5 طرق لاتخاذ خيارات جيدة تتماشى مع أهداف حياتك

إنَّ حقَّ الاختيار واحدٌ من أعظم الهبات التي يمتلكها الإنسان الحر، فهو يتساوى مع الحرية، وقد نفعل أي شيء للحفاظ على هذا الحق والدفاع عنه؛ إذ يُشكِّل حق الاختيار جزءاً لا يتجزأ من كياننا ذاته عند اختيار إيماننا وطريقة حياتنا والتعبير عن أنفسنا، وبالتالي فإنَّ تعلُّم اتخاذ قرارات جيدة هو مفتاح الحياة الجيدة.



وكوننا من المخلوقات "الذكية"؛ وجب على خبراتنا المكتسبة أن تعزز باستمرار قدرتنا على اتخاذ خيارات جيدة مع مرور الوقت، فلماذا إذاً لا نعطي هذه الحقيقة حقها؟

هل يفكر الطفل البالغ من العمر ثلاث سنوات فيما إذا كانت خياراته جيدة أم سيئة؟ كل خيار هو خيار صحيح حين تكون الحياة مجرد مغامرة كبيرة من الاكتشاف والإثارة، ولا تظهر أهمية اتخاذ قرارات سليمة تتماشى مع أهداف حياتنا إلَّا حينما ندرك ذلك ونفكر فيه، ونندم في حال حُرمنا منه.

هناك أوقات قد نختار فيها ما يبدو لنا منطقياً تماماً، لكنَّ بعض العوائق تعترض طريقنا؛ هذه هي الحياة وهكذا تسير الأمور، ولكن ماذا عن تلك الأوقات التي نختار فيها الشيء نفسه مراراً وتكراراً ونتوقَّع نتيجة مختلفة؟

بالتأكيد سيكون من الجنون اتخاذ قرارات نعلم أنَّها سيئة، أليس كذلك؟ فيما يلي خمس طرائق سوف تساعدك على اتخاذ خيارات جيدة تتماشى مع أهداف حياتك:

1. الوفاء لقيَمك الأساسية:

تُشكِّل قيمك الأساسية صلة الوصل التي تجمع اختياراتك وأهداف حياتك. وإن أردت تحقيق إنجازاتك، فمن الضروري أن تظل مخلصاً لقيمك، حيث يضمن لك ذلك اتخاذ خيارات جيدة تتماشى مع أهدافك الشخصية؛ فإذا قدَّمت تنازلات، فسوف تحصد ما تزرعه، ربما ليس على الفور أو حتى على الأمد القصير، ولكنَّك ستدفع ثمن تنازلك عن قيمك نهاية المطاف.

قد تعتقد أنَّك تستطيع البقاء صادقاً مع نفسك عند التنازل عن بعض قيمك، ولكن في الحقيقة سيكون هناك دائماً جزء صغير منك لا يستطيع تجاوز هذا الأمر؛ ويميل هذا الشعور المزعج إلى التزايد فلا تكون النتيجة النهائية جيدة أبداً. 

يمكنك تبرير ما تفعله أو ما تسمح في حدوثه؛ سواءً أكان ذلك في العمل أم في حياتك المنزلية، لكنَّك لن تكون مقتنعاً؛ وبغض النظر عن مدى اقتناعك بأنَّ الغاية تبرر الوسيلة، فإنَّ الشكوك المزعجة ستؤثر في راحة بالك؛ وهذا رد الفعل الذي ستواجهه عند التضحية بقيمك من أجل المنفعة. 

على سبيل المثال، قد تتقدم جيداً في مسار وظيفي معين، لكنَّك قد تجد أنَّ مديرك المباشر لديه قيم مختلفة جداً في جانبٍ هامٍّ من جوانب العمل؛ فهل ستنصاع لرغباته إلى أجل غير مسمى رغم هذا الاختلاف؟ أم تتخذ موقفاً وتخاطر بحياتك المهنية؟ أم تقرر بكامل إرادتك أن تفعل ما يُطلَب منك على الأمد القصير كجزء من أهداف حياتك العامة؟

قد ينجح الخيار الأخير كحل مؤقت، ولكن هذا يحدث فقط إذا كنت تعي الحل الوسط الذي تقوم به من أجل المنفعة العامة. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف يؤدي ذلك إلى إحساسٍ دفينٍ بالظلم؛ لأنَّ عقلك بارع جداً في دفن الحقائق المزعجة من أجل الأهداف التي التزمت بها، مما يُصعِّب عليك اتخاذ خيارات جيدة.

إقرأ أيضاً: كيف تحدِّد قيمك الشخصية لتعيشَ حياةً ملؤها الإنجاز؟

2. اتخاذ قرارات واعية:

للعفوية مكانها، لكن هناك خط رفيع بين الاندفاع والإكراه.

يُعَدُّ تركيز الاهتمام على لحظات الحاضر أمراً هامَّاً، ولكن من السهل جداً أن نخلط بين الاستجابات الغريزية وردود الفعل الاعتيادية؛ وذلك بسبب المنعكسات التي تشكلت في أدمغتنا على مدار سنوات خلت.

هل سبق لك أن استيقظت وأنت تفكر: "لماذا فعلت ذلك؟" فلنتذكر جميع الأسئلة التي تشبه هذا السؤال. الخطوة الأولى هي أن نعرف أفضل ما يناسبنا، ثمَّ إمَّا أن نفعل ذلك الذي يناسبنا وإمَّا ألَّا نفعله.

الوعي هدية متاحة لك دائماً إن اخترت استخدامها. قد تعده مُقيَّداً أو مملاً لكنَّه يمنحك في الواقع إحساساً بالحرية، إضافة إلى أنَّه يعمل لمصلحتك الخاصة. يتيح لك الوعي الحصول على مزيد من وجهات النظر عوضاً عن تلك التي اعتدتها على مر السنين.

سوف يفتح التأمل الذاتي الباب لأسئلة مثل: 

  • ما هو الدافع العاطفي لهذا الاختيار المحتمل؟
  • هل هو قرارٌ صائب؟ ولمصلحة من؟
  • هل أبذل الجهود في سبيل الآخرين أم أنَّ الجهود تُبذَل في سبيلي؟ أم أنَّني أبذل الجهود في سبيل الآخرين ليبذل الآخرون جهوداً في سبيلي؟
  • هل سيُفرحني هذا؟ وإذا كان الأمر كذلك، كم سيستمر؟
  • ما هي الآثار طويلة الأمد لقراراتي؟
  • هل قراراتي وسيلة لغاية أم غاية في حد ذاتها؟

الحدس والإلهام هما الشريان المغذي للإبداع البشري. فالوعي -على عكس ما تفترضه المعتقدات المُقيِّدة والسلبية- يسمح لأفكارك بالتدفق ويساعدك في اتخاذ خيارات جيدة وإدارة النتائج بشكل أفضل.

3. الإصغاء إلى الحدس الداخلي:

لطالما كان الإنسان مُهتماً بالفلسفة الفكرية؛ ومع ذلك، فنحن مازلنا مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بحدسنا، الذي يرتبط بمشاعرنا، وبالتالي بخياراتنا.

يتجاوب بعض الناس تجاوباً أفضل مع حدسهم، في حين ترى بعضهم يتجاوبون بشكل أفضل مع مشاعرهم؛ إذاً حقِّق أقصى استفادة من الحدس والمشاعر عوضاً عن الاعتماد على العقل وحده فحسب.

هل سبق أن نظرت إلى حدث أو قرار بعد فوات الأوان وقلت لنفسك: "كنت أعرف أنَّ هذا خيار خاطئ" أو "إنَّه يعارض توقعاتي" لكنَّك اتخذته على أي حال؟ إذا كنت ترغب في اتخاذ خيارات جيدة، عليك تحسين قدرتك في تقدير الموقف، ولكن بدلاً من الاكتفاء بالموازنة المنطقية بين الإيجابيات والسلبيات، والحقائق والأرقام، والسوابق والاحتمالات الرياضية، استمع لإحساسك.

المنطق فعَّال حقاً عند استخدامه في التفكير، لكنَّ المشكلة أنَّ البشر ليسوا منطقيين؛ ولا يمكنك التحكم في كيفية رد فعل إنسان آخر، لكن لديك داخل حمضك النووي قدرة الاعتماد على حواسك البدائية؛ لذلك حتى إذا كانت جميع الحقائق تشير بوضوح إلى خيار واحد، تذكَّر أن تنتبه أيضاً إلى الحاسة السادسة لديك.

مفتاح صنع القرار هو التوازن، وسوف تساعدك التجربة على تعلُّم أفضل السبل للاستفادة من حدسك، فلا تُضع هذا المورد من يدك.

إقرأ أيضاً: هل يجب أن نثق بشعورنا الغريزي عند اتخاذ القرارات؟

4. النظر للخيارات على أنَّها تجارب:

قد تكون المماطلة تجربة منهكة، حتى أنَّ بعض الناس يصفونها بأنَّها تسبب الإحساس بالعجز. والإقرار بأنَّك تمتلك عديداً من الخيارات هو شكوى نموذجية أو عذر لتأخير اتخاذ القرار، بينما في الواقع، أن تكون لديك حرية اتخاذ الخيارات هو شيء يستحق الامتنان.

تنقسم الخيارات إلى عدة فئات، من التافهة نسبياً إلى تلك التي تغير مجرى الحياة؛ ومع ذلك، فحتى ما قد يبدو خياراً هاماً حقاً له تداعيات كبيرة يكون غالباً قابلاً للعكس.

إذا كنت تُحِسُّ بالرغبة في تغيير في حياتك، انظر إلى هذه العملية كتجربة بدلاً من النظر إليها كعملية مرهقة أو مسببة للقلق. حاول؛ ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ إن لم ينجح الأمر، فستعرف الآن على الأقل أنَّه ليس لك. وكما قال توماس إديسون: "لم أفشل 1000 مرة؛ بل اكتشفت بنجاح 1000 طريقة لعدم صنع مصباح كهربائي".

5. حبُّ الذات:

يُعَدُّ الالتزام باتخاذ خيارات أفضل خطوة أساسية نحو حياة أكثر سعادة وإرضاء؛ وليس قبول حقيقة قيامك بإنشاء واقعك الخاص، وتحمل مسؤولية المكانة التي وصلتَ إليها حاليَّاً، وتأدية دورك في الوصول حيث تريد أن تصل إلا جزءاً من النمو.

الخطوة التالية سهلة شريطة أن يكون لديك وضوح الفكر والانفتاح على تقبلها؛ إذ عليك الاختيار فحسب، فأنت أفضل من يعرف ما تحتاجه.

لا تهتم برأي أسرتك أو أقرانك أو شريك حياتك أو معالجك أو مدربك؛ أنت الخبير عندما يتعلق الأمر بإدارة حياتك (هناك عنصر إضافي واحد مطلوب: أن تحب نفسك بما يكفي لفعل الشيء الصحيح من أجلك).

شاهد بالفيديو: 11 نصيحة تجعلك تحب نفسك

أفكار أخيرة:

إنَّ التواصل مع حقيقتك، والحفاظ على الوعي، والثقة في غرائزك، والاستمتاع بوفرة الاحتمالات أمامك، وتقدير نفسك؛ يجعل اتخاذ القرار أمراً ممتعاً بدلاً من كونه عملاً روتينياً. لذا اتَّبع هذه النصائح وشاهد ثقتك تنمو وأنت تجني نتائج اختيارات جيدة بناءً على مبادئ سليمة.

المصدر




مقالات مرتبطة