ثمة قصة شهيرة عن ترتيب الأولويات، وفيها يطلب أستاذ جامعي من طلابه وضع مجموعة من الصخور، والحصى، والرمال، والماء في وعاء مع الحرص على الاستثمار الأمثل للمساحة المتوفرة. يقتضي الحل الأمثل وضع الصخور الكبيرة في البداية، وإضافة بقية الحصى والرمال بالتدريج من الأكبر إلى الأصغر حجماً بغية تحقيق استثمار أمثل للمساحة المتوفرة.
يجب أن تعتمد نفس العقلية عند تطبيق أساليب استقطاب العملاء المحتملين في استراتيجية التسويق الخاصة بالنشاط التجاري.
التسويق الداخلي
تتألف إستراتيجية التسويق الداخلي من مجموعة من الصخور، والحصى، والرمال كما ورد في تجربة الأستاذ والطلاب وذلك على النحو التالي:
- الصخور الكبيرة التي تعبر مجازاً عن العناصر الأساسية في استراتيجيةالتسويق.
- الحصى التي تعبر مجازاً عن العناصر الثانوية والأدوات التي تدعم إستراتيجية التسويق الخاصة بالنشاط التجاري.
- الرمال التي تعبر مجازاً عن التفاصيل البسيطة والأدوات الإضافية.
يفترض معظم رجال الأعمال أنَّ الصخور الكبيرة ترمز إلى العملاء، ولكن يمكن تأويل التجربة بطريقة مختلفة.
لا شك أنَّ العميل يشكل العنصر الأساسي في أي نشاط تجاري، ولكن ينبغي أن تعتبره بمثابة الماء الذي اُستخدِم في ملء فراغات الوعاء في نهاية التجربة المذكورة آنفاً. هذا يعني أنَّ العميل يأتي في المرحلة الأخيرة بعد انتهاء كافة إجراءات الإعداد والتنفيذ.
إستراتيجية استقطاب العملاء المحتملين
يمكن تشبيه المحتوى بالصخور التي يجب أن توضع أولاً في الوعاء، ذلك أنَّ المحتوى القيِّم يؤدي دوراً بارزاً في استقطاب العملاء المحتملين، وهو يشمل الأدوات المستخدمة في جذب الزوار مثل المدوَّنات، والمواقع الإلكترونية، وتحسين محركات البحث، وإعلانات الدفع عند النقر، ومنصات التواصل الاجتماعي.
يعتمد حوالي 96% من الزبائن في التعاملات التجارية التي تجري بين الشركات على المحتوى الذي يقدمه رواد الفكر في مجالات العمل عند اتخاذ قرارات الشراء. نشر المحتوى هو الطريقة المثالية لإبراز نفسك بصفتك مرجع موثوق، وقائد ورائد فكر في مجالك.
يركز المقال بشكل أساسي على الحصى التي ترمز إلى الممارسات المتبعة في استقطاب العملاء المحتملين باستخدام المحتوى.
يساعد نشر المحتوى في زيادة عدد العملاء المحتملين بحوالي 67% شهرياً.
شاهد بالفديو: 4 أفكار لكتابة محتوى يجذب عملاء محتملين
فيما يلي 4 خطوات لإعداد وتنفيذ إستراتيجية استقطاب العملاء المحتملين:
1. الحصول على معلومات الاتصال الخاصة بالزوار
بينت الدراسات الإحصائية أنَّ حوالي 50% من الزوار لا يعودون إلى الموقع الإلكتروني ما لم تحصل على معلومات الاتصال الخاصة بهم وترسل لهم آخر أخبار الشركة باستمرار. طلب عنوان البريد الإلكتروني هو الطريقة المثالية في هذه الحالة ولكن تكمن المشكلة في رفض الزوار للإفصاح عن هذه المعلومات الشخصية. كما أصبحت "دعوات اتخاذ إجراء معيَّن" مثل "سجِّل هنا" مدعاة لإزعاج المشتركين برسائل البريد الإلكتروني، لهذا السبب ينبغي أن يبحث المسوق عن أساليب جديدة للحصول على هذه المعلومات.
يقترح مستشار التسويق الإستراتيجي والمتخصص في الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي "نيكولاس كوزميتش" (Nicholas Kusmich) طريقة مبتكرة للحصول على معلومات الزوار.
فيما يلي قاعدتين أساسيتين للحصول على معلومات الزوار بحسب "كوزميتش":
- يجب أن تقدم للزائر خدمةً ما قبل أن تطلب منه القيام بإجراء معيَّن.
- يجب الاهتمام بكل خطوة من عملية التسويق من الإعلانات إلى العروض الترويجية واعتبارها مستقلة وقيِّمة بحد ذاتها.
كان الاشتراك بالقائمة البريدية بمثابة مصدر متاح ومريح للحصول على المعلومات قبل عدة سنوات، وكان مرغوب ومقبول بالنسبة للمستخدمين، ولكن يواجه الفرد في الوقت الحالي صعوبة بالغة في التعامل مع الكم الهائل من المعلومات التي تصله عبر البريد الإلكتروني.
أدرك الخبراء حاجتهم لابتكار أساليب تسويق جديدة مع ظهور أدوات وتطبيقات حجب الإعلانات والنوافذ المنبثقة بالإضافة إلى خاصية تفريغ مجلد الرسائل غير المرغوب فيها. اضطر الخبراء نتيجة هذا الرفض لابتكار أساليب جديدة مفيدة لجميع الأطراف بغية جمع معلومات الاتصال الخاصة بالزوار، وهنا برزت طريقة جديدة تدعو إلى تقديم فائدة ما للعميل مجاناً قبل أن تطلب منه اتخاذ إجراء معيَّن.
2. التسويق المغناطيسي (جذب العملاء المحتملين)
يتطلب نجاح عملية الشراء تحسين عملية تحويل الزوار إلى عملاء محتملين. ثمة فجوة بين مرحلتي استقطاب الزوار وإقناع العملاء المحتملين وهي غالباً ما تؤدي إلى امتناع الفرد عن تكرار الزيارة ورفض محاولات الحصول على معلومات الاتصال الخاصة به.
يساعد التسويق المغناطيسي في التغلب على هذه المشكلة، وهو عبارة عن أدوات تقدم خدمة معيَّنة للزائر مقابل الحصول على معلومات الاتصال الخاصة به. تستخدم الشركات خيارات الاشتراك بالقائمة البريدية، والمتابعة على منصات التواصل الاجتماعي بغية إقناع الزوار بأهمية الخدمات والمنتجات وتحويلهم إلى عملاء محتملين.
تهدف هذه الممارسات إلى الحصول على إذن الزوار في متابعة التواصل معهم، وهي تتطلب تقديم خدمات مجانية على غرار الأمثلة التالية:
- مقاطع فيديو تدريبية.
- تجربة مجانية.
- ندوات افتراضية.
- كتب إلكترونية.
- أوراق بيضاء.
- مجموعة نصائح قيِّمة.
- مقابلة مع خبير في مجال معيَّن.
تساعد هذه الخدمات المجانية في إقناع الزوار بقيمة العروض، وهو ما يسمح لك بالحصول على عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بهم، وإعلامهم بتفاصيل الخدمات والمنتجات التي يقدمها مشروعك التجاري.
يجب أن تحدد العناصر التي تستخدمها في التسويق المغناطيسي، والأهداف، وخطة الميزانية، والإطار الزمني ضمن إستراتيجية التسويق الخاصة بالشركة.
3. تقنيات صفحة الهبوط
تؤدي صفحة الهبوط دوراً بارزاً في تحويل الزوار إلى عملاء محتملين، وهي عبارة عن صفحة يصل إليها الزائر بعد الضغط على إعلان أو غيره من عناصر التسويق عبر الإنترنت. تجدر الإشارة إلى أنَّ صفحات الهبوط تكون مستقلة عن الموقع الإلكتروني للشركة، وعادةً ما تُستخدَم كأداة منفردة في الحملات التسويقية.
تساعد صفحة الهبوط في جمع معلومات الاتصال وتهيئة العملاء المحتملين للقيام بعملية الشراء. هاتان الخطوتان ضروريتان لإقناع العميل بالقيام بالخطوة التالية في عملية الشراء. ثمة نوعين لصفحات الهبوط:
صفحة الهبوط الخاصة باستقطاب العملاء المحتملين
تُستخدَم صفحة الهبوط الخاصة باستقطاب العملاء المحتملين لجمع المعلومات عن المستخدم أو الشركة مقابل تقديم خدمة ما.
صفحة الهبوط الوسيطة
تُستخدَم صفحة الهبوط الوسيطة لتحويل الزائر إلى منتج أو خدمة معيَّنة تحاول بيعها، وهي تهدف إلى تزويد الزائر بالمعلومات التي يحتاج إليها للانتقال إلى الخطوة التالية في عملية الشراء.
تحتوي صفحة الهبوط على دعوة واحدة لاتخاذ إجراء معيَّن، مع الحرص على التركيز على هدف محدد وعدم إرهاق الزائر بالكثير من المعلومات المتعلقة بالنشاط التجاري. ينبغي أن تحرص على حذف المعلومات الإضافية التي لا تُعتبَر ضرورية في الحملات الإعلانية، وتضيف نموذج واحد أو رابط دعوة لاتخاذ إجراء معيَّن.
ينبغي أن تفي صفحة الهبوط بالوعد الذي ذُكِر في الإعلان وليكن تقديم خصم بنسبة معيَّنة على سبيل المثال.
يجب أن تؤكد للزائر التزامك بالوعد عن طريق استخدام الدعوة الموجودة في الإعلان في صياغة عنوان صفحة الهبوط، أو عبر توحيد الخطوط، والألوان، والصور المستخدمة في كل من الإعلان وصفحة الهبوط.
4. تقييم العملاء المحتملين
تقييم العملاء المحتملين هو عبارة عن جزء من برنامج أتمتة يُستخدَم لتصنيف العملاء المحتملين بحسب مستوى تفاعلهم مع محتوى التسويق الداخلي، وهو يساعد في تحديد الفئات المؤهلة لشراء المنتج أو الخدمة.
تُستخدَم هذه التقنية لتقييم تفاعل العميل المحتمل مع المحتوى بشكل عددي باستخدام نظام النقاط على الشكل التالي:
- تحميل كتاب إلكتروني: أضف 5 نقاط.
- مشاهدة مقطع فيديو توضيحي عن منتج ما: أضف 7 نقاط.
- اختلاف وظيفة الزائر عن القطاع المستهدف: اطرح 10 نقاط.
- ملء نموذج الاشتراك: أضف 7 نقاط.
- إلغاء الاشتراك بالقائمة البريدية: اطرح 7 نقاط.
ومع ذلك، لا يستخدم حوالي 79% من المسوقين إستراتيجية تقييم العملاء المحتملين. تقدم الإستراتيجية تغذية راجعة فورية عن درجة تجاوب العملاء المحتملين مع المواد التسويقية، وهي تساعد في تحديد الفئة المستعدة لشراء المنتج أو الخدمة.
تعتمد هذه الإستراتيجية على نظام النقاط في تحليل وتقييم مستوى تفاعل الزائر مع المحتوى التسويقي وتحديد العملاء المحتملين المهيئين للشراء، وتوفير الكثير من الوقت والمال عند الوصول للسوق المستهدف والاستفادة من فرص البيع المتاحة. يمكنك أن تتواصل مع هؤلاء العملاء وأنت واثق من اهتمامهم بنشاطك التجاري واستعدادهم للشراء.
في الختام
يؤدي استقطاب العملاء المحتملين دوراً محورياً في إستراتيجية تسويق النشاط التجاري. فكر في عدد المرات التي زرت فيها موقع إلكتروني ولم تعد إليه مجدداً. لقد فشلت هذه المواقع في استقطاب اهتمامك في ذلك الوقت من جهة، وفي إعادة التواصل معك من جهة أخرى.
يحدث هذا نتيجة إهمال العبرة في مثال الإناء الوارد في بداية المقال، ما يعني أنك يجب أن ترتب عناصر إستراتيجية التسويق بحسب الأولوية.
يشكل المحتوى العنصر الأساسي في إستراتيجية التسويق، ويمكنك أن تعتمد عليه في تطبيق إجراءات التسويق المغناطيسي، والحصول على معلومات الاتصال الخاصة بالزوار، وإنشاء صفحة هبوط فعالة، وتقييم العملاء المحتملين، وهو ما يساعدك في نهاية المطاف في زيادة معدل استقطاب العملاء المحتملين وتحسين إستراتيجية التسويق الداخلي.
أضف تعليقاً