أنت مرهق مع أنَّ اليوم لم ينتهِ بَعْد، وتبدأ العمل على مشروعٍ قادم، لكنَّك تجد صعوبةً في تنفيذه؛ لذا تنتقل إلى الرد على بعض رسائل البريد الإلكتروني قبل محاولة إعادة ذهنك إلى التفكير في مشروعك، وفي النهاية، تستسلم وتعود إلى المنزل على أمل أن يكون الغد أفضل.
يبدو لك هذا السيناريو مألوفاً أليس كذلك؟ هل سألتَ نفسك يوماً لماذا تكون بعض المهام أصعب من غيرها؟ أو لماذا تشعر أحياناً وكأنَّ شيئاً ما يعمل ضدك؟ وهل تساءلتَ يوماً كيف يمكنك تحديد أولويات يومك ليكون أكثر فاعليةً؟
افهم آلية عمل دماغك:
يكمن مفتاح الإجابة عن هذه الأسئلة في قدرتك على إدارة دماغك، فإنَّ جهازك الصغير في داخل رأسك الذي يبلغ وزنه أقل من كيلو غرام ونصف هو حقاً جهاز حاسوب خارق يتمتع بقدرات تفوق استيعابك الكامل.
ضع في حسبانك أنَّنا كموظفين علينا تكريس قدرٍ هائل من الوقت والجهد للاستفادة من المهارات والمواهب داخل فِرَقنا ومؤسساتنا، فنادراً ما يخصص معظم الناس وقتاً للنظر فيما يدور داخل عقولهم والتفكير في الحاجة إلى إعادة تنظيمه من أجل تحسين مستويات طاقاتنا، واستراتيجياتنا، ونجاحاتنا في نهاية المطاف.
إذا توقَّفنا لبرهة وفهمنا دماغنا فهماً أفضل، فعندها يكون بوسعنا السيطرة على حياتنا وتحقيق النجاح الذي نعمل بجد من أجله.
شاهد بالفديو: 6 ممارسات يوميّة تغذي العقل
مبدآن للسيطرة على دماغك بنجاح:
لتحقيق ذلك، يجب أن نفهم المبدأين الرئيسين اللذين يحكمان أدمغتنا وهما الحفاظ على الموارد واستخدامها.
1. الحفاظ على الموارد:
تشير الدراسات إلى أنَّ دماغنا يستخدم 30% من الدم الذي يُضَخ عبر أجسامنا و25% من كل الطاقة الاستقلابية التي نستهلكها، إنَّه آلةٌ تحتاج إلى كمياتٍ كبيرة من الطاقة، فقديماً كان لا يمكننا التنبؤ كما اليوم بوفرة أو ندرة الغذاء، وكانت العوامل الخارجية غير مؤكَّدة، وكان الحفاظ على الطاقة مسألة حياة أو موت.
يعمل دماغك - الذي كان مهتماً دائماً بإبقائك على قيد الحياة - بجد أكثر من أيِّ وقت مضى للحفاظ على التوازن، وهي طريقة للحفاظ على ثبات الأشياء باستخدام أقل كمية من الموارد، ومن منظور الحفاظ على الموارد، يرى الدماغ أنَّ التغيير يحتمل أن يكون خطيراً بسبب الطاقة الإضافية التي يتطلبها؛ لذا يتجنب التغيير قدر الإمكان.
لا يزال هذا الانحياز للحفاظ على التوازن موجوداً حتى يومنا هذا، مع أنَّ مسألة الحصول على الموارد بالنسبة إلى معظمنا ليست مصدر قلق كبير؛ حيث يتحول دماغك إلى ما هو نموذجي أو سهل بالنسبة إليك؛ لأنَّ ذلك يتطلب استهلاكاً أقل للطاقة، فعندما تمارس نشاطات جديدة وإبداعية واستراتيجية، سيكون هناك دائماً تراجع في اللاوعي إلى الروتين.
يمكن أن تشعر حقاً أنَّ دماغك يعمل ضدك، وأنَّ الإرهاق أو الإحباط يتسللان إليك، فنشعر بالعجز عندما يتعلق الأمر بقدرتنا على إنجاز كل شيء، ومع ذلك، هناك استراتيجية للتغلب على دماغك البدائي.
2. استثمار الموارد:
أيهما أسهل، تعديل خطتك الاستراتيجية الحالية، أم تفقُّد صندوق الوارد الخاص بك؟ أم التخطيط ليومك والالتزام بهذه الخطة، أم ببساطة ترك اليوم يسير دون تخطيط؟ الإجابة واضحة لمعظمنا، ونحن نعلم الآن أنَّ سبب ذلك هو الحفاظ على الموارد.
هنا يأتي دور الاستراتيجية، فقد أظهرَت الدراسات أنَّ دماغنا يبدأ اليوم مشحوناً بالطاقة، وفي كل مرة تشارك في نشاط ذهني، ينخفض مستوى الوقود أو مستوى البطارية؛ مما يترك طاقةً أقل للمهمات التالية، ولكن لا تقلق، يمكنك شحن بطاريتك.
كيف تحصل على أقصى استفادة من دماغك؟
1. تحديد الأولويات القصوى في وقت مبكر من اليوم:
أنجِز أهم المهام في الوقت الذي يكون لديك مستوى كبير من الوقود الذهني، فمثلاً يُفضَّل ألا تختار مهاماً صعبة في الجزء الأخير من يومك.
2. تنويع المهام الذهنية لتعزيز الإحساس بالتجديد:
يُعَدُّ تنويع المهام طريقةً لتعزيز طاقة دماغك، فلا تتجاهل تعدُّد المهام، ولكن بعد التركيز على مهمة واحدة لمدة ساعة أو ساعتين، بدِّل بين المهام حتى لو لم تنتهِ من المهمة، فيمكنك العودة إليها لاحقاً بأفكارٍ جديدة، على سبيل المثال: إذا كنتَ تضع خطةً لمشروعٍ ضخم، فخطِّط لعقد اجتماع مع العملاء وجهاً لوجه، فهذه مهام إدراكية مختلفة وستُبقي دماغك أكثر تفاعلاً.
3. الاطلاع على التحفيزات العاطفية والاستعداد لها:
يستنزف كل من القلق أو الغضب طاقة دماغك استنزافاً مرعباً، ويجعلانك متوتراً قبل أن تبدأ صباحك، على سبيل المثال: هل من الأفضل التحقق من البريد الإلكتروني أولاً في الصباح؟ ما هي الجوانب السلبية في يومك؟ إذا كان ذلك في نطاق سلطتك، فنظِّم تلك المهام التي تشحنك عاطفياً في بعض الأحيان كيلا تعترض طريق مهامك ذات الأولوية القصوى.
4. وضع خطة استراتيجية لممارسة مهام تعزز الطاقة:
حدِّد النشاطات التي ترفع معنوياتك وتعزز قوة عقلك ثمَّ نظِّمها، كالتنزه في الخارج أو تناول الغداء مع صديق أو القيام بجزء من عملك تستمتع به حقاً، واحرص على أن تستفيد من هذه الأنشطة.
الخلاصة:
الآن بعد أن فهمتَ هذين المبدأين الخاصين بالحفاظ على الموارد واستخدامها، فكِّر للحظة كيف سوف تستخدمهما في حياتك وفي عملك، ومن خلال وضع هذين المبدأين موضع التنفيذ، سوف تستفيد من تطوُّر عقلك لتحقيق النجاح.
لا تستغرب إن تغيَّر روتينك، وكن صبوراً مع نفسك وثابتاً في الوقت نفسه، وستشعر بمزيد من النجاح والتمكين، وثق أنَّك بذلك ستوظف دماغك كما تشتهي.
أضف تعليقاً