3 خطوات سهلة لتغيير عقلك الباطن

لقد عملتُ مع مرضى السكتة الدماغية في مستشفى إعادة التأهيل الرئيسي في مدينة نيويورك (New York City) عندما بدأت مسيرتي المهنية بصفتي معالجة فيزيائية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في إجراء تغييرات للعقل الباطن.

لقد ساعدتُ المرضى على النهوض من الفراش والمشي إلى الردهة كل يوم؛ لنمارس مهارة المشي معاً، وقد وجَّهتُ انتباه المريض إلى الأساسيات مع كل خطوة: وضع القدم وطول الخطوة ووضع الركبة والورك، وقد يستغرق الأمر أحياناً بضع دقائق للمشي مسافة 3 أمتار؛ إذ يجب أن يركز المريض انتباهه إلى كل خطوة يخطوها وإلا سيفقد التوازن ويسقط بين يدي.

إضافة إلى استخدام المرضى القوة الهائلة للعقل الواعي من أجل اتخاذ خطوة واحدة بسيطة، فقد تحول الشيء الذي كان قبل أيام نشاطاً سهلاً وتلقائياً إلى نشاط ممل وصعب.

هنا وقعت في أروقة المستشفى في حب معرفة كثيرٍ من المعلومات عن الدماغ، تلك الأداة المعجزة.

يسمح لك هذا العضو بالسير في الشارع في أثناء التحدث على الهاتف واحتساء قهوتك في الوقت نفسه، ويحدث ذلك عن طريق إنشاء روابط عصبية تتحول إلى أفعال تلقائية فيما بعد، والسبب الذي يجعلك لا تضطر إلى التفكير في المشي هو أنَّ هذه الوظيفة إلى جانب وظائف أخرى عديدة مثل التنفس تخضع لسيطرة العقل الباطن؛ إذ يحرر العقل الباطن عقلك الواعي - الجزء المدرك والمسؤول عن الرغبات والإبداع - إلى التفكير على مستوى عالٍ.

استغرق الأمر سنوات عديدة لأُدرِك أنَّ العقل الباطن ليس مسؤولاً فقط عن الحركات التلقائية المكتسبة مثل المشي؛ فمثلما تمشي تلقائياً دون بذل جهد واع، فأنت أيضاً على الأرجح غير مدرك للأفكار المتكررة مثل "أنا لست كفؤاً" أو "أنا فقير" أو "أنا لا أستحق الحب".

هذه الأفكار متأصلة منذ طفولتك وتراودك دون وعي منك بالسهولة نفسها التي تمشي بها دون بذل أي جهد واع، وتستطيع هذه الأفكار التلقائية أن تجلب لك معاناة وألم كبيرَين في الحياة.

قوة العقل الباطن:

تشكل الأفكار الموجودة في عقلك الباطن واقعك بقوة أكبر بكثير من تلك التي تولِّدها في عقلك الواعي؛ فعقلك الباطن أكبر وأقوى من عقلك الواعي.

يستخدم العلماء صورة جبل جليدي لتوضيح الفرق بين العقل الواعي والعقل الباطن، وتمثل قمة الجبل الجليدي فوق الماء العقل الواعي، ويمثل الجزء الكبير المغمور من الجبل الجليدي العقل الباطن.

عندما تنظر إلى جبل جليدي في الأفق، فإنَّ الجزء الذي تراه ليس سوى جزء صغير من الجبل ككل، ولا تنسى أنَّ الجزء المغمور يحمل وزناً أكبر.

شاهد بالفديو: قوانين العقل الباطن

إليك مثالاً عن طريقة حدوث ذلك في الحياة، افترض أنَّك تريد كسب مزيد من المال، لنفترض أنَّك تتحدث بصوت عالٍ أمام المرآة لتعزيز التأكيد: "أنا أريد كسب مزيد من المال"، يجب أن تدرك أنَّك تستطيع تكرار هذه العبارة ألف مرة، لكن إذا حمل عقلك الباطن فكرة "أنا فقير"، فستستمر في تجسيد ذلك في واقعك، وسيتجلى الفقر في حياتك، بصرف النظر عمَّا تقوله أو تفكر فيه بوعي.

إذاً ماذا تفعل؟ كيف تغير هذه الأفكار اللاواعية التي قد تدمِّرك؟ افعل الأمر نفسه الذي فعله مرضى السكتة الدماغية في أثناء إعادة تعلُّم المشي: الممارسة.

تغيير العقل الباطن:

تعني الممارسة بصورة أساسية أنَّك تكرر الحركة أو الفكرة التي تريدها حتى تصبح تلقائيةً، في هذه الحالة أنت تغير عقلك الباطن، وتوجد في تجربتي 3 خطوات أستخدمها لتغيير الأفكار اللاواعية بطريقة بسيطة وفاعلة، وهي:

1. رؤية النمط:

الرؤية دائماً هي الخطوة الأولى، وأن ترى يعني أن تجلب إلى عقلك الواعي ما كان في السابق أمراً لا شعورياً.

يعني هذا بالنسبة إلى مرضى السكتة الدماغية، أنَّه يجب أولاً أن يفهموا بوعي أنَّهم لا يستطيعون المشي كما كانوا يمشون سابقاً، ويجب أن يتقبلوا وضعهم في الوقت الحاضر، وينطبق الأمر نفسه على فكرة العقل الباطن مثل "أنا فقير" أو "أنا غير كفؤ"، فأنت تستخدم قوة وعيك لرؤية هذه الفكرة؛ أي أنت تجلب الأفكار إلى عقلك الواعي.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح مهمة للتحكم في العقل الباطن

2. إعادة تركيز انتباهك:

تستطيع الآن بمجرد أن يرى العقل الباطن وعيك، تغييره حرفياً، فأنت تحوِّل انتباهك إلى ما تريد.

يجب باستخدام مثال "أنا فقير" ألا تركز على الفكرة نفسها، لكن على ما تريده؛ أي أن تزرع بذرة في عقلك الباطن تتعارض تماماً مع هذه الفكرة، فقل: "أنا أشعر بالوفرة"، وانظر في المرآة وكررها واشعر بحقيقة هذه العبارة في كل خلية من خلايا جسدك، ولا تقل هذه الكلمات فقط أو تفكر بها، فقول أي شيء هو أمر سهل.

الحيلة هي أن تشعر بهذه الحقيقة بكامل كيانك؛ إذ تستطيع أن ترى وتشعر وتلمس الوفرة في حياتك، وفي كل مرة تركز فيها انتباهك على هذه الفكرة الجديدة، فإنَّك تسمح لها بالظهور، وإنَّ حالة الإدراك التي يصل إليها عقلك الواعي تشبه وصول نور الشمس إلى البذرة المدفونة تحت الأرض.

3. ممارسة الامتنان:

إذا كان الإدراك مثل وصول أشعة الشمس إلى البذرة، فإنَّ الامتنان هو الماء الضروري أيضاً لتنبت هذه البذرة؛ فالوعي والامتنان يعملان معاً، لذلك كن ممتناً لما لديك الآن، ولما أنت عليه الآن.

أتذكر بوضوح كيف أدى الامتنان دوراً إيجابياً لدى مرضاي، أولئك الذين تقبلوا ما حدث وشعروا بالامتنان لكونهم على قيد الحياة، فقد حققوا نتائج أفضل بكثير من الأشخاص الذين غضبوا من وضعهم، ولقد ساعد الامتنان مرضاي على إعادة تعلُّم طريقة المشي.

يمكن قول الشيء نفسه عن أنماط اللاوعي الأخرى أيضاً، راقب وأعد التركيز بوعي وكن ممتناً.

إقرأ أيضاً: حياتك تكمن داخل عقلك الباطن

في الختام:

هذه هي الخطوات التي تغير بها عقلك الباطن، وقريباً جداً سيفكر عقلك الباطن في عبارات مثل: "أنا لا أُقدَّر بثمن" أو "أنا أشعر بالوفرة" بصورة تلقائية، وهذه هي الخطوات أيضاً التي تجذب بها الوفرة بجميع أشكالها إلى حياتك.




مقالات مرتبطة