وإن أضفنا عوامل جديدة مثل رواج تكنولوجيا المعلومات وزيادة عدد الخيارات المتاحة، وما يُرافِقُ كلا الأمرين من ضغوطاتٍ نفسية لمواكبة الحداثة؛ فهل يُصبِح من الغريب أن نشعرَ بأنَّنا ضللنا الطريق؟ فالبحوث التي نجدها، غالباً ما يتعارض بعضها مع بعض؛ ففي لحظةٍ ما، تُشير جميع الدراسات إلى نتيجة معينة، لنجد لاحقاً بأنَّه قد جرى دحضها، وطفت إلى السَّطح نظريةٌ جديدة، وهكذا دواليك. لكن توجد منهجية أفضل للتعامل مع الأمور؛ فحينما نُزِيلُ جميع القشور، نكتشف أنَّ أساسيات العيش بصورةٍ جيّدة -كانت وما زالت- هي ذاتها. أنت تعرفهم بالفعل؛ لذا دعنا نُذكرك بهم.
1. الهواء:
نعم، لقد قرأت ما كُتِبَ جيداً؛ إذ يظلّ التنفس أولاً وأخيراً، أكثرَ نشاطٍ غريزيّ يمكن للإنسان القيام به. لكن عندما تجد التعقيدات طريقها إلى حياتنا، نبدأ في التنفس بصورةٍ سيئة؛ فتتراكم عاداتنا السيئة في التنفس بمرور الوقت، ويصبح من غير الممكن تغييرها. إذ إنَّكَ عندما تشعر بالتوتر، إما تتجمد في مكانك وتنسى أن تتنفس، أو تتنفس أنفاساً قصيرةً وسريعة. وبدورها، تُدِيُم هذه العادات السيئة مشاعر التوتر والقلق.
لذا، قم بما سنخبرك إيَّاه الآن:
- اجلس باستقامة.
- واستنشق نفساً عميقاً من أنفك واحبسه لمدة ثلاث ثوانٍ كاملة.
- ثم ازفره ببطءٍ من فمك.
- وأَعِد تكرار هذه العملية.
2. الطَّعام:
تجاهل جميع بِدَعِ الحميات الغذائية التي تُطالعنا بها مختلف المواقع؛ إذ يتلخّص الأكل جيداً بتناول طعامٍ صحي: بمعنى توجيه كامل اهتمامك صوب الأطعمة التي تستطيع التعرّف على جميع المكونات التي تدخل ضمنها.
يشتمل النظام الغذائيّ الجيّد في الغالب على الفواكه والخضروات وبعض النشويات وبعض اللحوم. أما إن كنت تفضل مصادر البروتين الأخرى (غير الحيوانية)؛ فالبقوليات وفول الصويا خياراتٌ جيدةٌ أيضاً.
إنَّ اتباع نظامٍ غذائيّ صحيّ ومغذٍّ، هو أساس عيش حياةٍ صحيةٍ. وبغض النَّظر عمَّا تريد تحقيقه، يجب أن تكون الصحّة أهمّ أولوياتك؛ فبدونها، لا معنى للأجزاء الأخرى من حياتك.
لذا ضع المقولة الآتية في عين الاعتبار: "الصِّحة تاجٌ على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى".
3. الحركة:
لقد أصبحت حياة السكون هي القاعدة في مجتمعاتنا الحضريّة؛ فسواءً أَكُنَّا جلوساً أم وقوفاً؛ تتطلّب وظائفنا منا البقاء في مكاتبنا في وضعيةٍ ثابتةٍ لعدّة ساعاتٍ في اليوم الواحد. المشكلة هي أنَّ أجسادنا لم تُجبَل على الجلوس أو الوقوف في مكانٍ واحدٍ لِمُدّةٍ طويلة.
لذا ابحث عن طرائق تُتِيح إليك إدخال المزيد من الحركات في حياتك اليومية. وإذا لم تكن من مُحِبّي التمرين في الصالات الرياضية، فهناك طرائق أخرى لتحرك فيها الدماء في عروقك. اذهب في نزهة في الحديقة أثناء استراحتك، أو استكشف جزءاً لم تره من المدينة. المهمّ هنا أن تجد وسيلةً تُحَرّك بها جسمك أينما كنت، ومتى ما استطعت القيام بذلك.
4. النَّوم:
يفتخر كثيرٌ من الناس بأنَّهم لا ينامون كثيراً، فتجدهم يتحدثون عن ذلك كما لو أنَّه يجعلهم أكثر قدرةً وطموحاً بالمقارنة مع أقرانهم. لكنَّ النوم ليس أمراً اختيارياً، وإنَّما أمرٌ حتميٌّ لا نقدرُ على تفاديه. كما أنَّه ليس عائقاً للنجاح؛ بل هو عكس ذلك تماماً: إحدى ركائزه.
وهو ما عبَّرت عنه أريانا هافينغتون بقولها: لقد قابلت الكثير من الأطباء والعلماء، فتعلّمت منهم أنَّ الطريق إلى حياةٍ أكثرَ إنتاجيّةً وإلهاماً وسعادة، يبدأ بالحصول على "قسط كافٍ من النوم".
لكن لماذا يجب أن تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم كلّ ليلة؟ لأنَّ ذلك سيعود عليك بالنفع في النواحي الآتية:
- زيادة الإنتاجية.
- الإبداع أكثر.
- زيادة التركيز.
- انخفاض مستويات القلق والضغط النفسي.
- زيادة راحة البال.
نحن بحاجة جميعاً إلى النوم بعد يوم عملٍ شاق، وذلك لمساعدة أجسامنا على التعافي من أجل أن نكون جاهزين إلى يوم العمل التالي. لذا فعدد ساعات نومٍ تتراوح من (7) - (9) ساعات في الليلة، هي الخيار الأمثل بالنسبة إلى البالغين.
5. الهدف:
جميعنا بحاجةٍ إلى هدفٍ في الحياة؛ فهو ما يجعلنا متحمسين للاستيقاظ صباحاً، ويُشعرُنا بالرضا عندما نرقدُ ليلاً؛ ذلك لأنَّ المرء حين يجد شيئاً يدفعه للمضي قُدُماً إلى الأمام، ينظُرُ إلى حياته نظرةً أكثرَ إيجابيّة، ويرى مستقبله بوضوحٍ أكثر.
لذا وأثناء تكوينك إحساسك بالهدف، تبدأ الجوانب الأخرى من حياتك في التجمّع سويّةً؛ فتعملُ على تحسين نوعية علاقاتك مع الأشخاص من حولك، وتضيفُ قيمةً إلى مجتمعك، وتتعلّم كيف تقضي وقتك جيداً.
لهذا السبب تحديداً، يضطلع الأشخاص الناجحون بمسؤوليّة مشروعاتٍ لا علاقة لها بأدوارهم الرئيسة؛ سواءً أكانت مؤسساتٍ خيريّة، أم هواياتٍ شخصيّة، أم مشروعاتٍ تجاريّةٍ غير ربحية. وهو ما يعود عليهم بالمقابل في الخروج بأفكارٍ جديدةٍ والتمتع برؤيةٍ ثاقبة، ويُمكِّنهم من أداء أدوار أخرى.
وأنت أيضاً بمقدورك أن تقوم بالأمر ذاته.
تخلَّ عن القشور:
عندما تختصر حياتك وتجعلها تشتمل على هذه المفاهيم الخمسة فقط، يصبح كلّ شيءٍ أكثر بساطةً بالنسبة إليك؛ فمن خلال التركيز عليها، تستطيع إضافة تجارب مجدية أكثر، وتصبح أفعالك أكثر ترابطاً؛ ذلك لأنَّك حينما تُقصِي من حياتك أشياء لا تُضيفُ إليك شيئاً، تزيدُ تركيزك على الأشياء التي تفعلها، وتبدأ في عيش كلّ يومٍ بطريقةٍ مُختلفة؛ مما يجعلك تنظرُ إلى كلّ يومٍ وكأنَّه أول يومٍ في حياتك.
أضف تعليقاً