ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن بيتر ستيورات (Peter Stewart) الذي يحدثنا فيه عن تعزيز الثقة في العلاقات.
تُبنى العلاقات المهنية الناجحة على أساس الثقة، ويتفق معظمنا مع جوهر القيادة القائل: إنَّ "كل صفقة تبدأ بعلاقة"؛ ومع ذلك، فإنَّ أحد الأسئلة الأكثر شيوعاً التي أطرحها عند تقديم الكوتشينغ للقادة، هو كيف تبني علاقة طويلة الأمد مبنية على الالتزام والثقة؟
هذا النوع من التحالف هو ما يدير تروس المؤسسة كما تدور تروس الساعة، وسواء كنَّا نحاول جذب عميل جديد أم تقوية فريق أم التعاون في مشروع جديد أم إجراء مراجعة للأداء، فإنَّ أهم شيءٍ أن تُدار الأمور بعقليَّةٍ أساسها الثقة.
فيما يلي المفاتيح الخمسة لبناء علاقات مبنية على الثقة ومستقرة ومثمرة:
1. إدراك قيمة الشخص:
تخيَّل أنَّ لديك ورقتين نقديتين من فئة المئة دولار، إحداهما جديدة والأخرى مجعدة وقذرة وممزقة؛ أيُّ ورقة نقدية قيمتها أكبر في رأيك؟ في الحقيقة، لا هذه ولا تلك، فهما تحملان القيمة نفسها على الرغم من حالتهما.
من هذا المنطلق، لا بدَّ أن تعي أنَّ زميلك هو بشر مثلك له قيمة مثلك أنت أو مثل أيِّ شخص آخر، فجميعنا كائنات حية تتنفس، لها مشاعر وتجارب وأحلام وخياراتٍ وتحديات وأوجه قصور؛ لذا تعامل مع الآخرين بعقلية القيمة المشتركة والإنسانية والتواصل، وبعض الأشخاص لديهم تلك العقلية بالفطرة، ولكنَّ بعضهم الآخر يحتاجون إلى الكثير من التفكير ليؤمنوا بها.
شاهد بالفديو: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات
2. الاحترام:
نحن جميعاً عناصر فاعلة في هذا الكون؛ لذا لا بدَّ من وجود مهارة أو صفة تعجبك في هذا الشخص، تتجاوز مجرد وجوده كإنسانٍ مثلك؛ كأن يتمتع بالحنكة المالية والالتزام بالمواعيد والمعرفة والتفكير الإبداعي أو حتى حس الدعابة، وصرف النظر عن ماهيتها، سيساعدك التعرُّف إليها على زيادة احترامك له.
تكون هذه السمات والمهارات أبرز وأكثر لدى بعض الناس دون غيرهم، ولكن بالنسبة إلى الآخرين، قد يتطلب الأمر المزيد من الجهود المُركَّزة من جانبك لاكتشافها.
يساعد احترام مهارة أو صفة معيَّنة على التقليل من ازدراء الآخرين المدمر للعلاقات؛ إذ عندما يكون الإعجاب بمآثر الآخرين هو التربة الخصبة التي تغذِّي علاقاتنا، فإنَّنا لا نركز على المقارنات أو على مَن هو الشخص الأفضل، بل نُقِرُّ بأنَّ كِلا الطرفين يضفي شيئاً ذا قيمة للعلاقة.
اسأل نفسك: "هل أخصِّص بعضاً من وقتي للتركيز على مهارة أو سمة تستحق التقدير، قبل التفاعل مع شخص آخر؟ هل أعبِّر عن إعجابي به؟".
3. الالتزام:
يمكنك تركيز الاهتمام على التزاماتك بمجرد أن تتعرف إلى زميلك كإنسان مساوٍ لك في القيمة، وتعبِّر عن احترامك له، فعندما نَقرُن أقوالنا بالأفعال، يتوقع منَّا الآخرون أن نكون موثوقين وناجحين، ممَّا يعزز ثقتنا بأنفسنا وثقة الآخرين بنا.
إذا نظرنا إلى الأمر من زاويةٍ أوسع، نرى أنَّنا نحن البشر نسعى جاهدين إلى تنظيم الفوضى والتنبؤ بالتغيير؛ ومع ذلك، تأتينا خيبات الأمل في الحياة من حيث لا نعلم، فنحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان ألَّا تتحول علاقاتنا التجارية إلى خيبات أمل، بعد أن بذلنا الجهد فيها، ومن هنا، نكتشف أنَّ الوفاء بالتزاماتنا أمر بالغ الأهمية لعلاقة مستمرة ومثمرة.
اسأل نفسك: "هل فعلاً أسعى إلى الاعتماد على الآخرين بصدق؟ كيف يمكنني مراقبة التزاماتي الخاصة للتأكد من الإيفاء بها؟".
4. إيجاد أهداف مشتركة:
المفتاح الرابع هو ما يحوِّل علاقة عمل يكتنفها الغموض إلى علاقة منتجة؛ لذا حدد هدفاً واحداً على الأقل مشتركاً بينكما، وخَطِّطا معاً لإيجاد أفضل طريقة لتحقيق ذلك، واعملا كفريق لتحقيق ذلك، واجتمعا كثيراً لمناقشة التقدم.
صحيح أنَّ كل صفقة تجارية تبدأ بعلاقة، لكنَّها تكتسب قوة جذب من خلال تحديد هدف مشترك والعمل على تحقيقه، ويضمن أخذ الوقت للعثور على هذا الهدف أن تكون أفكاركما وأفعالكما متوافقة، وأن تتجها في الاتجاه الصحيح نحو النجاح.
اسأل نفسك: "هل بدأتُ المحادثات لتحديد هدف مشترك؟ هل أخذتُ أفكار هذا الشخص بالحسبان بجدية؟".
5. منح الأمر بعض الوقت:
من خلال الاستثمار الصادق في المفاتيح الأربعة الأولى المذكورة آنفاً، ستصبح احتمالية وسرعة إنشاء علاقة مثمرة مبنية على الثقة، عالية للغاية؛ ومع ذلك، فقد لا يكون الأمر مضموناً.
بالعودة للقيمة الإنسانية والفردية، نعلم أنَّ لكل منَّا حرية الاختيار؛ لذا لا يمكن فرض العلاقات الإيجابية، لأنَّ كلاً منَّا لديه وجهات نظره الفريدة حول التفاعل البشري والثقة الممنوحة؛ لذا تحلَّ بالصبر مع الشخص والعملية، وتذكَّر أنَّ الله خلق الدنيا في سبعة أيام.
دعنا نستخدم هذه المفاتيح الخمسة كمقياس للعلاقات الناجحة التي كنَّا نمتلكها، أو التي لدينا حالياً، بالإضافة إلى العلاقات التي لم يبدُ أنَّها بدأت بالظهور، والآن بالعودة إليك:
- ما المفاتيح التي تتقنها حقاً؟
- ما المفاتيح التي لم تُجدِ نفعاً في الماضي؟
- ما المفاتيح التي يمكنك استخدامها استخداماً أفضل لبناء علاقات حالية أو إصلاح المتأزم منها؟
ابدأ العمل الآن، وناقش هذه المفاتيح الخمسة مع فريقك، وأصغِ إلى اقتراحاتهم وحاول أخذها بالحسبان بصدر رحب، واعلم أنَّ القيادة المبنية على عقلية تُركِّز على الإنتاجية والاحترام المتبادل، هي أفضل فرصة لك لتطوير الثقة والرضا المطلوبين اللذين تسعى إليهما في علاقاتك المهنية، وكذلك علاقاتك خارج مكان العمل.
أضف تعليقاً