3 استراتيجيات لتعزيز الثقة والشعور بالرضى عن نفسك

يُعتبر الرضا عن النفس من أهم الحالات التي يجب على الناس الوصول إليها؛ فهو يؤثر في منهج حياتنا بشكل مباشر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ومؤسسة مدونة "جود لايف زين" (Goodlife Zen) "ماري جاكش" (Mary Jaksch)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في عدم السعي إلى الكمال والاقتناع بما نقدمه.

هل أنت ممن يسعون إلى الكمال؟

إجابتك سوف تكشف الحقيقة، فهل تحاول غالباً تحقيق مستوى مثالي في عملك؟ وهل تشعر بالحاجة إلى تحقيق الكمال والمثالية في كل ما تفعله، حتى على حساب صحتك وعافيتك؟ إذا كانت إجابتك عن السؤالين هي "نعم"، فلا بد أنَّك منشد للكمال.

ليس هناك شيء "جيد بما فيه الكفاية" لمن يسعى إلى الكمال، وهذه العقلية يمكن أن تؤدي إلى التعاسة وانعدام الثقة؛ إذ يميل المثاليون إلى وضع أهداف عالية مستحيلة ولوم أنفسهم عندما لا يصلون إليها، وهي حالة مشابهة لحركة جلد الحصان لجعله يقفز قفزة عالية ويتخطى حاجزاً عالياً جداً ثم معاقبته على تحطيمه، ومن ثم تعيين حاجز أعلى من السابق.

هل يبدو ذلك مألوفاً بالنسبة إليك؟ فعلى الرغم من أنَّ السعي إلى التحسين هو هدف فعال، إلا أنَّ فكرة الوصول للكمال والمثالية يمكن أن تمنعك من أن تقدِّم أفضل ما لديك؛ إنَّها حالة ذهنية مقلقة.

إحدى مشكلات السعي إلى الكمال هي أنَّها تقوض الثقة لأنَّ الناقد القاسي بداخلك يوبخك باستمرار لعدم كونك مثالياً، فإذا كنت ترغب في الكشف عن ثقتك الطبيعية الحقيقية ورفع احترامك لذاتك، فإنَّ تعلُّم تحرير نفسك من الكمال هو خطوة ضرورية.

كيف نصبح مُنشدين للكمال؟

عادةً ما نتعلم ذلك في وقت مبكر من عمرنا، وإليكم هذا المثال:

أتذكر عودتي إلى المنزل بعد المدرسة ذات مرة عندما كنت في الثانية عشرة من عمري، اتجهت إلى المطبخ وقلت لوالدتي: "أمي، لقد أبليت بلاءً حسناً في ألعاب القوى اليوم، وحصلت على المركز الثاني في سباق 100 متر"، فاستاءت أمي مما سمعت وقالت: "أوه، لقد حصلتِ على المركز الثاني فقط، ما هي المشكلة؟"، بإمكانكم أن تتخيلوا كم كان ذلك محبطاً؛ وبسبب ذلك شعرت دائماً - وطوال معظم حياتي - أنَّه كان عليَّ أن أقدِّم ما هو أفضل، حتى عندما وصلت إلى أهداف سامية.

إقرأ أيضاً: السعي وراء الكمال: أسبابه، وآثاره السلبية، وطرق محاربته

لحظة غريبة فتحت عيني على كمالي:

كنت أحلم في أثناء يقظتي، وفي هذا الحلم رأيت نفسي أسير في مقبرة، وبينما كنت أسير على طول الطريق لفت انتباهي قبر واحد، اقتربت منه - ولدهشتي - رأيت اسمي؛ إذ ظهرت عبارة على شاهدة القبر تقول هنا ترقد "ماري جاكش" (Mary Jaksch) وتحتها، بأحرف صغيرة كان هناك سطر آخر، فانحنيت لأرى ما هو المكتوب وقرأت العبارة الآتية: "كان عليها أن تفعل ما هو أفضل"، لقد انفجرت ضاحكة، ومنذ ذلك الحين أصبح لدي نهج أكثر استرخاءً في الحياة والعمل، وأود أن أصنف نفسي اليوم على أنَّني أتعافي من إلحاح السعي إلى الكمال.

3 استراتيجيات لتعزيز الثقة والشعور بالرضى عن نفسك:

إليك فيما يأتي ثلاث استراتيجيات يمكن أن تساعد على تحريرك من الكمال، وتُعزّز ثقتك بنفسك:

1. التركيز في فكرة أنَّك جيد بما فيه الكفاية:

هل فكرت في سبب رغبتك في أن تكون مثالياً؟ أعتقد أنَّنا نساوي بين كوننا مثاليين وأن نكون محبوبين؛ إذ نأمل أنَّه إذا فعلنا شيئاً أفضل، فسنكون محبوبين أكثر، وربما يعود هذا إلى أوقات الطفولة عندما كنا نلفت الانتباه إذا قمنا بعملٍ جيد، ولكن لسوء الحظ، فأن تكون مثالياً ليس وصفةً للحب؛ بل على العكس تماماً؛ فقد أخبرتني إحدى العميلات بصفتي معالجة نفسية عن زميلاتها في العمل:

"أنا جيدة ومتقنة جداً في عملي، لماذا لا يحبونني؟"؛ لقد سعت جاهدة إلى أن تكون أفضل في وظيفتها وإلى تحقيق الكمال في بعض الأحيان، ومع ذلك، لم تحصل على الشيء الوحيد الذي كانت تتوق إليه؛ وهو الحب.

من الأسهل بكثير أن تحب الناس الذين يعانون من العيوب، ألا تعتقد ذلك؟ والطريقة الصحية للتخلي عن محاولة أن تكون مثالياً هي السعي إلى أن تكون جيداً بما فيه الكفاية، فخُذ الأبوة والأمومة على سبيل المثال؛ فإذا كنت أحد الوالدين، فستعرف أنَّه من المستحيل أن تتقن دورك بشكل مثالي، ومع ذلك، تُظهِر الأبحاث أنَّ أفضل أنواع الأبوة والأمومة هي الجيدة بما فيه الكفاية.

يقول الكاتب الأمريكي "بيتر غراي" (Peter Gray) والحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة (Ph D)، في مقالته "الآباء الجيدون بما فيه الكفاية هم أفضل الآباء" (The Good Enough Parent is the Best Parent): "الآباء الجيدون بما يكفي لا يسعون إلى أن يكونوا آباء مثاليين ولا يتوقعون الكمال من أطفالهم".

إذا كنت تتبنى مقياس "جيد بما فيه الكفاية"، فسيكون من الأسهل التعايش معه وأسهل في العمل، وستبدأ بأن تحب نفسك بشكل أفضل؛ إذ يصبح بإمكانك الرد على ناقدك الداخلي عندما يقول: "أنت لست مثالياً" بأن تقول: "لكن جيد بما فيه الكفاية".

شاهد بالفيديو: 7 خطوات لبلوغ الرضا عن الذات

2. تحقيق مكاسب كبيرة من خلال المكاسب الصغيرة:

واحدة من أقوى الاستراتيجيات للتغلب على الكمال هي الاحتفاء بالانتصارات الصغيرة؛ فمن السهل جداً أن تنتقد نفسك بسبب الأخطاء والإخفاقات الصغيرة، ولكن ماذا عن تلك النجاحات الصغيرة؟ هل تحتفي بها عندما تحققها؟

بصفتنا مثاليين، لا نلاحظ انتصاراتنا الصغيرة، لكن بدلاً من ذلك، نميل إلى تغيير القواعد والمتطلبات بطريقة تجعل النجاح أكثر صعوبة، فلا يكون هناك وقت للاحتفاء لأنَّه "ليس مثالياً بعد"؛ وهذه العقلية تؤدي إلى الإحباط وتقتل الشغف بما نقوم به؛ لذا فالاحتفاء بالمكاسب الصغيرة يعني تحديد أهداف صغيرة، والاحتفاء عندما تحقق نجاحاً متواضعاً، فعلى سبيل المثال، إذا كنت ترغب في الحصول على لياقة بدنية، فابدأ بالمشي لمدة دقيقتين فقط واحتفِ بهذه الخطوة الأولى في تكوين عادة جديدة.

كما ترون، يميل المثاليون إلى تحديد أهداف كبيرة ثم يشعرون بخيبة أمل وإحباط لأنَّهم لا يستطيعون الوصول إلى هذا الإنجاز، فإذا حددت أهدافاً صغيرة واحتفيت في كل مرة تصل فيها إلى فوزٍ صغير، يمكنك كبح جماح نفسك عن الرغبة في أن تكون مثالياً.

إقرأ أيضاً: كيف تحب نفسك وتشعر بالرضا؟

3. تقبُّل العيوب والنواقص:

كما قلت آنفاً، كونك غير مثالي يجعلك محبوباً أكثر، ويمكن أن يزيد هذا النقص من الجمال، و"وابي سابي" (Wabi sabi) هي طريقة يابانية لتقدير جمال النقص وعدم الثبات، وتعترف هذه الفلسفة بثلاث حقائق بسيطة:

  1. لا شيء يدوم.
  2. لا شيء ينتهي.
  3. لا شيء كامل.

أحب فكرة الاعتزاز بعيوبنا وعيوب الآخرين بدلاً من محاولة إصلاحها دائماً، فيمكننا تبنِّي فلسفة "وابي سابي" (Wabi-Sabi) في حياتنا لتحرير أنفسنا من ضغوط محاولة أن نكون مثاليين.

المصدر




مقالات مرتبطة