6 أنماط للمتلاعبين بالعقول و5 نصائح تجنِّبك أن تكون الضحية

التلاعب بالعقول، هو سلوك مخادع يتضمن زرع ذكريات جديدة أو جعلك تشكِّك في أفكارك أو تشكِّك في واقعك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا إدواردز" (Vanessa Edwards)، توضِّح فيه خطورة التلاعب بالعقول، إضافة إلى نصائح تجنِّبك أن تكون الضحية.

التلاعب بالعقول سلوك خطير ومُسيء:

ستتعلم في هذا المقال كيف تحدِّد التلاعب بالعقول تحديداً صحيحاً، وتتجنب أن تكون ضحية التلاعب بالعقول مرة أخرى، وستتعلم في هذا المقال ما يأتي:

  • تعريف التلاعب بالعقول.
  • 10 علامات تدل على أنَّك تمَّ التلاعب بعقلك.
  • السبب الذي يجعل الناس تقع ضحية التلاعب بالعقول.
  • كيف تقاوم التلاعب بالعقول؟
  • وغير ذلك.

ما هو التلاعب بالعقول؟

يوجد طرفان في هذه العملية: المُتلاعِب والضحية.

  • المُتلاعب بالعقول: يستعرض أفكاره ومشاعره ووجهات نظره أمام الضحية، ويفرضها عليه.
  • الضحية: يتقبَّل الواقع الذي أنشأه الجاني ويدمجه في منظومة أفكاره وأسلوب حياته.

بمعنى آخر، يتلاعب الجاني بسلوك الضحية، ومن المُحتمل أن يفعل ذلك من خلال الطرائق الآتية:

  • التقليل من شأن مشاعر الضحية: قد يجعلك المُتلاعب تعتقد أنَّك تبالغ في سلوكك أو عواطفك.
  • التشكيك في الواقع: قد يقوم المتلاعبون المحترفون بالعقول بدفعك إلى التساؤل عن مصداقية ذكرياتك أو الأحداث الماضية التي حدثت معك.
  • الإنكار: قد تكتشف أنَّ المُتلاعب قام بفعل سيئ، وإذا واجهته بذلك، ينكر حدوث أي شيء أصلاً.
  • التهوين: قد يقوم المتلاعب إذا حدثت مشكلة كبيرة بالتقليل من أهميتها.
  • تشويه السمعة: قد يؤذيك المتلاعبون من خلال تعييرك، أو تشويه سمعتك.

سأشارككم قصتي التي تتحدث عن كيف أصبحت ضحية التلاعب بالعقول:

بالعودة إلى أيام المدرسة الثانوية، كان لديَّ معلِّم مناظرات صعب المراس، وكان يجبِر طلابه دائماً على حضور جلسات المناظرة، حتى في عطل نهاية الأسبوع، وكان على درجة من القوة؛ إذ إنَّ أحداً لم يجرؤ على رفض أوامره، فحضرتُ المناظرة تلو الأخرى، وكل ذلك نزولاً عند رغبته فقط، وشعرت أنَّه كان يجب عليَّ ذلك، حتى ذلك اليوم الذي قلت له إنَّني لست قادرة على حضور المزيد من جلسات المناظرات أبداً، فنظر إليَّ وقال: "لن تحققي أيَّ شيء في الحياة إذا لم تبذلي مزيداً من الجهد يا فانيسا (Vanessa)".

لقد تلاعب معلِّمي في المدرسة الثانوية بعقلي، وجعلني أشعر بأنَّني فاشلة ما لم أكن مستعدة دوماً لإجراء مناظرة، وما زلت أتذكَّر ما قاله لغاية اليوم يمكن أن يكون المتلاعبون زملاءك في العمل، أو أحد أصدقائك، أو شخصاً غريباً التقيته للتو، وربما والدك أيضاً، وبعبارة أخرى، يمكن أن يكون أيُّ أحد متلاعباً بالعقول.

يمكن أن يكون المتلاعبون بالعقول خبراء من ذوي المهارة العالية في الإقناع، لدرجة أنَّهم يجعلونك تعتمد نفسياً على طريقتهم الخاصة بالتفكير.

يسعى المتلاعبون بالعقول إلى الحفاظ على سيطرتهم على الآخرين، فعندما يشعرون بأنَّهم بدؤوا يفقدون قدرتهم على التحكم بالضحية، فإنَّهم يلجؤون إلى مجموعة واسعة من تكتيكات التلاعب بالعقول للمحافظة على ما تبقى لهم من سيطرة على الضحية.

قد تسمع منهم عبارات مثل:

  • أنت من أجبرني على الكذب.
  • أنت تبالغ بالقلق.
  • أنت حساس جداً.
  • هل نسيت ما قلته لك مجدداً؟
  • لم يحدث ذلك على الإطلاق.
  • أنت تعتقد بوجود شيء لم يحصل أبداً.
  • أنت مجنون، أو أنت غير عقلاني، أو سخيف، أو جاهل، أو لا مبالٍ، أو أي صفة من شأنها أن تجعلك تشكك في نفسك.

مع ذلك، لا يولد الناس متلاعبون بالفطرة؛ بل يطورون هذه السمة من خلال التعلُّم من المجتمع، ويتعلمون قدرتهم على الإقناع باستخدام كلمات معينة، ويتعلمون أنَّهم قادرون على التحكم بالآخرين، ويتعلمون أنَّهم يستطيعون اكتساب قوة كبيرة من خلال ذلك.

لتمنع الآخرين من التلاعب بعقلك، يجب أن تتعرف إلى العلامات التي تشير إلى أنَّك ضحية لهذا الأسلوب من الخداع، قبل أن يصبح أمراً مألوفاً بالنسبة إليك.

10 علامات تدل على أنَّك ضحية التلاعب بعقلك:

انتبه إلى هذه العلامات التي تدل على أنَّ عقلك ضحية التلاعب:

  1. يصفك الشخص المتلاعب بالمجنون، وإن لم تكن كذلك.
  2. تبدأ بالاعتقاد أنَّك تبالغ في رد فعلك تجاه جميع الأشياء الصغيرة.
  3. تبدأ بالشعور بأنَّ ماضيك، وذكرياتك غامضة.
  4. تسأل نفسك باستمرار: "هل أنا حساس حساسية مفرطة؟".
  5. يصبح الاعتذار رد فعلك الطبيعي على أيِّ موقف.
  6. ينكر المتلاعب أيَّة حقيقة تواجهه بها، لدرجة أنَّك تبدأ بتصديق ذلك.
  7. تشعر بأنَّ أمراً ما يحدث؛ لكنَّك لا تعلم على وجه التحديد ما هو.
  8. يجعلك المتلاعب تشعر بأنَّ عواطفك بلا أيَّة قيمة.
  9. يرفض المتلاعب الإصغاء إلى مخاوفك.
  10. في كل مرة تقول فيها الحقيقة، يتهمك المتلاعب أنَّك تكذب.

شاهد بالفيديو: 6 علامات تشير إلى أنك تتعامل مع شخص متلاعب

يمكن أن تكون الذكريات خاطئة:

إلى أيِّ مدى لديك ذكريات واضحة عن طفولتك؟ هل تتذكر اليوم الذي ضعتَ فيه في المتجر؛ ومن ثمَّ أنقذك أحد الغرباء وأعادك إلى والديك؟

إذا لم تتذكر هذه التفاصيل، فأنت طبيعي جداً من الناحية النفسية، والسبب أنَّ هذه الحادثة لم تحدث أصلاً في الواقع.

أُخبر المشاركون في إحدى الدراسات العلمية أنَّ هذه القصة المُختلَقة قد حدثت معهم في طفولتهم، والمفاجأة أنَّ 25% من الناس تذكَّروا هذه الحادثة الزائفة.

بعبارة أخرى، يمكن تشكيل ذكرياتنا من خلال إخبارنا بها والتلاعب بعقولنا، بهذه الطريقة يسيطر المتلاعبون ذهنياً على ضحاياهم باستخدام لغة جسدهم، والمفردات المقنعة، ويمكنهم الولوج إلى عقل الضحية، وزرع أفكار معينة تؤدي إلى تصديق أكاذيب كبيرة أو صغيرة.

لنستعرض استعراضاً أكثر تفصيلاً الأنماط المختلفة للتلاعب بالعقول:

6 أنماط للمتلاعبين بالعقول:

يمكن أن يحدث التلاعب بالعقول في أثناء العلاقات، سواء مع العائلة، أم في السياسة، وفي أي مجال آخر، وقد وجدتُ أنَّ للمتلاعبين بالعقول 6 أنماط، والتي تسلط الضوء على كيفية حدوث التلاعب، وقد تجد بعد هذه القراءة أنَّك كنت ضحية لأحد هذه الأنماط من الشخصيات:

1.  نمط كازانوفا (Casanova):

كازانوفا هو أحد أنماط الشخصيات التي تتلاعب بالعقول من خلال العلاقات، وهي واحدة من أسوأ الأنماط، ونظراً لأنَّه قد يكون الشخص الذي ينطبق عليه هذا النمط شريكك في الحياة، فهذا يعني أنَّك تعيش معه طيلة الساعة، أو على الأقل تراه أكثر من باقي الناس في حياتك، ويعني هذا خاصة ما يأتي:

يمتلك المتلاعب ذو نمط كازانوفا القدرة على التلاعب بعقلك على أعلى المستويات، ويمكن لهؤلاء أن يتلاعبوا بعقلك من خلال تحديد الملابس التي ترتديها، والأصدقاء المسموح لك برؤيتهم، ونوع الطعام الذي يُسمح لك بتناوله، ومتى يمكنك الخروج من المنزل، وموعد نومك، وغير ذلك مما لا يعد ولا يُحصى.

ربما أصبح من الواضح إلى أيِّ مدى يمكن أن تكون العلاقة مع هؤلاء الأشخاص سامة إذا وقعت ضحية تكتيكاتهم، قالت إحدى ضحايا التلاعب بالعقول واسمها "سيمون" (Simone) إنَّ زوجها سيطر على عقلها، وكانت على وشك أن تُصاب بالجنون، ووفقاً لسيمون فقد قام زوجها السابق بما يأتي:

  1. اخترق حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي.
  2. شارك منشوراً عبر حسابها بطريقة جعلها تبدو شخصاً غير سوي عقلياً.
  3. دخل إلى حساباتها المصرفية، وحوَّل الأموال بطريقة عشوائية.
  4. أخبر أصدقاءها أنَّها مضطربة عقلياً.
  5. قال لها إنَّها لا تصلح لكي تكون أماً.

يبدو هذا جنوناً، لكن بالنسبة إلى المتلاعبين بالعقول مثل طليق سيمون، تكمن طريقتهم في إدارة العلاقة عن طريق السيطرة، وكي تتفادى الوقوع ضحية هذا النوع من الأشخاص في العلاقات، انتبه إلى هذه العلامات:

  • الإصرار على مراقبة جوَّال الشريك وبريده الإلكتروني ونشاطاته.
  • تحديد الأماكن المسموح للشريك زيارتها، والأشخاص المسموح له برؤيتهم.
  • تحديد متى يمكن للشريك أن يذهب إلى العمل أو الجامعة.
  • استخدام الشتائم والتهديد والسلوك الترهيبي.
  • السيطرة على قدرات الشريك المالية.

قد يكون التلاعب بالعقول في العلاقة خطيراً للغاية، خاصةً إذا لم يكن قد مضى على زواج الشريكين وقتاً طويلاً، لكن ليست جميع الضحايا من النساء، ويمكن أن يكون الرجال أيضاً ضحاياً للتلاعب بالعقول خلال العلاقات.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تجعلك تتخلى عن العلاقات السامة

2. الأب النمر:

الأب النمر: هو الفرد المسيطر عادةً في العائلة، ويحاول أن يكون الحاكم المطلق في الأسرة، نستطيع جميعنا غالباً أن نتذكر أمثلة على هذا النموذج، ومنهم مثلاً والد إحدى صديقاتي في المدرسة الابتدائية، والذي يُعدُّ بحق مثالاً نموذجياً على هذا النوع، اشتُق هذا المصطلح من كتاب "ترنيمة معركة الأم النمر" (Battle Hymn Of The Tiger Mother) للكاتبة "إيمي شو" (Emmie Show)؛ إذ تصف الأم فلسفتها في "العمل الجاد، وعدم اللعب أبداً" لتجعل من أبنائها عازفي بيانو وكمان موهوبين.

إليك بعض الإشارات التي قد تدل على أنَّ والدك من هذا النمط، أو ربما تكون أنت كذلك، لا يسمح الأب النمر لأبنائه بما يأتي:

  • المشاركة في الحفلات.
  • المشاركة في مسرحية تقام في المدرسة.
  • التذمر من عدم السماح لهم بالذهاب إلى مسرحية المدرسة.
  • مشاهدة التلفاز أو لعب ألعاب الفيديو.
  • اختيار ننشاطاتهم اللامنهجية.
  • الحصول على علامة أقل من ممتاز.
  • عدم الحصول على الترتيب الأول في جميع المواد باستثناء الرياضة أو المسرح.

يبدو الأمر مبالغاً فيه، لكن في حين قد يؤدي هذا النوع من التلاعب بالعقول إلى نجاح الأطفال، إلا أنَّه لن يجعل منهم أشخاصاً سعداء.

مع كل هذه الأعباء، فمن المؤكَّد أنَّ الأطفال سيختبرون مستوىً عالٍ من الإرهاق والسبب أنَّهم ضحايا التلاعب بالعقول الذي يُمارس عليهم بحجة الرعاية الأبوية، مثال على ذلك، يوجد فيلم رابونزل (Rapunzel)؛ فالشخصية الشريرة في الفيلم هي الأم جوثيل (Gothel)، وهي مثال رائع على الفرد الذي يمارس التلاعب بالعقول في العائلة؛ إذ تستخدم جوثيل تكتيكات كثيرة لتغيِّر وجهة نظر رابونزل عن العالم.

3. الطبيب دوم:

شخصية الطبيب دوم (Doctor Doom)، وهي كناية عن الشخصية الشريرة، التي ظهرت في فيلم فانتاستيك فور (Fantastic Four)، هي شخصية متخصصة في مجال طبي؛ أي قد يكون طبيباً أو ممرضاً، وغير ذلك من العاملين في المجال الطبي، والذين قد يقومون بالآتي:

  • يعزون أسباب مرضك أو سُقمك إلى أسباب خاطئة، مثل الشخصية، أو ظروف المعيشة، أو حتى الطقس.
  • التقليل من شأن مرضك، أو ربما إنكار وجوده أصلاً.
  • المبالغة مباشرةً أو بالإيحاء بأنَّ حالتك أسوأ مما تبدو عليه.

من النادر أن يكون العاملون في المجال الطبي من المتلاعبين بالعقول، لكن عندما يوجد مثل هؤلاء الأشخاص، فإنَّ تأثيرهم يكون بالغ الخطورة، فمع التلاعب بالعقول كثيراً، قد تصبح حياتك على المحك حرفياً.

إحدى هذه الحالات ذكرها موقع "هيلث لاين" (Healthline)؛ إذ تحدثت المريضة عن شعورها بأعراض مرض، وذهبت إلى الطبيب لتشخيص حالتها؛ لكنَّه عندما عرف أنَّها تتناول مضادات الاكتئاب، صرفها على الفور قائلاً إنَّ ذلك بسبب مرضها النفسي.

لكن بعد أن ساءت حالتها، زارت طبيباً آخر، واتضح أنَّها حالة متقدمة من الالتهاب الرئوي، ونحن هنا أمام تلاعب بالعقول، فإذا كنت تشك بأنَّك تتعرض للتلاعب بالعقول من قبل العاملين في المجال الطبي، فيجب أن تبحث عن استشارة اختصاصي آخر، وتذكَّر أنَّك عندما تضع ثقتك بالطبيب، فلن يكون جميع الأطباء قادرين على تشخيص حالتك بالشكل الصحيح، وخاصةً إذا كانوا متلاعبين.

4. المُتعصب:

يمكن أن يأتي التلاعب بالعقول على شكل غسل دماغ عنصري، وهذا ما شهده العالم في الحرب العالمية الثانية على أيدي الحزب النازي؛ إذ غُسلت أدمغة المواطنين الألمان بهدف القضاء على الفئات التي لا تنتمي إلى العرق الآري، بسبب اعتقاد هتلر (Hitler) أنَّ العرق الآري متفوق على باقي الأعراق.

يمكن استخدام التلاعب بالعقول بوصفه شكلاً من أشكال التمييز؛ وذلك عندما يُستخدم لتهميش ثقافة الآخرين أو الحط من شأنهم بسبب لون البشرة، أو الأصل العرقي، وغيرها من السمات التي تتصف بها الأقليات.

5. السياسي المُقنَّع:

فكِّر في كل تلك الإعلانات التي تندرج في سياق إشاعة الخوف، والتي تُبَث على شاشات التلفاز، والشد والجذب الذي يحدث في المناظرات والمؤتمرات السياسية؛ إذ يستخدم السياسيون تقنيات التلاعب بالعقول للحط من شأن منافسيهم من السياسيين، وجعلك تصوِّت لهم.

إذا أردت أن تتأكد مما إذا كنت ضحية للتلاعب بالعقول من قبل السياسيين، فاسأل نفسك ما يأتي:

  • هل أؤمن حقاً بما يدافع عنه السياسيون، أو أنَّني متأثر عاطفياً في حججهم؟
  • هل أنا مُحاط بأشخاص لديهم وجهات نظر سياسية مختلفة، وهل أستطيع المشاركة في نقاشات سياسية منطقية؟
  • هل أستطيع أن أكون واضحاً ومنطقياً في شرح الاختلافات بين وجهات نظر الأحزاب السياسية عن موضوعات مختلفة؟

إذا كانت إجابتك "نعم" عن الأسئلة أعلاه؛ فهذا يعني أنَّك لست ضحية للعبة سياسية تقوم على التلاعب بالعقول، لكن إذا كانت إجابتك "لا" عن أيٍّ من الأسئلة أعلاه، فمن المُحتمل أنَّك ضحية أحد التكتيكات الشائعة للتلاعب بالعقول، والتي تُستخدم في السياسة؛ لتتفادى أن تكون ضحية السياسيين، تأكَّد من أنَّك تفهم تماماً وجهة نظر السياسي قبل أن تتبنى وجهة نظرك الخاصة.

إقرأ أيضاً: التضليل الإعلامي والتلاعب بعقول البشر

6. التلاعب المؤسساتي:

ربما قرأت رواية (1984) للكاتب البريطاني جورج أورويل (George Orwell)؛ إذ تستخدم الحكومات أساليب التلاعب بالعقول للسيطرة على مواطنيها من خلال شعارات مشينة، مثلاً: "الحرب هي السلام، أو الحرية هي العبودية، أو الجهل هو القوة"؛ هذه أحد الأشكال المؤسساتية للتلاعب بالعقول؛ إذ تتلاعب الحكومة أو غيرها من المؤسسات بالأشخاص الذين يؤيدونها كي يؤمنوا بشعاراتها.

نحن نواجه تماماً مثل الرواية التلاعب المؤسساتي بالعقول كل يوم، ومن قبل منظمات تمتلك عادةً أجندة خفية، تتمثل بإقناعك وجعلك تمتثل لأهدافها الخاصة؛ لذا في المرة القادمة التي تشك فيها بأنَّك تتعرض للتلاعب بالعقول، اسأل نفسك: "هل ما يُطرح من قبل هذه المؤسسات يصب في مصلحتي أو في مصلحة المؤسسة؟".

ملحوظة: في حين أنَّه غالباً ما يُستخدم التلاعب بالعقول بطريقة سلبية، فليست جميع أشكال التلاعب بالعقول شريرة، فمثلاً تقوم الشخصية الأساسية في فيلم "ماتيلدا" (Matilda) باستخدام قدراتها النفسية للرسم على سبورة الفصل، وتبعث برسالة تحذير لناظرة المدرسة الشريرة، مما يدفع الناظرة إلى إعادة التفكير في أفعالها الشريرة، وربما يدفعها ذلك إلى القيام بأفعال الخير، بدلاً من السلوك الشرير.

كيف تواجه التلاعب بالعقول؟

إليك 5 نصائح لتحقيق ذلك:

1. حرِّر عقلك مما يحدث:

اهدأ وتريَّث قليلاً في البداية، وسيساعدك التريث سواء نفسياً أم حتى جسدياً على إدراك وضعك الحالي بوضوح أكبر.

جرَّب إحدى النصائح الآتية:

خذ نفساً عميقاً:

يزيد التنفس العميق من البطن، من الأكسجة في الجسم، ما يسمح لك بتخفيف التوتر.

تمهَّل وفكِّر ملياً:

قد لا يحتاج بعض الأشخاص لهذه النصيحة، لكن بالنسبة إلي، يساعدني التمهُّل والتأمل فيما حدث على فهم وضعي الحالي بوضوح أكبر؛ لأنَّني عندما أشعر أنَّه تم التلاعب بعقلي، فإنَّني أستطيع من خلال التأمل التأكُّد من صحة هذا الشعور، وتحديد الدلائل التي تثبت ذلك.

ابقَ مركِّزاً:

لا تتوتر، ولا تشعر بالذعر، فمن السهل جداً أن تقع ضحية هذه المشاعر؛ لذلك يُنصح بشدة باستخدام الوسائل التي من شأنها تقليل القلق، فهذا هام للغاية إذا أردت الحفاظ على وضوح أفكارك على الأمد الطويل.

بعد أن تحرِّر عقلك، وتتمكن من الحفاظ على تركيزك، تصبح مؤهلاً لتطبيق باقي النصائح.

2. تحدَّث بثقة:

تذكَّر، يريد المتلاعبون بالعقول أن تفقد ثقتك بنفسك تحت ضغط أساليبهم، فإذا كنت متأكداً من حقيقة ما تشعر به، وأنَّهم يحاولون التلاعب بعقلك، فدافع عن فكرتك بثبات وتمتع بالثقة، ولاحظ إشارات لغة الجسد السلبية، خاصةً عندما تتعامل مع شخص عدواني، قد تلاحظ إشارات عدوانية، مثل الفك المشدود أو توسع فتحات الأنف.

احرص على التحدث بثقة، ولتحقق ذلك يجب أن تتحدث من أعماقك، وتُظهر نبرة صوت تنم عن الثقة؛ إذ تتمثل إحدى الطرائق للقيام بذلك في العثور على مستوى الصوت الذي يحقق لك التحدث بصوت واضح وعميق، ويعكس شعورك بالراحة والثقة بالنفس.

شاهد بالفيديو: 8 أخطـاء يجب أن تتجنّبها عند التحدّث أمام الناس

3. اجمع الأدلة:

الخطوة التالية هي أن تجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، وهذا ضروري إذا أردت أن تجمع أدلة لتتحقق من شكوكك، أو تثبت ذلك للمتلاعب، وتحتاج للقيام بذلك إلى الآتي:

دفتر اليوميات السري:

دفتر اليوميات السريُّ هو طريقة لتدوين جميع الأحداث التي حصلت معك، ويكون لديك بهذه الطريقة مفكِّرة شخصية تُذكِّرك بكل ما حدث بالضبط، ويمكنك الاحتفاظ بدفتر يوميات سري تدوِّن عليه الأحداث، مثل المواعيد والأوقات والتفاصيل، وليست هذه الطريقة مضمونة 100%، لكن بإمكانك الرجوع إليها عندما تبدأ بالشك في صحة ما حدث، ويمكنك استخدام اليوميات السرية لتدوين الأحداث الخاصة بالآخرين الذين يتلاعبون بعقلك.

التقاط الصور:

إذا لم تكن من هواة الكتابة، فإنَّ توثيق الأحداث بالصور هو طريقة أخرى تساعدك على التحقق من ذكرياتك الخاصة، وتذكيرك بأنَّ ما حدث ليس مجرد وهم من نسج خيالك؛ فالصور طريقة مفيدة جداً إذا لم تكن تحب الكتابة، أو كنت من النوع الذي يعتمد على الذاكرة البصرية.

المذكرات الصوتية:

البديل الآخر هو استخدام هاتفك لتسجيل الأحداث من خلال تطبيق تسجيل صوت عليه؛ إذ تُصمَّم معظم الهواتف الذكية بطريقة تحتوي تلقائياً على تطبيق لتسجيل الصوت؛ لذلك يجب أن يكون هذا التطبيق موجوداً مسبقاً في هاتفك.

ملحوظة: يُعدُّ تسجيل كلام الآخرين في بعض الدول دون إذنهم جريمة في القانون؛ لذلك ضع ذلك في حسبانك قبل تسجيل محادثات أو كلام الآخرين.

إرسال بريد إلكتروني إلى صديق موثوق به:

يوجد سبب وجيه يجعل من الأفضل استخدام البريد الإلكتروني لتوثيق الأحداث، بدلاً من استخدام تطبيقات الهاتف المحمول؛ إذ يحتفظ البريد الإلكتروني برسائلك على شكل سجل، وهو أمر مفيد إذا كنت تريد الاحتفاظ بالأدلة، ويمكنك ببساطة إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني لنفسك، أو إذا كنت تعرف شخصاً يمكن الوثوق به، فأرسل له رسالة تتضمن توثيقاً للأحداث؛ وبذلك يمكنك العودة إلى هذا السجل لاحقاً.

بمجرد أن يصبح لديك دفتر يوميات سري، أو سجل من خلال تطبيق مسجل الصوت، وغير ذلك، فقد أصبح لديك توثيق رسمي للوقائع التي تم التلاعب من خلالها بعقلك؛ وبذلك تكون قد حققت ما يأتي:

  • تعرف الآن أنَّك لا تتوهم.
  • تعرف أنَّك تعرضت للكذب.
  • تعلم أنَّك ضحية لأحد المتلاعبين بالعقول.

بعد أن أصبح لديك الأدلة، يمكنك اللجوء إلى شخص تثق به لمساعدتك على تجاوز هذا الوضع، وهذا يقودنا إلى النصيحة الرابعة.

4. الجأ إلى صديق يمكن الوثوق به:

من الهام جداً أن يكون لديك صديق تثق به، وربما يكون:

  • أحد والديك.
  • صديقاً مقرَّباً.
  • استشارياً.
  • صديق طفولة.
  • أحد جيرانك.

خلاصة القول: إنَّك إذا كنت تتعرض للتلاعب بعقلك باستمرار، فأنت بحاجة إلى شخصية محورية في حياتك يمكنك التحدث إليها وإخبارها بتجاربك، ولا تتردد في طلب العون، فكلَّما طال الانتظار أصبح الوضع أسوأ.

إقرأ أيضاً: كيف تميّز الصديق الحقيقي المخلص من الصديق المزيف؟

5. تعافَ من التجربة من خلال العبارات التحفيزية:

إذاً لقد حدث الأمر، وتم التلاعب بعقلك، وطبَّقت النصائح أعلاه ونجوت، وهذا رائع، وعلى الرَّغم من أنَّ التجربة قد تكون مؤلمة، إلا أنَّه توجد طريقة للتعافي؛ فالطريقة المفضلة لديَّ للتعافي من تجربة كونك ضحية للتلاعب بالعقول هي العبارات التحفيزية.

في الختام:

أصل مصطلح التلاعب بالعقول في اللغة الإنجليزية (Gaslighting) يعود إلى المسرحية البريطانية التي أُلِّفَت في عام 1938، وتُسمى "ضوء الغاز" (Gas Light)، وفيها يقوم الزوج بنقل أغراض في المنزل من مواضعها بطريقة عشوائية، ويقوم بتخفيف إنارة ضوء الغاز ليجعل زوجته تعتقد أنَّها مجنونة على الرَّغم من أنَّها ليست كذلك.

يُعتقد في علم النفس حالياً أنَّ معظم الأشخاص وقعوا ضحية التلاعب بالعقول، في مراحل مختلفة من حياتهم، فجميعنا نعتقد بحدوث أشياء لم تحدث أصلاً، أو على النقيض من ذلك نعتقد أنَّ حدثاً واقعياً هو عبارة عن وهم.

لكن إذا كنت تعتقد أنَّك ضحية أحد المتلاعبين بالعقول، فلا تتردد في طلب المساعدة من الاختصاصيين، فما يبدو لك شيئاً بسيطاً في البداية، يمكن أن يتطور لتكون له نتائج كارثية.




مقالات مرتبطة