4 تكتيكات فريدة يفعلها المديرون العظماء

عندما يتعلق الأمر باختيار الموظفين وتحفيزهم وتطويرهم، يَكسر المديرون العظماء جميع القواعد التقليدية؛ وذلك وفقاً لكلٍّ مِن الكاتبَين ماركوس باكنغهام (Marcus Buckingham) وكيرت كوفمان (Curt Coffman) في كتابهما: "ابدأ بكسر كل القواعد، ما يفعله أعظم المديرين في العالم بشكلٍ مختلف" (First, Break All The Rules: What the World’s Greatest Managers Do )، وهو كتاب يَعرض نتائج المقابلات التي أجرَتها مؤسسة غالوب (Gallup) مع أكثر من 80.000 مدير ناجح.



كانت أبرز النتائج المتعلقة بالإدارة الناجحة هي تحديد المديرين العظماء بناءً على نتائج أدائهم في مؤسَّساتهم.

إليك فيما يلي بعض الأفكار الرئيسة التي ناقشها كتاب المديرين العظماء، بالإضافة إلى الاستفاضة في دور إدارة الموارد البشرية ومعلومات التنمية مع أمثلة وتوصيات محدَّدة تمكِّن المديرين والمتخصصين في إدارة الموارد البشرية والتطوير مِن تطبيق نتائج البحث لانطلاق النجاح الوظيفي الإداري.

نهجٌ جديد شامل لتنمية الموارد البشرية:

يتحدى الرأي الذي عبَّر عنه معظم المديرون العظماء الذين استُطلِعت آراؤهم، والذين بلغ عددهم 80.000 مدير عظيم، معتقدات إدارة الموارد البشرية والتنمية التقليدية، فقد تحدَّث آلاف المديرين العظماء عن الفكرة الآتية ذاتها بطرائق مختلفة، وهي: "لا يتغير الناس كثيراً، فلا تُضِع وقتك في محاولة زرع قدرات لا يتمتعون بها؛ بل اعمل على إطلاق إمكاناتهم الكامنة، إذ يكفيك هذا الأمر صعوبة".

إنَّ آثار هذه الرؤية المترتبة على التدريب وتطوير الأداء عميقة، كما أنَّها تشجِّع على بناء القدرات الموجودة لدى الأشخاص بدلاً من محاولة إصلاح المهارات والقدرات الأكثر ضعفاً.

تحدِّد عملية تحسين الأداء التقليدية مجالات أداء معيَّنة تكون في المستوى المتوسط أو دون المتوسط، وتركز اقتراحات التحسين -سواء كانت شفهية أم في عملية تقييم رسمية- على تطوير مَواطن الضعف هذه.

لكن يتَّبع المديرون العظماء نهجاً مغايراً يركِّز على تقييم مواهب كلِّ فردٍ ومهاراته، ثم على العمل على توفير التدريب والكوتشينغ وفرص التطوير التي ستساعد هذا الشخص على تنمية هذه المهارات، فيعوضون عن مَواطن الضعف أو يعالجونها.

على سبيل المثال: إذا وظفتَ شخصاً يفتقر إلى المهارات الاجتماعية؛ ولكنَّه يمتلك معرفةً واسعةً بالمنتَجات، فيمكِن ضمُّه إلى فريق خدمة العملاء؛ حيث يعمل الموظفون الآخرون باستخدام مهاراتهم الاجتماعية الفعالة على إخفاء مَواطن ضعفه، وفي الوقت نفسه تستفيد المؤسَّسة مِن معرفته بالمنتَج عند التعامل مع مشكلات الجودة فيه.

لا يعني هذا ألا يساعد المديرون العظماء موظفيهم على تحسين مهاراتهم أو معلوماتهم أو أساليبهم غير الصحيحة؛ بل أن يحوِّلوا تركيزهم إلى تنمية الموارد البشرية في المجالات التي يمتلك فيها الموظف فعلاً المواهب والمعرفة والمهارات.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم سرّ في الإدارة الناجحة

الوظائف الأربع الجوهرية للمديرين العظماء:

حدَّدَ كلٌّ مِن باكنغهام (Buckingham) وكوفمان (Coffman) أربع تغيرات في الأساليب التقليدية التي تحدِّد أكثر الاختلافات في التكتيكات التي يتبناها المديرون العظماء، وهي:

  • اختيار الأشخاص استناداً إلى الموهبة.
  • تحديد النتائج المطلوبة عند تحديد متطلبات الشركة للموظفين.
  • التركيز على مَواطن القوة عند تحفيز الأفراد.
  • البحث عن المنصب المناسب للشخص بغية تطويره.

1. اختيار الأشخاص استناداً إلى الموهبة:

في أثناء المقابلات التي أجراها موقع غالوب (Gallup)، ذكر المديرون العظماء أنَّهم اختاروا الموظفين استناداً إلى موهبتهم، وليس الخبرة أو التعليم أو الذكاء، كما حدد موقع غالوب (Gallup) طبيعة هذه المواهب من خلال دراسة المواهب اللازمة للنجاح في 150 منصباً متميزاً، وهي:

  • الاجتهاد: الذي يشمل الدوافع اللازمة لتحقيق الإنجازات، والخبرة والدافع اللازمَين لوضع المعتقدات حيز التنفيذ.
  • التفكير: الذي يشمل التركيز، والانضباط، والمسؤولية الشخصية.
  • التواصل: الذي يشمل التعاطف، والانتباه للفروقات الفردية، والقدرة على الإقناع، وتحمُّل المسؤولية.

سيدعم متخصصو الموارد البشرية المديرين التنفيذيين بصورة أكثر فاعليةً إذا أَوصوا بأساليب لتحديد المواهب مثل: الاختبار الواقعي والمقابلات السلوكية، فعند فحص خلفية الموظف، استعلِم عن كيفية تطبيقه لمواهبه، على سبيل المثال: تأكَّد إن كان المرشَّح قد طوَّر كلَّ منصب جديد حظي به من البداية.

2. تحديد النتائج المطلوبة عند تحديد المتطلبات للموظفين:

وفقاً للكتاب السابق، يساعد المديرون العظماء كلَّ فرد على وضع أهداف وغايات تتوافق مع احتياجات المؤسَّسة، كما يساعدون كلَّ موظف على تحديد النتائج المتوقَّعة، وصيغة النجاح التي يسعون إليها، ثم يدَعونهم لإكمال العمل بمفردهم.

لا يخضع معظم الأشخاص الذين ينجزون معظم الأعمال لإشراف مديرهم بشكلٍ متواصل، وبأخذ هذه الحقيقة بالحسبان، من المنطقي السماح للموظف بتحديد الدرب الصحيح للسير بغية تحقيق أهدافه، حيث سيختار بلا شك الدرب الذي يستطيع فيه توظيف مواهبه الفريدة وقدرته على المساهمة في الأداء.

يتطلب تقديم المدير للتغذية الراجعة عمليةً طويلةً ودقيقةً؛ ولكن عليه أن يتجنب الإدارة التفصيلية لموظفيه، وإلا سيفقد السيطرة ويخسر الأشخاص الجيدين نتيجة إحساسهم أنَّه لا يثق بهم.

يمكِن لمتخصص الموارد البشرية دعم هذا النهج للإدارة من خلال عمل كوتشينغ للمديرين على أساليب أكثر تشاركية، ويمكِنك إنشاء أنظمة مكافآت يتميز من خلالها المديرون الذين يسعون إلى تطوير قدرات الآخرين على الأداء وتحقيق النتائج المطلوبة، كما يمكِنك تعزيز إنشاء أهداف تشمل المؤسَّسة بأكملها لدفع الأداء إلى الأمام.

3. التركيز على مَواطن القوة عند تحفيز الأفراد:

يقدِّر المديرون العظماء تنوع الناس في فِرَقِهم، ويدركون أنَّ عليهم "مساعدة الموظفين لتنمية قدراتهم"؛ حيث إنَّ تمتع كلِّ شخص بمَواطن قوة فريدة، سوف يدعم نجاحه بصورة أفضل. ويركِّز هؤلاء المديرون على مَواطن القوة لدى الفرد ويتعاملون مع مَواطن ضعفه، ويكتشفون ما يحفز كل موظف ويسعون إلى توفيره أكثر في بيئة عمله.

على سبيل المثال: إذا كان موظفك شغوفاً بالتحدي، فاحرص دائماً على أن تسند إليه المهام الصعبة التي تمثِّل تحدياً له؛ أما إذا كان موظفك يفضِّل العمل الروتيني، فأسنِد إليه مزيداً من العمل المتكرر، وإن كان يستمتع بحل مشكلات الموظفين، فقد يتفوق في المناصب القيادية.

أما إن أردتَ تعويض مَواطن ضعف الموظفين مثلاً، فجِد للموظف كوتشاً من أقرانه يعوِّض مَواطن القوة التي قد يفتقر إليها في المهمات أو المبادرات التي يشارك فيها، وأَدرِج التدريب لتعزيز المهارات في مجالات الأداء المطلوبة.

يمكِن لمتخصصي الموارد البشرية المساعدة في حل المشكلات مع المديرين الذين يبحثون عن أفكار لإدارة مَواطن الضعف، ويمكِنك تعزيز بعض مَواطن القوة الفردية بحيث تتيح الفرصة للموظفين لتوظيف مواهبهم في وظائفهم.

يمكِنك تصميم أنظمة المكافآت، والتقدير، والتعويض، وتطوير الأداء، التي تعزز بيئة عمل يشعر فيها الشخص بالحافز للمساهمة؛ لذا ضع في الحسبان نصيحة المديرين العظماء المذكورة في الكتاب، حيث يوصون بـ "قضاء معظم الوقت مع مَن تجد المنفعة في صحبتهم".

إقرأ أيضاً: لمَ يجب على القادة أن يُعطوا أكثر مِمَّا يأخذوا

4. البحث عن المنصب المناسب للشخص بغية تطويره:

لا تتمثل مَهمة المدير في مساعدة الأفراد الذين يوظفهم على النمو؛ بل تحسين أدائهم، وللقيام بذلك عليه وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

إضافةً إلى ذلك، عليه العمل مع كلُّ شخص لتحديد ما الذي يتطلبه "تعزيز دورِه"، ثم قدرتَه على المساهمة في الأداء داخل المؤسَّسة، وقد يتطلب هذا بالنسبة إلى بعض الأشخاص نيل ترقية؛ في حين يرغب آخرون بتوسيع عملهم الحالي، وغالباً ما يطمح الأشخاص إلى صعود السلم الوظيفي.

لم يَعُد هذا التصرف صحيحاً بعد الآن، أو بالأحرى هذا تفكير غير صائب، حيث يقول كلٌّ مِن باكنغهام (Buckingham) وكوفمان (Coffman): "وظِّف أناساً يتقنون عملهم خير إتقان في كل منصب"، وهذا يذكِّرنا بكتاب "مبدأ بيتر" (The Peter Principle) الذي يؤكِّد على ترقية الأفراد إلى مستوى عدم كفاءتهم.

يجب لاختصاصي الموارد البشرية أن يلتزموا بفهم شامل للمواقف والاحتياجات داخل المؤسَّسة، لمساعدة كل فرد على تجربة الوظيفة المناسبة. تعرَّف إلى مواهب وقدرات الجميع في مؤسستك، واحتفِظ بوثائق نافعة للاختبارات، وتطبيقات العمل، وتقييمات الأداء، وخططٍ لتطوير الأداء.

طوِّر عملية ترقية وتوظيف تدعم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأنشئ فرص التطوير المهني، وخطط التعاقب الوظيفي، التي تشدِّد على أهمية تعيين الموظفين في وظائف تناسبهم أكثر من التركيز على الخبرة وسنوات العمل.

بصفتك متخصصاً في الموارد البشرية، إذا كان بإمكانك مساعدة المديرين والمشرفين في مؤسستك على فهم هذه المفاهيم وتطبيقها، فسوف تساعد في إنشاء مؤسَّسة ناجحة تتضمن الأشخاص المساهمين الأقوياء والموهوبين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة