ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن 4 خطوات لزيادة الحزم في الحياة.
لم يسبق أن كانت حياتي بسيطة أو واضحة على هذا النحو، ولم أعرف يوماً كيف أتخذ قرارات حاسمة، ولم تَمُنَّ الحياة عليَّ بإشارات تساعدني على اتخاذ قراراتي كما يحدث مع كثير من الناس، وكنت أعاني للغاية عند اتخاذ القرارات التي تخصني وحدي دون أن أتلقى أية مساعدة؛ بل باعتماد إمكاناتي وحكمتي الخاصة وحسب، كما كانت المهمة شاقة ومخيفة للغاية؛ بسبب المعلومات القليلة المتوافرة عن المسألة، ناهيك عن أنَّ الإنسان عاجز عن التكهن بالمستقبل، وعن تحديد رغباته في بعض الحالات، واتخاذ القرار الصائب.
يؤدي الخوف من الفشل إلى تأجيل عملية اتخاذ القرار، وتجدر الإشارة إلى أنَّ التأجيل يمكن أن يكون استراتيجية ناجحة في بعض الحالات، ولكن يميل كثير من الأفراد إلى الانتظار حتى تتوضَّح الأمور والأحوال أكثر، ثمَّ يعيدون النظر في المسألة من جديد مرةً تلو أخرى، وينتهي بهم المطاف في العجز عن اتخاذ أي قرار حاسم، وهنا يبرز التساؤل الآتي: "كيف تحل المسألة، وتسيطر على الموقف، وتتخذ قراراً حاسماً في ظل الخوف وعدم اليقين الذي يكتنف المستقبل؟".
لا يتمتع الجميع بقدرة فطرية على الحزم، مثلما تختلف رغبة الأفراد الفطرية في ممارسة التمرينات الرياضية، فأنا شخصياً لا أحبذ فكرة النادي الرياضي؛ لكنَّني أعرف أنَّ ممارسة التمرينات البدنية مفيدة للصحة؛ وبناءً عليه ابتكرتُ نظاماً يجبرني على تنشيط جسدي خلال الحياة اليومية؛ كأن أمشي جزءاً من الطريق المؤدي إلى العمل، أو أستخدم الأدراج بدل المصعد عند الإمكان، وبالطريقة نفسها يمكنك أن تؤسس نظاماً يساعدك على أن تكون أكثر حزماً في حياتك.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح تعلّمك الحزم والدفاع عن نفسك بطريقة ذكية
فيما يأتي 4 خطوات تساعدك على أن تصبح أكثر حزماً في حياتك:
1. عدم القلق بشأن القرارات البسيطة:
تُعَدُّ عملية اتخاذ القرار شاقة للغاية، ومستنزفة لطاقة الإنسان المحدودة؛ لهذا السبب يُنصَح في أثناء اتخاذ القرارات المصيرية بعدم إرهاق الفكر باتخاذ قرارات بشأن المسائل البسيطة، كما يقول الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" (Barack Obama) في إحدى مقابلاته مع مجلة "فانيتي فير" (Vanity Fair): "قد تلحظ أنَّني لا أرتدي سوى بدلات رمادية أو زرقاء؛ لأنَّني أحاول تخفيض عدد القرارات التي يجب اتخاذها ما أمكن، ولا أريد أن أتخذ قرارات ترتبط بالطعام واللباس؛ لأنَّ فكري مشغول بالعمل على اتخاذ كثير من القرارات الأخرى الهامة".
عليك أن تدَّخِرَ قدرتك على اتخاذ القرارات؛ أي لا يجب أن تهدر وقتك وطاقتك العقلية في التفكير بالمسائل البسيطة كاختيار أصناف الطعام أو مستلزمات المنزل عندما يجب عليك أن تتخذ قراراً مصيرياً في حياتك، فيجب أن تحاول الحد من اتخاذ القرارات بشأن المسائل البسيطة، أو تدرجها ضمن روتين ثابت، أو أن تخصص مدة 5 دقائق فقط للعمل عليها؛ أي حاول أن تبسط الأمور ما أمكن.
2. تحديد الحياة التي ترغب في عيشها:
قال رجل الأعمال الأمريكي "روي ديزني" (Roy Disney) - مؤسس مشارك في شركة "والت ديزني" - (Walt Disney) ذات مرة: "تصبح عملية اتخاذ القرارات سهلة عندما يحدد الفرد قناعاته وتوجهاته في الحياة".
يُعَدُّ تحديد الهدف عاملاً أساسياً في تيسير عملية اتخاذ القرار وزيادة الحزم في الحياة، وعندما أعمل مع عدة أطراف على مشروع معين فإنَّني أعمد إلى الرجوع إلى الهدف الأولي عند التعرض لمشكلة والحاجة إلى اتخاذ قرار بشأنها، وبالطريقة نفسها أنت تحتاج إلى اكتشاف الحياة التي ترغب في عيشها؛ وذلك بتطبيق طريقة التدوين التي تقتضي تخصيص بعض الوقت لمدة 3 أيام متتالية لكتابة الرغبات والغايات حتى تحصل على إجابات واضحة.
قد تبدو العبارات في البداية عامة وغامضة، مثل: "أنا أريد أن أرسم"، عندها يجب أن تواصل عملية الاستكشاف وتسأل نفسك: "ماذا تريد أن ترسم؟ ولمن؟"، إذا لم تحصل على إجابة واضحة عندئذٍ يجب أن تأخذ قسطاً من الراحة، وتخصص 3 أيام متتالية للعملية في الأسبوع التالي.
لا يقتصر السؤال على الحياة العامة؛ بل يمكنك أن تستخدمه لاكتشاف العمل الذي ترغب في مزاولته، والعلاقة التي تحلم بها، والأشخاص الذين تود أن ترافقهم.
3. معالجة مخاوفك:
يتردد الإنسان في معظم الأحيان ويعجز عن اتخاذ قراره بسبب النتائج السلبية المحتملة التي يمكن أن تنجم عن عملية اتخاذ القرار، فتوجد مخاوف غير منطقية، وأخرى وجيهة تستحق الأخذ في الحسبان، وتكمن المشكلة الحقيقية في أنَّك لن تحرز أي تقدم عندما تتجاهل هذه المخاوف؛ إذ يقتضي الحل أن تواجه مخاوفك من خلال تدوينها، وتقييمها، فإذا كانت منطقية عندئذٍ يجب أن تضع خطة لمعاملتها، وتأخذها في الحسبان في عملية اتخاذ القرار، كما تجدر الإشارة إلى أنَّ عملية اتخاذ القرار لا يجب أن تستند إلى المخاوف أو الاحتمالات السلبية؛ بل يجب أن تكون إيجابية؛ أي يجب أن تضع خطة لمعاملة المخاوف، والمعوقات المحتملة؛ لكنَّك تتخذ قرارك النهائي باعتماد الهدف النهائي؛ أي الحياة التي ترغب في عيشها.
4. اتِّباع الحدس:
يذكر الكاتب "مالكوم جلادويل" (Malcolm Gladwell) في كتابه "طرفة عين" (Blink) تجارب تبيِّن أنَّ التحليل المدروس هو الطريقة المثلى لمعاملة الخيارات الواضحة، ولكن عندما تصبح مسائل التحليل والخيارات الشخصية معقدة، فإنَّ عمليات التفكير غير الواعية تكون فاعلة جداً.
لا شك في أنَّ هذا النهج يُعَدُّ تبسيطاً مفرطاً للمسائل؛ لكنَّني أظنُّ أنَّ القرارات الحكيمة تعتمد على الفرد بحد ذاته؛ لكنَّني أؤمن بأنَّ المسائل المرتبطة بالحياة المهنية أو اختيار شريك الحياة يجب أن تأخذ في الحسبان حدس الإنسان، وتكمن المشكلة في صعوبة قراءة إشارات الحدس في بعض الأحيان، ويقتضي الحل أن تركز اهتمامك على مخاوفك وقيمك في الحياة لتستطيع معاملة الوضع، وأرى شخصياً أنَّ الأعراض الجسدية تدل على طبيعة الحدس؛ لهذا السبب أعمد إلى التركيز على شعوري الجسدي في أثناء تفكيري بالخيارات المطروحة في المسألة.
أضف تعليقاً