ففي تلك المواقف التي تتخذ فيها إجراءات، أو تُنجز أمراً تتعدى فيه حدود المجالات التي ألِفتها سابقاً أو تشعر بالراحة فيها، عندها ستحقِّق أعظم نجاحاتك؛ إذ يترافق الأمر عادةً مع ضغوطات من نوعٍ ما، لكنَّه سيُسعدنا لاحقاً أنَّنا مررنا بها لتحقيق مستوى جديد من النجاح لم نختبره سابقاً في حياتنا.
قد يكون الخروج من منطقة الراحة تحدياً بالنسبة إلى بعضهم، خاصةً مع مرور السنين؛ إذ توجد أوقات قد تجد فيها نفسك أقل استعداداً لاستثمار الفرص التي كنت ستختارها بسهولة وأنت في أوائل العشرينات من عمرك على سبيل المثال، لهذا من الهامِّ مع تقدُّمك في السن أن تتمرَّن دورياً على تخطي حدود منطقة راحتك الحالية.
5 خمس استراتيجيات قد تساعدك على الخروج من منطقة راحتك:
1. الالتزام بأمر جديد:
اتِّخذ قراراً بتجربة أمر بوصفه مهنة جديدة، أو دورة تدريبية، أو تغيير مكان إقامتك، أو تجربة طريقةٍ مختلفةٍ لرؤية العالم، وما إلى ذلك، فكِّر بأمرٍ لطالما رغبت في تجربته، ثمَّ التزم بالسعي إليه، لكن تجنَّب هدر كثير من الوقت في التفكير في إيجابيات وسلبيات الالتزام فيه، واتخذ قراراً مدروساً بكل الوسائل.
إذا كنت تفكِّر في الأمر لفترة طويلة، فلا بدَّ أنَّك تُدرك جيداً إذا كان هذا ما تريده حقاً في حياتك أم لا، فالتزم به الآن بدلاً من هدر الوقت في التفكير بالأسباب التي تمنعك من المتابعة، فالعقل سيقدِّم دائماً أسباباً لعدم قدرتك على النجاح فيه، فهذه فرصتك، لقد فكَّرت فيه بما فيه الكفاية، والآن عليك التنفيذ.
2. اتخاذ الإجراءات اللازمة:
تدعو "قاعدة الخمس ثوانٍ" (The Five Second Rule)، للمؤلفة "ميل روبينز" (Mel Robbins) إلى القيام بالإجراءات اللازمة بسرعة، بمجرد اتخاذ قرار بخصوص أمر تريد القيام به أو تحقيقه؛ وذلك لأنَّ التركيز على التنفيذ هو المفتاح لمتابعة الالتزام الذي تعهدت به لنفسك.
لذا اتِّخذ هذه الخطوة الأولى نحو التزامك الجديد بأسرع وقت ممكن، وواجه من خلالها مخاوفك أو لحظات التردد؛ إذ يؤدي الانتظار طويلاً إلى التراجع، وقد لا تُحقِّق مستويات جديدة من النجاح في أثناء رحلتك نتيجةً لذلك، فإنَّ خطوة العمل الأولى هذه بالغة الأهمية لتحقيق ما تريده.
"إنَّ مغادرة منطقة الراحة الخاصة بك أصعب أمر تفعله، لكن عليك التخلي عن الحياة المألوفة بالنسبة إليك، والمجازفةَ لتعيش الحياة التي تحلم بها". الباحث "تي. أريجو" (T. Arigo).
شاهد بالفديو: 20 طريقة بسيطة للخروج من منطقة راحتك
3. التوقف عن التسويف:
التسويف قاتل للأشخاص الطَّامحين بتحقيق النجاح، فهو يدفعك للبقاء في منطقة الراحة الخاصة بك في الوقت الحالي، لكنَّه يؤكِّد لك بأنَّك ستُحرز تقدُّماً بالفعل في وقت لاحق، وتُحقِّق ما وعدت به نفسك، والحقيقة أنَّك لن تفعل ذلك على الأرجح.
لذا افعل الأمر اللازم للوصول إلى ما تريده، وهو اتخاذ خطوة الآن للتوقف عن تأجيل هذا الحلم الذي انتظرته طوال حياتك، فقد تكون هذه الخطوة هي ما تحتاج إليه بالضبط للخروج من منطقة الراحة، وقد يترافق ذلك أيضاً مع شعور رائع بالارتياح، لأنَّك تعلم أنَّك توقفت أخيراً عن التردُّد بسبب الخوف، وانتقلت بالفعل نحو مستوى جديد من النجاح والفرص والرؤية في حياتك.
4. تغيير الموقع:
إنَّ هذا ليس بالأمر الممكن دائماً، لكنَّ الالتزام بأمر جديد يتطلَّب منك أحياناً القيام به في مكان آخر، فقد يحمل المكان الذي عشت فيه سابقاً، أو عملت، أو نشأت، كثيراً من المشاعر التي تجعلك تتعلَّق به، لكنَّه في الوقت ذاته يحوي قيوداً قد تعرقلك، فهي تنشئ حاجزاً خفياً لا مبرَّر له أمام الإنجازات المستقبلية المحتملة في بعض الأوقات، وقد يكون الموقع الجديد بمنزلة بداية جديدة أحياناً، فالوضع الجديد وغرابة المكان يُنشِئان شعوراً بوجود فرص جديدة ومختلفة ومثيرة للحماسة.
أنت تجهل القيود الموجودة، وليس لديك أي تحيُّز مسبق تجاه الموقع بطبيعة الحال، وهذا يمنحك فرصةً للبدء من جديد مع أهداف ومستويات نجاح جديدة تأمل أن تحققها؛ فهو أمر يجب أن يُؤخذ بالحسبان، وقد يقودك إلى مقابلة أشخاص جدد، واكتساب مهارات جديدة، وإحراز تقدُّم بطرائق لم تتوقعها أو تختبرها من قبل.
5. المجازفة:
عبَّرت الكاتبة "شوندا رايمز" (Shonda Rhimes) عن الأمر بطريقة صحيحة من خلال كتابها "عام الموافقة" (Year of Yes)، فإذا قبلتَ على الفور الفرص المتاحة لك، فإلى أين يمكن أن يقودك ذلك؟ ونظراً لقصرِ الحياة، ألا يجب أن تكتشف ذلك غالباً؟ ربما تكون أكثر ميلاً للرفض، وقد يكون لديك حتى قائمة عريضة بأسباب لعدم القيام بذلك، وقد يكون السبب بسيطاً وعادياً، كعدم الرغبة في الخروج في البرد ليلاً لمقابلة صديق جديد في المقهى.
يبدو أنَّ غريزتك الأولى تحثُّك على الراحة، لكن ماذا لو قلت فعلاً: "دعنا نفعل ذلك" بدلاً من الرفض، وسعيت وراء تلك الاحتمالات الجديدة، يمكن أن يقودك ذلك إلى علاقة أو فرصة أو تجربة جديدة تنقلك إلى مستوى آخر من النجاح قد طال انتظارك له.
إنَّ مجرد الانفتاح على الاحتمالات وإبداء استعداد أكبر للمجازفة، يُسهِّل التقدم إلى الأمام، فالرَّفض يُلغي الاحتمالات، ويسلبك على الفور الفرصة المستقبلية التي مُنحت إياها، فإذا تجاوبت مع الأمر بما يناقض غريزتك التي تدفعك للرفض، وتبنَّيت نهج المجازفة بدلاً من ذلك، فقد تتفاجأ بمستويات جديدة من النجاح لم تكن لتتصورها سابقاً.
في الختام:
ليس من السهل دائماً الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك، لكنَّ بعض أعظم نجاحاتنا غالباً ما تكمن خلف هذه المجازفة، وقد تساعدك خطوات بسيطة على النجاح في هذا الانتقال؛ فالالتزام بأمر جديد لطالما تمنيته لنفسك هو بداية يتبعها اتخاذ الإجراءات اللازمة مهما كانت بسيطة؛ إذ إنَّه يبني الدافع، ويحثُّك على التقدُّم نحو هدفك.
كما أنَّ التوقف عن التسويف مفيدٌ للتفكير فيما يمكنك فعله الآن للاقتراب من غايتك، بدلاً من الغد أو من وقت آخر غير محدد؛ إذ يمكن أن يُحرِّرك تغيير موقعك أيضاً من العوائق غير المرئية التي تعوق نجاحك في مكانك الحالي، ويفتح أمامك أبواب عالم واسع الإمكانات.
قد يقودك اتباع نهج المجازفة والانفتاح على الاحتمالات إلى أمور ومستويات من النجاح ربما لم تتخيَّلها من قبل.
أضف تعليقاً