العكس صحيح بالنسبة إلى مبادرات العملية؛ إذ يجب أن تُسنَد إلى أعلى مستوىً مناسب في المنظمة، وتشير كلمة "مناسب" إلى أنَّ الموظف لديه سلطة اتخاذ القرار لتخصيص الموارد اللازمة لضمان نجاح المبادرة، ونظراً للأهمية الكبيرة للمشاريع الاستراتيجية لمستقبل الشركة، يجب أن يكون الموظف المسؤول أقرب ما يكون إلى مستوى المدير التنفيذي، ولكن لا يجب إسناد كل هذه المبادرات إلى المدير التنفيذي؛ إذ يمكِن إسناد بعض المشاريع إلى موظف مباشر لديه أو شخص آخر مناسب.
الأدوار الأربعة في المساءلة:
هناك أربعة أدوار يمكِن إسنادها إلى المؤشرات والمبادرات، حيث يوضح تحديد هذه الأدوار المساءلة ويضمن أن يفهم كل شخص في شركتك كيفية تأثير عمله في المؤشر، وسيستلم كل شخص له تأثير في مؤشرٍ ما أحد هذه الأدوار الأربعة.
1. دور التأثير المباشر أو عوامل النجاح الحرجة (CSF):
الموظف الذي لديه أكبر تأثير مباشر في تحريك مؤشر العملية، في أدنى مستوىً في المنظمة، هو المسؤول عن المؤشر؛ حيث يصبح المؤشر عامل النجاح الحرج (CSF) له، ويأخذ عامل النجاح الحرج (CSF) بدوره قيمة المؤشر.
على سبيل المثال: إذا كان المؤشر هو "النسبة المئوية لعائدات العميل" وكان "الموظف جون" هو الشخص المسؤول عن الإنتاج في أدنى مستوىً في المؤسسة ولديه التأثير المباشر الأكبر؛ فإنَّ عامل نجاحه الحرج (CSF) هو "النسبة المئوية لعائدات العميل"، وبذلك، إذا كانت حالة المؤشر هي 5% في شهر معيَّن؛ فإنَّ قيمة عامل النجاح الحرج (CSF) بالنسبة إلى "جون" ستكون أيضاً 5%.
لنأخذ مثالاً آخر: "نسبة دوران مندوبي المبيعات غير المرغوب به". هذا مؤشر يقيس مدى السرعة التي تفقد بها موظفي المبيعات الموهوبين، فالشخص الأكثر تأثيراً بشكل مباشر في هذا المؤشر هو مدير المبيعات، لذلك، هذا هو عامل نجاحه الحرج، وإذا كانت حالة المؤشر 10% في شهر معيَّن؛ فإنَّ عامل النجاح الحرج (CSF) سيكون له نفس القيمة (10%).
2. دور التأثير متعدد الوظائف أو عامل التأثير الحرج (CIF):
نادراً ما يوجد مؤشر يتأثر بشخص واحد فقط؛ إذ عادةً ما يكون هناك عديدٌ من الأشخاص في المجالات الوظيفية المختلفة الذين يُؤثِّرون في نفس المؤشر، ولتحديد هذه المسؤولية المشتركة، نُحدِّد دور التأثير متعدد الوظائف ونُخصِّص مصطلحاً يسمى عامل التأثير الحرج (CIF) لأولئك الأشخاص الذين لديهم تأثير متعدد الوظائف لا غنى عنه في عامل ما ولكنَّهم ليسوا المؤثرين الأساسيين.
خذ بعين الاعتبار المثالين أعلاه؛ ففي الحالة الأولى، قد تتأثر "النسبة المئوية من عائدات العملاء" بوظائف مختلفة، بما في ذلك المشرِف على الشحن، ومندوب المبيعات، والمشرف على التسويق، وعلى هذا النحو، سيكون لكل من هؤلاء الأفراد "نسبة من عوائد العملاء" كعامل تأثير حرج (CIF)، وستكون حالة مؤشرهم هي نفسها حالة عامل النجاح الحرج (CSF)، أي نسبة 5%.
في المثال الثاني، قد يُؤثِّر مدير الموارد البشرية في "النسبة المئوية لدوران مندوبي المبيعات غير المرغوب فيه" بسبب تَعدُّد الوظائف، والذي سيكون مؤشره عامل تأثير حرج (CIF)، بقيمة 10% مثل مالك عامل النجاح الحرج (CSF).
عندما تتَّضح أدوار عامل النجاح الحرج (CSF) وعامل التأثير الحرج (CIF)، يَعرف مالك عامل النجاح الحرج (CSF) أنَّ الشركة تتوقع نتائج منه، وهذا أمر محفز، ويَعرف مالك عامل التأثير الحرج (CIF) أنَّه من المتوقع أن يتعاون للتأثير في النتيجة، ومع ذلك، سيدرك مالك عامل التأثير الحرج (CIF) أيضاً أنَّه من الهام عدم تولِّي الدور الذي يجب أن يلعبه مالك عامل النجاح الحرج (CSF)، ومن خلال هذه العملية التشاركية، يفهم الجميع أدوارهم ويقبلون بها، مما يزيد التعاون فيما بينهم.
3. دور تأثير الإدارة أو عامل الإدارة الحرج (CMF):
الدور الثالث هو تأثير الإدارة، وإذا أثَّرتَ في مؤشر من خلال دورك كمدير؛ فسيكون المؤشر هو عامل الإدارة الحرج (CMF) بالنسبة إليك، حيث يقيس عامل الإدارة الحرج (CMF) نجاحك في التأثير على النتائج من خلال الموظفين الذين تديرهم، على سبيل المثال: بصفتك مدير مبيعات، سيكون إجمالي مبيعات مندوبي المبيعات الستة الذين يُقدِّمون تقارير إليك عامل إداري بالغ الأهمية، فهو عامل إدارة حرج (CMF) لأنَّك لا تبيع فعلياً، لكنَّك تُؤثِّر في المبيعات من خلال مندوبي المبيعات.
إذا كنتَ مديراً؛ فسيكون لديك أيضاً عوامل نجاح حرجة (CSF) فردية لعملك، بالإضافة إلى مراقبة العدد الإجمالي الموحد باعتباره عامل إدارة حرج (CMF)، لديك مساهمة فريدة لجعل ذلك قابلاً للقياس، على سبيل المثال: بصفتك مدير مبيعات، قد تُمثِّل كل من المساهمة الفريدة وعامل النجاح الحرج (CSF) "نسبة مندوبي المبيعات الذين يحققون أكثر من حصتهم"، مما يُشجِّعك على الاهتمام بجميع مندوبي المبيعات لديك ومساعدتهم على تحقيق حصتهم، كما يساهم في تطوير مواردك على الأمد الطويل، وقد يكون عامل النجاح الحرج (CSF) الآخر هو "نسبة مندوبي المبيعات الذين يحققون 120% من حصتهم"، حيث يُشجِّعك هذا الأمر على الانتباه إلى مندوبي المبيعات ذوي الأداء العالي الذين يعملون على زيادة المبيعات الإجمالية.
يُعدُّ التمييز بين عوامل النجاح الحرجة (CSF) وعوامل الإدارة الحرجة (CMF) أمراً هاماً للغاية، لأنَّ الاتجاه في عديدٍ من المنظمات هو للمديرين والموجِّهين للنظر في الأرقام الموحدة من المستويات الأدنى باعتبارها عوامل نجاحهم الحرجة (CSF). يؤدي هذا إلى أن "تراقب" مجموعات في المنظمة أولئك الذين يقومون بالعمل بالفعل، على سبيل المثال: افترِض أنَّ لديك خمسة أشخاص مسؤولين عن المبيعات، فسوف يَنظر مدير المنطقة في إجمالي مبيعات المنطقة، وسوف يَنظر المدير الإقليمي في إجمالي المبيعات في جميع المناطق، وسوف يَنظر المدير القُطري في إجمالي المبيعات في جميع الأقاليم، فهذا جيد، وهذا هو عامل إدارتهم الحرج (CMF)؛ ولكن ما هي القيمة المضافة الأخرى التي يمتلكونها؟ من الهام أن يكونوا قادرين على تحديد القيمة المضافة الفريدة لكل وظيفة، وتعيين عوامل النجاح الحرجة (CSF) لها.
4. دور تأثير الخط غير المباشر أو عامل إدارة التأثير الحرج (CIM):
الدور الرابع هو تأثير "الخط غير المباشر" (CIM)، والذي يرمز إلى عامل إدارة التأثير الحرج، ويعني تأثير الإدارة في عمل الفرد في وظيفة مختلفة (خط غير مباشر). لإلقاء نظرة على مثال لتأثير الخط غير المباشر، لنتخيَّل متجراً كبيراً، وفي قسم الرجال، يوجد قسم خاص للنظارات الشمسية، حيث يبيع مندوبو المبيعات منتجات متنوعة، بما في ذلك مجموعة النظارات الشمسية، ويقدِّمون تقاريرهم إلى مدير المبيعات في قسمهم من خلال "خط مباشر" لإجمالي المبيعات في مناطقهم، ولكن قد يكون لديهم "خط غير مباشر" يُقدِّم تقاريره إلى مدير في المتجر المسؤول عن فئة النظارات الشمسية؛ لذا، فإنَّ قياس "حجم مبيعات النظارات الشمسية" سيكون عامل نجاح حرج (CSF) بالنسبة إلى مندوبي المبيعات، وعامل إدارة حرج (CMF) بالنسبة إلى مدير المبيعات، وعامل إدارة تأثير حرج (CIM) بالنسبة إلى مدير الفئة.
أضف تعليقاً