5 أكاذيب عن التسويف نخدع أنفسنا بها

خلال سنوات عملي مع العملاء على إيقاف عادة التسويف لديهم والتخلُّص منها وجدتُ خمس أكاذيب قديمة نخدع أنفسنا بها كي نشعر بالرضى حيال المماطلة والتسويف الذي نمارسه، وقد دعوتُها بالأكاذيب؛ لأنَّها غالباً ما تكون غير صحيحة أو دقيقة فهي ليسَت إلَّا مسوِّغاتٍ تساعدنا على الشعور بالراحة تجاه التسويف؛ لذا انظرْ ما إذا كانت أيٌّ من الأكاذيب الواردة أدناه تنطلي عليك:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة والمدوِّنة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن خمس أكاذيب وحُجج نخبرها لأنفسنا لتبرير التسويف في حياتنا، وطريقة التخلص من كل منها.

1. الكذبة الأولى "سأفعل هذا لاحقاً أو غداً" أو "أنا مشغولٌ جداً وليس لديَّ وقتٌ لذلك":

هذه أشيع كذبة نتذرع بها لتأجيل أحلامنا وأهدافنا الكبيرة، ومن ثمَّ يحلُّ الغدُ وننسى الأهداف المذكورة بالكامل، وقبل أن ندرك الأمر نجدُ أنَّ سنةً كاملة قد مرَّت دون إحراز أي تقدُّم في حياتنا، وهو ما أدركتُه فعلاً في عام 2007 بعد قضاء عامٍ واحد في وظيفتي؛ ففي عام 2006 كنتُ قد عرفتُ من قبل أنَّ شغفي يكمن في مجال تطوير الشخصية أو التنمية الذاتية وأنَّني سأسعى إلى تحقيقه في وقتٍ ما؛ لكنَّني قلتُ لنفسي دوماً بأنَّني سأفعل ذلك فيما بعد بسبب جدول أعمالي الحافل والمزدحم في وظيفتي في الشركة.

سرعان ما مرَّ عامٌ واحد وكان قد حلَّ موسم عيد الميلاد من عام 2007، وكان كلُّ مَنْ في الشركة يذهب في إجازة خلال هذا الوقت، في حين كنتُ واحدةً من القلائل المتبقِّين للعمل في المكتب؛ لذا فقد انتهزتُ الفرصة للتأمل والتفكُّر جيداً في حياتي الخاصة وأهدافي؛ لكنَّ النتائج التي حصلتُ عليها لم تكُن عظيمةً أو جيدة على الإطلاق؛ فعلى الرغم من عملي المُضني والمُجهِد والضغط على نفسي ضغطاً مرهقاً في ذلك العام والعمل لوقتٍ متأخر من الليل وخلال عُطل نهاية الأسبوع، وجدتُ أنَّني لم أنجزْ شيئاً يرتبط بشغفي؛ وذلك بسبب صرف طاقتي كلها واستنزافها في عملي اليومي ووظيفتي في الشركة.

لقد أُصِبتُ بالإحباط وخيبة الأمل وبدأتُ التطلع للمستقبل واستعراض أحداثه، وتخيلتُ كيف ستكون الأمور إن واصلتُ طريقة عملي آنذاك، ووجدتُ أنَّ حياتي المستقبلية لن تكون عندَها بعيدةً جداً عن واقعي الحالي؛ فعلى الرغم من أنَّني سأكون قد عززتُ مسيرتي المهنية وطورتها إلَّا أنَّني لم أحرز أي نوعٍ من التقدم والتطور فيما يخصُّ شغفي وعملي الذي أحب.

لقد كنتُ مصدومة ومرتعبة جداً؛ لأنَّ ما تخيلتُه كان مختلفاً تماماً عن الحياة المثالية التي أرغبُ فيها؛ فقد أردتُ ملاحقة شغفي بإحداث فرقٍ وترك أثرٍ كبير في حياة الناس المحيطين بي لا أن أطور نفسي في وظيفة يومية لا أحبُّها، وكانت تلك اللحظةَ التي أدركتُ فيها أنَّ لا شيء سيحدث أو يتغير في حياتي ما لم أخصص وقتاً للنهوض بشغفي؛ لأنَّه من خلال تأخير ذلك وتأجيل اتخاذ الإجراءات بشأنه ليوم واحد كنتُ في الحقيقة أؤخر تحقيق أحلامي وأهدافي ليومٍ آخر؛ لذا فقد بدأتُ عندَها بالتخطيط من أجل شغفي شيئاً فشيئاً، وبدأتُ ذلك بإرسال رسالة استقالتي من وظيفتي في الشركة عبر البريد في شهر تموز/ يوليو من عام 2008، وقد قضيتُ آخر يومٍ لي في الشركة في 30 أيلول/ سبتمبر من نفس العام، ومن ثمَّ بعد شهرين في كانون الأول/ ديسمبر أطلقتُ مدونتي، وما حدث فيما بعد معروفٌ جيداً.

ربَّما يظنُّ مُعظَمكم الآن أنَّ عبارة "سأفعل هذا غداً أو لاحقاً" تعليقٌ مُنصِفٌ ومُسوِّغٌ تماماً، لا سيَّما عند الانشغال الشديد وتزاحم الأعمال؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّك عندما كنت تتأخر في تنفيذ مهمة ما أو تحقيق هدف مُعيَّن فمن المُحتمَل أن تستمر في تأجيل ذلك، إلَّا في حال إحداثك لتغييرات جذرية في طريقة تفكيرك وعاداتك وبيئتك؛ لذا عليك أن تنفذ المهام والواجبات المترتبة على عاتقك؛ كي يحدث التغيير المنشود في حياتك.

الحقيقة أنَّ الغدَ أو الوقتَ اللاحق هما وقتٌ يُضرَب به المثل ولن يأتيا أبداً؛ لذا بدلاً من تأخير العمل على أهدافك للغد أو لوقت لاحق فكِّرْ بكيفية البدء بها الآن، وهي الطريقةُ التي تمكنك من تحقيق تلك الأهداف، لا انتظارُ الغد أو وقتٍ لاحق للبدء بها.

شاهد بالفيديو: كيف تتخلص من المماطلة والتأجيل؟

 

2. الكذبة الثانية، "من الأفضل فعلُ الأمور في اللحظة الأخيرة":

يشعر بعض الناس أنَّ تأخير فعل الأمور حتى اللحظة الأخيرة يجعلهم يشعرون بنوع من الضغط والإلحاح والإصرار الذي يدفعهم لتنفيذها؛ لذلك فإنَّهم يتركون تنفيذ مهامهم حتى اللحظة الأخيرة ظنَّاً منهم أنَّ ذلك سيساعدهم على أدائها بفاعلية وكفاءة أكبر؛ لكنَّ المشكلة في تلك الطريقة أنَّها تسبب كثيراً من الخسائر غير المتوقعة، ومنها:

  1. تضييع الوقت الثمين من خلال التسويف الذي كان من الممكن استثماره بطريقة أكثر إنتاجية.
  2. القلق غير اللازم الذي يسببه التسويف؛ فعلى الرغم من أنَّك تقرر تأجيل تنفيذ المهمة إلى وقتٍ لاحق إلَّا أنَّك تفكر بها من حينٍ لآخر؛ مما يسبب لك قلقاً إضافياً بعكس ما كان سيحصل لو نفذتَها منذ البداية.
  3. من خلال ترك وقتٍ قليل فقط لإنجاز مهمتك عادةً ما يكون مردود إنتاجيتك النهائي أقلَّ مما أنتَ قادرٌ عليه فعلاً.

على سبيل المثال مررتُ بأوقاتٍ كثيرة سابقاً تركتُ فيها تنفيذ أعمالي للَّحظة الأخيرة، لأجدَ نفسي أنطلق بسرعة وأتنقل مسرعاً من واجبٍ إلى واجب في اليوم الأخير أو الساعات النهائية وذلك للتقيُّد أو الالتزام بالموعد النهائي، ولم ينتجْ عن ذلك فقط شعوري بالتوتر والقلق المُفرِط وإصابتي باضطراب نهم الطعام خلال ذلك؛ بل إنَّني سلَّمتُ أو حققتُ عملاً بجودة تتراوح بين 70-80% مقارنةً بالعمل الكامل والمثالي الذي كان بإمكاني تنفيذه لو كان لديَّ المزيد من الوقت.

لأنَّني كنت أُنجز أعمالي في اللحظة الأخيرة؛ فلم أستطعْ إلَّا أن أتدبر أمري بالوقت القليل المتبقي لديَّ، ومن أمثلة ذلك دراستي في اللحظات الأخيرة قبل الامتحان؛ مما أدى إلى إحرازي لدرجاتٍ سيئة، أو استعدادي وتحضيري للعروض التي كنتُ أقدمها في اللحظة الأخيرة؛ مما أسفر عن تقديمي لعروض جيدة، ولكن غير ممتازة كما لو كنتُ حضرتُها في وقتٍ أبكر.

لقد كان الدرس أو العبرة التي تعلمتُها من تلك الوقائع والأحداث هو أنَّ تأخير تنفيذ الأمور للحظة الأخيرة سيئ للغاية، كما أنَّه من المُفيد جداً النشاط والإبكار في العمل؛ لذلك فقد تحولتُ بعدَها إلى طالبةٍ مجتهدة ومثابرة تراجع دروسَها حتى قبل أن تتلقاها، وهكذا ساعدَني ذلك على تحقيق أعلى الدرجات، وفي مجال التحدُّث والتدريب أصبحتُ الآن أرتب أموري وأخطط لها سابقاً وأخصص وقتاً أكثر من كافٍ للتحضير والاستعداد والتدرُّب في حال حدوث أي مشكلاتٍ أو خلل خلاله، وفي الواقع لقد حسَّن تنفيذُ المهام باكراً من رفاهيتي وعافيتي لدرجة كبيرة، وجعلني قادرة أيضاً على تحقيق أو تقديم عملٍ ذي نوعية ممتازة بعكس ما يتعلق بحالة الجنون والهستيريا التي ترافق التأجيل للَّحظات الأخيرة.

لكن يوجد استثناء واحد لتلك القاعدة يتعلق بالمهام الأقل أهميةً التي يُفضَّل في الواقع تركُ تنفيذها حتى اللحظة الأخيرة، فيمكنك بهذه الطريقة الحدُّ من الوقت الذي تقضيه في أداء تلك المهمة بالمقارنة مع السماح للتسويف بهزيمتك والتغلب عليك وتضييع وقتك، وحتَّى إن لم يكُن لديك وقتٌ كافٍ لتنفيذ تلك المهمة بإتقان وبصورة صحيحة فلا بأس في ذلك إن كانت تلك المهمة ذات أهمية أو قيمة قليلة؛ إذ ينبغي أن يتساوى مقدار الجهد والوقت الذي تقضيه في أداء مهمة ما مع أهميتها بالنسبة إليك، ومن ثمَّ لا حاجة إلى قضاء كثير من الوقت في تنفيذها إن كانت قليلة الأهمية، وهو ما أدعوه بالتسويف الهادف أو المُتعمَّد.

يسبب تركُ فعل الأشياء حتى اللحظة الأخيرة كثيراً من الخسائر غير المتوقعة؛ فمن المفيد للغاية تنفيذ المهام والعمل على الأهداف الهامة بالنسبة إليك في أبكر وقتٍ ممكن ودون أي تأخير لوقتٍ لاحق، ومن ثمَّ إن كنتَ تؤجل وتسوِّف أحلامك وأهدافك العُظمى فقد حان الوقت للتوقف عن ذلك ومنحها الأولوية القصوى في حياتك بدلاً من ذلك.

إقرأ أيضاً: لا تؤجل عمل اليوم للغد وإلا ستصاب بـ"البروكراستيناتسيون"!

3. الكذبة الثالثة، "لن يغيِّر تأخيرُ الأمور ليومٍ أو أسبوع أيَّ شيءٍ بشأنها":

إنَّ تأخير تنفيذ مهمة ما لمدة يومٍ واحد لا يُحدِث فرقاً كبيراً على الأمد البعيد، فليست المشكلة في تأخيرك للمهمة ليومٍ واحد؛ بل في عدد الأيام التي كنتَ تؤخر مهمتك فيها التي ستستمرُّ بتأخير مهمتك لِما بعدَها كلما وعدتَ نفسَك بأنَّه آخر يومٍ للتأجيل والمماطلة، التي تُعَدُّ كثيرةً للغاية دون أدنى شك، فكما ترى عندما نقول لأنفسنا إنَّنا سنؤجل مهمة ما لمدة يوم واحد قد يبدو الأمر تافهاً بالنسبة إلينا؛ لأنَّه مُجرَّد يوم فقط؛ لكنَّ المحاولات المتكررة على مرِّ الوقت لتأخير أداء المهمة التي على عاتقك لمدة يومٍ واحد فقط تكبر بسرعةٍ متحولةً لعادةٍ ذات تأثير هائل ومفعولٍ سلبيٍّ كبير في حياتنا.

فكِّرْ بالمخطط البياني أدناه الذي يُظهِر الفرقَ بين اتخاذ القليل من الإجراءات الإضافية يومياً وعدم اتخاذها خلال فترةٍ زمنية قصيرة:

1

تشير (X) في المُخطَّط إلى الفرق بين اتخاذ المزيد من الإجراءات وعدم فعل ذلك؛ إذ يمكنك أن ترى هنا أنَّه فرقٌ ضئيل جداً ولا قيمةَ له، ومن ثمَّ لا عجبَ أنَّ معظمنا يلجؤون إلى التسويف ويتركون تنفيذ أعمالهم حتَّى الغد؛ وذلك لأنَّ التأخير لمدة يومٍ واحد لن يغير أي شيء.

على أيَّة حال انظرْ إلى الفرق في المخطط التالي حين يُكرَّر هذا الفعلُ اليومي المتزايد تدريجياً على مرِّ الوقت:

2

يتضاعف الفرق الناجم عن اتخاذ المزيد من الإجراءات كلَّ يوم بسرعة كبيرة جداً على الأمد الطويل، كما هو مُبيَّن ومُشار إليه بالرمز (Y) في المُخطَّط البياني السابق، ويتَّضح فجأة أنَّ كلَّ ما نفعله يوماً بعد يوم ابتداءً من القرارات البسيطة التي نتخذها حتَّى مقدار الوقت الذي نخصصه لتحقيق أهدافنا واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن ذلك، يؤدي دوراً كبيراً في نمونا الشخصي وما نحققه من إنجازات على الأمد الطويل.

الحقيقة أنَّك في كل مرةٍ تؤخر فيها العملَ على تحقيق أحد أحلامك أو أهدافك تؤخر حدوثَ ذلك الهدف أو الحلم؛ فربَّما يبدو تأخير شيءٍ ما لمدة يومٍ أو أسبوع أمراً غير هام اليومَ، إلَّا أنَّه يُحدِث فرقاً عظيماً ويترك أثراً كبيراً قد يغير حياتك على الأمد الطويل.

4. الكذبة الرابعة، "التسويف متجذِّرٌ وراسخ في شخصيتي":

غالباً ما أسمع هذه الكذبة من بعض أصدقائي الذين يدَّعون أنَّ التسويف جزءٌ طبيعي من شخصيتهم وأنَّه ليس بوسعهم فعل أي شيءٍ للتخلص منه، والخبرُ السارُّ هنا هو أنَّه من الممكن ألَّا نماطل في حياتنا أو نلجأ للتسويف، أمَّا الخبر السيئ فهو أنَّك طالما تمتلك إيماناً واعتقاداً بأنَّ التسويف متجذِّرٌ في داخلك فمن المستحيل التخلص منه.

بالنسبة إلي فقد اعتدتُ التسويف في الماضي والمماطلة بصورة مُفرِطة، فقد كنتُ أغفو خلال الحصص الدرسية؛ لأنَّني وجدتُ الدراسة مملَّةً، وكنتُ أنجز وظائفي وواجباتي المدرسية في اللحظة الأخيرة، كما كنتُ أدرس وأحضر للامتحانات في اللحظة الأخيرة أيضاً لدرجة أنَّني كنتُ أحياناً أقرأُ فصول الكتاب المدرسي للمرة الأولى في اليوم السابق للامتحان، فقد كرهتُ المدرسة كثيراً، وشعرتُ برغبةٍ في تركها في وقتٍ ما، وقد كان الحدثُ الأهم أو الأبرز هو قدوم أقربائي إلى منزلي ذات صباحٍ ومحاولاتهم لإخراجي من السرير بالقوة كي أذهب إلى المدرسة؛ لأنَّني كنتُ أرفض فعل ذلك.

على أيَّة حال فقد تغيرت أحوالي خلال مسيرتي في هذه الحياة، ولم يكن السبب في ذلك أنَّني قد راودتني رؤية ما في أحلامي؛ بل كان ببساطةٍ إدراكي أنَّني كنتُ أضيع حياتي وأهدرها سدىً وأنَّني أحتاج إلى تحمُّل مسؤولية نفسي وحياتي وتعليمي؛ فلو كرهتُ الدراسة كثيراً ولم أرغب في متابعتها أكثر من ذلك كان بإمكاني دوماً تركُها وتحمُّل مسؤولية قراري، ومن المُؤكَّد أنَّ ذلك سيؤدي إلى موجة من الغضب والانتقادات السلبية من عائلتي وأصدقائي والمجتمع المحيط بي، ولكن في النهاية لم يجبرْني أحدٌ على الدراسة؛ بل كنتُ حرةَ الاختيار؛ لذا فقد اخترتُ إكمال دراستي والتوقف عن التسويف، وقد شكَّل ذلك علامةً على أنَّها إحدى نقاط التحوُّل الحاسمة في حياتي.

يمكن التخلُّص من التسويف تماماً كما يمكن التخلُّص من عيوب الشخصية الأخرى كنفاد الصبر وانعدام اللباقة والخجل والتشاؤم؛ فأحد الأمور التي أرددها دوماً هو أنَّنا نُولَد جميعاً كائناتٍ إيجابية وذكية ومتحمِّسة ومندفعة، والسبب الوحيد الذي يدفعُنا لنصبح سلبيين ومتشائمين ومترددين وحائرين وفاقدي الحماسة والحافز هو ارتباكُنا وتشوُّشنا بسبب أنماط التفكير الخاطئة والقيود أو الضوابط المتعلقة بالظروف السائدة التي تؤدي إلى اختلال تفكيرنا والفوضى في حياتنا وتمنع ذاتنا أو طبيعتنا الحقيقية من الظهور، ومن ثمَّ فإنَّ الحلَّ عندَها هو اتخاذ إجراءات حيال هذه الأسباب لإزالتها والتخلص منها؛ إذ يمكن بعدَ ذلك لأي شخصٍ في العالم أن يُصبح متحفزاً ومتحمساً لتحقيق أهدافه بصورة طبيعية ودون أي جهد يُذكَر.

في الحقيقة يمكن معالجة التسويف والتخلص منه بصورة دائمة تماماً كما تُعالَج عيوب الشخصية الأخرى كانعدام اللباقة والخجل والتشاؤم؛ إذ يتعلق الأمر فقط بفهم الأسباب التي تدفعك للتسويف ومن ثمَّ معالجتها والتخلص منها.

إقرأ أيضاً: علاج التسويف

5. الكذبة الخامسة، "لا أستطيع فعل هذا الأمر إلَّا عندما يتوفر لديَّ مُتَّسَعٌ كافٍ من أوقات الفراغ له":

غالباً ما يؤخر العديدُ منَّا مهمةً تستلزم كثيراً من العمل والمجهود؛ لأنَّنا نشعر أنَّنا نحتاج إلى امتلاك مُتَّسَع كافٍ من وقت الفراغ قبل أن نتمكن من فعل ذلك، وفي حين يبدو هذا جيداً للغاية نظرياً، لكن من الصعب حدوثه أو تحقيقه من الناحية العملية.

خلال السنة الثانية من رحلتي في التدوين كتبتُ أكثر من أربعين مقالاً في مُدوَّنات الآخرين، إضافة إلى 68 مقالاً كتبتُه لمُدوَّنتي الخاصة؛ مما يعني أنَّني قد كتبتُ ما مجموعه 108 مقالاتٍ في ذلك العام، وهو ما يُعادِل أكثر من مقالين أسبوعياً، وقد كان ذلك عدداً كبيراً جداً من المقالات التي كتبتُها وألَّفتُها بثبات؛ نظراً لأنَّني كنتُ إلى جانب ذلك أقدِّم الكوتشينغ لعملائي وأُجري المُناظَرات أو الحوارات المُتبادَلة وأُدير عملي التجاري وأمارس التسويق والترويج لنفسي.

لم أحققْ هذا كلَّه من خلال انتظار توفُّر وقتُ فراغٍ كافٍ لديَّ؛ بل من خلال الاستفادة من كلِّ دقيقة إضافية من وقتي واستثمارها جيداً؛ فعلى سبيل المثال كلَّما كنتُ أنتظر المواصلات العامة أو أركبُ الحافلة أو القطار، كنتُ أشغِّل مباشرةً محرِّر الكلمات في هاتفي المحمول لكتابة مقالٍ جديد في مُدوَّنتي، ولم أهدفْ أبداً لإنهاء المقال خلال جلسةٍ واحدة؛ لأنَّ المقال عالي الجودة يستغرق بضع ساعاتٍ من الكتابة على الأقل؛ بل سعيتُ دوماً إلى كتابة كلِّ ما بوسعي، وكنتُ أُتابع كتابة ما تبقَّى منه خلال الدقائق التالية التي كنتُ أستثمرها من وقتي، وقد تمكنتُ من إنجاز كثيرٍ من الأعمال أسبوعياً من خلال الاستثمار الذكيِّ والمُتقَن لتلك الفترات الزمنية الضائعة من وقتي التي تراوحَت مدَّتُها بين 5-10 دقائق فقط، وليس من خلال انتظار توفُّر أوقات فراغٍ في حياتي.

الحقيقةُ أنَّك لن تُنجز أعمالك ولن تحقِّق أهدافك على الإطلاق من خلال انتظار توفر الوقت لديك، فيعتمد الأمرُ على الاستفادة من أي وقت لتحقيق الأهداف الأكثر أهمية بالنسبة إليك، واستثمار الفترات الزمنية الضائعة الموجودة خلال يومك بحكمة؛ كي تتمكن من إحراز تقدُّم سريع في حياتك.




مقالات مرتبطة