3 طرق لتحسين اتخاذ القرارات

عادة ما أبحث عن أيِّ مطعم عندما أتضور جوعاً لأسكِت جوعي، وقد لمحت هذه المرة مطعماً مكسيكياً قبالتي، فهرعت إليه مسرعة، وبعد الانتظار في الطابور لمدة 3 دقائق طويلة، حان دوري أخيراً! ودارت هذه المحادثة القصيرة بيني وبين النادل، والتي ألهمتني كتابة هذا المقال:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، تُحدِّثنا فيه عن طرائق لتحسين اتخاذ القرارات.

  • النادل: هل ستأكلين في المطعم أم ستأخذين الطعام معك؟
  • أنا: سآكل في المطعم.
  • النادل: هل ترغبين في الفاصولياء الحمراء أم السوداء؟
  • أنا: السوداء.
  • النادل: هل ترغبين في الدجاج أم لحم البقر أم طبق نباتي؟
  • أنا: الدجاج.
  • النادل: هل ترغبين في صلصة معتدلة أم حارة؟
  • أنا: معتدلة.
  • النادل: هل ترغبين في إضافة سلطة "غواكامولي"؟
  • أنا لم أجبه.

إن كنتم لا تعلمون، ففي معظم المطاعم المكسيكية يزيد طلب سلطة "غواكامولي" من تكلفة الحساب بنحو 50 سنتاً أو دولاراً واحداً، إنَّه ليس مبلغاً كبيراً، لكنَّه إضافيٌّ على أيِّ حال.

بصفتي رائدة أعمال ناشئة، فقد خشيتُ عواقب طلب سلطة "غواكامولي"؛ فلطالما كنت ذلك الشخص المزعج في المطاعم، الذي يقف حائراً مفكراً ومستغرقاً وقتاً طويلاً في الطلب؛ إذ أستغرق دقيقتين لاتخاذ القرار المناسب بناءً على مقدار المال في محفظتي وشدة جوعي، والجزء الأسوأ من العملية، أنَّني أندم غالباً على قراري:

  • فأندم على شراء سلطة "غواكامولي" وتحمُّل مصاريف زائدة غير ضرورية.
  • وأندم إن لم أشترها، وأشعر بالخسارة وتضييع فرصة تناول سلطة خضراء غنية ولذيذة.

لقد وضعت نفسي في دائرة الفشل منذ البداية؛ فشل في طلب الطعام، وفشل في الأكل، وفشل في الاستمتاع بالطعام، لكنَّني أدركت اليوم كمية الطاقة المهدورة لاتخاذ قرارات مثل هذه؛ إذ تؤثِّر ثلاث قوىً في نجاح أو فشل القرارات:

1. العجز عن اتخاذ القرارات:

رُوي أنَّ رئيس الولايات المتحدة السابق "باراك أوباما" (Barack Obama) كان يرتدي البدلة نفسها كل يوم؛ لأنَّه لا يريد أن يتكلف عناء اتخاذ قرار آخر خلال اليوم؛ إذ إنَّه يتخذ آلاف القرارات، ومن ثمَّ يوفر على نفسه قراراً صغيراً كهذا.

يمكن تشبيه القدرة على اتخاذ القرارات بالعضلات، فأنت تمرِّن هذه العضلة عند اتخاذ كل قرار صغيراً كان أم كبيراً، وقد لاحظتُ أنَّ اتخاذ قرار شراء سلطة "غواكامولي" (guacamole) يبدو أصعب في الأيام التي يزداد انشغالي بها؛ ربما لأنَّ عضلة اتخاذ القرار تكون متعبة؛ لهذا قررت البدء بالتفكير في الأسئلة الآتية:

  1. ما هي القرارات غير الضرورية خلال اليوم؟
  2. ما هي القرارات التي أفكر فيها وأتخذها مراراً وتكراراً خلال اليوم؟
  3. هل يمكنني اتخاذ القرارات قبل مدة، وإتاحة مساحة لقراراتٍ أكثر إلحاحاً؟
  4. هل يمكنني اتخاذ أيِّ قرارات شاملة وعامة؟

القرار الشامل هو قرار يحدد إجابة واضحة وثابتة لجميع الظروف؛ لذا جلست وكتبت جميع القرارات التي أتخذها خلال اليوم، وخرجت بمئات القرارات، وبدأت تقييم إيجابيات وسلبيات كلٍّ منها لاتخاذ القرار الصحيح واعتماده بشكل ثابت، فإن فعلتَ ذلك مرة واحدة بشكل صحيح، فثق بأنَّك لن تحتاج إلى التفكير فيه مرة ثانية.

لنطبِّق هذا على قرار شراء سلطة "غواكامولي": توصَّلت إلى أنَّ المتعة التي تمنحني إياها سلطة "غواكامولي" أهم من تكلفتها الإضافية العالية، وفي حال لم أمتلك المال الكافي لشرائها، فلا مشكلة.

لهذا، قررت من الآن فصاعداً أن أطلب سلطة "غواكامولي"، وقد اتخذت مجموعة من القرارات الشاملة الأخرى في ذلك اليوم، واعتمدت يوماً سنوياً لمراجعة واتخاذ القرارات الشاملة في حياتي الشخصية، كما طبَّقت هذه الخطوة في حياتي المهنية أيضاً، مثل:

  1. عدم الموافقة على الدعوات أو المكالمات الاستشارية غير المجدولة.
  2. عدم الرد على أرقام غير معروفة.
  3. طلب شبكة "الواي فاي" في رحلات الطيران.

إليك هذا التحدي:

خصص يوماً للقرارات الشاملة، وفكِّر في القرارات التي تتخذها كل يوم، ثم اتخذ قرارات شاملة، ووفر وقتك وطاقتك.

شاهد بالفديو: نصائح للتخلّص من التردد في اتخاذ القرارات

2. عدم الشعور بالذنب:

كما تبصَّرت من خلال هذه التجربة بأنَّ الشعور بالذنب أحياناً قد يكون مضيعة للطاقة؛ إذ إنَّ أسوأ جزء من التجربة كان الوقوع في الحيرة بين القبول والرفض والشعور بالندم في كِلا الحالتين.

فالشعور بالذنب عقبة أمام النجاح، وعاطفة لا يمكن السيطرة عليها عادةً، لكنَّنا قد نتغلب عليها في بعض الأحيان، ففكِّر في شعورك بالذنب في المرات الأخيرة؛ هل تعتقد أنَّه مبرَّر؟ وهل ساعدك ذلك؟ بعد صحوتي في ذلك اليوم، قررت تخفيف شعوري بالذنب؛ إذ بدأت بسلطة "غواكامولي" وشملت مجالات أخرى من حياتي:

  1. نسيت عيد ميلاد أمي عندما كنت في 14 من عمري، وقد شعرت حينها بالسوء الشديد، وتعاملَت أمي على نحو رائع مع الموقف، ولم تُبدِ استياءً لنسياني الأمر؛ وهذا زاد تأنيب ضميري، وأؤكد لكم أنَّني أشعر بالذنب منذ ذلك الوقت، كما أعيد إحياء الشعور في كل عيد ميلاد لها، وهذا لم يساعدني البتَّة، سوى أنَّه مضيعة للوقت.
  2. يصعب عليَّ الالتزام بتناول الطعام الصحي عندما أسافر؛ فلا توفر العديد من المطارات خيارات طعام صحية، ولا تقدم سوى آلة بيع الطعام الجاهز المعلَّب.

هنا يسيطر عليَّ شعورٌ بالذنب جرَّاء شراء هذا النوع من الأطعمة، لكنَّني سرعان ما أدركت حقيقة الأمر، فلم يكن لديَّ أيُّ خياراتٍ أخرى، وشعوري بالذنب لن يزيد الأمر إلا سوءاً؛ لذا يمكنني بدلاً من ذلك الاستمتاع بالوجبة، بما أنَّني لا أملك خياراً آخر، وهنا توصلتُ إلى قرار شامل جديد؛ يُسمَح بتناول الوجبات السريعة والاستمتاع بها عندما لا تتوفر خيارات أخرى.

إليك هذا التحدي:

فكِّر في آخر مرة شعرت فيها بالذنب، وأعد تقييم الموقف؛ هل تعتقد أنَّ الموقف يستحق كل هذا الندم؟ ضع بعض القواعد الجديدة، ودع الأمور تسير، وامضِ قدماً.

إقرأ أيضاً: كيف تُحرّر نفسك من سجن الشعور بالذنب؟

3. الطاقة المتجددة:

كثيراً ما أقلق من شدة قلقي! أعلم أنَّ الأمر مثير للسخرية؛ فإذا كنت شخصاً يفكر كثيراً في الأمور، فستدرك حجم المشكلة التي تقع في شراكها عندما تعيد التفكير مراراً وتكراراً في أيِّ مسألة حياتية، لكن هل تعرف أنَّ سلوكك هذا أكبر مستنزف للوقت الثمين والطاقة؟

لا يتناسب هذا مع محدودية الوقت؛ إذ إنَّ لدينا 24 ساعة في اليوم، و60 دقيقة في الساعة، و60 ثانية في الدقيقة؛ لذلك، أنا لا أتهاون بوقتي، كما أحب أن أضاعف قيمة كل ثانية، إلا أنَّني لا أفعل نفس الشيء مع طاقتي النفسية؛ فقد أضيعُ طاقتي بالقلق، أو اجترار الأفكار، أو التوتر، أو الشعور بالذنب، لكنَّني أدركت أخيراً أنَّه علينا أن نضع عدة اعتبارات للوقت في أذهاننا:

  1. لا قيمة للوقت الذي أقضيه بالقلق المتعلق بطلب سلطة "غواكامولي".
  2. تزيد كفاءة وقيمة الوقت المُستثمر في إتمام بعض المهام من قائمتي.
  3. يُعَدُّ الوقت المُستثمر في التفكير في النعم والشعور بالامتنان، فرصةً للشعور بالسعادة.
  4. تُعَدُّ تمضية الوقت في التأمل في الناس المنتظرين في الطابور أمراً مثيراً للاهتمام.
  5. كما يصف بعضهم متابعة الأخبار بأنَّها فرصة مفيدة لاستثمار الوقت.

أدركت أخيراً أنَّ البشر لديهم طاقة نفسية قابلة للنفاد، فلِم قد تضيعها بالتفكير بلا طائل؟

إليك هذا التحدي:

أين تذهب معظم طاقتك العقلية؟ وما هي المشتتات؟ وما الذي سيفيدك للحفاظ على طاقتك؟ أعِد تقييم النشاطات، وخصِّص مساحة أوسع للتفكير فيما يخدمك.

المصدر




مقالات مرتبطة