4 طرائق لضمان بقاء الموظفين في العمل

يُمثِّل الاحتفاظ بالموظفين تحدياً مستمراً للعديد من المؤسسات. وفي جميع الصناعات، هناك نقص في المواهب في كل مستوى وظيفي تقريباً؛ إذ يواجه أرباب العمل سوق عمل تنافسي بشكل متزايد.



ومع أنَّ المرشحين والموظفين الحاليين لديهم العديد من الخيارات الوظيفية، فإنَّ هناك خطوات يمكنك اتِّخاذها لإنشاء مكان عمل يرغب الموظفون في البقاء والنمو والازدهار فيه؛ ولكن قبل أن نناقش كيفية القيام بذلك، من الهام أن نفهم السبب.

الثقافة الإيجابية والإنتاجية ليست مفيدة للموظفين؛ بل للشركات أيضاً؛ إذ إنَّ معدل دوران القوى العاملة مكلِف؛ حيث يقول 78% من قادة الأعمال إنَّ الاحتفاظ بالموظفين ومشاركتهم يمثِّل مصدر قلق كبير، إذ تتراوح تكلفة استبدال الموظفين من 30% إلى 200% من الدخل السنوي. وسواء كنت تدير شركة فيها خمسة موظفين أم 500 موظف، يمكن أن يكون لمعدل دوران القوى العاملة تأثير كبير في صافي أرباحك.

عندما يتعلق الأمر ببناء ثقافات عمل عظمى، يبدو أنَّ الشركات التي تركِّز على أهمية الموارد البشرية في الشركات تحقِّق نجاحاً.

تفتخر شركة "ألتيمات سوفت وير" (Ultimate Software)، بمعدل الاحتفاظ بالموظفين بنسبة 94%، وتتميز لامتلاكها أحد أفضل أماكن العمل. لقد كان الهاجس الأول خلال الـ 25 سنة الأولى من وضع الشركة لحلول الموارد البشرية هو وضع الموظفين في المرتبة الأولى دائماً. لكن ليس عليك أن تعمل في مجال تطوير الأفراد لكي تكون شركة ناجحة تعتمد على القوى العاملة لديها.

فيما يأتي بعض الطرائق للتأكد من أنَّك تُبقي الموظفين في طليعة كل ما تفعله:

1. بناء ثقافة قائمة على الثقة والتمكين:

تُبنَى الثقافات الناجحة وتستمر على الثقة. ويتطلَّب بناء هذه الثقة قبولاً وتفانياً على كل مستوى من مستويات المؤسسة؛ من المديرين التنفيذيين، إلى المديرين، إلى الموارد البشرية، إلى ممثلي خدمة العملاء، إلى الموظفين المبتدئين.

تذكَّر أنَّك وظفتَ أشخاصاً موهوبين لديك لأنَّهم بارعون فيما يقومون به؛ لذا ثِق بهم للقيام بعمل رائع. فالثقة تُحدِث فرقاً، وتُمكِّن موظفيك. فالموظفون الذين يمتلكون الثقة والصلاحية في العمل غالباً ما يُظهرون أداءً وظيفياً أقوى، ورضى أعلى، والتزاماً متزايداً تجاه المنظمة.

تأتي هذه الصلاحية والسلطة في العمل - في كثير من الأحيان - من علاقات جيدة بين الموظفين، وتُظهر الأبحاث أنَّ علاقات العمل الجيدة هي المفتاح. في الواقع، وفقاً لدراسة أُجرِيَت مؤخراً على الصعيد الوطني؛ العلاقات بين الموظف والمدير هي المحرك الأول لتعزيز رضى وقناعة الموظفين في العمل اليوم.

بالنظر إلى ثقافتك الحالية، هل يمتلك المديرون ما يحتاجون إليه للقيادة بفاعلية؟ وهل يراقبون الموظفين مراقبة روتينية للتأكد من أنَّهم يشعرون بالقدرة على البحث عن فرص النمو؟ يجب أن يشعر المديرون بدورهم بالقدرة على طلب المساعدة إذا شعروا أنَّهم لا يمتلكون المهارات اللازمة لمساعدة الموظفين على النمو.

لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع لتحقيق النجاح؛ لذا تحدَّث مع موظفيك عن الأدوات التي يحتاجون إليها لمواصلة تطوير مهاراتهم، وتحقيق أهدافهم المهنية طويلة الأمد.

شاهد بالفديو: 3 خطوات على المدراء اتباعها لتحفيز موظفيهم

2. استعمال الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمخاطر:

يمكن أيضاً أن تساعد تقنيات؛ مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، ومنصَّات التعلم الآلي، التي توفر قدرات تحليل تنبُّئية، وتحليل المشاعر في تقليل معدل دوران القوى العاملة.

في إحدى الحالات، كانت موظفة ماهرة ومميَّزة تعمل في مركز "أندرسون للتوحد" (Anderson Center for Autism)، على وشك تقديم استقالتها. ومع ذلك، بمساعدة التكنولوجيا، توقَّعت إدارة الموارد البشرية هذه الخطوة، ووضعت خطَّة احتفاظ شخصية جعلَتها في النهاية تغيِّر رأيها.

باستعمال التحليلات التنبُّئية، تمكَّن مركز "أندرسون" من تحديد الموظفين المعرضين للخطر، بالإضافة إلى توقُّع احتمالية بقاء الموظفين في المؤسسة لمدة 12 شهراً القادمة، والتصرف على الفور بناءً على تلك المعلومات المفيدة.

لم يوفِّر مركز "أندرسون" (Anderson Center)، الكثير من الوقت والمال من خلال هذه الحلول المتقدمة؛ بل أصبح قادراً الآن على تحديد المواهب العظمى، وتطويرها، والاحتفاظ بها بشكل أفضل في مؤسسة منظمة للغاية وتعاني من شحٍّ في الموارد، كل ذلك مع الحفاظ على قاعدة الموظفين القوية، التي تُعَدُّ بالغة الأهمية للنهوض برسالة المركز المتمثلة في تقديم برامج عالية الجودة للأطفال والكبار المصابين بالتوحد.

إقرأ أيضاً: ما هو الذكاء الاصطناعي (AI)؟ وماهي تطبيقاته ومخاطره؟

3. الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة:

من السهل على الشركات أن تغفل عن ثقافاتها في أثناء نموها، وتعيين موظفين جدد فيها. في حين أنَّ الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة، يمكن أن تشعر وكأنَّها عائلات متماسكة، فإنَّ هذا لا ينطبق دائماً على المؤسسات التي تضم آلاف الموظفين. ومع ذلك، يجب أن تستمر حماية الثقافة التي تدور حول عَدِّ الموظف أولوية عالية، بغض النظر عن حجم شركتك.

خلال مرحلة النمو، ركِّز على الحفاظ والاهتمام "بالأشياء الصغيرة"، واللمسات الخاصة، مثل احتفالات أعياد الميلاد، وحفلات استقبال المولود الجديد، ونزهات خدمة المجتمع التي تشكِّل روابط ذات مغزى وتُظهِر للموظفين أنَّك مهتم في رفاهيتهم وسلامتهم الكاملة.

يجب ألَّا تختفي تجمُّعات غرفة الاستراحة، ووجبات غداء الفريق، ففي أثناء انشغالك في دعم التوسع والنمو في شركتك. ضع في حسبانك ما جعل مؤسستك فريدة من نوعها خلال المراحل المبكرة، وما يمكنك الاستمرار في التمسُّك به، أو استعادته للحفاظ على تلك الثقافة المتماسكة.

إقرأ أيضاً: كيف تبني ثقافة عمل تبرز أفضل ما في الموظفين؟

4. التفكير في المزايا المقدمة:

وفقا لمؤسسة "غالوب" (Gallup)، فإنَّ جيل الألفية هم أقلُّ جيل تفاعلاً واندماجاً في مكان العمل؛ إذ يبحث 6 من كل 10 موظفين عن فرص عمل جديدة. ويُشكِّل جيل الألفية أيضاً أكبر جيل في القوة العاملة في الولايات المتحدة اليوم؛ فإذا أرادت المؤسسات ضمان بقاء الموظفين حتى التقاعد، فعليهم إثبات أنَّهم استثمروا استثماراتٍ طويلة الأمد في موظفيهم.

تُعَدُّ نزهات الشركة والوجبات التي يتم تقديم الطعام فيها امتيازات لطيفة على الأمد القصير، ولكن تقديم مزايا، مثل: إجازة غير محدودة مدفوعة الأجر، أو المساهمة في زيادة مدخرات التقاعد، يمكن أن يُغيِّر حياة الموظفين، مع تعزيز التوازن الصحي بين العمل والحياة.

فكِّر في الطرائق التي يمكنك من خلالها إعادة هيكلة المزايا، لاستيعاب الموظفين من جميع الأعمار، ومواصلة تخصيص المزايا بناءً على التغييرات في مكان العمل والتوقعات المتطورة. على سبيل المثال، قد لا يفكِّر الشباب من جيل الألفية في إجازة الأمومة اليوم، لكنَّ حزمة المزايا السخية الشاملة توضِّح أنَّك تركز على إبقاء هذا الموظف سعيداً بعد 10 و15 و20 عاماً من الآن.

لن تتناسب جميع المزايا مع ميزانية كل شركة، ولكنَّ الأمر يستحقُّ إلقاء نظرة فاحصة على عروضك الحالية، والاستماع لموظفيك لمعرفة المزايا الأكثر أهمية بالنسبة إليهم.

يتطلَّب إنشاء مكان عمل يرغب فيه الأشخاص في قضاء حياتهم المهنية التزاماً على مستوى الشركة واستثماراً طويل الأمد. لكنَّ النتائج تستحقُّ الوقت والجهد. حتى في سوق اليوم المليء بفرص العمل، ستلاحظ انخفاض معدل دوران العمالة، وزيادة الإنتاجية والموظفين الأكثر سعادة. فعندما تركِّز على الثقافة، يزدهر موظفوك وعملك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة