4 أسئلة تساعد القادة على ممارسة التأمل

تخيَّل أنَّك محشور بين عشرات الأصدقاء في طائرة تحلِّق عالياً في الجو، تنظر من النافذة إلى جانبك فترى مساحات شاسعة من المناظر الخلابة على ارتفاع أكثر من 5000 قدم، والآن يُفتح باب الطائرة، ويحين موعد القفز المظلي، تحبس أنفاسك وتغلق عينيك ثم تلقي نفسك، وما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى تُفتح المظلة، فتسمع أصوات رفرفة قماشها في الهواء، والآن في إمكانك أن تفتح عينيك وتفرد جسمك وتستمتع بتجربة التحليق في الهواء كالعصفور فوق القمم والجبال.



ربما تستغرب الأمر؛ لكن تُعدُّ هذه التجربة المكان المتخيَّل المفضل لدى بعض الأشخاص، عندما يُسألون عن "مكانهم السعيد"، ففي هذا المكان يسعهم التفكير والاسترخاء، حيث تتلاشى جميع التحديات الأخرى، ويعيشون حياة مثالية لبضع دقائق.

طبعاً تختلف مساحة التأمل بين شخص وآخر، فبعض الناس يحبون قضاء الوقت بمعزل عن الآخرين في الصحراء، يستلقون ويراقبون النجوم ويسرحون في أفكارهم وتأملاتهم، بينما يغلي إبريق القهوة على نار تبدد البرد في ليلة من ليالي الخريف.

التأمُّل والتفكير:

يجب ألَّا نستخف بأهمية إيجاد مكان للتفكير الحقيقي، واللجوء إليه بانتظام، لذا تعدُّ ممارسة التأمُّل والمداومة عليه، أمر بالغ الأهمية لأيِّ قائد ناجح؛ ومع ذلك، لا تزال أحد الجوانب الصعبة الممتنعة، التي لا تُستثمر كما ينبغي في برامج تطوير القيادة في أماكن العمل والمهن الفردية، التي تسير فيها الأمور بوتيرةٍ متسارعة، وتسيطر عليها مصادر التشتيت؛ لذا يجب أن تكرِّس بعض الوقت اليوم للتفكير قليلاً، عندما لا يكون التأمُّل المطوَّل ممكناً، ومن ثم تسأل نفسك الأسئلة الآتية:

1. متى كانت آخر مرة فكَّرت فيها حقاً في القضايا الشخصية أو القضايا المتعلقة بالعمل؟

قد تندهش عندما تدرك كم مضى منذ أن جلست حقاً وفكَّرت في حياتك الشخصية أو المهنية، طبعاً هناك أفكار عابرة عن هذه الأشياء التي تدور في أذهاننا يومياً؛ لكنَّنا هنا، نعني حقاً التفكير تفكيراً مليَّاً في الأمور، وفي الكثير من الأحيان في صخب الحياة اليومية، نُغفِل ممارسة التفكير وتصبح في أسفل سلَّم أولوياتنا.

2. كيف يبدو شكل جلسة التأمُّل المثالية، التي تقضيها وحيداً من دون تشويش في مكانٍ هادئ؟

نمتلك جميعاً شخصيات وطرائق مختلفة للاسترخاء والدخول في جو التأمُّل، ابحث عمَّا يناسبك فحسب، وجرِّب أفكاراً وأماكن مختلفة؛ إذ ربما يضعك المشي في الحديقة المقابلة لمكتبك في هذا المزاج التأمُّلي، وربما يكفيك الجلوس تحت الأضواء الخافتة، والاستماع للموسيقى الهادئة في مكتبك بالمنزل؛ ولكن يجب علينا العثور على مكانٍ كهذا.

شاهد بالفديو: 10 عاداتٍ صباحية للأشخاص الذين يتمتعون بالقوة الذهنية

3. ما هي العوائق التي تحول من دون الجلوس 30 دقيقة كل أسبوعٍ لممارسة التأمُّل الشخصي؟

لنكن صريحين، لدينا جميعاً عوائق تمنعنا من التأمُّل، كالاهتمام بالأطفال أو القيام بالأعمال المنزلية أو المهام المتراكمة في العمل، لكن تكمن الخطوة الأولى في التغلب على الحواجز بإدراك هذه العوائق، ففي نهاية الأمر، إذا لم تتشكل لديك صورة واضحة عمَّا تواجهه، فكيف لك مواجهة العقبات التي تعترض طريقك؟

4. كيف سأتغلَّب على هذه العقبات؟

تُعدُّ مرحلة حل المشكلات لمعرفة كيفية متابعة المسير أو على الأقل تخفيف العقبات الشخصية، الجزء الممتع في هذه العملية؛ لذا اسأل نفسك: هل أحتاج إلى وضع برنامج للتأمُّل من دون أن أُخِلَّ بالتزاماتي الأخرى؟ هل يمكنني أن أقنع الآخرين أن يفعلوا مثلي، ويخصصوا وقتاً للتأمل والتفكير، لكيلا يشتتوا ذهني وأنا أحاول التفكير؟ هل يجب أن أخصص الوقت للتفكير عندما أكون في مكان العمل، أم أنَّه لن يكون مجدياً إلا خارج ساعات العمل؟ بالمناسبة، يمكن للكوتش خاصتك أن يقدم لك مساعدة كبيرة في وضع استراتيجيات تخفف من العوائق.

إقرأ أيضاً: 6 استراتيجيات للتغلب على العقبات التي تعوق نجاحك

التدريب على التفكير:

ما يصلح لأحدهم قد لا يصلح لك؛ إذ قد لا يكون القفز المظلي أو التجوُّل منفرداً أو قضاء الوقت في أحضان الطبيعة أو شرب الشاي على شرفة المنزل أفضل إجراء لممارسة التأمُّل.

يمكن أن تصنع جوَّك الخاص، حتى لو كنت في مكتبك، بأن تغلق الباب وتطفئ الأضواء الساطعة بطريقة تُجنِّبك اللقاءات الحتمية التي تحدث هناك، أو ربما تجد في قيادة السيارة على الطرقات الريفية أو شرب كوب من القهوة الفاخرة في مقهاك المفضل حافزاً مشجعاً على التفكير.

إقرأ أيضاً: 13 نصيحة لمساعدة الأشخاص المشغولين على اتّباع أسلوب حياة صحي

التأمُّل:

لا يوجد وصف محدد لكيفية التأمُّل أو مكانه، الشرط الوحيد هو أن تفعل ذلك من دون تكلُّف، في أيِّ مكان وبصورة منتظمة ليصبح في النهاية أمراً معتاداً؛ حيث إنَّ التعود على التأمُّل على أنَّه جزء هام من تطورك كقائد، سيؤتي ثماره في وعيك الذاتي، وقدرتك على توقُّع التغييرات والتحديات في أدوارك، وسيجعلك تقوم بمهامك بفاعلية أكبر، وفي بعض الأحيان، يكون أخذ خطوة إلى الوراء للتنفس والتفكير، هو كل ما يتطلبه الأمر للتقدم، حتى عندما تشعر أنَّ الوقت يمر بسرعة.

في النهاية، خذ بعض الوقت للجلوس والتفكير في هذه الأسئلة، وضع خطة لترتيب أجواء التأمُّل ضمن الأسبوع، ثم نفِّذ خطتك.

المصدر




مقالات مرتبطة