5 ممارسات لوضع جدول أعمال ينظم أنشطة اليوم

يمتلك كل طفلٍ حصَّالةً يُخفيها في مكانٍ ما ويدَّخر فيها المال ليشتري غرضاً ما، وكلَّما أتى أحد هؤلاء الأطفال مبلغٌ من المال هرع إلى حصالته يضع أمواله فيها إلى أن يجمع مع مرور الوقت ثمن غرضه الذي يريد. هذه الحصالات بالنسبة إلى الأطفال هي بمنزلة جدول الأعمال اليومي بالنسبة إلى البالغين.



يمتلك الجميع نظرةً مستقبلية، وقد يكون من المحرج أن نكتفي بالتحديق إليها، لا سيما إذا لم يكن لدينا خطة، وأفضل طريقةٍ لتحقيق الأهداف هي تقسيمها إلى عادات يومية بسيطة؛ فقد تبدو لك تلك الدُّريهمات القليلة لوهلة غير هامة اليوم ولكنَّ تكرار الفعل يخلق نوعية الحياة التي نريدها في نهاية المطاف.

ويختلف الروتين الشخصي من فرد لآخر، ويستند إلى أهداف المرء وقيمه المتفردة، ولكنَّ تطبيق بعض المبادئ العامة على جدولك اليومي يمكن أن يساعد في زيادة فاعليتك وإنتاجيتك إلى حدِّها الأقصى؛ بل ويساعدك على تحقيق أهدافك مع مرور الوقت.

وفيما يلي خمس ممارسات قد تعينك على اتخاذ خطوتك الأولى في إنشاء جدول يومي:

1. منح الأولوية للقيم:

يُعَدُّ "نجاح" المرء مميزاً مثل تميُّز الشخص الذي يسعى إليه، ويشترك الناجحون إجمالاً في شيء هام وهو: تصميم حياتهم بطريقة استراتيجية تلائم ما يهتمون به أكثر من غيره.

وهذا يعني عملياً أنَّه وقبل أن تتمكن من إنشاء جدول يومي يساعدك على تحقيق أهدافك وعيش الحياة التي تريدها؛ عليك تحديد ما تقدِّره؛ لأنَّ فهم ذلك يساعدك على تحديد أولوياتك القيِّمة وبالتالي تنظيم يومك وفقاً لهذه المعطيات.

تتمثل الخطوة الأولى في تخصيص بعض الوقت لتُفكِّر فيما يهمُّك، ثم إعداد قائمة تضع فيها تلك الأمور الهامة بالترتيب، وأخيراً، العثور على طرائق لدمج تلك الأشياء في روتينك اليومي والأسبوعي في فترات زمنية تُبيِّن أهمية كل قيمة.

على سبيل المثال، إذا كان هدفك الأكبر هو أن تكون بصحة جيدة، فتتمثل أولويتك في التمرينات الرياضية والأكل الصحي، وتكون بقية الأشياء على درجة أقل من الأهمية، أما إذا كانت العائلة والأصدقاء فعليك أن تتأكد من قضاء الوقت والتواصل مع أحبائك.

يَمنع تحديد الأولويات الشخصية إسقاط الأشياء التي تحظى بالتقدير من قائمة المهام، ويتيح لك تفويض المهام التي لا تتوافق مع قيمك والاستعانة على أدائها بمصادر خارجية.

2. وضع روتين صباحي:

ليس من المُستغرَب أن يتباهي "ملوك" الإنتاجية بالاستيقاظ في الساعة الرابعة فجراً وأن يُسهبوا الحديثَ عن أنشطتهم الروتينية التي يمارسونها قبل غروب الشمس، ولكن هذا لا يعني أنَّ هناك وقتاً معيناً للنهوض وبدء العمل بجد؛ لأنَّ ذلك أمر منوط بك شخصياً، ومهما كان الوقت الذي تبدأ فيه، يبقى ثمَّة أمورٌ يجب توضيحها بخصوص إدراج روتين صباحي في جدول أعمالك اليومي.

وتأتي أهمية الصباح من أنَّ أول ما تفعله عقب نهوضك هو ما يحدد النهج الذي سيسير يومك على أساسه؛ فإذا نهضت من السرير وأنت نصف مستيقظ وسارعت بتفقد بريدك الإلكتروني، ستواجه على الأرجح صعوبةً في العودة إلى سكة التركيز والعمل، وستنضب طاقتك بسرعة، أما إذا رتَّبت سريرك ثم مارست بعض التأمل وأتبعت ذلك بوجبة إفطار صحية يومياً، ستتم برمجة عقلك على الانتقال من نمط الراحة إلى نمط الإنتاجية بسلاسة، أكثر فضلاً عن تعديل مزاجك.

إنَّ ما تفعله صباحاً رهن يديك، والهدف من ذلك أن تبدأ يومك بشيءٍ يتفق مع قيمك الشخصية ويصفِّي ذهنك ويهيئ جسدك للمهمات المقبلة.

إقرأ أيضاً: كيف تؤسس لروتين صباحي راسخ

3. تحديد المَهمة الأهم:

تزخر أيامك بلا شك ببعض المهام التي لا تدفعك نحو أهدافك، مثل تلقي المكالمات الهاتفية أو حضور الاجتماعات وحتى الرد على الرسائل الإلكترونية، ولضمان سير يومك بشكلٍ سَلِسٍ ومُثمر، عليك تحديد ما تحتاج لإتمامه بالضبط وإدراجه في جدولك اليومي.

ضع في الحسبان أهدافك في كل مرة تخطط فيها لجدولك الأسبوعي، وما الذي عليك فعله لتبقى على المسار الصحيح، ثم اختر المهمة البارزة لكل يوم، وبذلك تلتفت إلى المهام الرئيسة وتُقلِّل من إهدار الوقت على المهمات الثانوية، كما يساعد تحديد المهام البالغة الأهمية في تعيين الأوقات التي تكون فيها أكثر تركيزاً وإنتاجاً، والتركيز على المهام التي لا تتطلب القدرة ذاتها من القوة الذهنية عند انخفاض الطاقة.

وقد بينت الأبحاث أنَّ وظائفنا الإدراكية تتغير على مدار اليوم وتكون ذروة الإنتاجية عند معظم الناس بين الساعة التاسعة والحادية عشرة صباحاً، وهذا ما يدفعنا إلى استغلال هذا الوقت في إنجاز المهام الهامة بدلاً من إهداره في المهمات الأقل أهمية مثل الرد على الرسائل الإلكترونية، أما إذا كانت ذروة إنتاجيتك في وقت آخر فيمكنك اتباع السبيل المعاكس، وفي كلتا الحالتين عليك أن تعرف الأوقات التي تبلغ فيها إنتاجيتك ذروتها وتحديد مهماتك وفقاً لذلك.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب "ابدأ بالأهم ولو كان صعباً" لبرايان تريسي (التهم هذا الضفدع)

4. تخصيص وقت لما يشتت انتباهك عادة:

قد تؤول الدقائق التي تتفقد فيها صندوق رسائلك الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي إلى سلسلة لا متناهية من الوقت المهدور عبثاً، رغم أنَّه لا ضير من فعل ذلك، فنحن جميعاً بحاجة إلى تفقُّد رسائل من عملنا أو حتى معرفة ما يحصل على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن قد يُشكِّل ذلك إلهاءً كبيراً عن مهامنا المطلوبة، فبدلاً من إطلاق العنان لنفسك جرِّب أن تتبنَّى نهجاً استباقياً من خلال تخصيص فترات زمنية تقضيها في القيام بالأمور التي من المُحتمَل أن تشتت انتباهك.

على سبيل المثال، يمكن أن يتضمن جدولك اليومي فترات زمنية تستطيع فيها تفقُّد بريدك الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، الأولى في الصباح والثانية قبل الغداء والثالثة في نهاية اليوم، والأهم من ذلك هو أن تتعامل مع هذه الأوقات كأي وقت آخر؛ أي أنَّ إدراجها في جدولك اليومي يمنعها من التسلل إلى يومك وإفساده.

5. إدراج استراحات في جدول عملك:

قد يبدو من غير المنطقي أن تُخصِّص في جدول أعمالك أوقاتاً لأشياء لا علاقة لها بالعمل، مثل تناول الغداء وأخذ عدة أقساط من الراحة، لكن تذكر أنَّه لا أحد لديه قدرة دائمة على العمل بكامل قدرته بشكل مستمر، وإذا حاولت ذلك فلن تكون منتجاً بالقدر الذي تظنه، فالأدلة العلمية تُثبِت أنَّه علينا التوقف من حين لآخر لتعزيز إنتاجيتنا، فبذلك تتوسع قدرتنا على التفكير الإبداعي والاستراتيجي؛ لأنَّ الدماغ يحتاج إلى التغيير والاستراحة من التفكير المستمر للخروج بأفكار جديدة.

يُزوِّدك إدراج فترات الراحة في الجدول اليومي ببُعد النظر ويعطيك شيئاً تتطلع إليه في النهاية ويضع حداً لرؤيتك العشوائية، ففي اللحظة التي ترى فيها أنَّ هناك فترة راحة أو هناك شيئاً ممتعاً ينتظرك في نهاية العمل -حتى ولو كانت مدته قصيرة- تزداد طاقتك ويعلو تركيزك في المهام الموكلة إليك.

في الختام:

كما نوَّهت الكاتبة ماسون كوري (Mason Currey) في كتابها: "الطقوس اليومية: كيف يعمل الفنانون" ( Daily Rituals: How Artists Work)؛ فإنَّ "الروتين يُعزِّز الطرائق التي تسير فيها طاقات المرء الذهنية ويساعد في التخلص من سيطرة المزاج". ويمكن أن يقع أكثر الناس نجاحاً فريسة الخروج عن المسار الصحيح، لكن وضع جدول يومي مسبقاً هو أساسي في منع الملهيات وتحديد أولوياتك.

فكر في جدولك كاستثمار لمستقبلك، وربما تستغرق وقتاً في الادخار للحياة التي تريدها ولكن شيئاً فشيئاً سترى أهدافك النور في الحياة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة