ معظمنا يرضى بالمستوى المتوسط في معظم مجالات حياتنا، وربما السبب وراء اقتناعنا بالأداء العادي هو أنَّنا اعتدنا على سير الأمور بشكل بطيء، بدءاً من الاختناقات المرورية والطوابير في المتاجر، وانتهاءً بالبيروقراطية في العمل التي تجعل أداء أي مهمة بطيئاً وصعباً؛ باختصار، نحن نرى أنَّ السير مع التيار أسهل بكثير من محاولة الابتكار التي تُحقِّق طرائق أكثر كفاءة وسرعة في أداء المهام.

إذا ما بحثتَ عن الأشخاص المبتكرين، فستجد أنَّهم مجرد أشخاص أرادوا توفير الوقت، والوصول إلى وسائل فعَّالة، وخيارات أكثر كفاءة لأداء المهام. لنفترض أنَّ شركتك بحاجة إلى جهود خلَّاقة لتطوير الابتكار في بيئة العمل، فسيكون أمام قادة الشركة واحد من خيارين لتحقيق ذلك:

1. تشجيع الموظفين للتقدُّم نحو الأمام، وهو ما يُسمَّى باستراتيجية الشد، وفي سبيل ذلك سيقوم القادة بعدد من الأمور منها:

  1. وضع مواعيد نهائية يتم خلالها الوصول إلى الابتكارات.
  2. مساءلة الموظفين عن الأمور التي قاموا بها لتحسين الابتكار.
  3. المتابعة المستمرة مع الموظفين للتأكُّد من تحقيق الأهداف.
  4. تشجيع الموظفين بقوة كي يحققوا المهام التي التزموا بإنجازها.

2. استقطاب اهتمام الموظفين حول فائدة الابتكار وهو ما يُسمَّى باستراتيجية الجذب، وفي سبيل ذلك سيقوم القادة بأمور عدة منها:

  1. يثيرون اهتمام وحماسة الموظفين حول ما تحققه الابتكارات من فوائد للشركة.
  2. إيجاد وسائل لتحفيز الموظفين على المزيد من الابتكارات.
  3. الاحتفاء بأي نجاح تم تحقيقه بفضل أحد الابتكارات.

البيانات تُظهر أنَّ استراتيجية الجذب أكثر فاعلية:

الأسلوبان مفيدان، ولكن من أجل تحديد أي الأسلوبين أكثر فائدة، راجع الباحثون بيانات لأكثر من 57,000 من قادة الشركات، وحدَّدوا الأكثر تميزاً من حيث استخدامهم لأسلوبي الشد والجذب. ثمَّ راجعوا تقييماتهم من حيث فاعليتهم في خلق بيئة تُشجِّع على الابتكار سواءً ضمن الشركة ككل، أم ضمن فريق عمل معيَّن داخل الشركة.

لقد وجدنا أنَّ القادة المصنَّفين تصنيفاً متدنياً من حيث استخدام إحدى الاستراتيجيتين، سجَّلوا معدَّلاً قدره 38% من حيث التشجيع على الابتكار. أمَّا القادة المميَّزون من حيث استخدام استراتيجية الشد دون الجذب، سجَّلوا معدَّلاً بلغ 58%، بينما القادة المميَّزون من حيث استخدام استراتيجية الجذب سجَّلوا معدَّلاً بلغ 73%.

يتَّضح من هذه البيانات أنَّه عندما يتعلَّق الأمر بالابتكار، فإنَّ استراتيجية الجذب تُشجِّع على الابتكار أكثر من استراتيجية الشد. ومع ذلك، عندما جرت مراجعة البيانات تبيَّن أنَّ القادة المميَّزين من حيث استخدام كلا الاستراتيجيتين معاً سجَّلوا معدَّلاً بلغ 85% من حيث التشجيع على الابتكار، وهذا الرقم يُظهر تأثير دمج الاستراتيجيتين معاً.

بمعنى آخر، استراتيجية الجذب أكثر فائدة للتشجيع على الابتكار، ولكنَّ القادة عندما يستخدمون التقنيات التي تنطوي عليها استراتيجية الشد من مساءلة الموظفين، ووضع مواعيد نهائية، وتشجيع الموظفين، فإنَّهم يُحقِّقون نتائج أفضل بكثير من النتائج التي تتمخَّض عن استخدام استراتيجية الجذب بمفردها.

شاهد: 4 طرق لتحديد الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات قيادة استثنائية

السلوكات التي تُميِّز القادة الذين يستخدمون استراتيجية الجذب:

بالنظر إلى القادة المميَّزين من حيث تأثيرهم في التشجيع على الابتكار واستخدامهم لاستراتيجية الجذب، أُجريَ اختبار إحصائي لتحديد السلوكات الأساسية التي ساعدتهم على خلق بيئة الابتكار. وقُورِنَت نتائجهم بنتائج جميع القادة الآخرين الموجودين في قاعدة البيانات لدينا، ومن ثمَّ فُرِزت السلوكات التي أظهرت الاختلافات الرئيسة في هذه النتائج.

هذه السلوكات التي حُدِّدَت، قد تساعد القادة كثيراً لزيادة فاعلية استراتيجية جذب الموظفين لخلق بيئة تُشجِّع على الابتكار.

1. يضعون أهدافاً صعبة قد تبدو مستحيلة للوهلة الأولى:

إنَّ تأثير الأهداف الصعبة أمر مذهل، فعندما تطلب من الموظفين زيادة الإنتاجية بنسبة 10%، فمن الممكن تحقيق ذلك بسهولة، من خلال العمل لوقت أطول أو بذل جهد أكبر، ولكن عندما تطلب زيادة الإنتاجية بنسبة 50%، فإنَّ الموظف سيضطر في هذه الحالة أن يُفكِّر مليَّاً في المشكلة؛ وهذا هو تأثير الأهداف الصعبة؛ إنَّها تجعل الموظفين يعيدون التفكير بالعملية الإنتاجية بأكملها، ومن ثمَّ يبدؤون التفكير بإجراءات لتحقيق هذه الأهداف الصعبة.

2. لديهم تصور واضح عن وجهة الشركة والهدف الذي يريدون تحقيقه:

وجدنا أيضاً أنَّ قادة الشركات لا يقومون بقيادة العملية بالتفصيل، ولكنَّهم في الوقت نفسه يملكون تصوُّراً واضحاً عن الهدف والاتجاه الذي يجب أن تسير وفقه الشركة. وهم يتواصلون غالباً حول الاتجاه المرغوب، وما هي الأمور التي يتطلَّبها تحقيق النجاح، كما أنَّهم يساعدون الموظفين على ربط مسؤولياتهم الوظيفية على الصعيد الفردي بأهداف العملية التجارية بالكامل.

في حين يخشى بعضهم أن تؤدي المبالغة في التواصل إلى نتائج عكسية، إلَّا أنَّه تبيَّن أنَّ مشكلة معظم قادة الشركات هي أنَّهم لا يتواصلون بالقدر الكافي.

إقرأ أيضاً: كيف تتجنب الاكتئاب الناتج عن العمل؟

3. لديهم استشراف لمستقبل الشركة:

بالإضافة إلى معرفتهم بمتطلَّبات تحقيق النجاح في الوقت الحاضر، فإنَّ هؤلاء القادة لديهم نظرة استشراف للمستقبل؛ بمعنى أنَّهم يعرفون ما تحتاجه الشركة لتحقيق النجاح في المستقبل. هذا الاستشراف للمستقبل والتخطيط الدؤوب لتحقيق الأهداف، يُبقي الموظفين على المسار الصحيح، ويجعلهم يشعرون بأنَّ خطواتهم نحو تحقيق النجاح مدروسة وثابتة.

4. لديهم قدرة كبرى على إجراء التعديلات بسرعة:

تغيير بيئة العمل لتصبح أكثر ابتكاراً هو في الواقع مهمة صعبة وشائكة؛ لذلك، فإنَّ هؤلاء القادة يمتلكون مهارة فذَّة في إدراك المشكلات والقيام بالتعديلات الضرورية بسرعة كبرى. وهم يُشجِّعون الجميع على التعلُّم من الأخطاء ثمَّ المضي قدماً. علاوةً على ذلك، فإنَّهم يُقدِّمون الدعم للأشخاص الذين يرتكبون الأخطاء؛ لذلك، يشعر الأشخاص الذين يعملون تحت قيادة هذا النموذج من المديرين أنَّ المدير يدعمهم ولن يتخلَّى عنهم عند أول مشكلة تعترضهم.

5. يستثمرون الابتكار لاستقطاب العملاء:

تصبح الابتكارات مشاريع مرغوبة ومفيدة للشركة بسرعة، ولكن تكمن الصعوبة بتحويل هذه الابتكارات إلى مشاريع ذات قيمة عالية بالنسبة إلى العملاء؛ أي تجعل العميل يقتنع بأهمية الابتكار. يفهم هؤلاء القادة الاستثنائيون الحاجات الحالية والمستقبلية للعملاء، ويبحثون عن فرص لجعل أعضاء فريق العمل يتفاعلون مع العملاء، حتى يفهموا أكثر ما يريده العميل وما هو ملتزم به.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن للذكاء العاطفي أن يحسن أداءك في العمل؟

6. يسوِّقون للابتكار، ويحوِّلونه إلى صفقة تجارية رابحة:

يعتقد أغلبية الناس أنَّ أهمية ابتكار جديد هو من الوضوح بحيث لا توجد حاجة للتسويق له، وغالباً ما يكون هذا هو سبب فشل الابتكارات؛ لأنَّ الأشخاص في الشركات الأخرى لا يرون قيمة هذا الابتكار، وهنا يأتي دور القادة الاستثنائيين في التسويق للابتكار وإقناع الآخرين به، ومن ثمَّ تحويله إلى صفقة تجارية رابحة.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة