4 طرق لاستعادة التركيز عندما تشعر بالتعب في العمل

منذ الطفولة ونحن مستعدون للعمل في عطلات نهاية الأسبوع، لكنَّ العمل لمدة يومين إضافيين في الأسبوع يحرمنا من الاستمتاع بـ 260 يوماً المتبقية، لم يتربَّ أي منا معتقداً أنَّ مهامه ستنتهي، لكنَّ الكثير منا تقبَّل حياة التنافس في العمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كولين باتشيلدر (Colleen Batchelder) والذي تُحدثنا فيه عن بعض الطرائق التي تساعدنا على استعادة تركيزنا عندما نشعر بالتعب في أثناء العمل.

طوال أسبوع العمل، نحن لا ننفك نشتكي من الإجهاد، ثم نهرب منه يومي العطلة مع إبريق من عصير الفواكه، أليست هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تكون عليها الحياة دوماً؟

لا حرج في العمل الجاد؛ فهذا ما يجعل العالم يستمر، ولكن إذا كانت لحظة فرحتنا الوحيدة هي الخروج واحتساء عصير الفاكهة، فقد نحتاج إلى إعادة التفكير في جدولنا الفوضوي.

فإذا كنت قد سئمت من تناول قهوتك بسرعة في أثناء تحضير نفسك للخروج إلى العمل، والصراخ على الأطفال في أثناء توجهك مسرعاً نحو الباب، وقيادة سيارتك كالمجنون للوصول إلى اجتماعك الصباحي؛ فاستعد لقراءة هذا المقال، حيث سأكشف عن سببين للإرهاق، وسأقدم لك بعض النصائح العملية للحفاظ على صحتك العقلية وحياتك الاجتماعية دون التعرض للكثير من التعب أو الضغوطات:

لماذا نشعر بالإرهاق؟

قبل أن أبدأ بالنصائح العملية، دعنا أولاً نناقش السببين الرئيسين وراء شعورك بالتعب، خاصة في العمل:

1. الارتباط بالتكنولوجيا:

وفقاً لشركة ديلويت (Deloitte): معظم الموظفين مرهقون، ويرتبط مصدر استنزاف طاقتهم على وجه الخصوص بالعمل وفقاً لثقافة "العمل دائماً" و"الإتاحة للعمل دائماً".

لقد أزالت التكنولوجيا جميع الحدود، ومن عدة نواحي، أزالت حق الموظف في رفض أي أمر؛ إذ لم يعد الموظفون يشعرون أنَّ لديهم خيار إغلاق هواتفهم، أو الاستمتاع بحياة منفصلة عن وظائفهم، أو الهروب من أكوام أوراق العمل.

يؤدي هذا الواقع إلى الاحتراق الوظيفي والتوتر؛ حيث يشعر العديد من الموظفين أنَّهم لا يستطيعون الهروب أو حتى التنفس عندما يكونون بعيدين عن العمل؛ ذلك لأنَّهم في الواقع لن يكونوا بعيدين عن المكتب أبداً.

لقد خلقت التكنولوجيا بيئة عمل واسعة بدون جدران، لكن هذا يعني أنَّه لا يوجد أبواب أيضاً، وبعبارة أخرى ليس هناك توقيت واضح لبدء وانتهاء العمل، ومع ذلك يعد هذا المفهوم المفتوح للأعمال نعمة، ولكنَّه خلق أيضاً بيئة مؤسسية لا تحترم الحدود الشخصية.

قد يعمل هذا الوصول السهل والمستمر إلى الموظفين أينما كانوا بشكل جيد بالنسبة لأرباح الشركة، ولكنَّه سيؤدي إلى مستويات أعلى من الاحتراق الوظيفي وعدم رضا الموظفين على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: ما الذي سيحدث إذا أخذتَ إجازةً من التكنولوجيا؟

2. تقدير العمل بدلاً من الهدف:

أجرى معهد القوى العاملة دراسة ووجد أنَّ "95% من المتخصصين في الموارد البشرية يرون أنَّ "إنهاك الموظفين يدمر الإنتاجية في مكان العمل"؛ فالحياة أكثر من مجرد عطلة في نهاية الأسبوع.

لن ينقلك أي قدر من الإرهاق إلى منصب أعلى، ولا يتطلب الأمر المزيد من الطاقة للوصول إلى أهدافك، وإنَّما يتطلب اتخاذ قرارات صحيحة، وتذكُّر أنَّ الأمر لا يتعلق بالعمل الجاد بقدر ما يتعلق بالعمل بذكاء.

لن يأخذك العمل بجد دون هدف واضح إلى المكان الذي تريد أن تكون فيه؛ بل سيؤدي ذلك فقط إلى مزيد من التعب والإحباط، فإذا كنت تشعر بالعجز والتعب في العمل، فأنت لست وحدك، فيمكنك تغيير مفهومك وجدول نومك، ولكن إذا كنت تريد تغيير حياتك، فأنت بحاجة إلى تغيير عاداتك.

شاهد بالفديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

4 أساليب لتغيير طريقة عملك:

يحتاج التغيير إلى وقت، ويتطلب منك أيضاً أن تسأل عمَّا تريده من الحياة؛ فعندما تخصص الوقت الكافي لتعرف من أنت وماذا تحتاج، ستمتلك الثقة لكتابة قصتك لحياة جديدة؛ لذا اعلم أن تحديد حدودك يحمي هدفك.

نعاني جميعنا من الإرهاق، ولكن إذا كنت متعباً في العمل بنسبة 99.9٪ من الوقت، فيجب أن يتغير شيء ما، وليس بالضرورة أن يتعلق هذا التغيير بالوظيفة؛ ففي كثير من الأحيان، يبدأ التغيير الأكثر أهمية بأنفسنا.

يمكنك استعادة تركيزك، ولكن عليك توفير بعض الوقت للتأمل الذاتي قبل الوصول إلى إنتاجية أعلى؛ سنقدم إليك فيما يلي أربع نصائح يمكنك تنفيذها الآن:

1. تذكَّر غايتك:

اسأل نفسك: ما هو دافعك؟

عندما كنت صغيراً، كنتَ مدفوعاً بأهدافك وأحلامك، ولكن بمجرد بلوغك سن الثلاثين، أدركت أنَّه لا يمكنك دفع الإيجار بأموال وهمية أو من خلال مفكرة أحلامك.

اعلم أنَّ التضحيات أمر طبيعي في حياة البالغين؛ ففي الحقيقة، لقد تعلمنا جميعاً كيف نتغلب على تقلبات الحياة ونجتاز عقباتها؛ فلا حرج في أن تكون مسؤولاً، ولكن سواء أحببنا ذلك أم لا، قد تدفع ضغوطات الحياة الكثير منا نحو الاحتراق الوظيفي دون أن ندرك ذلك.

إنَّ الابتعاد عن أحلامنا له ثمن يمكن أن يشمل صحتنا وكمالنا وإحساسنا بالغاية، فإذا أردنا استعادة تركيزنا، فنحن بحاجة إلى قضاء بعض الوقت لإعادة اكتشاف ما يجعلنا نتصرف بهذه الطريقة، كما يجب علينا توفير مكان في جداولنا للعمل على هذه "الغايات"؛ إذ لا يمكن أن ندع طموحاتنا تقود حياتنا.

وإذا لم نخصص الوقت الكافي لتذكر الدافع وراء عملنا، نفقد أنفسنا في العمل، فإذا كنت ترغب في استعادة تركيزك وتخفيف التعب في العمل، فعليك أن تتذكر غايتك، وبمجرد أن تجعل هذا أساس حياتك، ستتمحور جميع قراراتك حول هذا المحور.

إقرأ أيضاً: في ظل ظروف الحياة الصعبة والعقبات: كيف أحافظ على الدافع لتحقيق أهدافي؟

2. أعِد ترتيب أولوياتك:

من أعظم الأشياء التي يمكنك القيام بها هو تخصيص وقت للتأمل، أنا لا أتحدث عن طقوس صباحية سريعة أو خلوة للتأمل؛ بل أعني أن ترى نفسك كأولوية في قائمة مهامك، وليس خياراً إضافياً، وربما ثانوياً أحياناً.

يُضحي الكثير منَّا بنفسه من أجل المواعيد النهائية، ونقضي أياماً في إعداد عرضنا التقديمي والبحث في الإحصاءات، لكنَّنا نؤجل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو الحصول على ساعة نوم إضافية؛ وفي المحصلة، نهتم بعملنا أكثر من أنفسنا.

توصلت العديد من الدراسات إلى النتيجة نفسها، وهي أنَّنا نحتاج جميعاً إلى الاهتمام بأنفسنا أولاً إذا أردنا الازدهار في العمل؛ ولكنَّنا لا نكترث بهذه النتائج، حيث يواصل الكثير منا العيش على القهوة وجداول البيانات بغض النظر عن هذه النصائح؛ إنَّه تصرف غير صحي ولكنَّه مرتبط بثقافة الشركة؛ حيث تكافئ العديد من الشركات هذا النوع من السلوك؛ إذ يتوقعون من موظفيهم أن يكونوا متاحين على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وأن يعملوا بجد ليلاً نهاراً؛ وقد ازداد الأمر سوءاً منذ أن بدأنا العمل من المنزل.

شاهد بالفديو: 13 تقنية فعّالة لتحديد الأولويات

وفقاً لمجلة هارفرد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review): "واحدة من أفضل الطرائق لإدارة الفوضى هي التعود على روتين محدد؛ بحيث تكون الرعاية الذاتية جزءاً منه، حيث تتطلب استعادة التركيز إعادة ترتيب أولوياتنا، وهذا بدوره يتطلب أن ندمج احتياجاتنا في المعادلة دون الشعور بالذنب".

3. أعِد النظر في توقعاتك:

بعد ساعات من الإرهاق، نحاول جاهدين إبقاء أعيننا مفتوحة في العمل دون الاستسلام للنوم، ونحدق بجمود في أكوام الأوراق، ونومئ برأسنا بلا تفكير عندما يطلب منا رئيسنا إضافة عنصر آخر إلى قائمة مهامنا، ونتمنى ألا يغلبنا النعاس وننام خلال اجتماعاتنا التي لا تنتهي.

بالنسبة للكثيرين منا، يعدُّ هذا ​​أسبوع عمل تقليدي؛ حيث نقوم بتنسيق جداولنا بالألوان، ونضيف مهام رتيبة لا نهاية لها إلى أسبوعنا، ونأمل أن نتمكن من موازنة كل شيء دون أن نفقد صوابنا؛ لكن ماذا لو كان هناك طريقة أفضل للعمل؟ توجد طرائق أخرى أنجع بالتأكيد، وما عليك سوى البحث عنها.

4. أعد تنظيم قائمة مهامك:

إذا كنت مرهقاً باستمرار في العمل، فإنَّ أحد أعظم الأمور التي يمكنك القيام بها لاستعادة التركيز هو إعادة التفكير في قائمة مهامك، فأنت لست بحاجة لإنجاز كل شيء، وحتى لو أردت ذلك، فليس بالضرورة أن تقوم بذلك بمفردك.

قبل أن تبدأ عملك المكتظ في بداية الأسبوع، احرص على إعادة تنظيم أسبوع عملك مسبقاً؛ اكتب قائمة بالأشخاص الذين تعمل معهم ومجموعات المهارات المرتبطة بهم، ثم انظر إلى قائمة المهام التي يجب عليك القيام بها.

قسِّم قائمة المهام إلى ثلاثة أعمدة، واملأ القسم الأول بالمهام التي يمكنك أنت فقط القيام بها، وبعد ذلك، املأ القسم الثاني بالمهام غير المستعجلة والتي يمكن تأجيلها إلى تاريخ لاحق، وأخيراً، املأ القسم الثالث بالمهام التي يمكن للآخرين القيام بها.

إقرأ أيضاً: 13 أمراً عليك أن تضعهم ضمن قائمة مهامك اليوميّة لكي تزيد من انتاجيّتك

قد تمنحك إضافة عناصر إلى قائمة مهامك شعوراً بالإنجاز، ولكن إذا واصلت إدارة قائمة مهامك بدقة متناهية، فلن تتمكن من المضي قدماً.

وإذا كنت ترغب في استعادة التركيز وتخفيف التعب في العمل، فابدأ بمخططك، فأنت لست بحاجة إلى إنجاز كل شيء، ففي بعض الأحيان، تكون أفضل طريقة لتحقيق أهدافك هي إزالة الأهداف التي تعيق تقدمك.

في الختام:

إذا سئمت من التعب في العمل، ألق نظرة على هذه النصائح الأربعة ونفِّذ إحداها خلال الأسبوع. وتذكر، إنَّه ليس سباقاً، وهذه النصائح ليست مجرد شيء آخر تضيفه إلى قائمة مهامك؛ فالغرض منها هو مساعدتك على فهم الأسباب المحددة التي تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي.

إذا كنت ترغب في استعادة فرحتك، فتذكر غايتك، وأعد ترتيب أولوياتك؛ فأنت بحاجة إلى فهم نفسك أولاً؛ لذا خصص الوقت الكافي لوضع الحدود التي توفر التوازن بين عملك وحياتك الخاصة، واجعل عام 2021 العامَ الذي تستمتع فيه بأسبوع عملك، وليس العام الذي تنتظر فيه عطلة نهاية الأسبوع كما فعلت دوماً.

المصدر




مقالات مرتبطة