3 طرق تساعدك على إيجاد ثقافة الشركة التي تناسبك

كلنا نرغب بالعمل في مكان ممتع؛ حيث يعمل فيه الكثير من الناس الودودين، ويتَّبع المدير سياسة الباب المفتوح، ويتعاون الجميع لإنجاز العمل، ويكون بمنزلة بيتنا الثاني. إنَّنا نسعى إلى البحث عن ثقافة الشركة المثالية التي نزدهر بالعمل بها؛ فكل قائد شركة يتمتع بسلوكات وعادات تواصل تخلق ثقافات عمل مختلفة.



وفقاً لتقرير "حالة مكان العمل الأمريكي لعام 2017" الصادر عن مؤسسة غالوب، فإنَّ حوالي نصف المهنيين فقط يستمتعون بالعمل حالياً، إنَّ ثقافة الشركة هي الحافز الذي يدفعك للاستمتاع بالعمل، ويُعدُّ الموظفون المتفاعلون أكثر إنتاجيةً وسعادةً ويشعرون بالقوة والقدرة على الأداء بالكفاءة المثلى، ونتيجةً لذلك، من المرجح أن يحققوا نجاحاً أكبر في حياتهم لاحقاً؛ إذ إنَّ ثقافة الشركة هي أكبر عامل يحدد نجاح الموظفين.

ومع ذلك، ليس ثمة ثقافة شركة واحدة تناسب الجميع؛ إذ يجب عليك أن تقرر الأسلوب الذي سيعزز أكثر استمتاعك بالعمل، ويحافظ على دوافعك لتحقيق النجاح؛ لذا، نعرِّفك بثلاث من ثقافات العمل التي قد تصادفها في مسيرتك المهنية:

1. الثقافة القائمة على التنافس:

يسهل التعرُّف إلى الثقافات القائمة على التنافس الشديد بشكل كبير؛ إذ يعتقد القادة التنافسيون أنَّ النجاح أمر يتوقف عليهم، وأنَّهم إن لم يربحوا، فسيخسرون، ويهتمون بأنفسهم قبل أي أحد. يجذب هؤلاء المديرون مندوبي المبيعات الذين يطمحون إلى أن يكونوا الأفضل في المنطقة مهما كان الثمن، إنَّ أي دافع لا يحفِّزك كلياً لتكون في القمة يعني أنَّك غالباً لن تبقى في العمل؛ إذ يطرد المديرون الموظفين الأقل إنتاجيةً كل 12 شهر إن لم يتمكنوا من إجبارهم على الاستقالة أولاً.

2. الثقافة القائمة على "عدم التدخل":

إذا كنت تعتقد بأنَّ الناس يضغطون على أنفسهم بشكل كبير، وأنَّ المال والنجاح ليسا من أولوياتك الأساسية، فستشعر براحة كبيرة في العمل ضمن شركة تتبنى ثقافة "عدم التدخل".

يبني رؤساء العمل الذين يولون قدراً كبيراً من الاهتمام بأنفسهم وأسرهم ووظائفهم هذا النوع من الثقافة؛ فهم لا يمارسون إدارةً تفصيليةً مع مندوبي المبيعات، ولا يشجعونهم على المنافسة؛ بل يسمحون لهم بفعل ما يريدون ببساطة.

إنَّ لهذه الثقافة إيجابياتها وسلبياتها؛ فرغم أنَّهم لا يشجعون على المنافسة السامة، إلا أنَّهم يميلون إلى التفكير بطريقة "اعمل عملك لتجعلني أبدو مديراً جيداً"، ولا يبذلون الكثير من الجهد في الجانب الإداري لعملهم.

يؤدي ذلك إلى خلق ثقافة عمل رديئة المستوى؛ فلا يوجد ضغط يكفي ليدفعك نحو النجاح، ولا يحفِّز أحد أحداً، إنَّ هذه "الثقافة" في الحقيقة أقرب لأن تكون غياباً للثقافة؛ فنادراً ما يأتي الرؤساء إلى العمل، ويقتصر تواصلهم على التحدث عبر الهاتف، وغالباً ما يكافئون الموظفين بامتيازات مثل دعوات إلى العشاء أو الحفلات عندما يقومون بعمل جيد، لا يحقق أحد التنمية حقاً في ثقافة عمل كهذه.

مع أنَّ هذه الثقافة التنافسية تجذب انتباه المتعطشين للإثارة، إلا أنَّها تخلق بيئة عمل مضطربة لا تتخللها الثقة؛ بحيث يعمل الجميع ضد بعضهم بعضاً، ويشجع المديرون على المنافسة؛ إذ يمكن للأشخاص الذين يقودون العمل بهذه الطريقة أن يكونوا ناجحين على الأمد القصير فحسب؛ ولكن في نهاية المطاف، ستزرع الثقافة التنافسية الخوف في قلوب الموظفين -سواء كان ذلك الخوف من التعرض للطرد أم من عدم بلوغ المستوى المطلوب- مما يعني انخفاض ثقة الموظفين بأنفسهم، والذي يؤدي بدوره إلى تدني معدل الاستمرار في العمل.

في الواقع، يقول 43٪ من الموظفين أنَّهم سيتركون وظائفهم الحالية إذا أصبحت بيئة العمل تنافسية للغاية.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتكون سعيداً في العمل

3. الثقافة القائمة على التعاون:

يمنح الرؤساء الذين يتبنون الثقافة التعاونية في العمل الأولوية لموظفيهم؛ فهم يزورون كل المناطق بالتساوي (حتى تلك الأقل ربحاً منها)، ويدعمون الموظفين إذا كان هدف الشركة غير قابل للتحقيق، أو إذا كانوا في حاجةٍ إلى وقتٍ إضافيٍّ للعمل، كما يرفضون طرد الموظفين الجيدين، حتى لو كان ذلك يعني وضع وظائفهم الخاصة على المحك.

إنَّ الثقافة التعاونية هي تلك التي تبني الثقة والدعم بين جميع الموظفين؛ فوفقاً لتقرير "مستقبل دراسة العمل" الذي أعدَّتُه منصة "سلاك" (Slack Future of Work Study)، يرغب 91٪ من الموظفين بالشعور بأنَّهم أكثر ارتباطاً بزملائهم في العمل.

إنَّ الثقافة التعاونية قائمة على التواصل؛ فعندما يلتزم رؤساؤك وزملاؤك في العمل بمساعدة من حولهم على تحقيق النجاح، فهذا يعني منح المزيد من النجاح للشركة وللموظفين على حد سواء.

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

يشارك فريق الإدارة في الشركات القائمة على التعاون قيم شركتهم المتمثلة في النزاهة، والمعرفة، والرعاية، والتواصل، والالتزام لإنشاء عمل يوازن بين السمعة، واحتياجات الوكلاء، وسعادة العملاء.

ينجذب أولئك الذين يُرحبون بتلقي الدعم في حياتهم المهنية، ويفضلون التعاون على المنافسة إلى هذا النوع من ثقافة العمل؛ إذ إنَّهم يرغبون أن يكونوا جزءاً من شيء أكبر من أنفسهم، ويقدِّرون القيادة المشتركة، ويتيحون للآخرين بأن يعبِّروا عن رأيهم.

كيف تجد الثقافة المناسبة لشركتك؟

كيف يمكنك تقييم الثقافة الحقيقية للشركة أثناء بحثك عن فرص عمل جديدة؟ قد تبدو مهمةً شاقة، ولكنَّها قد تكون في الواقع أسهل بكثير مما تعتقد، إنَّ أبسط الطرائق وأكثرها دقةً لتحصل على مقياس جيد لهذا الأمر هو من خلال زيارة الشركة شخصياً؛ لذا اطلب التجوُّل في الشركة عند زيارتها، وضع في ذهنك جميع الأمور التي تجدها مميزة.

على سبيل المثال: كيف تبدو مساحات العمل الخاصة بالموظفين؟ هل تبدو فوضوية، أم ممتعة، أم منظَّمة تنظيماً مُحكماً؟ إذا كانت المكاتب تبدو جرداء وباردة، ولا تحتوي إلا القليل من اللمسات الشخصية، فمن المحتمل أنَّك وجدت ثقافةً تنافسية؛ إذ يصب الموظفون تركيزهم على التفوق على بعضهم بعضاً أكثر من إنشاء مساحة دافئة وجذابة، تتسم المكاتب في الشركات التي تتبنى ثقافة "عدم التدخل" والثقافة التعاونية بطابع التنوع على حد سواء؛ فبعضها يحتوي على القليل من الزينة، والبعض الآخر مفعم باللمسات الشخصية.

تأكد أيضاً من الاستماع أو التحدث إلى الموظفين الذين تراهم في جولتك؛ فإذا كان الصمت مطبقاً على المكان تماماً، فمن المرجح أنَّ الجو التنافسي سائد أكثر من الجو التعاوني، وفي المقابل، إذا كان المكان يبدو صاخباً جداً، ويفتقر إلى التركيز، فقد تتبنى الشركة ثقافة "عدم التدخل" بصورة كبيرة.

يمكن أن يمنحك موظفو مكتب الاستقبال فكرةً ممتازةً عن طريقة العمل في الشركة أيضاً، صحيح أنَّهم يرحبون بك عند دخولك المبنى لأول مرة، ولكن توقف لخمس دقائق، ولاحظ ما إذا كانوا لا يزالون يمنحونك الابتسامة نفسها، وأصغِ جيداً إليهم عندما يردُّون على الهواتف، ويتحدثون مع الموظفين الآخرين.

انتبه لما تسمعه وتراه، والأهم من ذلك، ركِّز بما تشعر به وأنت تتجول في الشركة؛ فقد لا يكون مقياساً ملموساً تماماً، ولكنَّ "طاقة" المكان تسهم إسهاماً كبيراً في إظهار الطابع الحقيقي للشركة؛ فالشعور الذي ينتابك عندما تدخلها لأول مرة يكون صحيحاً بشكل عام.

نقدم إليك ثلاث خطوات لمساعدتك في العثور على الشركة ذات الثقافة المثالية لك:

1. التعرف إلى الذات:

من الصعب تغيير شخصيتك؛ فلمجرد أنَّك ترغب بالعمل ضمن ثقافة تعاونية لا يعني أنَّ ذلك مناسب لك، على سبيل المثال: إذا كنت شخصاً يتسم بشخصية تنافسية وصعبة المراس، ويصعب التعامل معه، وأردت العمل في شركة تتبنى الشخصية التعاونية، فلن تتمكن من التأقلم مهما حاولت التغيير جاهداً.

لذا، اعرف نفسك جيداً بما يكفي لاختيار ثقافة العمل التي تناسبك، وستشعر بسعادة وراحة أكبر، خذ الوقت الكافي لتقيم ذاتك، واطلب آراء أصدقائك أيضاً؛ فقد لا تعتقد أنَّك تتسم بقدر عال من التنافسية، ولكن قد يكون لمعارفك رأي آخر!

2. التحقُّق من طابع الشركة:

أجرِ بعض الأبحاث حول الشركة، وهذا لا يعني الاطلاع على خطوط الخدمة أو توقعات الإيرادات فحسب؛ بل أمعِن النظر في المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بأرباب العمل المحتملين لتفهم كيف يقدمون أنفسهم ويتفاعلون مع الآخرين عبر الإنترنت.

فإذا كنت تقدِّر حس الفكاهة، مثلاً، تحقَّق فيما إذا كان رب العمل المحتمل لديه القيم ذاتها التي تحبذها من خلال الاطلاع على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به، فإذا قرأت 10 منشورات دون أن تجد أي محتوى سوى ذلك الذي له علاقة بالمبيعات، والمليء بالمصطلحات الإدارية، فمن المحتمل أنَّ الشركة لا تناسبك، يمكنك أن تكتشف من خلال بعض المنشورات ما إذا كانت الشركة التي تتفحصها تقدِّر الضحك، أو الإيرادات فقط.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لزيادة شعورك بالنشاط والسعادة في العمل

3. دعوة شخصٍ يعمل في الشركة لتناول الطعام:

إذا كنت تعرف شخصاً يعمل في الشركة التي تبحث في أمرها، أنشِئ شبكة علاقات من خلال دعوته لتناول الطعام، وأما إذا كنت لا تعرف أي شخص هناك، فستتطلب هذه الخطوة منك بعض المجازفة، ولكنَّ الأمر يستحق العناء.

ابحث عن موظفين يعملون العمل الذي ترغب في عمله في الشركة، ثم تواصل معهم عبر موقع "لينكد إن" (LinkedIn)، أو من خلال البريد الإلكتروني، وأخبرهم أنَّك مهتم بمعرفة المزيد عن الشركة، وادعهم لمقابلتك في مكان ما بالقرب من الشركة.

تجنَّب أن تنهال عليهم بكمٍّ هائل من التساؤلات، ولكن جهِّز بعض الأسئلة التي ستساعدك على تحديد ما إذا كانت ثقافة الشركة مناسبة لك أم لا، فإذا كنت شخصاً يحب المحادثة مع زملاء العمل، مثلاً، اسألهم عما إذا كان الموظفون يقضون وقتاً خارج الشركة معاً، أما إذا كنت ترغب في استعراض قدراتك الإبداعية، فاسألهم عما إذا كان يُسمح للموظفين بتزيين مكاتب عملهم، لا تتجاهل هذه الأشياء الصغيرة أبداً.

الخلاصة:

أنصِت إلى ما يمليه عليك قلبك عندما يتعلق الأمر باختيار ثقافة العمل التي تلائمك؛ إذ إنَّك ستشعر بالراحة لمجرد دخولك الشركة، مما سيعزز نجاحاتك. من الصعب ألا تشعر بالطاقة التي تنبعث من الشركة إذا كنت تولي انتباهك للأمور الصحيحة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة