5 فوائد يمنحها لنا نيل قسطٍ من الراحة

ماذا تفعل عندما تشعر بالتعب أو الإرهاق؟ هل تستطيع استجماع طاقتك أم تأخذ فترة راحة؟



قد تظنُّ أنَّ عليك دائماً استجماع طاقتك مهما كانت الظروف، وتستمر في التفكير بهذه الطريقة عندما يتعلَّق الأمر بالحياة عموماً، فأنت ملزمٌ بالاعتناء بنفسك وبعائلتك.

إنَّ الشعور بالمسؤولية أحد أقوى الدوافع في الحياة، لكنَّ التركيز ليس على انعدام الدافع هنا، بل على الحصول على إجازةٍ من العمل، والذي ما زال يُعدُّ أمراً من المحرَّمات؛ إذ يظنُ بعض الناس أنَّها للفاشلين، ويرى بعضهم الآخر أنَّها تهرُّبٌ من المسؤوليات، وثمَّة فئةٌ تظنُّ أنَّك لن تحتاج إلى إجازة عموماً إذا كنت تحب عملك وحياتك، وهذه وجهة نظر تفتقر إلى المنطق، فالإجازة تُحسِّن عملك وحياتك فعلياً كما سيوضِّح هذا المقال.

شارك "ليونارد ملادينوف" (Leonard Mlodinow)، الفيزيائي والمؤلف الذي تعاون مع عالم الفيزياء "ستيفن هوكينغ" (Stephen Hawking) في تأليف كتابين، بحثاً علمياً في كتابه "المرونة" (Elastic) تناول فيه موضوع الإجازة، موضِّحاً أنَّ أخذ إجازة من العمل يُحسِّن من سلامتنا وعافيتنا.

يقول: "مع أنَّ بعض الأشخاص قد يعدُّ الخمول لا يمتُّ للإنتاجية بصلة، فإنَّ قِلَّة فترات الراحة أمرٌ مضرٌّ بسلامتنا وعافيتنا؛ لأنَّ وقت الخمول يسمح لأدمغتنا باستيعاب ما اختبرناه أو تعلَّمناه مؤخراً"، ويميل تركيز الأشخاص الذين لا يأخذون إجازةً أبداً لأن يكون قصير الأمد، ويسعون إلى الوصول إلى أهدافهم بأسرع وقت.

لكن، كما تعلم يوجد للتفكير قصير الأمد تأثير سلبي في تطورك ونموك على الأمد الطويل، فعندما تستنفد طاقتك في العمل وتُرهق نفسك، سيؤثر الأمر في معظم الحالات في النتائج التي تُحققها، ويُخفِّض من إنتاجيتك، وقد تصاب بالاكتئاب في بعض الحالات، وهذا سيزيد من تقاعُسك عن العمل.

الوقاية خيرٌ من العلاج:

هذه واحدة من أكثر الأقوال التي رُدِّدَت على مسامعنا على مرِّ التاريخ، فكم مرة كنت تستطيع وقاية نفسك، وبدلاً من ذلك انكببت على العمل وقلت: "سأتعامل مع الأمر لاحقاً"؛ إنَّها استراتيجية فاشلة، ومن الأفضل تجنُّب الإرهاق، أو تراجُع مستوى الأداء في العمل.

لقد أصاب "ديل كارنيجي" (Dale Carnegie)، الرائد في مجال المساعدة الذاتية ومؤلف كتاب "كيف تتخلص من القلق وتنطلق في الحياة؟" (How to Stop Worrying and Start Living)، حين قال: "الحصول على قسطٍ من الراحة هي القاعدة الأولى لتجنُّب الإرهاق والقلق في كثير من الأحيان، فاسترح قبل أن يُصيبك التعب".

لذا؛ خُذ إجازة من العمل مخطَّط لها مسبقاً خلال العام، وسيعود هذا عليك بـ 5 فوائد:

1. التحقق من أنَّك فعلت الصواب:

ينطوي العمل على وضعين، وهما التنفيذ والتفكير، فعندما تكون في وضع التنفيذ، يمكنك العمل لساعات أو أيام أو شهور متتالية، فلا بدَّ أنَّك تعرف أشخاصاً استمروا في وضع التنفيذ لسنوات، ولم يأخذوا إجازةً للتفكير ملياً بعملهم، فتجدهم يعانونَ من أزمة منتصف العمر نتيجةً لذلك، أو تُقابل شُبَّاناً يمرون بأزمة ربع العمر.

هذا ما يحصل لك، تنكبُّ على العمل، وتُنفِّذ دون تفكير، فقد تحصد نتائج لكنَّها لن تكون مُرضية، فعندما تأخذ إجازةً من العمل، يُصبح لديك متَّسع من الوقت لإجراء مزيد من الحوارات الداخلية، لكن عندما تقضي وقتك في التنفيذ لن يتسنَّى لك فعل ذلك.

هذه إحدى أهم فوائد الخمول، قد تُضطر إلى التقاعس عن العمل، لكنَّ هذا غير هام، إلا إذا كنت تُفضِّل المُضيَّ بمسيرتك المهنية برؤيةٍ ضيقةٍ، وربما تحتاج إلى إجازة لعشرة أيام على الأقل للتفكير بالأمور بجدية، ففي الأيام الخمسة الأولى، قد تظل تائهاً بين وضعي التنفيذ والتفكير، فمن الصعب الانتقال إلى وضع التفكير والتوقف عن العمل إذا كنت معتاداً على الإنجاز.

ستكتشف أموراً جديدة عن نفسك بعد استراحةٍ طويلة؛ إذ سيكون لديك متَّسع من الوقت للقيام بالأمور التي تحبها، فتستطيع قضاء وقتك في القراءة، ومشاهدة الأفلام، والخروج برفقة الأصدقاء، والتحدث معهم، والاستغراق في أحلام اليقظة، وهذا النوع من الأمور لا يكلِّف الكثير، لكن مردوده المعنوي هائل، وستشعر بتحسُّن كبير، وبمزيد من الطاقة والحماسة للعودة إلى العمل.

شاهد بالفديو: 10 نصائح للحصول على الراحة النفسية

2. امتلاك وقتٍ كافٍ لمعالجة أفكارك:

تدور داخل عقلك كثير من الأمور التي لا تدركها، ومعالجة الأفكار في الدماغ هي الأمر الوحيد الذي يحدث دون وعي؛ إذ يمتلك جميع الأشخاص أفكاراً لم تتحول إلى واقعٍ ملموس، فكم مرة قابلت أشخاصاً ادَّعوا بأنَّ فكرة وسائل التواصل الاجتماعي كـ "فيسبوك" (Facebook)، أو "إنستغرام" (Instagram)، أو أيَّاً من الأفكار الجديدة خطرت لهم سابقاً.

إذ توجد لدينا جميعاً أفكار خلَّاقة قد لا يكون لها علاقة بالمشاريع التجارية بالتحديد، كأن ترغب في إعادة تزيين المنزل، أو قيادة سيارتك من مدينة إلى أخرى، أو تأليف كتاب، فكلها أفكار رائعة، لكن عليك التفكير بنتائجها، وليس المقصود بهذا التنفيذ، فكل الأفكار تحتاج إلى معالجة؛ لذا يجب التفكير بالنفع الذي ستعود به عليك، وبرغبتك الحقيقية في تنفيذها.

هذا ما تنطوي عليه عملية التفكير، فعندما تنتقل من الفكرة إلى التنفيذ مباشرةً دون معالجتها، غالباً ما ستُدرك خطأك متأخراً بعد فوات الأوان، ولا يمكنك تفادي حدوث ذلك تفادياً تاماً، لكن يمكنك أن تُجنِّب نفسك في المستقبل كثيراً من الألم والقلق وهدر المال كذلك من خلال تخصيص وقتٍ لمعالجة أفكارك.

3. التركيز على الفن:

الفن هو كل أمرٍ يحثُّك على التفكير، قد يكون أغنيةً جميلةً، أو فيلماً، أو لوحةً، أو كتاباً، أو قصيدةً، أو مقالاً، أو صورةً، أو منحوتةً، وكل ما قد يخطر ببالك، أي شيء يمكن أن يكون فناً، فما من قانونٍ يحدِّد ما يُعدُّ فنَّاً وما ليس كذلك.

إنَّنا نستلهمُ الكثير من الفن، ولا يمكن تخيُّل الحياة دونه، فقط اقرأ روايةً أو شاهد فيلماً، وأفضل ما في الفن أنَّه يُحسِّن مزاجك، وعندما تكون في مزاج جيد، تزداد سعادةً، فلا تُضيِّع وقتك على الأعمال معدومة الفائدة، وابدأ بالأعمال الخالدة، اقرأ كتب أهم الروائيين، وزُر المتاحف وادرس حياة المبدعين، ومثل الملايين من الأشخاص الآخرين، ستُلهمك أعمالهم، وهذا سيُغني حياتك.

إقرأ أيضاً: 7 أنواع للراحة لتحصل على أقصى فائدة من طاقتك

4. التركيز على أمور هامَّة لا علاقة لها بالعمل:

عندما يطلب منك أحدهم أن تُعرِّف عن نفسك، فأول ما سيخطر ببالك أمور، مثل: "أنا محاسب في الشركة كذا"؛ إذ تكاد الحياة المعاصرة تُجبرك أن تُعرِّف عن نفسك بمهنتك، لكنَّ شخصيتك غير محصورةٍ بعملك، فأنت تمتلك عائلةً وأصدقاءً وهواياتٍ وشغفاً، ولديك مهنة في النهاية أيضاً، فالعمل هام وكذلك الأمور الأخرى.

لذا لا تُهمل الأمور الهامَّة في حياتك على حساب العمل أبداً، ركِّز على تنمية علاقاتك مع أُسرتك وأصدقائك المقربين، وشاركهم بعض النشاطات، كقضاء إجازة عائلية، أو الذهاب لركوب الدراجات الجبلية مع أصدقائك، وتحلَّ بروح المبادرة، فإذا لم يُبادر أي فردٍ من عائلتك أو أصدقائك بأمر ما، قُم به أنت، فمن خلال تكريس الوقت لعلاقاتك، فإنَّك تصنع ذكريات جماعية تزيدها قوة.

لكن، لا تنسَ أن تهتم بنفسك، ركِّز على هواياتك وأحلامك والأمور التي ترغب في تعلُّمها، وابدأ العمل عليها الآن.

5. إدراك أهمية العمل بعد الراحة:

ثمَّة سبب يدفع البشر للعمل، فنحن خُلقنا لابتكار الأشياء، والغرض من الحياة هو أن تكون فاعلاً فيها، فعندما تجعل من نفسك شخصاً مفيداً، ستعيش حياةً ذات معنى تُلبي جميع احتياجاتك الإنسانية.

لذا إنَّ كثيراً من الراحة يدفعنا للشعور بالقلق، فكثير منها مضرٌّ مثله مثل العمل، فإنَّ أجسادنا وعقولنا خُلقت لتعمل، فإنَّ الدرس الأخير الذي عليك تعلُّمه من الخمول هو أنَّ العمل آتٍ بعد الراحة.

لكن ماذا بعد العمل؟ إذا كانت إجابتك "مزيداً من العمل"، فأنت لم تُدرك الفكرة التي يناقشها هذا المقال أبداً، وتحتاج إلى بعض الراحة على الأرجح.




مقالات مرتبطة