أولًا: أطلق ما لديك من قوة
أحلام القدر:
لكلٍّ منّا أحلامه، وكلُّ منّا يُريد أن يؤمن في أعماق روحهِ بأنّ لديهِ موهبة، وأنّ بإمكانهِ إنجاز شيئ متميز، كما أنّه قادر على أن يؤثر في الآخرين بطريقة خاصة، كما يعتقد بأنّ بإمكانهِ أن يُساهم فيما يُمكن أن يجعل العالم مكانًا أفضل، ولا بد أنّ كلًا منّا تخيّل في وقت من أوقات حياته نوعية حياة يرغب فيها ويستحقها. غير أنّ الإحباطات وروتين الحياة اليوميّة ما لبثَ أن غطّى كل تلك الأحلام بالنسبة للكثيرين منّا بحيث أنّنا لم نعد نحاول أن نبذل مجهودًا مهما كان ضئيلًا لتحقيق تلك الأحلام. بل إنّ تلك الأحلام تبدّدت بالنسبة للكثرة الساحقة، وتبدّدت معها إرادتنا للقيام بمحاولة لتشكيل مسار حياتنا، إذ فقد الكثيرون ذلك الحس بالثقة الذي يشحذ الهمّة.
وكان شغلي الشاغل هو أن أسترجع الحلم وأجعله واقعًا، وأن أحاول دفع الآخرين لكي يتذكّروا تلك القوّة اللا محدودة التي تنام داخلهم ولكي يطلقوا جماحها ويضعوها موضع التنفيذ.
كيف تخلق تحوّلات مستمرة؟
لكي تكون التغييرات ذات قيمة حقيقية فلا بد لها من أن تكون دائمة ومستمرة، لطالما جربنا جميعًا التغيير للحظات، غير أنّنا ما نلبث أن نشعر بالخذلان والإحباط في النهاية. والكثيرون من الناس يُجرّبون التغيير وهم يشعرون بالخوف والفزع في الواقع لأنّهم يعتقدون في اللاوعي بأنّ التغيير لن يكون إلّا مؤقتًا. ومن الأمثلة الرئيسيّة على ذلك شخص يحتاج لاتّباع نظام غذائي بهدف تخفيض وزنهِ، غير أنّهُ يجد نفسه يُرجِئ ذلك باستمرار لسبب رئيسي وهو أنّه يعرف في لا وعيهِ بأنّه مهما كان الألم الذي سيُعاني منه لإحداث التغيير فإنّ المكافأة التي سيحصل عليها لن تكون إلّا قصيرة الأجل.
ولكنّني اتّبعت طيلة حياتي ما أعتبره المبادئ المنظمة للتغيير الدائم، وأودّ أن أشركك في ثلاثة مبادئ أولى للتغيير يُمكنك استخدامها على الفور لتغيير حياتنا، وعلى الرغم من أنّ هذهِ المبادئ بسيطة إلّا أنّها قوية المفعول إلى أقصى حد حين يتم تطبيقها بمهارة، وهي:
1- ارفع مقاييسك: أوّل ما يجب أن تفعله حين تريد بصدق إحداث تغيير في حياتك هو أن ترفع من مستوى مقاييسك.
2- غيّر المعتقدات التي تقف حائلًا في وجهك: إذا غيّرتَ مقاييسك دون أن تكون قانعًا بالفعل بأنّ بإمكانك تحقيقها فإنّك إنما تعطل نفسك عمدًا في واقع الأمر، بل إنّك لن تحاول مجرد محاولة، وستفتقر لذلك الشعور باليقين الذي يسمح لك بأن تستخرج أعمق القدرات التي تكمن داخلك.
3- بدّل استراتيجيتك: لكي تفي بالتزاماتك لا بدّ لك من أن تنتهج أفضل استراتيجيّة تحقق لك النتائج المرجوة، وإحدى قناعاتي الأساسيّة هي أنّك إن رفعت من مستوى مقاييسك واستطعت أن تتوصّل إلى القناعات الضروريّة فلا بد لك من أن تتوصّل بالتأكيد للاستراتيجيات المطلوبة.
القرارات السبيل إلى القوة:
إنّني أعتقد من ناحيتي بأنّ قراراتنا وليست ظروف حياتنا هي ما يُقرر مصيرنا أكثر من أي شيئ آخر، إنّنا نعرف أنا وأنت أنّ هنالك من ولدوا وهو يتمتعون بامتيازات خاصة، امتيازات جينيّة، أو بيئيّة، أو عائليّة أو امتيازات علاقات خاصة، غير أننا أنا وأنت نلتقي أو نقرأ أو نسمع عن أشخاص فجروا بالرغم من كل شيئ كل الحدود التي تفرضها عليهم ظروفهم باتّخاذ قرارت جديدة حول ما سيفعلونه بحياتهم. لقد أصبحوا أمثلة للقوة اللامحدودة للروح البشرية.
تتغيّر حياتك حالما تتّخذ قرارًا مناسبًا تلتزم بهِ، من كان يظنّ مثلًا أنّ تصميم واقتناع رجل هادئ شديد التواضع محام بحكم المهنة ويكره الحرب من ناحية المبدأ يُمكن أن يُصبح من القوة بحيثُ يطوّح بإمبراطوريّة هائلة الحجم؟ ولكن قرار المهاتما غاندي الذي لا يُقهر بتحرير الهند من الحكم البريطاني كان برميل البارود الذي حرّك سلسلة الأحداث التي غيّرت إلى الأبد موازين القوة في العالم. لم يُدرك الناس كيف يُمكن لغاندي أن يُحقق أهدافهُ ولكنّه لم يترك مخرجًا غير أن يتصرّف بما يُمليهِ عليهِ ضميره ببساطة لم يقبل أي إمكانيّة أخرى.
ثلاثة قرارات تتّخذها في كل لحظة من حياتك تتحكّم في مصيرك، وهذه القرارات الثلاثة هي التي تقرر ما ستُلاحظه، وكيف تشعر، وماذا ستفعل، وفي المحطة الأخيرة ما الذي ستُساهم بهِ في حياتك ومن ستُصبح، فإن لم تسيطر على هذهِ القرارات الثلاثة فإنّك في الواقع لن تتحكّم في حياتك، أمّا إذا سيطرت عليها فإنّك ستبدأ طراز لتجربتك في الحياة.
والقرارات الثلاثة التي تسيطر على مصيرك هي:
- قراراتك حول ما ستركز عليهِ.
- قراراتك حول معنى الأشياء بالنسبة لك.
- قراراتك حول ما الذي ستفعله لتحقق النتائج التي تتوخاها.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح لاتخاذ قرارات أفضل
الدرس الأهم في الحياة:
القوّة الدافعة التي كانت تقف وراء تصرّفات الثري الأمريكي المعروف دونالد ترمب هي نفس القوة الدافعة التي تقف وراء أفعال الأم تيريزا، قد تظنّني قد فقدت عقلي حين أقول هذا الكلام، إذ لا بدّ أن تكون القوة الدافعة للأول معاكسة تمامًا لدوافع الأم تيريزا، فقيمهما متعاكسة تمامًا دون شك، غير أنّ ما يدفع كليهما هما دافع الألم والمتعة، فقد تشكّلت حياة كل منهما على أساس ما تعلّم كل منهما أنه يجلب لهُ المتعة وما يخلق له الألم، فأهم درس نتلقاه في حياتنا هو ما يخلق لنا الألم والمتعة، وهذا الدرس يختلف بالنسبة لكل منّا مما يؤدي بالتالي إلى اختلاف سلوكنا.
ثانيًا: أنظمة القناعات
قوّة الابتكار والإبداع وقوّة التدمير:
للقناعات قوّة تؤدي إلى الإبداع أو التدمير، فلدى بني البشر القدرة على أخذ أي تجربة تمرّ في حياتهم ليجعلوا لها معنى يُمكن أن يشلّهم أو معنى آخر يستطيع أن ينقذ حياتهم.
لا تقتصر القناعات على التأثير على عواطفنا وأفعالنا، بل يُمكنها أن تغيّر أجسامنا في غضون لحظات، إنّ القناعات قوة تتغلّب على تأثير العقاقير على الجسم، وعلى الرغم من أنّ معظم الناس يعتقدون أنّ العقاقير تحقق الشفاء، فإنّ الدراسات الحديثة في مجال المناعة النفسيّة العصبيّة أخذت تثبت ماكان موضع شك لقرون عديدة، وهو أنّ قناعاتنا حول المرض وعلاجه تلعب دورًا لا يُستهان بهِ، ربّما يتفوّق على الدور الذي يلعبه العلاج النفسي.
إذا كنا نريد توجيه حياتنا فإنّ علينا أن نتحكّم في قناعاتنا بصورة واعيّة، ولكي تفعل ذلك فعلينا أولًا أن نفهم الماهيّة الفعليّة لهذهِ القناعات وكيفية تشكّلها.
ثالثًا: كيف تُغيّر أي جانب من جوانب حياتك
علم تكييف الارتباطات العصبيّة:
إذا كنت أنا وأنت نريد تغيير سلوكنا فإنّ هنالك طريقة فعّالة واحدة لتحقيق ذلك، وهي أن نقرن بالسلوك القديم مشاعر فوريّة لا تحتمل من الألم، ومشاعر فورية لا تصدق من المتعة والسرور للسلوك الجديد. لنفكّر في الأمر على هذا النحو. لقد تعلّمنا جميعًا من خلال تجارب الحياة أنماطًا معينة من التفكير والسلوك نتخلّص عن طريقها من الألم ونكتسب المتعة. كلنا نقع تحت تأثير عواطف مثل الملل والإحباط والغضب، أو نشعر بالارتباك ونلجأ لاستراتيجيات معينة للتخلّص من هذه المشاعر، فالبعض يلجأ للتسوق، والبعض الآخر للطعام، وغيرهما من متع الحياة، والبعض يلجأ لتعنيف أطفالهِ. وهم يُدركون في الوعي أو اللاوعي بأنّ السبيل العصبي سيُخفّف عنهم الألم ويؤدي بهم إلى مستوى من المتعة في اللحظة الراهنة.
ولكن مهما كانت الاستراتيجيّة التي نتّبعها فإذا كنت أنا وأنت نريد تغيير ذلك فما علينا إلّا أن ننفّذ ست خطوات بسيطة تؤدي بالنتيجة إلى العثور على طريق مباشر يمنحنا القوة للتخلّص من الألم والوصول إلى المتعة، طرق تكون أكثر فعاليّة وأناقة. وهذهِ الخطوات والطرق هي:
- قرّر ما تريدهُ بالفعل، وما الذي يمنعك من التوصّل إليهِ الآن.
- احصل على دعم، إربط الألم الشديد بعدم التغيير الآن والغبطة الشديدة لتجربة التغيير الآن.
- عطّل الأنماط التي تحدّ من قدراتك.
قانون تعزيز القوة:
أي نمط من العواطف أو السلوك يتم تعزيزه باستمرار يُصبح عبارة عن استجابة أتوماتيكيّة ومتكيّفة وكل شيئ نُخفق في تعزيزهِ سيتبدّد في نهاية المطاف.
ويُمكننا تعزيز سلوكنا أو سلوك غيرنا عن طريق التعزيز الإيجابي، أي أن نمنح مكافأة في كل مرة نتوصّل فيها إلى السلوك الذي نريده. وهذهِ المكافأة يُمكنها أن تكون مديحًا. أو هدية أو حريّة جديدة. أو قد نستخدم التعزيز السلبي. وقد يكون هذا عبارة عن تقطيبة أو صراخًا أو حتّى عقوبة بدنيّة، ولكن الأمر الحاسم بالنسبة لنا هوأن نفهم بأنّ التعزيز ليس مثيلًا للعقوبة أو المكافأة، بل هو استجابة لسلوك ما فور حدوثهِ، بينما العقوبة والمكافأة قد تحدثان بعد وقت طويل.
ضع جدولًا لتعزيزاتك كي يستمر التغيير:
حين تبدأ في ممارسة سلوك أو نمط عاطفي جديد فمن المهم لك أن تُعزّز هذا السلوك الجديد لديك ولدى من تريد أن تتعمّق هذهِ الأنماط لديهِ. وتحتاج في البداية في كل مرة تقوم فيها بهذا السلوك المرغوب فيهِ مثل إزاحة طبقك دون إتمام كميّة الطعام الموجودة فيهِ، تحتاج لأن تمنح نفسك ما يُعبر عن الشكر والعرفان، أي تعزيزات من نوع تقدره وتستمتع بهِ فعليًا. ولكنّك إذا عززت هذا السلوك في كل مرة بعد ذلك فإنّ المكافآت لن تصبح فعّالة أو موضع امتنان في نهاية المطاف. إذ إنّ ما كان عبارة عن مفاجأة فريدة وممتعة في وقت ما يُصبح أمرًا مألوفًا ومتوقعًا.
رابعًا: الأسئلة هي الأجوبة
لقد تعلّمتُ كيف تؤثر قناعاتنا على قراراتنا، وأفعالنا، وطريقة توجيه حياتنا، وتؤثّر بالتالي على مصائرنا، غير أنّ كل هذهِ التأثيرات هي نتاج التفكير. أي الطريقة التي استخدمها دماغنا لتقييم أمور حياتنا وابتداع المعاني طيلة هذهِ الحياة. ولذا ولكي نصل إلى الأساس الذي نبني عليهِ واقعنا كل يوم نحتاج للإجابة على السؤال التالي كيف نفكّر في الواقع؟.
أسئلتنا هي التي تُحدّد أفكارنا:
إنّ الأسئلة النوعية تخلق حياة نوعية، عليك أن تشعل هذهِ الفكرة في دماغك لأنّها مهمة شأن أي شيئ آخر تتعلّمه في هذا الكتاب. فمشاريع العمل تنجح حين يطرح أولئك المسؤولون عن اتّخاذ القرارات التي تتحكّم في مصير لك الأسئلة السليمة عن الأسواق والاستراتيجيات أو خطوط الإنتاج. والعلاقات تزدهر حين يطرح الناس الأسئلة المناسبة في المواقع التي تتواجد فيها نزاعات محتملة حول كيفيّة مساندة بعضهم البعض بدلًا من أن يُمزقوا يعضهم البعض. والسياسيون يفوزون في الإنتخابات حين يطرحون بصورة صريحة أو ضمنيّة الأسئلة التي توفّر إجابات فيها الفائدة لهم ولمجتمعاتهم.
فالأسئلة هي التي تقرر كل ما تفعلهُ في حياتك، من قدراتك إلى علاقاتك إلى دخلك المالي، فالكثيرون مثلًا يخفقون في الإلتزام بإنسان أو إنسانة، لأنّهم يطرحون باستمرار أسئلة تخلق الشك: ماذا لو وجدت شخصًا أفضل؟ ماذا لو ألزمت نفسي الآن ثُمّ تبيّن لي أنني أخطأت؟ مثل هذهِ الأسئلة هي أسئلة تسلبك القوة بشكلٍ مريع.
الأسئلة التي تمنحكَ القوة في الصباح:
1- ماهو مصدر سعادتي في الحياة حاليًا؟
ماذا يجعلني سعيدًا؟ وكيف يُمكن لهذا أن يجعلني أشعر؟
2- ما الذي يُثيرني في حياتي حاليًا؟
مالذي يُثيرني؟ كيف لهذا أن يجعلني أشعر؟
3- ما الذي يبعث لدي الشعور بالامتنان في حياتي حاليًا؟
ماذا يشعرني بالامتنان؟ وكيف يُمكن لهذا أن يجعلني أشعر؟
4- بماذا ألتزم في حياتي حاليًا؟
ماذا يجعلني ملتزمًا؟ كيف يُمكن لهذا أن يجعلني أشعر؟
كانت هذهِ مقتطفات مهمة من كتاب أيقظ قواك الخفية للمؤلف أنتوني روبنز، هذا الكتاب الرائع الذي ننصحك بأن تستفيد من كل المعلومات المهمة التي وردت فيهِ.
المصادر:
أضف تعليقاً