3 أسباب تُثني الموظفين عن التفاعل، وبعض الحلول لهذه المشكلة

لقد كتبتُ مقالاً عن إدارة فريق العمل بأسلوب ديكتاتوري، وكان الهدف منه الإشارة إلى أنَّ القادة الذين لا يُسهِّلون على فريقهم الشعور بأنَّهم يشاركون في العمل، فإنَّهم في الواقع يخاطرون بجعل الموظفين يرغبون في ترك العمل، ويحدث هذا عادةً عندما يفرض القادة على الموظفين ما يجب عليهم فعله، بدلاً من جعل أعضاء الفريق يشاركون أفكارهم، والحلول التي يتصوَّرونها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "كارول أندرسون" (Carol Anderson)، تُقدِّم فيه 3 نصائح، لتحفيز الموظف على المبادرة بطرح الحلول ومشاركة الاقتراحات.

وبعد نشر المقال بمدة قصيرة، تلقَّيت السؤال الآتي: "ماذا تفعل عندما تطلب من أحد الموظفين أن يقترح عليك حلاً أو وسيلة، لتطوير إجراء معيَّن يخدم العمل، لكنَّه يجيبك: أخبرني فقط ما هو المطلوب مني؟".

يتابع هذا الشخص شرح هذه الحالة قائلاً: "لقد حدث هذا معي مرَّتين عندما كانت إحدى مراحل العملية الإنتاجية تمرُّ ببعض المشكلات، وعندها طلبت من الموظفة المسؤولة عن العملية أن تقترح طريقةً جديدةً، لتفادي الأخطاء أو تحسين نتائج العملية.

وفي إحدى المرات رفضَت الموظفة صراحةً تقديم اقتراحات، ومع أنَّها كانت تقوم بواجباتها الوظيفية، فإنَّ الأخطاء استمرت، وقلت لها: مَن يتابع هذه العملية هو أنتِ وليس أنا، لذلك أنا أنتظر منكِ تقديم بعض الأفكار أو الاقتراحات، ولأنَّنا نفكِّر بطريقة مختلفة؛ ولأنَّك من يتابع هذه العملية مباشرةً، فإنَّ ما تفعلينه أكثر أهمية ممَّا أفعله، ومع ذلك، رفضت تقديم أي فكرة أو مقترح".

عندما قرأت هذه الرسالة فكَّرت أنَّ هذا المدير وظَّف الشخص غير المناسب، لكنَّني أدركتُ أنَّ هذا الاستنتاج كان متسرعاً للغاية، في حين أنَّه قد ينطبق هذا الجواب على حالة هذه الموظفة بصورة خاصة، إلا انَّه من المنطقي أن نناقش هذه الحالة بشيء من التعمق قبل أن نحكم بأنَّ المشكلة في الموظف.

أسباب رفض الموظفين مشاركة أفكارهم وتقديم المقترحات:

1. قصة رفض سابقة تعرَّض لها الموظف:

من المحتمل أنَّ الموظف قد حاول في مرَّات سابقة أن يُقدِّم اقتراحاً أو يطرح حلَّاً، ولكنَّه رُفِض من قِبل مدير سيئ ومتعالٍ؛ وهذا ما جعله يفترض أنَّ هذه النتيجة ستتكرَّر في كل مرة يحاول فيها القيام بمبادرة ما. ربما لم يحدث هذا للموظف نفسه، لكنَّه رأى هذا يحدث مع زملائه؛ وهذا ما ترك لديه رد فعل سلبي.

وقد يكون السبب نتيجة تاريخ طويل من الرفض الذي تلقَّاه في مؤسسة سابقة كان يديرها عدد من الأشخاص الذين أغلقوا الباب في وجه أي فرصة للمشاركة، ومن ثمَّ أضعفوا ثقة الموظف بنفسه والإدارة.

2. ضعف ثقة الموظف بنفسه:

حتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبدون واثقين للغاية من أنفسهم، قد يرفضون أن يعرِّضوا أنفسهم لموقف يبدون فيه مخطئين أو غير نافعين. وهذا العامل ذو علاقة بالعامل السابق؛ ونعني هنا الأحداث السابقة التي تعرَّض لها الشخص؛ وذلك لأنَّ الأحداث الماضية تبقى لفترة طويلة في ذاكرة الإنسان.

مثال عن الأوضاع التي تمنع الموظف من تقديم اقتراحه، هو أن يُطلَب منه ذلك في أثناء الوجود في المكتب نفسه مع زملائه؛ الأمر الذي قد يمنع أي شخص من تقديم اقتراح أو فكرة - ربما باستثناء الموظفين الأكثر خبرة أو ثقة.

إقرأ أيضاً: كيف تكسب ثقة كل من يعمل معك في شركتك

3. ثقافة المجتمع:

كثير منَّا نشؤوا في زمن تعطي فيه الأوساط الاجتماعية حقَّ وواجبَ طرح الأفكار لبعض الأشخاص دون بعضهم الآخر، وفي حالات أخرى يُحدَّد الوقت الذي يجب فيه على الفرد طرح أفكاره، لكنَّنا اليوم بتنا نعلم أنَّ الأفكار البنَّاءة يطرحها جميع الأفراد، وعلى اختلاف مستويات خبرتهم، وهذا واجب وحق بالوقت نفسه.

ولكنَّ بعضهم ما يزال يفكِّر وَفقاً لهذا النموذج القديم، ومن ثمَّ يحتاج إلى نوعٍ من الإذن ليتجرَّأ على طرح الأفكار والحلول، وفي حالات أخرى قد لا يكون للأعراف الاجتماعية تأثير في هذا المجال، ومع ذلك، يخشى بعض الأشخاص الحديث بانفتاح عن موضوع ما، لكونهم ليسوا على دراية كبيرة به؛ لذا علينا أن نتذكَّر أنَّه في بعض الأحيان تؤدي الأسئلة الغبية إلى أعظم الإجابات، وكل ما يلزم هو تذكير الأشخاص بأنَّ الأسئلة الغبية هي أكثر الأسئلة فائدة.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

3 نصائح لحل هذه المشكلة:

توجد بعض النصائح التي تساعدك على إنشاء بيئة عمل يتحدث فيها الموظفون بانفتاح ويشاركون بطرح الأفكار والحلول، وهي:

1. أنشئ بيئة عمل مريحة نفسياً للموظف:

تَحقَّق ما إذا كان جميع أفراد فريقك يُقدِّرون مشاركة زملائهم في طرح الأفكار والحلول، فربما يكون بعض أعضاء الفريق يقدِّمون لزملائهم تغذية راجعة لفظية أو غير لفظية، تؤدي إلى منع الآخرين من القيام بأي مبادرة، وربما تكون أنت نفسك تفعل ذلك، لذلك لا تتفاجأ.

إنَّ تثبيط حماسة الآخرين يأخذ أشكالاً مختلفة؛ مثل رفع الحاجب استنكاراً للفكرة، أو تصيُّد أخطاء الشخص الذي يتكلَّم، وكل هذه السلوكات تعني رفض المقترح والمشاركة، ويمكنك - بصفتك قائداً - التعرُّف إلى كل ما يؤدي إلى منع التفاعل في بيئة العمل، ومن ثمَّ إعلام موظفيك أنَّك ترغب في أن يشاركوك الأفكار، وأنَّك تقدِّر مساهمتهم.

2. تجنَّب وضع افتراضات:

على الأرجح أنَّك لا تعلم ما يفكِّر فيه موظفوك طوال الوقت، ولا تعلم ما هي الأمور التي تحفِّزهم؛ لذلك لا بد من سؤالهم، ومن الوسائل بالغة الفاعلية، التي يجب على كل مدير استعمالها، هي ملاحظة الموظف، ومن ثمَّ، محاولة فهم ما يفكر به من خلال الملاحظات، ومن ثم، محاولة التعرُّف إلى السبب الذي جعله يفكِّر على هذا النحو.

تؤدي وسائل التواصل غير اللفظي في هذا المجال دوراً بارزاً؛ لذلك كن صريحاً في شرح ما تلاحظه وما تتوقعه، واسأل الموظف أسئلةً هادفةً للتعرُّف إلى السبب الذي يمنعه من المشاركة، لكن دون أن تتدخَّل كثيراً في خصوصيته. وربما قد تضطر إلى تكرار السؤال مرات عدة؛ لأنَّ الخشية من المشاركة - التي يكون سببها أحداثاً من الماضي - قد تكلِّف الموظف وقتاً طويلاً حتى يتحرَّر منها.

إقرأ أيضاً: التحفيز وتأثيره الإيجابي على حياة الإنسان ونجاحهِ العملي

3. اطلب من الموظف تقديم مدخلات وانتظر منه تلبية طلبك:

بعد أن تُعلِم موظفيك برغبتك في أن يشاركوك أفكارهم، وتوضِّح لهم ما تتوقعه وتريده منهم، يتبقى عليك أن تنتظر قليلاً وتلاحظ، وسيكون لديك إحدى النتيجتين؛ الأولى هي أنَّ الموظف لن يتخلَّى عن رفضه للمشاركة، وفي هذا الحال، يمكنك أن تجزم أنَّ هذا الموظف ليس مناسباً.

لكن، إذا رأيت بوادر اهتمام من قِبل الموظف، وبداية محاولات للمشاركة، فيجب عليك عندها منح مزيدٍ من التشجيع للموظفين، ولتشجيعهم، ربما يكون من المفيد تسهيل مهمَّة المشاركة عليهم من خلال تجزئتها إلى مهام أصغر.

ثم طبِّق مقترحاتهم حتى يعلموا أنَّك تُقدِّر مشاركتهم، ففي نهاية المطاف وبصفتك مديراً، فأنت تحتاج إلى المدخلات التي يقدِّمها لك الموظفون، وتحتاج إلى الموظفين الذين يتمنون أن يشاركوا في عملية وضع الحلول وابتكار أفكار جديدة.

أنت تحتاج أن تبيِّن لهم ما تتوقعه منهم، وتعمل على تطوير الثقة بينك وبينهم، وتؤمِّن لهم بيئة عمل آمنة لطرح الحلول، وبعد أن تقوم بكل هذه الخطوات، قد يكون عليك النظر في صحة اختيارك للموظف الذي ما يزال يرفض المشاركة.

المصدر




مقالات مرتبطة