4 دروس غير متوقعة مستقاة من الصعوبات والمحن التي تواجهنا

يمس الألم الجميع؛ وإذا كنتَ محظوظاً، فستكون أصعب الأوقات في حياتك مجرد لحظات عابرة، لكنَّ بعض الصعوبات التي تواجهنا -بما في ذلك جائحة فيروس كورونا العالمية والآثار المترتبة عليها- قد تستمر لسنوات، وتُقدِّم تحديات جديدة للأفراد والشركات.



إنَّ المصاعب التي تواجهنا غير مرحب بها إطلاقاً؛ فهي ليست شيئاً تُخطِّط لحدوثه ضمن خطة تطوير نفسك في العام المقبل، ومع ذلك لا مفرَّ منها، ولكن لحسن الحظ، يمكِن أن تكون المصاعب في الواقع درساً مؤثراً في حياتنا.

ما هي أكثر الصعوبات التي نواجهها شيوعاً؟

يوجد الكثير من الأبحاث التي تتطرق إلى دراسة الخبرات المستقاة من الصعوبات والطريقة التي يستفاد منها الناس؛ حيث نشر مجموعة من المؤلفين كتاب "الدروس المستقاة من الخبرات (The lesson of experience) بعد إجراء أبحاث على مدار 5 عقود في 40 دولة، وتبيَّن فيه أنَّ معظم المصاعب تندرج تحت 4 فئات:

1. الصدمات النفسية: تكون الصدمات النفسية غالباً غير متوقعة ومروِّعة، وهي عموماً تجربة لا يمكِنك التحكم بها، وتشعرك بالارتباك أو الضياع، وقد يكون هذا بسبب جائحة كورونا أو وفاة أحد أفراد الأسرة أو النجاة من حادث سيارة.

2. التمييز والظلم في المعاملة: سواء حدث ذلك في مكان العمل أم في جزء آخر من حياتك، فإنَّ التعرض للتمييز أو الظلم هو أحد أكثر الصعوبات شيوعاً، وتتضمن مجموعة واسعة من السلوكات الخفة والصريحة والمتعمدة وغير المقصودة التي يمكِن أن تسبب عواقب سلبية طويلة الأمد.

3. ارتكاب الأخطاء والفشل: يمكِن أن تكون هذه الأخطاء تقنية أو مهنية أو أخلاقية أو استراتيجية، كحدوث خلل في المنتج الذي تُقدِّمه، أو اتخاذ قرار توظيف سيئ، أو فقدان المصداقية، أو فشل مشروعك؛ ويكون من الصعب غالباًالتعافي من هذه الإخفاقات، خاصةً إذا كانت فادحة، أو مرتبطة بثقافة أو مشكلة أعمق في مكان العمل، أو تترتب عليها آثار على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: كيف تقضي على الخوف من الفشل؟

4. العقبات المهنية: في بعض الأحيان تكون العقبات المهنية لا مفرَّ منها أو خارج إرادتك، وقد يكون تسريح العمال في الشركة، أو إيقاف التوظيف أو الترقيات، أو إعادة تنظيم الشركة، أو مجموعة واسعة من الأحداث الأقل خطورة ولكنَّها مع ذلك هامة.

في معظم أعمال التعلم والتطوير، تتبع الشركات القاعدة الكلاسيكية "70-20-10" (والتي تقول إنَّ الأفراد يميلون إلى تعلُّم 70% من معرفتهم من التجارب والمهام الصعبة، و 20% من علاقاتهم، و 10% من الدورات الدراسية والتدريب)، في محاولة لإيجاد طرائق لتزويد الأشخاص بمهام شاقة، مثل: تولِّي منصب جديد أو مَهمة صعبة؛ حيث يُطلَق عليها أحياناً اسم "التجارب وليدة المواقف العصيبة"، وتنبع غالبية التعلم من هذه التحديات من نجاحك في مواجهتها.

تتشابه الصعوبات التي تواجهنا؛ إذ إنَّنا نتعلم تخطيها من خلال مواجهة الفشل بمرونة، ويمكِننا في الواقع أن نتقدَّم بشكلٍ أكبر من خلال إعادة صياغة كيفية تعاملنا مع هذه التجارب الصعبة.

على الرغم من أنَّ الناس كانت غافلة عن التأثير الإيجابي للصعوبات في تعلُّم القيادة، إلا أنَّ الناس بدأوا يدركون الآن أنَّه يمكِن استثمارها في دروس القيادة الرئيسة.

4 دروس مستقاة من الصعوبات والشدائد التي نواجهها:

يمكِن أن تمنحنا الصعوبات دروساً غير متوقعة إذا كنَّا منفتحين على الدروس المستفادة منها، رغم أنَّ هذا ليس أمراً تلقائياً، حيث يمكِن لأي شخص العثور على هذه الجوانب الإيجابية وتبنِّيها، وسنتحدَّث فيما يلي عن 4 دروس مستقاة من الصعوبات التي قد تواجهنا.

1. مشاعر التعاطف والرحمة:

تغمرك عادةً جرعةً كبيرة من التواضع بعد مواجهة الصعوبات، وليس من السهل أبداً مواجهة حقيقة أنَّك لستَ مثالياً أو لا شيء يقهرك أو أنَّك مستثنى من الصعاب، لكنَّ اجتياز الصعاب يمكِن أن يفتح عينيك على مصاعب الآخرين، وقد يحفزك لتلقِّي الدعم والمساعدة من الآخرين على تقديم الدعم بسهولة أكبر لهم، وشعورك بالرحمة تجاههم.

2. المعرفة الذاتية ووجهات النظر:

تجبرك الصعوبات على مواجهة نفسك وجهاً لوجه، وتكشف غالباً الدروس المستفادة منها عن قيود وأنماط ومعتقدات ومهارات لم ترَها أو تُقدِّرها من قبل، حيث يزيد هذا التحول من الوعي الذاتي بشكل فاعل، ولديك فرصة لاتخاذ خيارات جديدة بناءً على الأشياء الهامة؛ أي كيف تتصرف وتُفكِّر وتشعر؛ وما يمكِنك وما لا يمكِنك فعله.

إقرأ أيضاً: إطلاق العنان لقوة الوعي الذاتي

3. حدود السيطرة:

بقدر ما قد ترغب في رسم مسارك الخاص، فإنَّ الصعوبات التي تواجهك هي تذكير قوي بحدود سيطرتك؛ فمن خلال الاعتراف بهذه القيود وتبنِّيها، يمكِنك تخفيف بعض العبء الذي تحمله على عاتقك وتَقبُّل أنَّ بعض الأمور لا تتوقف على قرارك.

4. المرونة:

إنَّ النجاة من الصعوبات والاستعداد للمضي قدماً يبني قوةً إضافية لمواجهة التحديات الجديدة ومواجهة الإخفاقات التي قد تواجهنا في المستقبل، وتتيح لك المرونة أن تكون مرناً مع التغييرات، ومنفتحاً على التعلم وتكتشف ما يجب عليك فعله.

عندما تكون في خضمِّ وقت عصيب حقاً، قد تبدو هذه الدروس بعيدة المنال أو غير ذات صلة، ولكنَّها في الحقيقة لا تُقدَّر بثمن.

كيف تتعلم من الصعوبات التي تواجهها؟

فيما يلي بعض النصائح لمساعدتك على استخلاص النقاط الإيجابية من الأوقات الصعبة:

  • لا تدع الصعوبات تسيطر عليك: خذ استراحةً، ومارِس الرياضة، وخصِّص وقتاً للراحة، كما يمكِن أن تقضي بعض الوقت - حتى لو كان عن بعد - في التواصل مع أشخاص يجعلونك تضحك، وافعل أشياء تنسيك مشكلاتك، ففترة الراحة حتى لو كانت لوقت قصير ضرورية للتعلم.
  • لا تخجل من الفشل أو ارتكاب الأخطاء: للاستفادة من الفشل، عليك التأمل في التجربة والتفكير بها؛ بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ عدم الرغبة في التحدث إلى الآخرين أو الحصول على الدعم يمكِن أن يجعل التغلب على التحديات أكثر صعوبةً؛ فبدلاً من أن تضغط على نفسك بسبب ذلك، اكتشِف ما يمكِنك القيام به بشكل مختلف في المستقبل، واستمِر في المضي قدماً.
  • تجنَّب الدفاعية: قاوِم الرغبة في إلقاء اللوم على الموقف أو عيوب الآخرين، وحاوِل ألا تتفاعل بشكل دفاعي عندما يُقدِّم إليك الآخرون التغذية الراجعة أو يشيرون إلى الأشياء التي تقوم بها (أو لا تفعلها)، فإنَّ إنكار المشكلات أو إبعاد اللوم عن نفسك لن يخدمك على الأمد الطويل.
  • استمِر في طرح الأسئلة: فكِّر كيف يمكِن أن تكون تلك الصعوبات تحدياً جديداً؟ وما الذي قد تتعلَّمه نتيجةً لذلك؟ وكيف يمكِن تطبيق الدروس المستفادة من التجارب السابقة؟ وكيف تشعر؟ وما الذي يخبرك به حدسك؟ وما هي أفعالك التي تخبرك بشأن ما ينجح وما لا ينجح؟ وماذا يمكِنك أن تتعلم مما فعلتَه أنت والآخرون في هذه الحالة؟ وما هي التغذية الراجعة التي يجب أن تطلبها من الآخرين؟ وكيف يمكِن أن يساعدك ذلك في المضي قدماً؟
  • تواصَل مع الآخرين: إذا كنتَ تعاني من التمييز أو التحيز أو الظلم؛ فتواصَل مع الأشخاص الذين يمكِنهم مساعدتك أو دعمك؛ إذ لن يساعدك قبول الظلم أنت أو أي شخص آخر، ولن يؤدي إلا إلى تفاقم الموقف؛ لذلك حدِّد الأشخاص الذين تثق بهم واكتشِف كيف ستمضي قدماً.
  • الاستفادة من خبراتك السابقة: ليست الصعوبات هي الطريقة الأساسية التي يتعلم من خلالها الناس؛ فالخبرةهي المعلِّم الأساسي؛ حيث أثبتَ بحثٌ في دروس الخبرة أنَّ ربع عملية تطوير القيادة تقريباً تنبع من الصعوبات، وهذا ينطوي على أكثر من مجرد التجارب التي نكتسبها في الفصول الدراسية أو فرص التدريب الرسمية، مما يعني أنَّ ما تمر به الآن يمكِن أن يكون حافزاً قوياً في مشوارك القيادي.

قد تكون المصاعب التي تواجهنا مؤلمةً، ولكن إذا استطعتَ التعلم منها، وتحويلها إلى فرصة للتقدُّم؛ ستكسب دروساً تبقى معك إلى الأبد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة