ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن التظاهر بأنَّك بخير.
طلبت منه زوجته أن يجري فحوصات؛ لكنَّه كان يقول: "لا بأس، فلم يمت أحد من صداع قط"، لكن يمكن أن يكون الصداع من أعراض الأمراض الخطيرة، وفي النهاية تفاقم الصداع واستسلم لنصيحة زوجته؛ إذ اتضح أنَّ الرجل كان يعاني ورماً في الدماغ، وقال: "تبين أنَّ الأمور لم تكن على ما يرام على الإطلاق، ولقد تعلَّمت درساً"، وكاد أن يدفع الثمن بحياته.
في الفيلم الوثائقي، أظهروا كم كان محظوظاً للبقاء على قيد الحياة، فقد كانت فرصته في البقاء على قيد الحياة شبه معدومة، والأشخاص الذين يمرون بتجربة مثل هذه التجربة عادة لا يعيشون طويلاً بما يكفي للتحدث عنها.
العناد وجنون الارتياب:
أنا أعرف أشخاصاً كثيرين يتسمون بالعناد، واعتدت أن أتعامل مع كلِّ شيء بعناد أيضاً؛ فلا يعترف الشخص العنيد بوجود مشكلة في صحته الجسدية أو النفسية، ويقول دائماً إنَّه "بخير"، لكن لا أحد بخير طوال الوقت؛ فنحن نمر جميعاً في فترات نواجه فيها صعوبات نفسية وجسدية، وفي بعض الأحيان لا نكون بخير، لكن معظمنا يستمر في التظاهر بذلك.
تحدَّث الطبيب النفسي مارك جولستون (Mark Goulston) في كتابه، "لا تقف عائقاً في طريقك" (Get Out of Your Own Way)، عن الطبيعة غير المنطقية للاعتراف بالألم، وكتب: "الاعتراف لنفسك بأنَّك مستاء أو متألم يمكن أن يجعلك تشعر بأنَّك ضعيف، وتخشى أنَّ الاعتراف بالمشاعر السيئة سيمنحها مزيداً من القوة، وقد يزداد الألم سوءاً، وقد لا تكون قادراً على تحمُّل ذلك".
عندما تكون لديك مشاعر سلبية، يكون رد فعلك الأول هو التقليل من شأنها أو الهروب، لكن كما يقول الطبيب جولستون: "العكس هو الصحيح عادة؛ فالاعتراف بالشعور يحرر التوتر المكبوت ويجعلك تشعر بتحسن وليس أسوأ"، وأعتقد أنَّ هناك مرحلة أقصى من درجات العناد، وهو جنون الارتياب، فأنت لا تريد أن تذهب إلى الطبيب أو تبقى في السرير بسبب مرض بسيط؛ لكنَّك أيضاً لا تريد التظاهر بأنَّه ليس لديك خطب ما عندما يستمر صداعك لسنوات.
شاهد: 7 حقائق مؤلمة عن الحياة من شأنها أن تجعلك شخصاً أقوى
الاعتراف: الخطوة الأولى لتكون بخير حقاً
اعترف بالموقف في المرة القادمة التي تشعر فيها بالألم أو تشعر بالسوء حيال شيء ما؛ فالأمر بسيط كأن تقول: "أعاني صداعاً منذ ثلاثة أسابيع، ولا أشعر أنَّني بخير"، أو إذا كنت تمر بشيء عاطفي، فيمكنك القول: "أشعر بالإحباط في العمل"، قُلها في العلن، فمن خلال تصنيف ما تمر به، لن تشعر بتحسن تجاه الموقف فحسب؛ بل تزداد احتمالية إيجاد حل؛ فآخر شيء تريده هو التظاهر بأنَّك بخير عندما لا تكون كذلك.
يتقن بعض الناس التظاهر بأنَّهم بخير؛ إذ يقنعون الجميع بأنَّ كلَّ شيء على ما يرام، وهذا ليس شيئاً يدعو للفخر؛ بل يمكن أن يكون له عواقب سلبية خطيرة؛ إذ يمكن أن يهدد الألم الجسدي حيويتك، ويمكن أن يهدد الألم العاطفي رغبتك في الحياة؛ لذا بدلاً من إبقاء أمراضك خفية، تحدَّث عنها.
ما الذي يجب أن تفعله للاستمرار؟
الاستمرار أهم بالنسبة إلي من مقدار التقدم الذي أحرزته؛ إذ إنَّي أفضِّل أن أشعر بمشاعر جيدة دائماً بدلاً من الشعور بمشاعر رائعة، فهذا يجعل الحياة أكثر إمتاعاً بالنسبة إلي.
فيما يأتي بعض الأشياء التي أفعلها للبقاء مستمراً:
1. عندما لا أشعر بالنشاط، أقلل من عملي، أو لا أعمل على الإطلاق:
أعمل أفضل عندما أشعر أنَّني بحالة جيدة، وما أنجزه في يومٍ واحدٍ جيد يفوق ما أنجزه في خمسة أيام أشعر فيها بعدم الارتياح.
من ناحية الكفاءة، ليس من المنطقي بالنسبة إلي أن أعمل عندما لا أشعر بالرضى، فأنا لست من الأشخاص المتذمرين، فإذا كنت أعاني بعض الآلام أو كنت متعباً قليلاً، فإنَّني أعمل؛ بل أتحدث عن الشعور بالسوء لدرجة أنَّك لا تستطيع التفكير بوضوح، فعندما يحدث ذلك، فقد حان الوقت لأخذ إجازة، وإذا لم يحترم الآخرون ذلك، فيجب عدم العمل معهم في المقام الأول.
2. لا أضغط نفسي:
عندما أحدد أهدافي، لكن لا أنجح في تحقيقها، أتجاهل الأمر، فلا أعطي أيَّ أمر أكبر من حجمه، سواء لم أحصل على المنزل الذي أريده، أم أشعر بأنَّني أكبر في السن، أم فشل مشروعي الجانبي؛ فيكفي أنَّني على قيد الحياة.
3. التزم بأهم عاداتي:
ممارسة التأمل والتمرين والقراءة والنوم هي أشياء أساسية بالنسبة إلي، فإذا أُتيحت لي الفرصة لكسب مزيد من المال، لكن كان عليَّ التخلي عن أيِّ واحدة من تلك العادات، فسوف أتخلى عن هذه الفرصة، فعندما ألتزم بعاداتي الهامة، أشعر بتحسن كبير، فلماذا أضحي بذلك من أجل أيِّ شيء؟
4. لا تأخذ الحياة على محمل الجد:
الفكاهة هي حقاً أفضل علاج لتسكين الألم العاطفي، فعندما تشعر بالتعب، ابحث عن طرائق للضحك، واسخر من نفسك وشاهد البرامج الكوميدية واجلس مع صديقك المضحك، وافعل شيئاً يذكرك ببساطة الحياة، فيجب ألا يكون كلُّ شيء بهذه الجدية.
في الختام:
الأهم من كل ما سبق، أنَّني أطلب المساعدة عندما لا تسير الأمور على ما يرام، وأُفضِّل أن أتخلى عن غروري وأتخلص من مشكلة صغيرة منذ بدايتها حتى لا تصبح ضخمة؛ فعندما يكون التحدي الخاص بك بسيطاً، تخلص منه، وستتجنب مشكلة كبيرة.
أضف تعليقاً