3 معايير لقياس مدى تقدمك في الحياة

يمكننا تقييم الأعمال التجارية بسهولة من خلال النظر في الحسابات والأرقام المتعلقة بإجمالي المبيعات والأرباح والنفقات ومعدلات دوران القوى العاملة وغيرها من المقاييس.



لكن كيف يتسنَّى لنا أن نقيِّم حياتنا؟

لا توجد معايير عالمية لقياس حياتنا وتقييمها، ممَّا يعني أنَّ الأمر عائد إلى كلِّ فرد في إيجاد طريقته الخاصة؛ إذ ينظر بعضهم في مكاسبهم المادية بالمقارنة مع أقرانهم، ويميل آخرون إلى قياس المراحل التي قطعوها في السلم الوظيفي، ويوجد أيضاً من يقيِّم نفسه بناءً على المظهر.

قلَّما نسمع عن أناس ناجحين بنظر المجتمع يقيِّمون حياتهم بحجم حسابهم البنكي أو أيِّ معايير تقليدية أخرى، إلا أنَّهم بدلاً من ذلك ينظرون في العوامل الثلاثة الآتية:

  1. الطاقة.
  2. العمل.
  3. العلاقات.

تبين بالتجربة أنَّ هذه العوامل الثلاثة مرتبطة ببعضها إلى حدٍّ بعيد، فكونك مفعماً بالطاقة؛ يعني أنَّك في مزاج جيد، ومزاجك الجيد ينعكس إيجاباً على عملك، وعندما تعمل عملاً أفضل تشعر بالرضى عن حياتك، وتكون معطاء أكثر، وهذا بدوره يحسِّن علاقاتك مع الناس من حولك، والعلاقات الطيبة سر الحياة السعيدة.

كما كتب المؤلف والأستاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد كلايتون إم. كريستنسن (Clayton M. Christensen) في كتابه "كيف تقيس مدى تقدمك في الحياة" (How Will You Measure Your Life?) : "إنَّ العامل الحاسم في السعادة طويلة الأمد هو طبيعة العلاقة مع العائلة والأصدقاء المقربين".

عندما يتعلق الأمر بالعلاقات، فإنَّ نوعيتها أكثر أهمية من العدد، وإنَّ عدد المتابعين والأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي غير هام وزائف؛ إذ تستغرق العلاقات الحقيقية وقتاً طويلاً لتنمو وتترسخ، كما أنَّها غير مشروطة.

ممَّا يعني أنَّ معظم العلاقات غير حقيقية، فنحن على سبيل المثال نتمسك بحبنا لشخص ما حتى يغير وجهات نظره وطريقة تفكيره ويزداد وزنه فننهي العلاقة، أو ندعو الأصدقاء إلى الحفلات شريطة أن يشاركونا الرقص؛ فهذه العلاقات المشروطة بلا قيمة، والصداقة والحب الحقيقيين أعمق وأقوى من ذلك؛ فهما يقومان على دعم من تحب من غير شروط، وهذا ما يضفي المعنى على حياتنا.

إقرأ أيضاً: ما هو معنى الحياة وكيف تعيش حياةً هادفة؟

إليك 3 معايير لقياس مدى تقدمك في الحياة:

1. قياس الطاقة:

يمكن قياس الطاقة بسهولة عن طريق تقييم الشعور من الناحية الجسدية؛ ومن ثَمَّ من الهام البحث في طرائق زيادة الطاقة، ويمكنك بداية أن تسأل نفسك السؤال الآتي:

ما هي الأعمال البسيطة التي لها تأثير فعال في طاقتي، ويمكنني القيام بها اليوم؟

إليك خطوتان مناسبتان للجميع:

1. ممارسة التمرينات الرياضية يومياً:

يمكنك على سبيل المثال أن تقوم برفع الأثقال 4 مرات أسبوعياً والجري والمشي مشياً سريعاً ثلاثين دقيقة على الأقل في الأيام التي لا تتمرن فيها.

شاهد بالفديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

2. تناول طعام صحي:

لا يتبع بعض الناس نظاماً غذائياً معيناً فتراهم يتناولون اللحوم والخبز والمعكرونة وغيرها من الأطعمة التي تعدُّ مضرة للصحة؛ ولكنَّها تجعلهم سعداء، كما أنَّهم لا يتناولون طعاماً مصنَّعاً، ولا يستهلكون إلا مقداراً قليلاً جداً من السكر؛ بمعنى آخر أنَّهم لا يستهلكون سعرات حرارية أكثر ممَّا يحرقون، وهذا أحد أطراف المعادلة.

عند القيام بهذه الأمور يومياً لا بدَّ أن ينتابك شعور رائع، وتكون مفعماً بالطاقة والحيوية، أما في حال التوقف عن ممارسة الرياضة أو تناول طعامٍ غير صحي سيبدأ شعور الضعف وهبوط الطاقة؛ باختصار يمكن للتمرينات الرياضية والغذاء الصحي أن ترفع طاقتك وحيويتك.

2. تقييم العمل:

يمكن بدلاً من عدِّ الدخل المادي والمنصب وغيرها، النظر في الكم الذي ما زال بالإمكان تعلُّمه؛ بتعبير آخر: هل حققت أقصى إمكاناتك في التعلم؟

هذا المعيار أكثر أهمية، فقد قال كريستنسن (Christensen) أيضاً ذات مرة: "لكي تعثر على السعادة الحقيقية، عليك أن تستمر بالبحث عن فرص هادفة، يمكنك من خلالها أن تتعلم أشياء جديدة وتنجح وتتحمل المزيد والمزيد من المسؤولية".

يرتبط النجاح في الحياة والعمل ارتباطاً مباشراً بمقدار التعلم، والأهم من ذلك باستمرارية التعلم الذي لا ينتهي، كما أنَّ تقدم عمليتك التعليمية ينعكس إيجاباً على الدخل المادي، فكلَّما تعلَّمت أكثر كسبت أكثر،  ويجب ألا ننسى أهمية تطبيق المعرفة، فجميعنا نسمع عن عباقرة أهدروا إمكاناتهم، فمن دون التطبيق لا قيمة للمعرفة؛ ومن ثَمَّ لتكون ناجحاً عليك أن تستخدم معارفك.

بشكل عام كلَّما زادت معارفك (من خلال التجارب أو الدراسة)، أديت دوراً أكبر في شركتك وساعدت زملاءك وعملاءك بفاعلية أكبر، وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة دخلك المادي.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتحسين الحياة والوصول إلى الاستقرار النفسي

3. تقييم العلاقات:

كلَّما لامست وأثَّرت أكثر في حياة الآخرين ستصبح علاقاتك أعمق، وهذا العنصر الأخير يكمل دائرة الحياة.

قيِّم العلاقات من جانبك فقط، وتجنب الخطأ الذي يقترفه معظمنا، وهو النظر فيما يفعله الآخرون من أجلنا؛ إذ يقول المؤلف الأمريكي الراحل واين داير (Wayne Dyer): "إنَّ الطريقة التي يعاملك الناس بها هي انعكاس لأخلاقهم ورد فعلك انعكاسٌ لأخلاقك"؛ لذلك بدلاً من ملاحظة الطريقة التي يعاملك الناس بها، قيِّم مقدار الوقت والطاقة الذي تبذله في سبيل علاقاتك؛ لأنَّه الشيء الوحيد الذي يمكنك التحكم به؛ إذ تفيد التجارب بأنَّ تخصيص الوقت للناس الهامين في حياتك يرتقي بعلاقاتك، وإذا لم ينجح الأمر فلا مستقبل للعلاقة من الأساس، وعليك ببساطة أن تتجاوزها وتمضي قدماً في حياتك.

في الختام:

تكمن العبرة هنا في أنَّنا يجب أن نركز دائماً على العوامل التي نستطيع التحكم بها، مثل طاقتنا وجهودنا في العمل وما نبذله في سبيل علاقاتنا؛ لذا تأمَّل حياتك وقيِّم مشاعرك بسرعة ثم اعمل على تحسينها.




مقالات مرتبطة