4 طرق لبناء قوى عاملة تكون أكثر مشاركة

لقد أصبحت الشركات مهتمة على نحو متزايد بالثقافة الداخلية لشركاتها هذه الأيام لسببٍ وجيه. وقد أجرت شركة "غالوب" (Gallup) دراسة على القوى العاملة الأمريكية التي أفادت بأنَّ مستوى المشاركة بين الموظفين له تأثير كبير في الأعمال التجارية نفسها؛ فالشركات التي يعمل لديها عدد كبير من العمال، تحصد نسبة أرباح أعلى بنسبة 147%، وكانت أرباحها ومعدلات إنتاجيتها أعلى من الشركات التي لا تملك عدداً كبيراً من العمال.



والآن بعد أن بدأ القادة يفهمون أهمية بيئة العمل الصحية، فقد أدرجت 80% من الشركات استراتيجيات لتحسين الثقافة التنظيمية بوصفها جزءاً من خطة عملها؛ ولكن مع انعدام مشاركة 85% من العاملين على مستوى العالم، يطرح الأمر التساؤل حول ما إذا كانت استراتيجياتهم ناجحة أم لا؟

لا يمكنك فقط أن تتمنَّى وجود ثقافة تنظيمية أفضل؛ فهذا يتطلَّب العمل، والتخطيط، والرغبة العميقة داخل المنظمة بأسرها لإجراء التغييرات اللازمة؛ لذا إليك فيما يأتي أربع خطوات قابلة للتنفيذ لخلق تغييرات إيجابية قياسية في ثقافتك التنظيمية:

1. إنشاء فريق مكرَّس للثقافة التنظيمية:

تشكَّلت ثقافتك التنظيمية نتيجة شخصيات موظفيك وأفعالهم وتفاعلاتهم؛ لذلك لا يمكن للشخص تغيير الثقافة التنظيمية من تلقاء نفسه؛ فذلك يكون نتيجة جهد جماعي، وكل فريق جيد يحتاج إلى قائد ليتولَّى المسؤولية؛ وهذا هو السبب في أنَّ إنشاء لجنة لإنشاء الثقافة التنظيمية، هو وسيلة رائعة لتحريك فريقك في اتجاه إيجابي، وينبغي أن تتكوَّن اللجنة هذه من مجموعة من القادة الذين لديهم القدرة على التأثير في بقية المنظمة، وليس فقط بسبب مناصبهم بوصفهم مديرين أو تنفيذيين.

إنَّ الهدف من هذه اللجنة ليس مجرد وضع قواعد جديدة، والتأكُّد من أنَّ الجميع يتصرَّفون وَفقاً لذلك فحسب؛ بل يجب أن يكونوا قادرين على التأثير في زملائهم في العمل لتغيير مواقفهم وتصرفاتهم لمساعدة الشركة على تحقيق أهدافها.

إذاً، ماذا يجب أن تفعل لإنشاء لجنة بناء الثقافة هذه؟

1. اختيار الأشخاص المناسبين:

لجمع فريق الأحلام هذا من المؤثرين في الثقافة التنظيمية، يجب أن يكون لديهم أولاً فهم واضح لطبيعة الثقافة، ورؤية موحَّدة للثقافة التي يجب أن تتحوَّل إليها، وينبغي لهم أن يكونوا أشخاصاً يحترمهم الموظفون، ليس فقط بسبب مناصبهم؛ بل وأيضاً بسبب قدراتهم القيادية وتأثيرهم في الآخرين.

2. إعطاء الأولوية للقيم المناسبة:

إنَّ الصدق والالتزام ضروريان لحدوث أي تغيير حقيقي؛ لذلك يجب أن تكون هذه اللجنة على استعداد لإجراء محادثات مفتوحة عن الأخطاء ونقاط الضعف داخل المنظمة. لكن يجب أن يحدث أكثر من ذلك، فيجب أن يكونوا راغبين وقادرين على وضع خطة لحل ذلك.

3. توفير الأدوات المناسبة:

لا تكون الشركة جيدة إلَّا بقدر عملياتها؛ فإنَّ الاستثمار في أداة تنظيمية، أو في برامج لإدارة المشاريع من أجل إبقاء الناس على المسار الصحيح من أجل تحقيق الأهداف المُشتركة، ينبغي أن يتمَّ في وقت مُبكِّر جداً من أول تأسيس شركتك.

شاهد: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

2. توظيف الأشخاص الذين يتناسبون مع الثقافة التنظيمية:

تذكَّر أنَّ كل شخص يُضاف الى الفريق سيؤثر في الثقافة التنظيمية بطريقة إيجابية أو سلبية. فعند التوظيف، تحتاج إلى أشخاص يتناسبون مع الثقافة التي تريد بناءها.

إليك ما يمكن أن يساعد:

1. معرفة ما الذي تبحث عنه:

عندما تبحث عن أعضاء إضافيين للفريق، ابحث عن المهارات التقنية اللازمة للمنصب وكذلك المهارات الناعمة، التي تشير إلى أنَّ الثقافة المحتملة ستكون مناسبة لهم.

على سبيل المثال، إذا كنت تريد أن تكون ثقافتك تعاونية وتشدِّد على العمل الجماعي، فيجب على الموظفين أن يكونوا قادرين على العمل بشكل جيد مع الآخرين، وأن تكون لديهم مهارات تواصل قوية، وأن يكونوا على استعداد لتولِّي المسؤولية بصفتهم قادة إذا لزم الأمر. حدِّد هذه الصفات أولاً ثم ابحث عن المرشحين الذين يُناسبون هذه الثقافة.

2. تجربة برامج التوظيف الذكية:

إنَّ مجرد تصفُّح السِيَر الذاتية، وإجراء المقابلات التقليدية، قد لا يوفِّر ما يكفي من المعلومات لتكوين شعور حقيقي حول ما إذا كان المُرشَّح سيكون إضافة إيجابية للمنظمة أم لا. وهنا قد تكون تقييمات ما قبل التوظيف مفيدة بشكل خاص، والغرض من هذه الاستبيانات هو قياس كفاءة كل مُقدِّم طلب ومواقفه قبل تعيينه؛ فالهدف هو إعطاء المُقدِّمين نظرة أفضل على مهاراتهم. حتى إنَّ بعض البرامج تستخدم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعلُّم الآلي للتنبُّؤ باحتمالية النجاح في المنصب المطلوب، ومدى تناسب الشخصية مع الثقافة التنظيمية.

3 .قراءة ما بين السطور:

قد لا يُذكَر في السيرة الذاتية لمُقدِّم الطلب بشكل واضح أنَّه يتمتَّع بالشخصية المناسبة أو المهارات الناعمة التي تتناسب مع ثقافتك التنظيمية، وأي مسؤول توظيف جيد يدرك أنَّك لا تستطيع دائماً أن تثق في وصف الشخص لذاته؛ لذا ابحث عن الخبرات والمواهب وحتى الهوايات التي ترتبط بالمهارات التي تبحث عنها.

على سبيل المثال، إذا كان الإبداع هامَّاً، فإنَّ الشخص الذي يحب الرسم، أو الذي يشارك في المسرح المحلِّي هو على الأرجح شخصٌ مبدع. ستجلب الثقافة الإيجابية مواهب أفضل، فالطريقة التي تعامل بها الشركات موظفيها تُعَدُّ أمراً ذي أهمية هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى.

قال 57% من الذين استطلعتُ آراءهم في استطلاع بعنوان "مان باور" (Manpower) في الولايات المتحدة، إنَّ سمعة الشركة هي عامل أكثر أهمية في اختيار الوظائف ممَّا كانت عليه قبل خمس سنوات؛ وهذا يعطي قسم الموارد البشرية سبباً آخر لإجراء تحسينات، ونشر ثقافتك التنظيمية بنشاط خلال عملية التوظيف.

إقرأ أيضاً: 4 أمور أساسية لدعم مشاركة الموظفين في العمل عن بعد

3. البحث عن نظام ناجح لتقديم التغذية الراجعة:

عندما تبدأ بالبحث عن حلول لإصلاح ثقافة تنظيمية سلبية، فإنَّ إحدى النصائح الشائعة هي؛ جمع التغذية الراجعة التي تخصُّ الموظفين ومراقبة سلوكهم، وغالباً ما يُستَعمل هذا لأغراض مراجعة الأداء، وهي كلمة تثير الرعب في قلوب معظم الموظفين. ومع ذلك، فإنَّ نظام التغذية الراجعة الصحيح يمكن أن يؤثر إيجاباً في الثقافة من خلال فتح قناة للتواصل الواضح والصادق، وخاصة بين الموظفين والإدارة العليا.

التغذية الراجعة المتكرِّرة والإيجابية لها ارتباط مباشر بالمشاركة؛ فإنَّ أولئك الذين تلقَّوا تغذيات راجعة بانتظام هم أكثر مشاركة، ويُنظِّم أكثر من نصف المنظمات، التي ترتفع نسبة مشاركة الموظفين فيها جلسات لتلقِّي التغذية الراجعة شهرياً أو كل ثلاثة شهور على الأقل. ومن ناحية أُخرى، فإنَّ 40% من العمال الذين يتجاهلهم مديروهم لا يشاركون في العمل.

هناك كثير من الأدوات والاستراتيجيات التي صُمِّمت لدعم نظام التغذية الراجعة، ولكن ليس كل استراتيجية ستنجح مع كل شخص أو شركة، فقد يُفضِّل بعض الناس التقييمات الشخصية مع المديرين، في حين قد يشعر آخرون بالخوف أو عدم القدرة على تبادل آرائهم الصريحة، ويُفضِّلون وجود أداة على الإنترنت.

يُعَدُّ وجود أنظمة مثل "كلتشر آمب" (CultureAmp) و"15 فايف" (15five) وسيلة رائعة لجمع التغذيات الراجعة والتحليل؛ إذ توفِّر هذه البرامج منصةً لكل شخص داخل الشركة لمشاركة أفكارهم ومخاوفهم وتقدُّمهم على أساس منتظم. بعض الأنظمة مثل: "بلايند" (Blind) تسمح حتى بمناقشة المشكلات الداخلية دون الكشف عن هوية المتناقشين.

تطبيق هذه الأنظمة في مكان العمل هو أمرٌ يسيرٌ جداً، وتستخدم البرامج تقييمات آلية يتم إرسالها بشكل دوري، يستطيع المديرون أن يقرِّروا ما إذا كانوا يريدون استخدامها أسبوعياً أو شهرياً أو كل ثلاثة شهور، ويتمُّ تحويل الردود إلى تقارير بيانات تُظهِر على وجه التحديد ما يُفكِّر فيه موظفوك وما يشعرون به، ويستطيع المديرون أيضاً أن يستخدموا تغدية راجعة محددة في أثناء الاجتماعات الفردية لدعم المناقشات الصادقة عن الأداء والقيادة.

تقوم شركة "ريتروفيت" (Retrofit)، بتحويل عملية تقييم أدائها من الأشكال التقليدية إلى نظام على الإنترنت؛ إذ تمَّ تكوين البرنامج لطرح أسئلة سهلة على الموظفين حول أهدافهم وأدائهم، وهي تُحوِّل الرؤى إلى رسوم بيانية ومجموعة بيانات واضحة للمديرين لتتبُّعها.

وقد توقَّع المدير التنفيذي للشركة أنَّ النظام الجديد سيُوفِّر الوقت، وأنَّ جلسات التغذية الراجعة الأكثر تواتراً ستُشجِّع مستوى أقوى من الثقة بين العُمَّال والمشرفين عليهم. الهدف هنا هو إيجاد نظام ينجح في شركتك، فقد لا تحتاج حتى لأداة على الإنترنت؛ ولكن ما تحتاجه هو استراتيجية تجعل موظفيك يشعرون أنَّ آراءهم وأفعالهم هامة.

شاهد أيضاً: مهارات تطوير الذات

4. التحلِّي بالصبر، وقياس النتائج باستمرار:

لسوء الحظ، إحدى الأسباب الرئيسة لعدم مشاركة الموظفين بنشاط في عملهم هي أنَّهم لا يشعرون بأنَّهم محط تقدير. فالقليل من التقدير يمكن أن يعطي نتيجة واضحة فيما يتعلَّق بالمشاركة، والطريقة الأفضل لجعل الموظفين أكثر مشاركة هي التعبير عن توقُّعاتهم بوضوح، والإصغاء إلى آرائهم، وتقديم الثناء والتشجيع.

يستغرق تغيير الثقافة التنظيمية وقتاً؛ فلا تتوقَّع أن ترى تغييرات حتى بعد بضعة أشهر من الالتزام، بالإضافة الى ذلك، قد لا تكون التغييرات واضحة جداً، ولكن إذا كانت منظمتك ملتزمة، ولجنتك المعنية بالثقافة تقوم بعملها على الوجه الصحيح، فستحدث الأمور كما هو متوقَّع؛ لذلك من الهام أن تتعقَّب وتلاحظ حتى أصغر حركة في الاتجاه الصحيح.

إنَّ تجربة بعض الأدوات لمراقبة أداء الموظفين ومشاعرهم، مثل: "أوفيس فايب" (Officevibe) أو "غلينت" (Glint) - التي تُقيِّم درجات المشاركة لموظفك استناداً إلى الدراسات الاستقصائية وجمع البيانات لتوفير تحليل المشاعر ورصد أي تغييرات - يكون أمراً مفيداً أيضاً.

إقرأ أيضاً: 4 استراتيجيات لتعزيز مشاركة الموظفين

في الختام

إنَّ ثقافتك التنظيمية لها تأثير كبير في نتائج عملك؛ لذا التغيير الإيجابي المُلهِم يجب أن يكون توفير وظائف تُؤخذ على محمل الجد. ابدأ بحمل الجميع على المشاركة وتعيين قادة مؤهَّلين لتولِّي المسؤولية. ومن هناك، نضمن أنَّ كل موظف جديد سيضيف إلى الثقافة الإيجابية، ويُطبِّق الأدوات المناسبة لإحداث التغييرات اللازمة.

تذكَّر أنَّه لن تحدث تغييرات كبرى على الفور، ولا شك أنَّ الثقافة التنظيمية تُبنى من الصفر. باتِّباع خطة ومتابعة التقدُّم المحرز على طول الطريق، يمكن لفريقك أن يخطو خطوات ثابتة في الاتجاه الصحيح.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة