5 أخطاء وراء فشل عاداتك الجديدة

نحن نضع في بداية كل سنة قائمة بالقرارات الجديدة، ونعتزم القيام بها؛ لكن تشير الدراسات إلى أنَّنا في الحقيقة لا نلتزم بها في 81-92% من الحالات؛ أي بمعنى آخر: من المرجح أن نعود إلى عاداتنا وسلوكاتنا القديمة بمعدل 8 من أصل 10 مرات، بدلاً من الالتزام بالسلوك الجديد.



لا شك أنَّ تغيير السلوك أمر صعب، لكن ما السبب في ذلك؟ وما هي أهم الأسباب التي تودي بالعادات الجديدة إلى الفشل؟ وما الذي يجب أن نفعله كي تصبح هذه التغييرات أسهل؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، اقرأ هذا المقال الذي هو عبارة عن أفكار عملية تختصر سنيناً من الأبحاث والتقصيات حول التغيرات السلوكية للبشر.

الخطأ الأول، محاولة تغيير كل شيء من حولك دفعة واحدة:

الحل، اختر أمراً واحداً وقم به على أتم وجه:

يُجِمع الباحثون في التغيير السلوكي على ضرورة تغيير بعض العادات في الفترة الزمنية نفسها، ويؤكد الأستاذ في جامعة ستانفورد بي جي فوغ (BJ Fogg) على ألَّا يتجاوز التغيير ثلاث عادات بسيطة؛ كأن تنظف أسنانك بالخيط المخصص، أو تقوم بتمرين رياضي واحد كل يوم، أو أن تقول لنفسك عبارة إيجابية كل صباح؛ إذ إنَّ أهم ما في الأمر ألَّا تغيِّر أكثر من ثلاث عادات في الفترة نفسها مهما كانت سهلة.

قد ترغب في بناء كل عادة على حدة، والانتقال إلى غيرها بمجرد أن تتحول هذه العادة إلى روتين يومي؛ فمثلاً: حدد أياماً معينة من كل أسبوع للذهاب إلى النادي الرياضي على مدار بضعة أشهر، وحالما تشعر أنَّ هذه العادة أضحت روتيناً لديك، انتقل إلى عادة أخرى كالكتابة، وتابع على المنوال نفسه إلى أن تتحول إلى روتين، ثم ابحث عن عادة جديدة؛ وهكذا دواليك.

حل إضافي: اختر عادة بنَّاءة.

في حال لم تفلح الخطوات السابقة، فعليك انتقاء أمر يصلح ليكون عادة بنَّاءة؛ فالعادة البنَّاءة هي سلوك أو روتين له تأثير تراكمي في جميع نواحي حياتك؛ فمثلاً: تخلق ممارسة التمرينات الرياضية أثراً تراكمياً على جوانب أخرى في حياتك، فهي ليست مفيدة لصحتك فحسب، بل تعود عليك بالكثير من الفوائد الإضافية، كأن تصبح أكثر تركيزاً، وتهتم بغذائك، وتحظى بنوم هانئ لتستيقظ وأنت مفعم بالنشاط.

لاحظ هنا الأثر التراكمي الذي لم يكن بالحسبان والناتج عن عادة واحدة متمثلة بممارسة الرياضة؛ إذ إنَّك تختار عادة بنَّاءة واحدة، لكن تتحسن معها جوانب أخرى من حياتك أيضاً، وتكمن هنا قوة العادة؛ لذا ابحث عن عادة بنَّاءة مناسبة كالتمرينات الرياضية أو التأمل أو وضع ميزانية مالية شهرية، ومارسها بانتظام.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية

الخطأ الثاني، البدء بعادة صعبة جداً:

الحل، اجعل العادة سهلة بحيث لا تسأمها وتتركها:

يساعدك رسم شكل بياني على تحديد الدوافع اللازمة لممارسة العادات، بحيث يتناسب الدافع طرداً مع النسبة المئوية للعادات المنجَزة؛ وبعبارة أخرى: إنَّ أصعب مرحلة في العادة هي المباشرة في السلوك، فمثلاً: قد تحتاج حافزاً كبيراً ليحملك على الذهاب إلى النادي الرياضي بعد يوم مضنٍ في العمل؛ لكن حالما تبدأ بالتمرينات الرياضية، ستتضاعف إرادتك وتكون قادراً على إنهائها بكل سهولة؛ وبناءً على ذلك، إن أردت تبنِّي سلوك جديد، فعليك البدء بممارسة عادة في منتهى البساطة.

 لا تخشَ ممارسة عادات جديدة، وابدأ بسلوك بسيط وسهل ومعقول لتقوم به يومياً؛ وإليك أمثلة على ذلك:

  • إن كنت تطمح للقيام بخمسين تمرين ضغط، ابدأ ببضعة تمرينات ضغط سهلة.
  • إن رغبت في قراءة مزيد من الكتب، ابدأ بقراءة صفحتين كل يوم.
  • إن أردت ممارسة التأمل، فتأمل لمدة دقيقة كل صباح، وضاعف المدة بعد شهر.

الخطأ الثالث، التركيز على الوجهة وليس على الرحلة:

الحل، ركز على سلوكك بدلاً من أن تركز على النتيجة النهائية:

تركِّز معظم النقاشات المتعلقة بالأهداف والقرارات على النتيجة بشكل أو بآخر؛ فنحن دائماً ما نُسأَل عن مقدار الإنجاز الذين نرغب في تحقيقه، أو الوزن الذي نريد خسارته، أو مقدار المال الذي نريد ادخاره، أو الكتب التي نرغب في قراءتها، أو العادات السيئة التي نريد الإقلاع عنها؛ لكن تكمن المعضلة في أنَّ الأهداف الجديدة ليست هي من تحقق نتائج جديدة، بل نمط الحياة، والذي لا يُعدُّ نتيجة بل عملية مستمرة؛ لهذا السبب عليك أن تسخِّر جميع طاقاتك لتبنِّي الممارسات الحميدة، وليس للبحث عن الجائزة الثمينة.

تتحول الممارسات إلى عادات، وكما يقول الكاتب والصحفي "طوني شوارتز" (Tony Schwartz): "الممارسة هي سلوك متناهٍ في الدقة تقوم به في وقت محدد بغية أن يصبح تلقائياً مع مرور الوقت، بحيث لا يتطلب تركيزاً مدروساً أو طاقة تُذكَر"؛ لذا إن أردت بدء عادة جديدة، فعليك أن تكون شغوفاً بالممارسات التي تندرج تحتها.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مثبتة علميَّاً للتخلص من العادات السيئة

الخطأ الرابع، عدم تغيير بيئتك:

الحل، اخلق بيئة تعزز العادات الحميدة:

لا يستطيع أحد على الإطلاق ممارسة العادات الإيجابية في ظل بيئة سلبية، وينطبق هذا على الكثير من الأمثلة، ومنها:

  • من الصعب أن تواظب على تناول الوجبات الصحية وثلاجتك مليئة بالطعام غير الصحي.
  • من الصعب أن تحافظ على إيجابيتك طوال الوقت وأنت محاط بأشخاص سلبيين.
  • من الصعب أن تركز على أداء أي مَهمَّة وأنت غارق في فوضى التشتيت الرقمي من رسائل ومكالمات وإشعارات منبثقة وغيرها.
  • من الصعب أن تقلع عن عادة ضارة كالتدخين وأنت محاط بالمدخنين.

إنَّ أغلب سلوكاتنا ما هي إلَّا ردود فعل على البيئة المحيطة بنا، لكنَّنا نادراً ما نقر بذلك؛ لكن في الحقيقة، إنَّ نمط حياتك الآن وجميع عاداتك هي إلى حد كبير نتاج البيئة التي تعيش فيها على الدوام؛ لذا يتطلب التغيير الأكبر الذي يسهِّل ممارسة العادة أن يُطبَّق في بيئة مُكرَّسة لإنجاحها.

على سبيل المثال: قد تقرر في بداية السنة الجديدة أن تقلل من التوتر في حياتك وتعيش في حالة من التركيز العميق، لكن توجد بعض المُنغِّصات؛ فقد تستيقظ كل صباح على صوت المنبه، فتأخذ هاتفك المحمول مباشرة وتبدأ تصفح رسائل بريدك الإلكتروني وبرامج التواصل الاجتماعي، فتجد نفسك غارقاً تحت كومة من الرسائل الإلكترونية والإشعارات التي لا تنتهي من برامج التواصل الاجتماعي حتى قبل أن تنهض من السرير، ويصبح عقلك مشتتاً ومجهداً في بداية النهار.

لذا إن كنت تعاني من هذا وتريد تغيير عادتك، فإنَّ تغيير بيئتك أبسط طريقة لذلك؛ وما عليك إلَّا أن تترك هاتفك المحمول في غرفة نومك أو تبقيه بعيداً عن سريرك، وتستبدله بمنبه تقليدي؛ فالهاتف المحمول هو سبب جميع هذه المشكلات، وإن ابتعدت عنه، ستكون قادراً على تغيير بيئتك.

كما يمكنك أن تغير بيئتك الرقمية أيضاً؛ وذلك من خلال إيقاف تشغيل الإشعارات المنبثقة على هاتفك، أو حتى إزالة تطبيقات التواصل الاجتماعي من عليه لمدة شهر ومراقبة تأثير ذلك فيك؛ ذلك لأنَّك لن تتغير ما لم تغير بيئتك.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

الخطأ الخامس، افتراض أنَّ التغيرات الطفيفة غير مجدية:

الحل، حسِّن حياتك بمقدار ضئيل كل يوم:

عندما يتحدث الأشخاص عن أهدافهم، فهم عادة ما يصفون الحد الأدنى الذي يطمحون إليه، كأن يقولوا مثلاً: أرغب في ادخار مبلغ مقداره كذا على الأقل، أو أرغب في خسارة كذا من وزني على الأقل، وغيرها.

يتعلق الأمر بافتراضنا أنَّ على الإنجازات أن تكون عظيمة لتُحدِث فارقاً في حياتنا؛ ولهذا السبب نقنع أنفسنا بممارسة العادات الصعبة، فمثلاً: إن أردنا خسارة الوزن، فإنَّنا نقرر أن نرهق أنفسنا بالتمرينات اليومية المجهدة لمدة طويلة.

ومع ذلك، إذا نظرت إلى عاداتك الحالية، فسترى صورة مختلفة؛ ذلك لأنَّ معظم عاداتك التي تمتلكها الآن هي نتاج العديد من الخيارات البسيطة التي كوَّنتها بمرور الوقت، وهي النمط المتكرر للسلوكات البسيطة التي تؤدي إلى نتائج هامة؛ فلو اخترنا أن نصبح أفضل أو أسوأ حتى لو كان ذلك بنسبة 1%، لكنَّا نسينا هذه العادات لصغرها.

لذا، إن كنت تسعى حقاً إلى تبنِّي عادة جديدة، فاخترها بسيطة بحيث تستطيع الالتزام بها دائماً؛ وبمجرد تكرارها لعدد لا بأس به من المرات، ستتمكن من زيادة صعوبتها؛ وفي حال رغبت في المزيد من الأفكار القابلة للتطبيق للتخلص من العادات السيئة والبحث عن أخرى جيدة، فعليك بقراءة كتاب "العادات الذرية" (Atomic Habits) لـ "جيمس كلير" (James Clear) الذي يعرض لك كيف تؤدي التغييرات الطفيفة إلى نتائج عظيمة.

المصادر




مقالات مرتبطة