4 مراحل ملهمة لكتابة أهداف قوية

ذكر براين تريسي في كتابه (الأهداف) أنَّ دراسةً أُجريت في هارفارد بين عامي 1979 و1989، قام الباحثون بسؤال خريجي برنامج الماجستير في إدارة الأعمال: "هل حددتم أهدافاً واضحةً ومكتوبةً لمستقبلكم ووضعتم خططاً لتحقيقها؟". لقد اتضح أنَّ 3% من الخريجين كتبوا أهدافاً وخططاً، و13% كانت لديهم أهداف وليست مكتوبة، و84% لم يكن لديهم أي أهداف محددة على الإطلاق. ولكن ماذا كانت نتيجة هذه الدراسة بعد عشرة أعوام؟ وما علاقة أن تكون لديك أهداف مكتوبة بالنجاح في الحياة؟



وبعد عشرة أعوام، في عام 1989 سأل الباحثون الطلبة الذين أُجرِيت عليهم الدراسة مجدداً، لقد وجدوا أنَّ 13% الذين كانت لديهم أهداف غير مكتوبة كانوا يكسبون في المتوسط ضعف ما يكسبه الـ 84% الذين لم تكن لديهم أهداف، لكنَّ المثير للدهشة، أنَّهم وجدوا أنَّ 3% من الخريجين أصحاب الأهداف الواضحة والمكتوبة كانوا يكسبون في المتوسط عشرة أضعاف 97% من الخريجين الآخرين، وكان الفرق الوحيد بين المجموعات هو وضوح الأهداف التي حددوها لأنفسهم عند تخرُّجهم.

أولاً، أهمية الأهداف في حياة الشخص:

هل خطَّطت من قبل لرحلة سياحية أو سفرة مدتها لا تتجاوز الأسبوعين، وحدَّدت الوجهة والأماكن السياحية التي ستزورها، والأطعمة التي ستتناولها، ونوع الملابس التي قد تحتاج إليها.

السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي دفعك للقيام بذلك؟ أنا أُجيبك؛ إنَّ الذي دفعك للتخطيط هو ضمان سير رحلتك على أفضل ما يكون، ولربما احْتجتَ إلى ساعات عدة من البحث والاطلاع لاختيار الوجهة والمكان المناسبَين.

هذا على مستوى رحلة لمدة أسبوعين، فماذا لو كانت الرحلة لمدة شهر، كم من الوقت ستحتاج للتخطيط، وماذا لو كانت مدة الرحلة سنة، وماذا لو كانت الرحلة هي عمرك الذي تعيشه الآن؟

تخيَّل القيام برحلتك السياحة من دون تخطيط، ولا تعلم أي شيء عن المكان الذي تنوي الذهاب إليه، كيف ستكون تلك الرحلة؟ هل ستكون كما تتوقعها؟ أم ستتفاجأ بما قد تصادفه، وكذلك حياتك إن لم تخطِّط لها فلا تحزن على مستواك المادي ولا على البيت الذي تسكن فيه ولا على السيارة التي تمتلكها (إن كنت تمتلك واحدة)، فحياتك أَوْلى بالتخطيط.

إنَّ الهدف الأساسي من كتابة الأهداف هو الشعور بتقدير الذات والإنجاز، وأن تعيش حياتك كما تريدها وكما تتخيلها، وأنَّ كل ما تقوم به سيعود إليك في هذه الحياة وما بعدما.

إنَّ فعل الكتابة نفسه هو نشاط نفسي حركي؛ وهذا يعني عندما تكتب أي هدف فإنَّك تُنشط مشاعرك وذكاءك وحواسك، وكذلك تبرمج عقلك الباطن على تحقيق الهدف.

والآن بعد أن علمت أنَّ وجود أهداف في حياتك هام للغاية، لنكتشف كيف لك أن تكوِّن أهداف؟

جميل أن تكون لك أهداف ومن الأجمل أن تحقِّق التوازن فيها، فأغلب الأشخاص يقضون أغلب أوقاتهم في جانب واحد دون بقية الجوانب، كأن يقضي أغلب وقته في العمل أو الرياضة أو الترفيه أو الأصدقاء أو الأسرة وما إلى ذلك؛ فمن الهام جداً أن يحقِّق التوازن بين تلك الجوانب، وأن يعطي كل جانب وقته.

إقرأ أيضاً: أهمية وضوح الهدف وطرق الوصول إليه

ثانياً، طريقة كتابة الأهداف:

إليك التمرين التالي، عندما تقوم به تخيَّل أنَّه لا توجد أي عوائق تمنعك من تحقيق الأهداف، وأنَّ كل شيء متاح أمامك، ولا تقلل من إمكاناتك عندما تتخيل مستقبلك المثالي، واكتب أكبر عدد من الأهداف، ويكون السؤال الوحيد الذي تطرحه (كيف؟)، كيف يمكنك تحقيق ذلك؟ بعد كتابة أهدافك.

تخيَّل حياة مثالية بعد سنة من الآن، كيف لها أن تكون؟

(الجانب الأول) ابدأ بعلاقتك بخالقك، كيف يمكن أن تكون؟

  • ما هي العبادات التي تودُّ أن تقوم بها؟
  • ماهي الصلوات التي ترغب في الالتزام بها؟
  • ما هي الأذكار والأوراد التي تودُّ ممارستها؟

بعد أن تكتب قائمة بالعبادات والأذكار والصلوات التي تودُّ الالتزام بها، اطرح السؤال التالي على نفسك، كيف يمكنني تطبيقها والالتزام بها؟

(الجانب الثاني) تخيَّل علاقتك بالآخرين:

أهم علاقة يجب أن تأخذ حيزاً من تفكيرك هي علاقتك بأسرتك؛ وذلك لأنَّها هامة للصحة العقلية والنفسية والبدنية لجميع الأشخاص، فإنَّ تحديد أهداف واضحة ووضع خطط معينة لتضمن طبيعة جيدة للحياة الأسرية يعدُّ ضرورياً جداً من أجل السعادة والإشباع والرضا طويل الأمد.

تخيَّل حياتك مثالية مع أسرتك وأصدقائك وجميع علاقاتك، كيف ستبدو؟ كيف ستختلف عما عليه اليوم؟ ما الذي ستقلل من فعله؟ وما الذي ستبدأ بفعله ولا تفعله اليوم؟ ما الذي يجب أن تتوقف عن فعله نهائياً إذا أردت أن تصبح علاقاتك في أفضل ما يمكنها؟

إنَّ أساس أي علاقة جيدة هو التقبُّل الإيجابي غير المشروط والاهتمام بالشخص الآخر؛ وهذا يعني أنَّ عليك تقبُّل الطرف الآخر كما هو، دون محاولات أو رغبة في تغيير صفاته أو شخصيته؛ حيث إنَّ القبول غير المشروط أعظم هدية يقدِّمها الشخص لشريكه، وفي علاقة الحب أنت تهتم بسعادة الآخر أكثر من اهتمامك بنفسك، والمقياس الحقيقي لسلامة العلاقة هو مقدار ما يضحكون معاً وكم مرة؛ حيث إنَّ الضحك هو التعبير الخارجي عن المشاعر الداخلية للسعادة الحقيقية، فهو المقياس الوحيد الذي لا يمكن تزييفه.

كيف تريدها أن تكون:

  • علاقتك بوالديك؟
  • علاقتك بأبنائك؟
  • علاقتك بأصدقائك؟
  • علاقتك بجيرانك؟

بعد أن تكتب قائمة بالأشياء التي تودُّ تحسينها في علاقاتك، اطرح على نفسك السؤال التالي: كيف يمكنني أن أُحسِّن علاقتي مع كل من وَالِدَيَّ وأبنائي وأصدقائي والجيران؟

إقرأ أيضاً: كيف تحدِّد أهداف عائلتك من أجل بناء أسرة سعيدة؟ (مع الأمثلة)

(الجانب الثالث) تخيَّل صحتك:

لتحقيق مستويات مثالية من الصحة واللياقة يجب أن تتخذ قراراً بأن تصل إلى أفضل حالة جسدية في حياتك، ثم تحافظ على ذلك المستوى والعافية إلى أجل غير مسمى.

تخيَّل السيناريو التالي: قامت شركة ما بعرض مبلغ مليون دولار عليك، لو استطعت أن تتمتَّع بصحة ممتازة، ولياقة بدنية، وأناقة خلال اثني عشر شهراً القادمة، والشركة ستتحمَّل تكاليف المدرِّبين الشخصيين والطهاة المحترفين وعضوية النادي، لكي تساعدك على تحقيق هدفك، تحت تلك الظروف.

فمع وجود مليون دولار في انتظارك هل يمكنك تغيير عاداتك الصحية وتحقيق أهدافك الجسدية؟

إذا كانت إجابتك هي نعم، إذن نحن لا نتحدث عن غياب القدرة، ولكنَّنا نتحدث عن نقص التحفير؛ حيث إنَّ ما تقوله هو: إذا كان التحفيز عالياً بما يكفي فإنَّك تستطيع أن تغيِّر أي عادات أو سلوكات صحية تحتاج إلى تغييرها لكي تُحقِّق هدفاً معيناً يتعلَّق بالرياضة. والسؤال ليس حول استطاعتك تحقيق مستويات ممتازة من اللياقة؛ بل السؤال الوحيد هو" إلى أي مدى تريد ذلك؟".

إنَّ نجاحك وفشلك في مجال الرياضة، يتحدد من خلال عاداتك، فالأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة لديهم عادات صحية سليمة، والأشخاص الذين يعانون من كثرة الأمراض لديهم عادات صحية سيئة.

قال إد فورمان، المتحدِّث التحفيزي: "من السهل اكتساب العادات السيئة، ولكن من الصعب العيش بها، ومن الصعب اكتساب العادات الجيدة، ولكن من السهل العيش بها".

إنَّ أهم معتقد يمكنك أن تطوِّره لأجل عافيتك الجسدية هو أن يكون لديك قوة الإرادة، لكي تعيش حياة صحية جيدة بقية حياتك.

والآن أعد النظر في مستوى لياقتك البدنية، وأجرِ فحصاً شاملاً لكي تعرف بالضبط ما حالتك اليوم، واطلب النصيحة من طبيبك، وتحدَّث إلى مدرِّب شخصي، ومن ثمَّ فكر ما الذي تريد أن تصبح عليه بعد سنة من الآن:

  • ما هي التمرينات التي ستقوم بها طوال أيام الأسبوع؟
  • كم سيكون وزنك؟
  • ما هو النظام الغذائي الذي ستستمر عليه؟
  • ما هي الأطعمة التي ستتركها؟
  • ما هي الأطعمة التي ستتناولها؟
  • كيف سيبدو شكلك؟ وبماذا ستشعر؟

بعد أن تكتب قائمة بالأشياء التي تودُّ أن تقوم بها أو أن تحصل عليها، اطرح على نفسك السؤال التالي: كيف يمكنني تطبيق ذلك؟

(الجانب الرابع) التعلُّم، تخيَّل المهارات والخبرات التي تودُّ تعلمها:

  • ما هي المهارات التي ترغب في تعلُّمها، قد تساعدك في حياتك المهنية أو حياتك الخاصة؟
  • في أي مجال سيعرفك الناس على أنَّك شخص مميز فيما تفعله؟
  • ما الذي ستقوم به يومياً لتطوير مهاراتك؟

(الجانب الخامس) المهني:

إليك سؤال هام عليك أن تسأله لنفسك لبقية حياتك: ما المهارة التي إذا طوَّرتها وأديتها أداءً ممتازاً سيكون لها أكبر تأثير إيجابي في مهنتك؟ يجب أن يكون هذا السؤال هو محور التركيز من أجل التقدُّم الشخصي والمهني.

إذا لم تكن متأكداً من إجابة هذا السؤال، فاذهب إلى مديرك في العمل واسأله أو اسأل زملاءك أو فريق العمل أو شريك حياتك؛ حيث إنَّه أمر ضروري أن تعرف إجابة هذا السؤال ومن بعدها تركِّز على جميع طاقاتك على تحسين أدائك في هذا المجال، ومن ثمَّ افعل شيئاً كل يوم لتحسين هذه المهارة.

إقرأ أيضاً: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

ثالثاً، لماذا تريد الهدف؟

الأسباب هي الوقود في فرن الإنجاز، كلما كانت لديك أسباب كثيرة لتحقيق الأهداف أصبحت أكثر تحفيزاً للبدء ومواصلة التقدُّم، وكلما كانت لديك أسباب أكثر، أصبحتَ أكثر مثابرة وتصميماً، وكلما كانت أسبابك أكثر، أصبحتَ أكثر استعداداً للتحرك خارج منطقة راحتك، والمجازفة والمضي بجرأة أكبر؛ حيث ينجح الناس نجاحاً مذهلاً لامتلاكهم أسباب كبيرة ومثيرة تحثُّهم على المضي قدماً.

بعد أن تكتب قائمة بالمهارات التي تودُّ تعلُّمها، كيف يمكنك تطبيق تلك المهارات؟

رابعاً، طريقة البدء بتحقيق الأهداف:

والآن بعد أن كتبت أكبر عدد من الأهداف في كل جانب، اختر هدفاً واحداً من كل جانب، وابدأ بتطبيقه والالتزام به خلال هذا الشهر، وتأكَّد من مراجعة الأهداف يومياً، وضعها في مكان تستطيع أن تراها يومياً، إما في مذكرات أو على جهاز الحاسوب أو على المرآة، وأسأل نفسك أسبوعياً، كيف يمكنني أن أحسِّن من الهدف، هل أستطيع أن أضيف هدفاً آخر؟

واتخذ قراراً من الآن بأن تتابع جميع أهدافك بكل إصرار، وأن تبدأ على الفور.

لكي تصبح شخصاً غير ما أنت عليه الآن، فعليك أن تقوم بشيء لم تقم به من قبل، وأن تقوم بالأمور التي لا يرغب الأشخاص العاديون القيام بها، وذلك عن طريق وضع أهداف مكتوبة، واتخاذ إجراءات يومية تقرِّبك من تحقيق هذه الأهداف، كما لا تنسى أنَّك ستواجه عوائق في طريقك نحو النجاح؛ لذا عليك معرفة كيفية مواجهة التحديات التي قد تقف عائقاً في طريق تحقيق أهدافك المكتوبة.

 

المراجع:




مقالات مرتبطة