3 عوامل رئيسة لفشل محاولات أرباب العمل في زيادة اندماج الموظفين

كُتِب ما لا يحصى من الكلمات عن اندماج الموظفين، كما يُنفَق أكثر من مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها على استطلاعات اندماج الموظفين وتدخلات التحسين. ومع ذلك، لم يتغيَّر أي شيء جذرياً منذ أكثر من 15 عاماً.



ذكر تقرير "أزمة اندماج الموظفين العالمية" (Worldwide Employee Engagement Crisis) من شركة "غالوب" (Gallup):

  1. على الرَّغم من حدوث تغييرات طفيفة، إلَّا أنَّ أقل من ثلث الموظفين الأمريكيين اندمجوا في وظائفهم، وأماكن عملهم خلال هذه السنوات الـ 15.
  2. اندماج الموظفين بالكاد تحسَّن منذ سنوات.
  3. لا يكفي تقييم الاندماج لتحسينه.

على حين أنَّ هناك العديد من الأسباب لفشل محاولات أرباب العمل لزيادة اندماج الموظفين، لكنَّ هناك ثلاثة عوامل رئيسة:

  1. عيوب التنفيذ.
  2. عيوب النموذج.
  3. عيوب الشجاعة.

عيوب التنفيذ:

إذا سألت المتخصِّصين في الموارد البشرية عمَّا إذا كانوا مترددين ومحبَطين عند المشاركة في أي مما يأتي، فسيجيبون جميعهم تقريباً بـ "نعم".

1. عدم الإفصاح عن نتائج استطلاع اندماج الموظفين:

يُعَدُّ عدم مشاركة نتائج استطلاع اندماج الموظفين معهم القرار الأكثر تطرفاً وضرراً بالروح المعنوية، فأنت بفعل ذلك تقول لهم بطريقة غير مباشرة إنَّ آراءهم لا تهمُّك، وإنَّك لا تهتم بهم، كما تنشر الشعور بالعجز المكتسب؛ إذ يتوقف الموظفون عن محاولة إحداث فرق أو اتِّخاذ مبادرة.

2. الإبلاغ عن النتائج ولكن عدم التصرف بناءً عليها:

على حين أنَّ ذلك لا يُبدي للموظفين أنَّك لا تحترمهم علناً كما الخيار السابق، إلا أنَّ هذا الفشل في اندماج الموظف ينمي التنبُّؤ بالعجز. في هذا الوضع، سيتراجع اهتمام الموظفين بالتحدُّث، لن يكبدوا أنفسهم عناء مشاركة أفكارهم لتحسين العملية، أو الإشارة إلى وجود عقبات تقلِّل الإنتاجية والتي يمكن إزالتها بسهولة إذا كانت الإدارة على دراية بها؛ لأنَّهم سيفكِّرون أنَّ إخبارك بها لن يُغيِّر شيء.

3. النظر إلى زيادة الاندماج على أنَّه من اختصاص الموارد البشرية فقط وليس أمراً يعني الجميع:

عَدُّ الاندماج مسؤولية الموارد البشرية، والنظر إلى أنَّ ما تفعله إدارة الموارد البشرية هو إزعاج المديرين وإبعادهم عن "عملهم الحقيقي" يعني فشلاً حتمياً في زيادة الاندماج.

يؤدي جميعهم دوراً في اندماج الموظفين، من المدير التنفيذي إلى المساهمين الأفراد، ويجب على كلٍّ منهم فهم دوره، وتحمُّل مسؤولياته، ومحاسبته عند التقصير، ويجب أن يُنظر إلى الموارد البشرية على أنَّها عامل تسهيل لعملية الاندماج وليس المسؤول عنه.

شاهد: 8 طرق لتحفيز العاملين على العمل

4. النظر إلى "الإجراءات" والأحداث الاحتفالية على أنَّها الحل:

هذه "الطريقة الأمريكية" لحل أي مشكلة تتعلَّق بمعنويات الموظفين أو الدافع أو الاندماج. عادةً ما تكون استجابة الشركات الافتراضية للمشكلات في أي من هذه المجالات هي العثور على أحدث صيحة لزيادة الاندماج، أو أخذ فكرة من قائمة "أفضل أماكن العمل"، وتطبيقها على القوى العاملة لديهم.

ولفهم سبب عدم فاعلية مثل هذا النهج، تخيَّل السيناريو التالي:

أخبرك زميل في العمل أنَّ زوجته أخبرته للتو بأنَّها غير راضية عن علاقتهما، وهو لا يتذكَّر الأسباب التي ذكرتها لتعاستها بالضبط، لكنَّه يتذكر أنَّها قالت إنَّها غير سعيدة، وتفكِّر في الطلاق، ثمَّ يقول لك مفعماً بالإصرار والتفاؤل: "لقد توصَّلت إلى خطة لحل المشكلة، ولكنَّني أحتاج إلى رأيك بشأن الخيار الأفضل. أحاول أن أقرِّر ما إذا كنت سأشتري لها سيارة فاخرة، أو أصطحبها في رحلة بحرية، أو أجدِّد أثاث المطبخ. ما الذي تعتقد أنَّه سيسعدها أكثر؟".

إذا كانت هذه هي الحلول التي فكَّر بها، فربما فهمت سبب عدم رضى زوجته.

عندما يستجيب قسم الموارد البشرية والإدارة لنتائج استطلاع اندماج الموظفين بإنشاء "لجنة ترفيه" أو "يوم ارتداء الأزياء التنكرية" أو تنظيم حدث تقدير "الموظف السنوي"، فإنَّهم لا يهدرون الوقت والطاقة والموارد فحسب؛ بل يمكن أيضاً أن يتسبَّبوا في تفاقم المشكلة.

محاولة حل مشكلات اندماج الموظف بالهدايا والفعاليات الاحتفالية يقول للموظفين إنَّ:

  1. الإدارة لا تفهم المشكلة.
  2. الإدارة ليست جادة أو صادقة بشأن فعل أي شيء حيال هذه المسألة.

لتحديد الحلول الحقيقية لتحسين الاندماج، والإجراءات التي من شأنها أن تُحدِث فرقاً، يتطلَّب تحديد العيوب في النموذج التي تمنع معظم الشركات من معالجة مشكلة الاندماج بفاعلية.

عيوب النموذج:

لا تمنحك استطلاعات الاندماج، حتى حين تصحبها التغذية الراجعة، سوى فكرة يسيرة عمَّا يجري، فعندما ينظر أرباب العمل إلى استطلاعات اندماج الموظفين على أنَّها مصدر المعلومات الشامل والنهائي، فإنَّهم يفوِّتون قدراً هائلاً من المعلومات القيمة، التي يمكن الاستفادة منها لاتخاذ إجراءات، ولا يمكن الحصول عليها إلَّا من خلال إجراء مقابلات معمَّقة وجهاً لوجه مع الموظفين.

علاوةً على ذلك، يمكن أن تساعدك هذه المقابلات على:

  1. استهداف أفضل الموظفين الموهوبين في المناصب التي يصعب ملؤها لمعرفة ما يهمُّهم، وما إذا كانوا يحصلون عليه في شركتك أم لا.
  2. جمع معلومات مفيدة حول اللحظات الحاسمة بين الإدارة والموظف التي تؤثر في اندماج الموظف وإنتاجيته.
  3. تحديد النجاحات؛ أي أمثلة عن المديرين والأقسام حيث اندماج الموظفين مرتفع، وتحديد الممارسات التي تخلُق هذه الظروف الإيجابية، ومن ثمَّ تعميمها في جميع أنحاء الشركة.
  4. جمع القصص التي يمكنك استخدامها في العلامة التجارية لرب العمل، وتوجيه عملية التوظيف.

شاهد أيضاً: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

النظر إلى اندماج الموظف على أنَّه إحصائية وليس تجربة فردية:

عند إجراء استطلاعات الرأي والنظر إلى النتائج، من السهل التفكير في الاندماج على أنَّه إحصائيات للشركة والأقسام، ومن السهل التفكير من منظور المتوسطات الإحصائية عوضاً عن تذكُّر أنَّ اندماج الموظف هو تجربة فردية.

على سبيل المثال؛ إذا كان أحد الموظفين لا يشعر بأنَّ لعمله معنى أو هدف، أو لا يعتقد أنَّ مديره يهتمُّ لأمره بوصفه إنساناً، فلن يفيده معرفة أنَّ معظم الموظفين في شركته يشعرون هكذا أيضاً بشكل متوسط، لن تؤثِّر هذه الإحصائية في اندماجه.

كما لكلِّ موظف حاجاته الفريدة ليشعر بالاندماج، بما في ذلك مزيج خاص به من الدوافع والعوامل المحفزة، وأسلوب خاص في تقديم التغذية الراجعة. والطريقة الوحيدة لتحقيق نسب عالية من الاندماج لدى جميع الموظفين هي تخصيص تجربة الاندماج، الأمر الذي يتضمَّن تخصيص أسلوب الإدارة.

لا يتَّبع المديرون المتميزون الأسلوب نفسه مع جميع موظفيهم في الإدارة؛ بل يصمِّمون نهجاً في التعامل مع كل موظف وَفق شخصيته الفريدة، ومتطلباته للاندماج.

يتعلق الأمر بإجراء محادثات وليس استطلاعات:

نظراً لأنَّ اندماج الموظف هو تجربة فردية، ولكل موظف متطلبات فريدة خاصة به ليندمج، فإنَّ الحل لتحسين الاندماج هو إجراء المديرين والموظفين لمحادثات مخصَّصة لاندماج الموظفين، يساعد فيها الموظف المدير على مساعدته.

يجب أن تكون المحادثة مستمرة؛ لأنَّ تجربة الموظف مستمرة:

تخيل إجراء "استطلاع رضى عن الزواج" مرة واحدة في العام؛ إذ يملأ كل شريك نموذجاً، ويناقشون نتائجهم بعدها، ومن ثمَّ ينسونها تماماً حتى استطلاع العام التالي. هل تظنُّ أنَّ هذه الاستراتيجية ستفيد؟ بالتأكيد لا، وينطبق الأمر نفسه على اندماج الموظف، فالاندماج ظاهرة ديناميكية ومتغيرة تحتاج إلى التعامل معها على أنَّها كذلك.

علاوةً على ذلك، لا يمكن الحصول على بعض أكثر البيانات أهمية إلاَّ بعد التجربة مباشرةً، على سبيل المثال؛ فكِّر في لحظة هامة بين المدير والموظف تتضمن كيفية استجابة المدير لفكرة الموظف، أو تقديم التغذية الراجعة، وكيف أثَّر ذلك في سير المشروع، ستُنسى العديد من التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تجعل مناقشة هذا الأمر مفيداً بالنسبة إلى كل من المدير والموظف بعد بضعة أسابيع.

كما أنَّ جعل محادثات المدير والموظف المستمرة المصدر الأساسي لمعلومات الاندماج يعالج أيضاً اثنين من أكبر مصادر اندماج الموظفين، خاصة بين جيل الألفية:

  1. الاعتقاد بأنَّ المدير يهتم بالموظف كفرد.
  2. الشعور بأنَّ المدير يُبدي اهتماماً حقيقياً بتقدم الموظف المهني، ويعمل معه على تحقيقه.
إقرأ أيضاً: 8 خطوات للحفاظ على استمرارية التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

عيوب الشجاعة:

يسبب تقديم التغذية الراجعة، وتلقِّيها القلق لمعظم الناس؛ لذا يختار معظم المديرين العمل على أي شيء، بدلاً من الاضطرار إلى مناقشة المشكلات الصعبة مع الموظف.

شَهِدَ أي شخص وُجِد في عالم العمل لأي فترة من الوقت، إن لم يكن اختبر مباشرة، كيف أنَّ السماح للخوف بمنعك عن فعل ما هو صحيح، يؤدي إلى تدمير الأشخاص السامين، والثقافات السامَّة للروح المعنوية، وتهدِّد الإنتاجية.

الاختباء خلف استطلاع لجمع البيانات عوضاً عن مواجهة القلق، وإجراء محادثات صريحة، هو إحدى الأمثلة عن الخوف من النقاشات الذي له تداعيات كارثية، لكنَّ مجرد تحذير المديرين، أو مطالبتهم بإجراء محادثات تفاعلية مستمرة ليس الحل.

يخشى الناس الأشياء التي لا يعتقدون أنَّهم يستطيعون الاستجابة لها بفاعلية، أو التعامل معها، وإذا لم يتمتَّع المديرون بالمهارات المطلوبة لطرح القضايا الحساسة بطريقة لا تؤدي إلى اتِّخاذ الموظف لموقف دفاعي، وإذا لم يكونوا قادرين على ضبط مشاعرهم أو مشاعر الآخرين، فسيفضِّلون تجنُّب إجراء محادثات قد تثير مشاعر وردود فعل قوية، لا يعرفون كيف لهم أن يتعاملوا معها.

ومن ثمَّ، لكي يجري المديرون والموظفون محادثات تفاعلية مستمرَّة وفعَّالة، يحتاج المديرون إلى تلقِّي التدريب والكوتشينغ اللذين يسهِّلان إجراء هذه المحادثات بفاعلية، وقد يكون الاستثمار في مساعدة المديرين على اكتساب هذه المهارات التي تضمن نجاح هذه المحادثات، أهم تدخل يمكن أن تُقدِم عليه الشركة لتحسين اندماج الموظفين.

إقرأ أيضاً: كيف تقوم بمحادثة قصيرة (دردشة)، إقامة الاتصالات وخلق الفرص

في الختام:

لا يجب أن يمرَّ عام آخر تُضيِّع فيه الوقت والجهد والمال على استطلاع رأي آخر لاندماج الموظفين، متبوعاً بحلول لا تحل شيئاً.

ولإيقاف جنون استطلاع اندماج الموظفين، شارك هذه المقالة مع فريق الإدارة، واستعملها كمحفز لبدء محادثة.

  1. ناقش بصراحة أي عملية تنفيذ أنت جزء منها فشلت.
  2. ناقش عيوب النماذج التي أسَّستَ عليها استراتيجيتك.
  3. ناقش ما إذا كان قادتك ومديروك يتجنَّبون المحادثات التي يجب إجراؤها، وكيف يتجنبونها، لتحسين الاندماج.
  4. ناقش بصراحة تكلفة غياب مستوى اندماج الموظف الذي تريده، وما إذا كنت جادَّاً بشأن الرغبة بتحسينه والحصول على فوائد مثل:
    • زيادة الإنتاجية والقيمة التي ينتجها كل موظف.
    • خدمة عملاء أفضل.
    • انخفاض معدل دوران العمالة الطوعي.
    • زيادة القدرة على جذب أفضل المواهب.
  5. استمر في إجراء مقابلات مُعمَّقة مع كل من الموظفين الذين يشغلون مناصب يصعب إشغالها وتنافسية للغاية وعالية القيمة، ومع الموظفين الذين يمثِّلون العمود الفقري للشركة، والذين لديهم متطلبات اندماج مختلفة عن غيرهم.
  6. استمر في مساعدة مديرك على تطوير مهارات المحادثة و"إجراء المقابلات" اللازمة؛ ليشعر الموظفون بالأمان عند الخوض في محادثات صريحة معه تفيد الطرفين، وتوفِّر تغذية راجعة ومعلومات هامَّة يحتاجها مديرك وشركتك، لتنشئ قوة عاملة عالية الإنتاجية والاندماج.

المصدر




مقالات مرتبطة